أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث حضارة عصر الراسمالية د- الازمة العامة للحضارة وعصر الحضارة الديمقراطية 1-3















المزيد.....

من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث حضارة عصر الراسمالية د- الازمة العامة للحضارة وعصر الحضارة الديمقراطية 1-3


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1575 - 2006 / 6 / 8 - 11:37
المحور: القضية الكردية
    


ومن الأهمية رؤية بعض خصائص العصر الديمقراطي عن كثب:
أ ـ إن الديمقراطية المعاصرة هي من نتاج الأزمة العميقة والدائمة لنظام الحضارة المعتمد على المجتمع الطبقي الذي تكامل باستمرار منذ عهد النظام العبودي. فقد وقعت كافة أنظمة المبادئ والمؤسسات الاجتماعية في حالة قصور أمام الثورة العلمية التقنية الكبرى، ويعبر هذا الوضع عن تشكل عام مقلوب ومبدد ممتد من الصعيد الاقتصادي وحتى الإيديولوجي، إذ يتم الشك بكل المبادئ، وباتت المؤسسات تفقد وظيفتها، مقابل ذلك مازال النظام الاجتماعي الجديد بعيداً عن التبلور والوضوح، ولا يستطيع أحد أن يتوقع الشكل الذي ستتخذه الهوية الإيديولوجية والمؤسسات الأساسية. وتم التأكد من عدم قدرة القديم من خلال الترميم الفاشي وكذلك الحديث من خلال البناء السوفيتي الثوري على تقديم الحلول، لذا فإن الديمقراطية المعاصرة هي شكل الحياة والإدارة لهذه المرحلة التاريخية.
ب ـ الثورات العلمية التقنية أخرجت الحياة في المجتمع الطبقي من كونها ظاهرة مفروضة لا يمكن التحضر بدونها، وأدت التقنية إلى اعتماد الأساس الذي يؤكد الواقع اللا طبقي وليس الانقسام الطبقي، وكما تطور نظام الحضارة الطبقي اعتماداً على المستوى التقني، فإن المستوى التقني القائم أصبح يرى أن هذا النمط يشكل عائقاً أساسياً أمام تقدم المجتمع، فالتقنية تقضي بنفي المجتمع الطبقي، بـل وترغم على التحـول من المجتمع الطبقي إلى المجتمع المهني كطرح اجتماعي جديد، وتعتمد البنية التحية للديمقراطية المعاصرة على ضرورة وجود المجتمع الطبقي ذو الأساس التقني، بعبارة أخرى إن الثورة التقنية هي الأساس الأمتن للديمقراطية المعاصرة فلقد تشكلت رابطة معينة بين الديمقراطية المعاصرة والثورة العلمية التقنية حيث لم يظهر تطور من هذه الناحية في مرحلة تاريخية سابقة، وبالتالي فإن الديمقراطية المعاصرة ليست خياراً اعتباطياً، بل تعتمد على القدرة المادية للتقنية التي تبلور مرحلة تاريخية حديثة والتي جعلت تأسيس مجتمع منظم وواع ممكناً، وقد وصلا إلى مستوى يمكنهما من دعم بعضهما البعض ويشعران بالحاجة المتبادلة لتطوير بعضهم.
