أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مازن كم الماز - عن الاقتصاد الريعي















المزيد.....

عن الاقتصاد الريعي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 12 - 02:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


منذ بعض الوقت كتب أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة د. عمرو عادلي يقول أن الفساد و المحسوبية التي يقال أنها السبب المباشر وراء الاحتجاجات الأخيرة هي نتيجة أكثر منها سبب , نتيجة لأن كثير من دول المنطقة و العالم الثالث ذات اقتصاد ريعي يعتمد على مورد وحيد مرتبط بالخارج : نفط , مساعدات أو ديون خارجية , تحويلات العمال في الخارج الخ .. ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها أحد عن الاقتصاد الريعي في العالم الثالث , فقد استخدمه الاقتصادي الإيراني حسين مهدوي في مقالة عام 1970 ليشخص حالة الاقتصاد الإيراني وقتها الذي كان تحت هيمنة الشاه كما نعرف و ليحاول أن يفسر لماذا لا تثور الجماهير الإيرانية على حاكمها .. حسب مهدوي هذا و آخرون فإن الريع المرتفع الذي تستولي عليه السلطة يسمح لها بناء شبكة من المحاسيب و المرتزقة تتيح لها استقلالية كبيرة عن القاعدة التحتية أو عن المجتمع و استقرارا مؤقتا رغم أنه يبقى عرضة لهزات كبرى بالطبع الخ .. كان آدم سميث قد سبق مهدوي و عادلي إلى القول بأن الريع هو الدخل الذي يحصل عليه الفرد دون أن يزرع أو يحصد , اي الدخل الذي يأتي دون بذل أي جهد أو عمل .. و جاء بعده جورج قرم ليقول أن الاقتصاد الريعي هو اقتصاد يعتمد أو ينحصر في ميادين و قطاعات ذات ربحية عالية "دون أي نشاط إنتاجي أو إبداعي يذكر" .. و كالحديث عن أي شيء في هذا العالم , قد يتسبب الكلام عن الاقتصاد الريعي ببعض المشاكل لبعض الناس , في هذه الحالة لنا نحن .. قد يمكن اعتبار بلدان مثل السعودية و قطر و العراق و الجزائر و لبنان تعتمد بشكل كبير أو كامل على مورد وحيد و مرتبط بالخارج بأنها دول ريعية أو ذات اقتصاد ريعي .. حتى دولة لم تتأسس بعد كالسلطة الفلسطينية و أخرى تقول أنها ما تزال في طور الثورة كالثورة السورية و كل ما حررته من سوريا , تعتمدان هما أيضا بالكامل على المساعدات الخارجية و في كثير من الأحوال على ما يشبه التسول .. و قد يقول بعض من يحبون الاصطياد في المياه العكرة أن المساعدات الضخمة التي تحصل عليها مصر و الأردن بسبب مواقفها و خدماتها العسكرية و السياسية قد تصنف على أنها موارد ريعية أيضا .. و إذا وضعنا كل هذا إلى جانب تشخيص ابن خلدون لدولنا على أنها دول عصبيات تصعد ثم تزدهر و تسقط أخيرا أمام عصبية أو عصبة منافسة , فقد يذهب نفس محبي الصيد في مياهنا العكرة إلى أن بلادنا و دولنا ليست إلا دولا ريعية تتنافس فيها جماعات مختلفة , أهلية , طائفية , سياسية , شعبية , عشائرية على السيطرة على الدولة التي هي مجرد غنيمة يريد الجميع الاستيلاء عليها و على مواردها لبعض الوقت قبل أن تنجح مجموعة أو جماعة أو عصبة أخرى في الاستيلاء عليها و هكذا .. الحقيقة أن كثير منا , مثقفين و ناس عاديين , يشعرون بحساسية كبيرة من هذا المصطلح : الاقتصاد الريعي و الدولة الريعية , قد يكون الإخوة و الرفاق الأردنيون من أكثر هؤلاء الذين يرفضون إلصاق هذا المصطلح ببلادهم , و تجد كذلك مثقفين و صحافيين كويتيين يستنكرون تطبيق هذا التعريف على الكويت و يستخدم كثير منهم الاحتجاجات الأخيرة في العراق و لبنان و الجزائر و احتجاجات أصغر في الأردن و غيره كبرهان على كلامهم .. طبعا نعرف جيدا أن كلام مهدوي لم يكن صحيح تماما ففي النهاية ثار الإيرانيون و جاؤوا كما نعرف جميعا بعصبة أخرى حلت مكان الشاه في الاستئثار بعائدات النفط و قمع احتجاجات المهمشين و المتضررين من الشكل الحالي لتوزيع تلك العائدات أو الريع , ما يسمى اليوم بنظام الملالي , ما كان الثورة الإيرانية قبل أربعين عاما .. لكننا خلافا للكثير من المثقفين من غير بني جنسنا و عشيرتنا نملك حلولا لكل شيء , إذا بدت مشكلة ما عويصة و غير قابلة للحل لصالحنا يمكننا بكل بساطة تجاهلها و إنكارها .... هكذا تحول اليسار العربي أو ما تبقى منه أو ما