أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ماليزيا تغادر سبنسة العالم الثالث.. وتلحق بقطار التقدم عام 2020















المزيد.....

ماليزيا تغادر سبنسة العالم الثالث.. وتلحق بقطار التقدم عام 2020


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1566 - 2006 / 5 / 30 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أحب الجلسة الافتتاحية لأي مؤتمر، أيا كان موضوع المؤتمر أو مكان انعقاده، لانها تكون في الأغلب الأعم جلسة »علاقات عامة«، حيث يتباري المتحدثون في إلقاء الخطب المزدحمة بعبارات المجاملة والنفاق واجترار »الانجازات« الحقيقية والوهمية علي حد سواء.
حتي الجمهور الذي يشارك في هذه الجلسة الافتتاحية والذي يتم اختياره في معظم الحالات من بين صغار كبار البيروقراطيين والشخصيات العامة، يكون مشغولا بالظهور في الصورة أمام المسئول الكبير الذي »يقص الشريط« ويعلن بدء المؤتمر ويلقي كلمة بلا لون أو طعم أو رائحة.
وما إن يغادر المسئول الكبير مكان الاجتماع حتي يهرول أغلب الحاضرين ويتركوا قاعة المؤتمر شبه خاوية فما يهمهم هو أن يراهم المسئول الكبير وليس موضوع الاجتماع.
لذلك لم أكن سعيدا وأنا اتجه إلي قاعة الاجتماعات التي ستشهد وقائع افتتاح المؤتمر الثالث عشر لاتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات لمجموعة الخمسة عشر، وقمة مجتمع الأعمال لبلدان المجموعة ذاتها، الذي عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وبقدر كبير من الفتور أعددت نفسي للاستماع إلي الكلمة التي ستلقيها رفيدة عزيز وزير الصناعة والتجارة الخارجية الماليزية في افتتاح هذا المؤتمر.
لكنها ما إن بدأت في الحديث حتي استعدت كامل تركيزي وكل اهتمامي بمتابعة حركاتها وسكناتها وكل كلمة وكل حرف في خطابها المفاجئ وغير المألوف في مثل هذه المناسبات.
بدأت الوزيرة كلمتها الافتتاحية قائلة لقيادات القطاع الخاص في بلدان مجموعة الخمسة عشر، ممثلا في اتحاد التجارة والصناعة والخدمات توقفوا عن ترديد تلك الكلمات الرنانة والتي أصبحت مستهلكة وفارغة من أي معني جدي من قبيل »الأجندة« و»خطط العمل« و»الاستراتيجية« و»خارطة الطريق«.
كفاكم كلاما وثرثرة عن أمنيات وينبغيات، وبدلا من الحديث عن خطط ابدأوا في تنفيذ هذه الخطط التي تم »اللت والعجن« فيها خلال السبعة عشر عاما الماضية منذ إنشاء مجموعة الخمسة عشر في سبتمبر 1989 علي هامش قمة دول حركة عدم الانحياز التي عقدت وقتها في بلجراد عاصمة يوغوسلافيا قبل تمزقها إلي أشلاء فيما بعد.
وقالت بصريح العبارة: »دعونا نبتعد عن ثقافة مجموعة الخمسة عشر، القائمة علي الكلام ثم اجترار الكلام عن كل أنواع الخطط التي لا يجري متابعتها ولا يتم تنفيذها«.
هذه إذن نغمة جديدة غير مألوفة في مثل هذه المحافل والأهم أنها تصدر عن وزيرة مسئولة عن الصناعة والتجارة الدولية في ماليزيا، وهي وزيرة حققت انجازات حقيقية حيث واصلت التجارة قوتها الدافعة في ظل توليها للوزارة ووصلت في العام الماضي أي في عام ،2005 إلي 8.967 مليار رنجت (الدولار = 6.3 رنجت) بنسبة نمو 9.9% عن عام 2004 ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه وأن يكسر رقم إجمالي التجارة الماليزية حاجز التريليون رنجت هذا العام.
وواصلت الصادرات الماليزية عام 2005 صعودها الصاروخي بنسبة 11% لتصل إلي 8.533 مليار رنجت بعد أن كانت 7.480 مليار رنجت عام ،2004 بينما زادت الواردات بنسبة 5.8% لتصل قيمتها إلي 434 مليار رنجت.
ونتيجة لذلك حقق الميزان التجاري فائضا لصالح ماليزيا قيمته 8.99 مليار رنجت بزيادة نسبتها 7.23% عن عام 2004 حيث كان الفائض 7.80 مليار رنجت.
والأهم أن هذه كانت السنة الثامنة علي التوالي التي يتحقق فيها فائض في الميزان التجاري.