ج ـ لا يمكن إزالة أو تحويل الطبقات وكافة الظواهر الاجتماعية المختلفة الأخرى باستخدام العنف والإرغام، إنما يمكن ذلك عن طريق تغيير المستوى العلمي والتقني، فكما لا يمكن خلق ظاهرة اجتماعية عنوة، كذلك لا يمكن إزالتها، فالعامل المصيري في التبدل والتحول ليس العنف والإرغام بل هو الأساس العلمي التقني، وربما يمكن إزالة أو تأسيس بعض الظواهر أو الطبقات الاجتماعية فيزيائياً ولكن في هذه الحالة لا يمكن حمايتها من الزوال عندما يتم استخدام أعمال عنف أخرى ضدها، لأنهم اعتمدوا على عنصر الإرغام. كما يلعب الجهل دوراً أساسياً في ممارسة العنف وكلما تم تجاوز الجهل في العلم والممارسة تبين عدم جدوى ممارسة الإرغام. ترجع ممارسة الإرغام في التاريخ الإنساني بنسبة كبيرة إلى الافتقار للتطور العلمي والتطبيقي، ويجب ان نفهم بشكل صحيح النظرية القائلة بان العنف يعتبر بمثابة القابلة التي تولد المجتمع الجديد، وإن مهمة القابلة التي تحضر آلام مخاض الولادة لأم ما، هي تقديم المساعدة من أجل ولادة بشكل أقل ألماً وأفضل صحة للمولود، ولكن العنف الذي تم ممارسته عبر التاريخ عمل على تقزيم الأطفال أي البشر الذين ولدوا أصحاء، وأفقدهم حريتهم ومنحهم هوية القطيع، وأحياناً عمل على قتلهم وتدميرهم، فليس لهذا العنف أية علاقة بالقابلة، بل علاقته أقرب الى الجلاد أو السجان. فإن الاستخدام الظالم والمبالغ فيه لممارسة العنف في التاريخ جعل المجتمع يتأزم ويتجاوز التطور الطبيعي له، حيث يعتبر التخلف التكنولوجي وعدم تطور العلم من الأسباب الرئيسية للعنف، ويتجاوز هذه الأسباب حينها فقط يفقد العنف ولاسيما الدولة التي تخضع لإمرة المجتمع الطبقي، معناه.
لقد أصبحت هذه المرحلة التاريخية حقيقة واقعة، وبالتالي فإن نظريات التحول والتغيير المعتمدة على العنف الثوري وعنف التعصب الرجعي والثوري المضاد، كلها عبارة عن مصطلحات فقدت معناها، ويتخذ المجتمع الديمقراطي المعاصر من التحول الملائم للتطور الطبيعي أساساً له، ويستند على الوعي بوجود أسسه العلمية والتقنية المتينة، ولا يمكن أن نستنتج من كل هذا أن الديمقراطية هي وفاق بين عنف الثورة والثورة المضادة، فلا شك أن هذه المواقف خاطئة، إذ لا يوجد هناك أي وفاق قسري في جوهر الديمقراطية، بل على العكس إن الديمقراطية تعتمد على نبذ ممارسة العنف وإخراجها من جدول الأعمال الاجتماعية. كذلك لا علاقة للديمقراطية بالرضوخ بل على العكس إنها تؤمن باستحالة التطور من دون الحريات التي يجب أن تسود كافة الأوساط التي لا مكان للعنف فيها، كذلك تستوجب الديمقراطية المعاصرة توجيه النقد الذاتي لكافة الكيانات الحضارية التي تعتمد على العنف، إذ أن الديمقراطية المعاصرة هي نظام أساسه النقد الذاتي، وإن موقفها نحو العنف ليس تكتيكياً ولا حتى استراتيجياً بل هو موقف مبدئي، إن المبدأ الأساسي للديمقراطية هو الإيمان بوجود مرحلة تاريخية تنبذ العنف من ذاتها وتصل إلى تحقيق ذلك بالقدرات العلمية والتقنية، ويعبر هذا المبدأ عن أساس فلسفي لا يعتمد على سياسة التكتيكات والاستراتيجيات، إذ أنه يقيم هذه الممارسة على أنها من ضرورات الممارسة والتطبيق، إن هذا الموقف نحو العنف يظهر الطابع السلمي للديمقراطية المعاصرة، وإنه يدرك السلام الاجتماعي على أنه شكل من أشكال تطور الطبيعة ويؤمن بذلك، كما يجب ألا نفهم بأن السلام لا يعني الرضوخ للعنف، بل على العكس من ذلك فالسلام يعني القضاء على العنف، إنه يؤمن بمجتمع خال من الحروب وبعالم حضاري يتخذ من هذا الإيمان أساساً له.
