أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - احمد زكرد - التطور التقني وتداعياته البيئية في ظل غياب الشرط الأخلاقي: فيروس كورونا أنموذجا














المزيد.....

التطور التقني وتداعياته البيئية في ظل غياب الشرط الأخلاقي: فيروس كورونا أنموذجا


احمد زكرد

الحوار المتمدن-العدد: 6518 - 2020 / 3 / 19 - 23:45
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


اليوم تطرح العلاقة بين الأخلاق و البيولوجيا أكثر من أي وقت آخر، حيث تمكن الإنسان بفعل التطور البيوتكنولوجي من التدخل المخبري في جسم الكائن الحي؛ لإحداث متغيرات انطولوجية على الوجود الطبيعي ، هذا الأمر أثار مجموعة من التساؤلات ذات طابع أخلاقي وسياسي ، تحضر فيها الفلسفة بقوة وتجلى ذلك عبر استفهامات ايطيقية تؤطر الدلالة الأخلاقية للسيطرة على التراث البيولوجي للكائن الحي ، كما كان الشأن لغزو الفضاء في القرن الماضي الذي أطرته حربا باردة بين القطبين الروسي و الأمريكي وذلك من أجل السيطرة على العالم الخارجي .
اليوم ربما قد تكون حرب من نوع آخر حرب بيولوجية غايتها السيطرة عالم العالم الداخلي بنكهته الاقتصادية ، و هذا الطرح يحضر اليوم في الفضاء العمومي العالمي ، كسؤال عادل و مشروع .
لكن السؤال الفلسفي الذي انبثق عفويا داخل التطور التقني و العلمي -سواء ا كان ما نعيشه حرب بيولوجية أم طفرة طبيعية – هو سؤال ما فتئ يطرح في الفلسفة انه سؤال الاخلاق لكن هنا سؤال الاخلاق في تنظيمه لعلاقتنا بالطبيعة الذي ينتصر للإنسان وشرطه الإنساني مع مراعاة الموجودات الأخرى باعتبارها تتقاسم معنا هذا الوجود . رغم أن هذا السؤال الأخلاقي الراهن الذي طرح فلسفيا بصيغة انطولوجية و اكسيولوجية اصطدم بالعقل الديني الذي يأخذ بتلابيب وجوده ، حيث نجده مكررا للأسئلة الكلاسيكية للذات القديمة و ينقل المعارف نقل الدارس المقلد دون الفاعل والناقد ، و هذه القضايا أثارت داخل المجتمع العربي خصوصا مطاحنة فكرية أشخص من خلالها خيبة أمل فلسفية ، تطرح سؤال أهي نهاية العقل أم لحظة فراغ ابستمولوجي ؟ سيما ونحن في مطلع العقد الثالث من القرن الواحد و العشرون .
نعود إلى الموضوع و هو علاقة البيئة بالأخلاق أو ما تسمى البيواتيقا ، لقد مثل السؤال الأخلاقي و منذ اليونان مقاربة عقلية حول طبيعة القاعدة الأخلاقية ، إنه السؤال الذي يقيم ضوابط للفعل البشري و فق قواعد قيمية ، أما اليوم وبفعل التحولات الخطيرة التي أحدثها الإنسان بتدخله في الطبيعة أصبح من الضروري الحديث عن الاخلاق في العلم و التقنية، أو قد نسميه لقاء أخلاقي بين العلم و الفلسفة وليس فقط لقاء معرفي ( ما يعرف بالأبستمولوجيا ).
مع داروين باعتباره لحظة مفصلية في التاريخ البيولوجي ، الذي قدم مجموعة من القوانين تفسر أليات التطور و التغير في سلم تطور الكائنات الحية؛ إذ لخص هذه القوانين في قانون الانتقاء و الانتخاب الطبيعي؛ ما يعني ان الطبيعة تنتقي الكائن الأقوى و الأصلح ليستمر في الحياة ...
علاوة على هذا المنطق الدارويني الذي يصلح على الكائن الحي، يجب بالضرورة أن يطبق على الجانب الأخلاقي، وهذا ما أشار إليه سبينسر الذي يعتبر الأخلاق رحلة تكيف للكائن مع البيئة الاجتماعية و كذا الطبيعية ، بهذا المعنى فالقيم الأخلاقية هي التي تؤدي إلى إطالة الحياة؛ أي ضمان استمرار في الوجود وذلك لن يتأتى إلا انطلاقا من العلاقة "البيوإطيقية" ؛ التي نتعامل من خلالها مع البيئة معاملة أخلاقية بغية المحافظة على القوانين المتحكمة فيها، لأن واقع الحال مما نشهده من تطور صناعي و تقني و تدخل في القوانين بيئية أدى الى جروح بعيدة الغور في النظام البيئي ، من انقراض أنواع و ظهور أنواع أخرى مستجدة ... (مثلا كورونا) وهذا اصبح يشكل خطر على الوضع البشري و يهدد شروط وجوده. وأشار لهذا "هانز يوناس" عندما انتبه إلى الخطر المحدق بالإنسانية جراء الضرر الذي لحقنا نتاج التدخل التقني في المسار الحيوي للطبيعة عموما و منه للطبيعة الإنسانية ، لذا أقر على ضرورة مراقبتها مراقبة أخلاقية نستحضر من خلالها سلطة العقل الأخلاقي على الطبيعة من أجل ضبط قدرة الانسان اتجاه الوجود بصفة عامة والوجود الإنساني خاصتا. و هذا ما يقصد به مبدا المسؤولية ؛ الذي يعني تحمل المسؤولية اتجاه مستقبل البشرية ؛ بمعنى الانتقال من العقل الأداتي إلى العقل التواصلي كما أشار لذلك هابرماس ، لان العقل الأداتي ينطلق من قراءة الطبيعة بمنطق براغماتي مصلحي ، في حين العقل التواصلي يخلق بعدا أخلاقيا بين الانسان و الطبيعة من أجل الانسجام معها . وبه يدعو ( هابرماس) الى ضرورة تحمل الذات لواجباتها الأخلاقية اتجاه الطبيعة و واتجاه الأجيال القادمة أيضا . لذا نحن في حاجة إلى تخليق علاقتنا بالبيئة ؛ وذلك وفق الاستمتاع بها و المحافظة عليها في نفس الوقت.
هكذا فنحن أمام هذا الوضع الذي تعشه الإنسانية من تغيرات بيئية و طفرات بيولوجية ... أثار حقلا خصبا من النقاش حول إعادة النظر في الوضع البشري وعلاقته بالبيئة ، ثم إعادة النظر في شروط هذا الوجود و علاقتنا بالميتافيزيقا ، لان الوضع الراهن يستدعي تفكيرا أخلاقيا مغايرا يتجاوز التصور الأخلاقي و الديني الكلاسيكي . من ثم يتمكن بتكميم التجاوزات التي قام بها الانسان ضد الطبيعة وفي نفس الوقت خلق تصورات عقلانية حول الوجود من اجل استباق و تنبؤ بالكوارث وذلك لاتخاذ الإجراءات الكفيلة لتجنبها ، وذلك لن يحدث الا عندما يقتنع رجال السياسة و الرجال الدين بضرورة الوعي بالخطر المحدق بحضارة عصر التقنية ، لذلك فالمهمة الأولى للفلسفة هي الكشف عن المخاطر التي يتضمنها التطور التقني ، فالواقع الإنساني لا ينهض الا بالقانون الأخلاقي و هو في البدء قانون الصدق و مصارحة الذات و العيش من اجل الاخر ، والانتقال من مرحلة الجشع الاقتصادي الى مرحلة الإنسانية ، و هذا المنطق يغيب عند تجار المآسي الذين لا يهمهم من يدير دواليبها سوى الربح المادي و اشباع الرغبات التي لا تنتهي و لو على حساب حياة الانسان.
أمام هذا الضياع الأخلاقي و التمزق القيمي ، و الانتكاسة الإنسانية ، نحن في حاجة الى عقد بيئي وأخلاقي مع ذواتنا و مع الطبيعة حتى نتمكن من الخروج من هذا النزيف الوجودي.