فما سر هذه الوزيرة؟
وما هو سر نجاحها؟
وماذا يكمن وراء تلك الكلمات غير التقليدية وغير المألوفة التي ألقتها ببساطة وتلقائية في خطابها أمام قادة القطاع الخاص بمجموعة الخمسة عشر (والتي لم تعد تضم في عضويتها 15 دولة كما كان الحال في البداية بل أصبح عدد أعضائها 19 دولة من آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية هي مصر والجزائر والأرجنتين والبرازيل وشيلي وكولومبيا والهند واندونيسيا وإيران وجامايكا وكينيا وماليزيا والمكسيك ونيجيريا وبيرو والسنغال وسري لانكا وفنزويلا وزيمبابوي).
بعد انتهاء وقائع الجلسة الافتتاحية وقبل انصرافها توجهنا إليها أنا والزميل والصديق أسامة غيث وطلبنا موعدا للحديث معها.
بكل بساطة أخرجت التليفون المحمول من حقيبتها وألقت نظرة علي جدول مواعيدها الموجود علي التليفون، وقالت إن الموعد المناسب لها هو الثامنة صباح اليوم التالي بمكتبها وأن ذلك سيضطرها إلي الحضور قبل نصف ساعة من الموعد حتي تستعد لمقابلتنا.
ذهبنا في الموعد.. وكانت بساطتها التي لاحظناها في افتتاح المؤتمر هي نفسها التي تميز حركاتها وسكناتها وكلامها في مكتبها.
سألناها عن سر »المعجزة« لهذا البلاد التي كانت مضرب الأمثال في التخلف والفقر حتي سنوات معدودات، واصبحت الآن أحد »النمور« الاقتصادية الصاعدة بقوة في العالم.
(لاحظ هنا ان اجمالي صادرات ماليزيا التي تحدثنا عنها عام 2005 تعادل 2.148 مليار دولار، في دولة لا يزيد عدد سكانها عن 26 مليون نسمة بينما لم يتجاوز اجمالي صادرات مصر التي يزيد عدد سكانها علي 70 مليون نسمة ما يعادل 6.10 مليار دولار في نفس العام، أي أن اجمالي صادرات ماليزيا يكاد أن يكون 14 ضعف اجمالي صادراتنا المصرية!)
قالت »رفيدة عزيز« بتلقائية: ليس هناك مجال للحديث عن معجزة في تجارب التنمية، بل يوجد تخطيط، ورؤية للقيادة، وعمل جماعي للحكومة، وآليات لتنفيذ الخطط الموضوعة علي الورق، ورقابة ومتابعة للتنفيذ.
وإذن ليس هناك سر.. ولا معجزة.
* وكيف تمكنتم من التغلب علي سونامي الأزمة الهائلة التي اجتاحت جنوب شرق آسيا عام 1997؟
** الاجابة هي اننا لم نسلم ذقوننا إلي صندوق النقد الدولي، ولم نستمع إلي »نصائحه«، بل عملنا عكسها علي طول الخط وفرضنا نظاما للتحكم في سعر العملة وحركة الأموال، ونظم التصدير والاستيراد، جنبا إلي جنب مع مساعدة شركات القطاع الخاص علي استئناف نشاطها ومساعدتها علي الخروج من دائرة التعثر الذي لم تكن مسئولة عنه.
* عدنا لنسألها عن الحكمة من الجمع بين التجارة الخارجية والصناعة تحت مظلة وزارة واحدة.
** قالت ببساطة إن الصناعة تعني الانتاج والتجارة الخارجية تعني التسويق، وبما أنه لا يمكن الفصل بين الانتاج والتسويق فان التساند الوظيفي بين الأمرين استوجب وحدتهما في حقيبة وزارية واحدة.
* ورغم أن الأرقام المتاحة لنا تروي قصة نجاح هائل فاننا سألناها عن العقبات التي تواجهها.
** قالت ليست عقبات.. وإنما تحديات.. تتعلق بالانتاجية والتنافسية.. فنحن لسنا الوحيدين في الساحة، ولسنا أقوي اللاعبين، بل أمامنا وحولنا دول تنافسنا. وإذا كنا نريد أن نتبوأ مكانا تحت الشمس.. فلابد من ان نطور قدراتنا وانتاجيتنا يوماً بعد آخر، وأن نكون في مستوي العصر وانتقال البشرية إلي اقتصاد المعرفة وليس فقط مجتمع المعلومات.