الدفاع المشروع: هو المبدأ الهام الآخر للديمقراطية المعاصرة، ففي المجتمعات التي تفتقر إلى العلاقات الديمقراطية المعاصرة أو عندما تتعرض الديمقراطية لاعتداء عندها يكون الدفاع المشروع عن الذات هو أحد حقوقها الأساسية، بل هو حق دستوري أساسي حيث ان الرضوخ للأنظمة والقوانين غير الديمقراطية ليس موقف ديمقراطي، وهذا الموقف إفناء القوى غير الديمقراطية باعتداء مضاد، بل يقترح تجاوز الظلم بتطوير الوعي العام للمجتمع والتنظيم وحق التظاهر، وتدخل المقاومة العملية ضمن حقوق الدفاع المقدس وتشكل جوهر الحقوق، ويأخذ الدفاع المشروع عن الذات بما في ذلك المسلح منها أساسه من المبادئ الديمقراطية المعاصرة وما يتجاوز هذا المبدأ من العمليات لا تدخل في أطر الدفاع المشروع.
د ـ إن الديمقراطية لا تعتمد على طبقة أو زمرة أو قومية معينة، بل تتخذ كل المجتمع أساساً، وهناك كثير من المؤسسات الديمقراطية عبر التاريخ لم تتجاوز حدودها أسس طبقة أو زمرة أو مجموعة أثنية، ومن الأفضل أن نسميها بديمقراطيات الطبقة التقليدية، اما الديمقراطية المعاصرة هي عكس ذلك تماماً إذ أنها تقبل بمشروعية كافة الهويات الموجودة في المجتمع ولا تمنع أي منها من الدفاع عن حقها في الحرية والمساواة، ولا ترى في تنوع وخلاف الهويات الاجتماعية على أنها مشكلة، بل تقبل بذلك كغنى وثراء للمجتمع، لا بل واكثر من ذلك فهي تشجعهم على النمو والتطور، وبهذا المعنى فإن الديمقراطية المعاصرة هي نظام ديناميكي يعتمد على التنظيمات والعمليات التي تعتمد على كافة الفروقات الإيديولوجية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعرقية والجنسية، ودون اللجوء إلى العنف والنظام الذي يتخذ من الموزاييك الاجتماعي المنظم أرضية له، ويرى في النزعات التي تطالب بـ : إما الأسود أو الأبيض على أنها نزعات تهدد الديمقراطية وهي من ممارسات الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية الخطرة على كيانه، ويستخدم النظام الديمقراطي حق الدفاع عن الذات كسلاح ضد هذه الأخطار.
إن هذا الموقف من المجتمع يشكل القدرة الحقيقة للديمقراطية المعاصرة، إذ أن كل الفئات الاجتماعية التي تريد الحياة والتطور وتتطلع إلى تحقيق الغنى والثراء عن طريق التضامن، هي المدافعة الحقيقية عن الديمقراطية المعاصرة، وبالتالي تمثل قواها، وبهذا المعنى ان الديمقراطية المعاصرة تستند على المجتمع الديمقراطي، فالمجتمع الديمقراطي يعني الوعي الحر لكل وجود ثقافي ولكل فكر وعقيدة، وتنظيم هذا الوعي وممارسته بشكل قانوني، ولا يمكن التحدث عن مجتمع ديمقراطي إذا كان ذلك المجتمع يتعرض للقمع والمنع ويحظر عليه إقامة التنظيمات ولا يستطيع التعبير عن إرادته بسبب الخوف، كما لا يمكن الحديث عن ديمقراطية معاصرة دون وجود مجتمع ديمقراطي.