نتج عنه , من شعار : من كل بحسب قدرته و لكل حسب عمله , إلى شعار أكثر انسجاما مع واقعنا العربي : لكل حسب نصيبه "العادل" من الريع العام , نقطة انتهى .. هذا لا يعني أن أحدا ممن يعيشون في دول ريعية و يحصل أو يطالب بالحصول على نصيبه العادل من الريع العام , قد توقف عن شتم العاهرات و مدمني الكحول و المخدرات و كل من يعيش على كيفه أو على طريقة البوهيميين بأنهم طفيليون و قليلو الأدب و الأخلاق , بالعكس تماما , هناك فورة أخلاقية عامة , الجميع تقريبا يتحدث عن قيمة العمل و العدالة و الأخلاق و القيم و المجتمع كقديسين , كشيوخ , بذقون أو بكرافتات .. يذكرنا هذا بالعهد البريجنيفي عندما كان المهم هو أرقام الإنتاج المسجلة على الورق التي ترفع للقيادة , عندما كان العمال الروس يتصنعون أنهم يعملون بينما كانت دولتهم العتيدة تتصنع أنها تدفع لهم , في مثل ذلك الوقت حكم النظام البريجنيفي على الشاعر جوزيف برودسكي عام 1964 بالسجن خمس سنوات بتهمة التسكع و التطفل و عدم القيام بعمل مفيد اجتماعيا .. في الحقيقة إذا استثنينا صهر ماركس بول لافارغ , القرنسي من أصل كوبي و الذي أنهى حياته منتحرا مع زوجته لاورا ماركس خوفا من الشيخوخة الأمر الذي أثار عاصفة من الاستهجان بين تلامذة ماركس و مريديه , و بعض الماركسيين الإيطاليين و غيرهم الأقرب إلى ما يسمى بالماركسية التحررية , فإن الماركسيين لم يدعوا إلى الامتناع عن العمل , بالعكس تماما .. رغم انتقاده للعمل في ظل الرأسمالية فإن ماركس عرف الإنسان حسب أسلوب الإنتاج و علاقات الإنتاج السائدة .. لسنا إلا منتجين , حتى غير المنتجين هم بالتأكيد ممن يعيشون على القيمة الزائدة المنتزعة ممن يعملون .. ليس الإنسان إلا جزءا من ماكينة الإنتاج أو علاقات الإنتاج .. مع ذلك يبدو من الصعب الحكم ما إذا كان من الممكن اعتبار استبدال اليسار العربي و العالم ثالثي شعاره القديم "من كل بحسب قدرته و لكل حسب عمله" بشعارخ الجديد "لكل حسب نصيبه العادل من الريع العام" على أنه تطور جديد في فكر و ممارسة هذا اليسار أم لا , عندما حكم ماركسيون روسيا و الصين و ألبانيا عاشوا حياة الأباطرة و الرأسماليين الذين اعتادوا على وصفهم بالطفيليين الذين يعيشون على عمل الطبقات الأدنى .. لكن ستالين و لينين و بريجنيف لم يكونوا وحيدين في محاربة المتسكعين و المتشردين و العاهرات و مدمني الكحول , كل من يوصفون بذوي السلوك المعادي للمجتمع .. النازيون أيضا اعتقدوا أنه يجب التخلص من كل من يشكل عبئا على الآخرين الذين يعملون بجد كالمصابين بالصرع و المرضى النفسيين و مدمني الكحول , كل من يرفض العمل لصالح المجتمع و كل من لا يستطيع أن يعمل .. حمل سجناء معسكرات الاعتقال و الموت الجماعي النازية من ذوي السلوك المضاد للمجتمع أي رافضي العمل إشارة سوداء .. أما العاهرات فقد استخدمن للترفيه عن الجنود , ما عدا ذلك كان مصيرهن كمصير بقية أعداء المجتمع و رافضي العمل لصالحه .. اعتقد النازيون أيضا أن الشعوب التي لا تملك وطنا يجب إبادتها هي الأخرى كاليهود و الغجر .. الفارق الأهم في حالة العاهرات و مدمني الكحول و المخدرات و من يعيش أو يفضل حياة التشرد و التسكع على حياة العمل عمن يعيش على حصة تكبر أو تصغر من الريع العام , هو أن العاهرات و المدمنين و المتسكعين يوجدون و وجدوا على الدوام بغض النظر عن وجود اقتصاد ريعي أو لا , و أنه رغم أن الغالبية في الدول الريعية لا تعمل شيئا بالفعل لكن تلك الغالبية تشعر بأنها تملك الحق في محاكمة الآخرين أخلاقيا و حرمانهم من نصيبهم العادل في الريع العام لأنهم مدمنون أو متسكعون أو عاهرات و ترفض بغضب أية مقارنة بينها و بين العاهرات و المدمنين و المتسكعين و أنه رغم كل الثورات و في كل الثورات لا يحسب حساب هؤلاء في أي توزيع جديد للريع العام أو للدخل يهدف كما يقول أصحابه إلى توزيع أكثر عدالة .. و أن هذا التوزيع سينتهي عاجلا أم آجلا بتوقف الحكام الجدد عن العمل , هذا إن كانوا يعملون أصلا , و إلى حصولهم على الجزء الأكبر من الريع العام , بانتظار الثورة القادمة .. كما قال جورج أورويل , كل الحيوانات متساوية , لكن بعضها أكثر مساواة من بعضها الآخر