* لكن هل تظل »رؤية 2020« - التي بلورتها القيادة الماليزية منذ سنوات لنقل البلاد إلي مصاف الدول المتقدمة مع حلول عام 2020 - قائمة أم انها كانت مجرد شعار وأمنية وردية من التي يتعاطاها العالم الثالث؟
** الاجابة بحسم وتأكيد هي انها ستتحقق، وأن مراحل الوصول إليها وترجمتها إلي واقع محدد تتواصل حسب الاستراتيجية الموضوعة في عهد مهاتير محمد، والتي ترتكز علي عدد من الأسس من بينها الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وتعزيز الوكالات القائمة داخل الوزارات المختلفة المنوط بها مساعدة القطاع الخاص لزيادة فاعليته وانتاجيته وانشاء الآليات اللازمة لتحقيق ذلك، وما يرتبط بهذا كله من برامج طويلة الأمد، وبخاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وما تستلزمه من منح وقروض وتدريب ودعم فني وتشريعات وحوافز.
* لم أستطع أن أمنع نفسي من أن أسألها ــ بعد هذا كله ــ عن طول مدة بقائها في منصب الوزيرة.. وقلت لها أليس طول هذه المدة ــ 19 سنة حتي الآن في نفس الوزارة ــ بمثابة سبب كافٍ لإيجاد مركز قوة وشلة منتفعين وما ينجم عن ذلك من إيجاد بيئة صديقة للفساد أو مسهلة له، وألا يؤدي طول هذه المدة إلي الجمود وعدم الانفتاح علي أفكار ومبادرات جديدة؟
* قالت بثقة: الفساد ليس وارداً لأننا نقسم عندما نتولي المنصب قسما يتكون من ثلاث كلمات هي »والله« و»بالله« و»تالله«.
لم نتمالك أنفسنا ــ أنا وأسامة غيث ــ ولم نستطع أن نمنع أنفسنا من الضحك.. وقلنا لها المثل الشعبي المصري »قالوا للحرامي إحلف.. قال جالك الفرج«.
قالت: ليس القسم وحده.. وإنما هناك رقابة حكومية، والأهم هو الرقابة الشعبية. فنحن وزراء سياسيون، ندين بمناصبنا للشعب الذي ينتخبنا. وإذا فشلنا في تحقيق توقعات الناخبين فإنهم سيعاقبوننا أشد العقاب.
أما بالنسبة للدماء الجديدة والأفكار والمبادرات الجديدة فإن وجود الوزير في منصبه لسنوات تطول أو تقصر لا يحول دون الاستفادة بها، لأن التوزير يتم علي أرضية سياسية ودواعي النجاح السياسي تتطلب تعبئة كل المبادرات الشابة والفتية وتوظيفها في خدمة »رؤية 2020« التي تعمل البلاد بجميع أعراقها المالوية والصينية والهندية وأديانها الإسلامية والبوذية والهندوسية ورجالها ونسائها وجميع مدارسها الفكرية والسياسية من أجل تحقيقها.
انتهي حديث الوزيرة المخضرمة.
ومع أنني شخصياً لست من أنصار بقاء الوزراء، وغير الوزراء، في المناصب العامة لسنوات طويلة، ورغم عدم اقتناعي بزواجر قسم »والله وبالله وتالله« أو بمسوغات الاستمرار لفترات متعاقبة.. فإنه ينبغي التسليم بأن نجاح الملحمة الماليزية، الذي جعل بلداً لا يزيد عدد سكانه عن 26 مليون نسمة يقوم بتصدير 14 ضعف صادرات بلد مثل مصر يقطنه أكثر من سبعين مليون نسمة، يجعل المعارضة لهذه الممارسات أكثر ليناً.. أما الاستمرار مع تواصل الفشل وقلة الإنجاز.. فلا مبرر له ولا منطق.. ولا يحزنون!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصخصة.. وسنينها - 1
- الخصخصة.. وسنينها - 2
- أتوبيسات الغلابة .. منجم ذهب!
- لماذا يتحول كل خلاف إلى عداء مستحكم؟!
- أمريكا.. غوريللا النفط العالمي
- هل يعود شهبندر التجار .. بأزياء ديموقراطية؟!
- .. كى تبقى القاهرة حاضرة الحواضر .. وبستان العالم
- حراس التراث الحى .. يستغيثون!
- مصر متخلفة بثلاثين عاماً عن الدول التى تشجع الاستثمار!
- صورة أقوى من الكلام
- ليس دفاعاً عن البهائية .. والبهائيين
- الديموقراطية أحط شىء فى العالم
- فعلها الهندي الأحمر المتمرد!
- اطلبوا الحريات.. ولو من الكويت
- قطارات من أجل الحوادث
- إسرائيل تخطط لإعادة احتلال سيناء!
- وضع أقفال من حديد على أفواه الصحفيين.. أسلحة فاسدة
- كلام -هجايص- .. وكلام من دهب!
- حزب المحافظين
- ابنتي.. والإرهاب


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ماليزيا تغادر سبنسة العالم الثالث.. وتلحق بقطار التقدم عام 2020