هـ ـ الديمقراطية المعاصرة تقتضي دولة ديمقراطية وتكلف "الدولة الديمقراطية" أعضاءها التشريعيين والتنفيذيين بمهامهم بناءاً على اختيار المجتمع لهم، إن التعيين في الوظائف الذي لا يعتمد على انتخابات شعبية، هو النمط الذي تعمل به الأنظمة الاستبدادية وأنظمة السلالات، أي انه لا يعتمد على الاقتراع الديمقراطي، وهذا يتعلق بطابع الدولة الديمقراطية، وفي نظريات الدولة التقليدية وتطبيقاتها يرى الحكام أنفسهم طبقة ساحقة فوق المجتمع ويعتبرون أن الإرادة الإلهية تجسدت فيهم، ويقدمون أنفسهم من خلف القناع المقدس الذي توارثوه من آبائهم أو من سلطات استبدادية مختلفة ومن هذه الناحية يتضح أن تاريخ الحضارة هو تاريخ اللا ديمقراطية التي مارستها الدولة ضد المجتمع، واعتبرت الفوقية وإذلال المجتمع والضبابية على أنها ذات منبت إلهي وأقنعت المجتمع بذلك، والدولة الجيدة حسب مفهومهم هي الدولة التي تراقب المجتمع جيداً وتحكم كما ترغب وتستغل وتشن الحروب، لقد حدثت التطورات الحضارية الهامة في ظل هذه الممارسات من الدولة.
أما الديمقراطية المعاصرة فإنها تعمل بعكس صفات الدولة هذه وتضعها في الاتجاه الصحيح، وتستند في أساسها على العلاقات المعقدة في المجتمع وتعمل على تكون شفافة ومنفتحة، وتؤمن بأن الثقة تنبع من القبول والرضى وليس من الخوف، وتتطلع الى ان تكون ضمانة الانقسام العادل للثروة وليس الاستغلال، وهي تخرج من كونها دولة بالمعنى الكلاسيكي، وغالباً ما تعمل على ان تتوصل الى تنسيق نظام العلاقات المعقدة للمجتمع على أعلى المستويات، والوصول الى مستوى من الإدارة قادرة الى اتخاذ القرارات في مجالات مثل الأمن العام والتعليم والصحة والاتصالات والدبلوماسية إذ أنه لا يمكن لشرائح المجتمع أن تقوم بهذه المهام بمفردها.
يشهد عصرنا الراهن نضالاً كثيفاً على صعيد التحول والتغيير للانتقال من مفهوم الدولة التقليدية إلى مفهوم الدولة الديمقراطية المعاصرة، والدولة هي أكثر المؤسسات معاناة من الصعوبات أثناء التحول نحو الديمقراطية المعاصرة، والعامل الحاسم في ذلك هو التاريخ الحضاري للدولة وأعرافها ومؤسساتها المتجذرة، ولكن عندما تدرك بأنها لم تصمد طويلاً أمام الثورة العلمية التقنية، فإنها لا تجد بداً من التحول التدريجي، وهكذا تكتسب هذه التطورات سرعة مع مرور الزمن على مستوى العالم.
و ـ في الديمقراطية المعاصرة تتجه المؤسسات السياسية نحو إجراء التحول الديمقراطي "دمقرطة" الدولة والمجتمع، وتلعب دور الجسر الواصل بين الدولة والمجتمع، ودمقرطة السياسة تعني فتح القنوات بين المجتمع والدولة باتجاهين معاً وإبداء الاهتمام اللازم بتمأسسها، وهذا الوضع يمهد السبيل امام تطبيق مصطلح السياسة الديناميكية، فقد حدد السابقون أدوار وعناصر السياسة خارج نطاق المجتمع وكانت قواعدها على شكل مؤسسة تقليدية جامدة تستند الى الأعراف والتقاليد مما أدى إلى واقع سياسي لا يمكن تغييره الا بالعنف وعن طريق الانقلابات، ولهذا السبب كانت التغييرات صعبة ودامية. أما السياسة الديمقراطية فهي النظام الأنسب لتحقيق التغييرات بالسبل السلمية وبشكل سريع عن طريق منح الفرصة لكل ثقافة ومجموعة لتعكس نفسها كدولة ديمقراطية بالبرنامج الذي تضعه والفكر الذي تريده، وذلك عن طريق إجراء الانتخابات المنظمة ومفهوم التعددية الحزبية، أي أن فرصة التغيير وأسلوبه يجب ان يكون في متناول الجميع، وهذا الوضع يفتح الطريق أمام إقامة الأحزاب الديمقراطية واللوبي ومختلف مؤسسات المجتمع المدني لكي تشكل قوة تأثير عناصر القرار السياسي، أي يتم عادة خلق ساحة ثالثة تحقق في ما نسميه بميدان وسائل السياسة الديمقراطية تطوراً جديداً.