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجوبة على أسئلة الحوار المتمدن عن الحراك الجماهيري و الثوري ...
- الهوموفوبيا ( رهاب المثلية الجنسية ) كعنصرية
- الطائفية و العالم و نحن
- من أقوال الأناركي ادوارد آبي
- عن المجتمع – لورانس لابادي
- نقد لبعض المعتقدات الأناركية الحالية – ماكس نيتلاو
- ثورات بالرغم من و أيا يكن
- الثورات المهزومة و الآلهة التي تفشل دائما
- ياكونين عن الحياة , التوافق و الصراع ( 1872 )
- بين الاستشراق و الشرق
- أحرقوا كل الكتب الدينية – أبيو لود
- مانيفستو 1850 لأنسليم بيليغريغ
- مانيفستو 1850 لأنسليم بيلغريغ
- أمنية
- قطيع الإنسان ما بعد الأخير : عندما يعود الله من جديد
- إلى الوراء سر
- نحن و العالم بين سيد قطب و نيتشه : محاولة قتل ديونيسيوس بعد ...
- في رثاء محمد مرسي
- في رثاء عبد الباسط الساروت
- الانتخابات الأوروبية تثبت صدارتنا و تؤكد أصالة حضارتنا و تفو ...


المزيد.....




- أحسن من الواتساب الرسمي.. تحديث واتساب الذهبي 2024 أحدث إصدا ...
- “ميزات جديدة” جرب تنزيل واتساب الذهبي 2024 اخر تحديث WhatsAp ...
- ميشوستين رئيسا للحكومة.. اقتصاد روسيا يتحدى عقوبات الغرب
- مسؤولة بالفيدرالي: التفكير في خفض الفائدة سابق لأوانه
- -ستوكس 600- يغلق عند مستوى قياسي ويسجل ارتفاعا أسبوعيا
- وزير النفط العراقي: جولات جديدة للتراخيص في 30 حقلا للنفط
- أسعار عقود القمح تتجه لتحقيق أعلى تسوية منذ أغسطس 2023
- بهذه القيمة.. ماكدونالدز تطرح وجبات مُخفضة لجذب منخفضي الدخل ...
- ثقة المستهلكين الأميركيين تنخفض إلى أدنى مستوى في 6 أشهر
- أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مازن كم الماز - عن الاقتصاد الريعي