#احمد_زكرد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطور التاريخي للنسوية : قراءة نقدية للهيمنة الذكورية
- الفلسفة كبديل لإسعاد الإنسان من وجهة نظر ألان باديو
- إشكالية أصالة الفلسفة الإسلامية
- إشكالية تعريف الفلسفة
- إشكالية الاعتراف و التفهم و التكامل في فلسفة الغير
- تأثيل المقدس 5 : المرأة بين مطرقة الدين و سندان العلمانية ( ...
- تأثيل المقدس 4: السعي للدين،سعي للسلطة
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثالث ): الفعل السياسي بين الدي ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الثاني ): كانط ونقد العقل السياس ...
- أخلقة الفعل السياسي ( الجزء الاول ): من الإغريق إلى فلاسفة ا ...
- أنسنة الظاهرة الإنسانية
- الراهن العربي الإسلامي بين التنوير و الظلامية
- تأثيل المقدس 3: كيف تصنع الأديان؟
- تأثيل المقدس 2 قضية الغرانيق وسؤال الحقيقة
- تحرير الأخلاق من هيمنة الدين
- التأسيس لدين إنساني من منظور كانطي
- فكرة الدين عند كانط
- تأثيل المقدس


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - احمد زكرد - التطور التقني وتداعياته البيئية في ظل غياب الشرط الأخلاقي: فيروس كورونا أنموذجا