وسائل السياسة الديمقراطية التي كانت تعمل سراً في العهود السابقة بسبب الخطر تحقق تطوراً جديداً، ويطلق تعبير المجتمع المدني على الأحزاب السياسية والمؤسسات الاقتصادية والثقافية والفنية والبيئية والتقنية باعتبارها اكتسبت صفة المهنة أكثر من أي شيء آخر، والديمقراطية المعاصرة هي من أهم وسائل التطور الاجتماعي في تاريخ التطور بين الدولة التقليدية والمجتمع، فمؤسسات المجتمع المدني هي وسائل ضرورية للحياة الديمقراطية، ومن المهم هنا أن نطلق على هذا النمط من النشاط اسم البعد الثالث "أو المجال الثالث" ولأول مرة في التاريخ يظهر هذا النوع من العمل وسبب إعطاءه هذه الصفة الحضارية الديمقراطية للعصر تأتي من هذه الصفة التحديثية.
ز ـ من المواضيع التي تزايدت أهميتها في تطوير الديمقراطية المعاصرة هي موضوع حقوق الإنسان وحرية المرأة، فإذا اعتبرنا أنهما من نتاج النظام الرأسمالي نكون مخطئين، بل العكس هو الصحيح، لأن هذين الموضوعين تطورا وتصاعدا في مرحلة تجاوز الحضارة الرأسمالية، وأثناء ظهور قصور الحياة الرأسمالية ونظامها التقليدي. إن حقوق الإنسان وحرية المرأة موضوعان أساسيان من التكوين الديمقراطي العام للمجتمع وتزداد فرصة تطورهما بتجاوز إطار الحضارة التقليدية، وهما الموضوعان اللذان سيحددان المرحلة نحو تطور الحضارة الجديدة، ولأن كلا الموضوعين ليسا من نتاج المجتمع الرأسمالي فهما يحملان صفة التجاوب لمعايير الديمقراطية المعاصرة، والتي تعتبر حقوق الإنسان وحرية المرأة جزءاً منها وسيلعبان دوراً بارزاً في تحديد مصير الارتقاء الحضاري الجديد، فحقوق الإنسان وحرية المرأة موضوعان جرى شطبهما من سجل المجتمع الطبقي على مدى التاريخ، لكنهما مرشحان لأن يحققا تطوراً كبيراً لأنهما منفتحان على التجديد، ففي الوقت الذي تحدد حقوق الإنسان الإطار الحقوقي للحضارة الجديدة تشكل المرأة الأرضية الاجتماعية لهذه الحضارة، والتطورات التي تتحقق في هذين الموضوعين هي التي تحدد عمق وتطور الديمقراطية المعاصرة.
