أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)














المزيد.....

مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 19 - 11:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نعرف عالم الإرهاب من "الخارج”. لأننا ذلك "الخارج"، نحن ضحاياه الذين نتيتّم ونترمَّل ونثكل ونموت على أيادهم. تقريبًا في كلّ بيت مصري وسوري وعراقي، وفي آلاف من منازل العالم، صورة لشهيد، مسلم وغير مسلم، كان في يوم من الأيام أبًا لطفل، أو زوجًا لسيدة، أو أخًا لأشقّاء، أو ابنا لأمٍّ ثكلى لن تجفُّ دموعُها إلا مع تحلّل عظامها في قبر. في كل بيتٍ مكلوم صورة لشهيدةٍ، كانت أمًّا أو أختًا أو حبيبة أو جارةً أو صديقة. وفي كل بيت سكنه الشرفُ مجاورًا للعار، فتاةٌ حزينةٌ أهدر داعشيٌّ شرفَها، باعتبارها سبيّة ملكًا لليمين، سوف تقضي بقية عمرها مصدوعةً كسيرة الروح لا تدري بأي ذنب مسَّ العارُ شرفَها. كل ما سبق من فواجع هي الصورة "الخارجية" لعالم الإرهاب الأسود الذي صنعته داعش، الذين ليسوا إلا عرائسَ ماريونيت (صمّاء بكماء عمياء) ملطّخة بالدماء، تمسكُ خيوطَها أصابعُ تكفيرية قذرة تحفرُ أنهار الدم من دون أن تتلوّث به. التكفيريون الذين يأمرون بقتل البشر، دون أن يضغطوا زناد رشاش، أو ينزعوا فتيل قنبلة. أولئك هم المجرمون الحقيقيون الآمنون في بيوتهم وعلى شاشات فضائياتنا يبثّون السمومَ في الأدمغة، ويجدون من يصفق لهم ويُهلّل ويُكبّر.
جميعُنا نعرفُ عالمَ الإرهاب "من الخارج" لأننا ذلك "الخارج”. نحن ضحاياهم وقتلاهم وشهداؤهم وسباياهم وثكلاواتهم وأيتامهم وأراملهم وأصدقاءُ وأقرباءُ وجيرانُ جميع مَن سبق من ضحايا الإرهاب. لكن من منّا قُدِّر له أن يتعرف على عالم الإرهاب من "الداخل". مَن منّا بوسعه التلصُّص على "مافيا الإرهابيين" من داخل كهفهم الأسود؟ الإجابة: لا أحد. لا يعرفُ "داخل" وكر الإرهاب، إلا مَن دخله. ومن دخله لا يخرج منه إلا قاتلا أو مقتولا. فكيف بوسعنا أن نتعرف على "دواخل" ذلك العالم الأسود؟
يجيب هذا اللغز الفيلمُ المصري العظيم "جواب اعتقال"، من إنتاج أحمد السبكي عام 2017، تأليف وإخراج "محمد سامي"، وبطولة النجم المصري الموهوب "محمد رمضان" والنجم الأردني الموهوب "إياد نصّار". نتعرّف من خلال الفيلم على الشيخ الشاب "خالد الدجوي"/ "محمد رمضان"، المهندس الإرهابي "المتشكّك" في فكرة "جهاد القتل"، وهل هو بالفعل لنُصرة الإسلام وحصد رضوان الله، أم لتشويه الإسلام وإغضاب الله، لكنه يقتل رغم هذا التشكّك، لأنه جُنِّد منذ طفولته ولا مهرب له منه إلا بالموت. ندخل معه أروقة ودهاليز مافيا الإرهاب، لنتعرّف معه على عمق ما يعيشون من نفاق وازدواجية وكذب. عبقرية هذا الفيلم أنه غير مشغول بجرائم الإرهاب في حق المجتمع، اللهم إلا في مشهد خاطف في تتر المقدّمة أو مشهدين، ذاك أننا بالفعل نعرف تلك الجرائم حق المعرفة، بما أننا ضحاياهم كما أسلفتُ في مقدمة المقال؛ لكن الفيلم مشغولٌ بجرائم الإرهابي في حق زميله الإرهابي، وفي حق الله والإسلام قبل ذلك.
التكفيري الكذوب، "الشيخ مصطفى"، الذي أدّى دورَه ببراعة الفنان "صبري فوّاز"، يظهر على الشاشات في ثوب حمَل نقيٍّ تقيّ، ينهى الناسَ عن الكِبر والغشّ والكذب والنفاق والقتل، وهو غارق في كلِّ ما سبق من فواحش. يمارسُ الطبقية والعنصرية في أحطِّ صورها وهو ينادي المهندس بـ"ابن الخدّام"، لأن أباه كان خادمًا لأحد أمراء الجماعة التكفيرية. ويخطبُ في الناس في "مقام مخافة الله"، بينما يتحدّى الله جهرًا جاعلا من نفسه إلهًا يُحيي ويُميت. وحين سألته متّصلةٌ على الهواء عن رأيه في الجريمة الإرهابية الأخيرة التي استشهد فيها ضباطٌ ومجندون في الشرطة المصرية، اعتمر طاقية "التقية" الغاشّة، وقال لها: “أُشينُ وأُدين"، بينما كان هو أحد مخططي تلك العملية الخسيسة.
هذا الفيلم المحترم يقدّم لنا تشريحًا دقيقًا لطبيعة الحياة المزدوجة الكاذبة التي يحياها التكفيريون المخادعون الذين يُشرّعون ويخطّطون للإرهابيين السُّذج الذين يصدقونهم طمعًا في الجنّة والحور العين ورضوان الله، فيفجّرون ويقتلون أو يُقتَلون، بينما المجرمون الحقيقيون في مأمن على شاشات الفضائيات وصفحات التواصل الاجتماعي وفوق المنابر، تتكدّس خزائنهم بالأموال، ويحصدون التصفيق والاستحسان من جماهيرَ مغيّبة بائسة، لا تلمح خيوط الدم الخفية تقطر من عمائم التكفيريين. يفتون بالقتل، ولا يلوثون أياديهم بالدم، لأن هناك من يقومون بالمهمة ويدفعون الثمن عنهم. قطرةُ الدمع الأخيرة التي سقطت من عين "محمد رمضان" لحظة مقتله، تحمل ندمًا على خسران الدنيا والآخرة معًا. وتحمل رسالة مهمة لكل من يُسلم عقله لتكفيري خؤون. التكفيري هو الإرهابي الحقيقي.


***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (2)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (1)
- لينين… ضابطُ إيقاعِ الضحك الرفيع
- النحلة والدبور … إهداء المايسترو لحبيبته نيڤين
- هنا الإمارات … ومصرُ تصنعُ الحياة
- وسام القديس جورج … لقاهر الإرهاب الأسود
- معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020
- معرض القاهرة الدولي للدواء 2020
- أوسكار فاروق حسني
- صحنُ قلقاس أخضر … على مائدة قبطية
- الرئيس والبابا … وباقةُ زهور بيضاء
- الحَجُّ العالميُّ إلى أرض مصر
- أطرق باب بيت ... لا يعرف الحزن
- لا أملكُ إلا ابتسامتي!
- على عتبة الطفل الصامتٍ
- قُبلةُ حبيبي … بألفِ عام
- جيشُ مصر العظيم ... هو جيش العرب
- 100 مليون مقاتل مصري ... في وجه الغزو العثماني
- ميري كريسماس … بأمرِ الحُبِّ وحِمى القانون
- 51 بحبّه!


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)