ح ـ ان الوضوح في الأساس الفلسفي للحضارة الديمقراطية المعاصرة يحمل أهمية كبيرة من المشاركة الواعية والقناعة، فالديمقراطية ليست نظاماً يفتقر إلى المبادئ، بحيث تستطيع كل شريحة أن تحللها وفق مصالحها، بل هي فلسفة تستند على العلم، ولها وجهة نظرها حول العالم وتمتلك مبادئ وبرنامج ومفهوم في الممارسة، والديمقراطية المعاصرة ترتكز في أساسها على قانون المادية الجدلية ووجود الأضداد ووحدتها وتحولها، ان التضاد الأرض في الديمقراطية المعاصرة هو التناقض النابع من الصراع بين حقيقة الحضارة التي تستند الى المجتمع الطبقي وما حققته التطورات الحضارية الجديدة، إذ قيمنا الطرح هو الحضارة القديمة والطرح المضاد هو الظواهر الحضارية الجديدة، فان المرحلة الأخيرة ستكوّن التركيب، ولأن الديمقراطية المعاصرة تشهد بداية تطورها، فإن المظاهر الحضارية القديمة تكون الغلبة لها ولكنها بالية وضعيفة، اما الظواهر التي تدل على التطور الحضاري الجديد ورغم قلتها، لكنها تتميز بالحيوية والقوة، فصراع الأضداد هذا سينتهي بتركيب على مستوى أرقى واحدث لصالح المظاهر الأقوى بفضل توفر الشروط التقنية والمعايير الديمقراطية ودون اللجوء إلى العنف، وسيتم هذا التركيب مع بعض الصعوبات التي تشبه آلام المخاض.
إن المبدأ الأساسي للفلسفة يتطابق مع المعنى الذي تقدمه مصطلحات ظاهرة الديمقراطية المعاصرة وعلاقتها وتحولها، وتصل المادية الجدلية التاريخية إلى نظام مجتمع وسياسة ودولة وهي مفهوم قابل للتطبيق، اما الأنظمة التي انغلق فيها المجتمع والسياسة والدولة، والتي تستند الى العنف والإكراه ولا تتحول فأنها تستند اصلاً الى نظرة مادية فظة أنواع مثالية للعالم، وفي النتيجة ستنحل وتضطر للانسجام مع القوانين الديالكتيكية للتاريخ.
وبالنتيجة فان عصر الحضارة الديمقراطية يعبر عن مرحلة تاريخية طويلة الأمد، حيث لم يحسم بعد التجاوز التام للعصر الحضاري الطبقي ارتباطاً مع التحولات والتطورات العلمية والتقنية، ولم يتبلور الجديد كما يجب بعد، أي هناك تداخل بين القديم والحديث. لكن التحول السلمي يسبق رؤيته، وهذا يعتمد على المستوى التقني الموجود وعدم اللجوء الى العنف وخلق شروطاً مناسبةً لتشكيل أرضية مادية للقيام بكل التغييرات المختلفة، كما تجاوز المجتمع المنغلق بالدولة التقليدية واكتسب المجتمع المدني كساحة ثالثة تقع بين الساحة الأول والثانية، أي بين الدولة والمجتمع تأثيراً كبيراً، مما يؤدي إلى ظهور نمط من الحياة والإدارة الفيدرالية، ويتم النظر إلى التنوع والتمايز الأيديولوجي والاقتصادي والاجتماعي والاثني والجنسي والعرقي والسياسي على انه عامل غني وثراء للمجتمع، ويعتمد على ان كل مجموعة تمتلك حرية التعبير وتتزود بالوعي والتنظيم الذي تريده، ولأن ذلك الوعي فعّال للحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، فإن التعبير الصحيح لهذا النمط من الإدارة والحياة، هو حصول الدولة والمجتمع على المؤسسات المختلفة والضرورية على أساس فيدرالي، ولهذا فالفيدرالية التي تعتمد على مؤسسات المجتمع المدني بقدر ما تختلف عن نمط الحياة والإدارة الديكتاتورية والاستبدادية فهي تمثل الديمقراطية المعاصرة وتتوافق مع قيمها، وبناءً عليه إذا أردنا أن نضع مصطلحاً عاماً لعصرنا فذلك سيكون "عصر الفيدرالية الديمقراطية العالمية".



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثال ...
- من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثال ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...
- من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثاني ...


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - من دولة الرهبان السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الفصل الثالث حضارة عصر الراسمالية د- الازمة العامة للحضارة وعصر الحضارة الديمقراطية 1-3