أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - ثورات بالرغم من و أيا يكن















المزيد.....

ثورات بالرغم من و أيا يكن


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 6361 - 2019 / 9 / 25 - 00:28
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ثورات "بالرغم من" و "أيا يكن"

العنوان أكثر من مجرد مزحة رغم أنه نكتة تليق بما يجري لكن المفروض أنه تحليل ماركسي رصين جدا .. صحيح أنه خاص بالرفاق التروتسكيين ( الاشتراكيين الثوريين – مصر ) و أن هذا كافي ليرفضه بقية الماركسيين لكن يبقى تحليلا ماركسيا أصيلا .. يقول الرفاق الاشتراكيون الثوريون : "أيًّا كان ما ستسفر عنه التظاهرات التي تشهدها مصر، أيًّا كان من يقف أو حتى لا يقف وراءها ، فالأكيد أن …." , و أيضا : "بالرغم من أي نتائج يحملها قرار التظاهر، وما قد يحمله قرار كهذا على صاحبه ، إلا أن …" , رغم أن "أحدا لا يعلم بكل تأكيد إلى أين ستقودنا … لكننا …" …. بعد الشيخ العرعور منطقي جدا أن يظهر لينين جديد في شخص القائد الثوري الجديد محمد علي رغم أن الرفاق الاشتراكيين الثوريين يعتبرونه قائدا ثوريا برتبة "أيا يكن" و "بالرغم من" فقط .. و حتى إذا لم يشاركهم في تحليلهم هذا الماركسيون الآخرون الذين يكفرون التروتسكيين و يخرجونهم من الملة الماركسية لكن هؤلاء يؤمنون بتجسدات أخرى للينين لا تختلف كثيرا عن العرعور أو محمد علي : الأسد الابن و حسن نصر الله , أي أن الاختلافات بين الفريقين أو بالأحرى بين هذه الفرق غير جوهرية في الواقع .. أحد إشكاليات فكرة الثورة عند الثوريين و الناس العاديين في فترات الثورات هو ذلك الاعتقاد بأن مجرد التخلص من المستبد أو المستغلين سينهي كل استغلال و استبداد و سيحل كل المشاكل بشكل تلقائي , و لم لا فالفقراء و المضطهدون جيدون في الواقع و بمجرد توقفهم عن السير وراء الطغاة القدامى و الاستماع لمن يطبلون لهم سيحل السلام و الوئام و الرخاء الخ الخ .. قد يكون هذا منطقي بالنسبة للناس العاديين أما بالنسبة لماركس و لينين و تلامذتهم في الأمس و اليوم فأنا بالفعل لا أدري لأي درجة هم يصدقون هذا الكلام , أكاد أجزم أن ما يعتقده هؤلاء هو مزيج من نظرة تبسيطية للعالم تقسمه إلى شر مطلق و خير مطلق هم على رأسه بالطبع و نزعة سلطوية عميقة تعتبر أن الخير العام مرتبط بسلطتهم الشخصية التي يستمدون مبرراتها من أفكار مختلفة , الحزب و الإيديولوجيا في حالة ماركس و لينين , أفكار مطلقة , كلية الصحة , تختزل الحقيقة , أي أديان أو نسخا مطورة عنها .. لم يكن ماركس أو لينين , و لا العرعور أو محمد علي أو حسن نصر الله وحدهم من أراد تحرير الإنسانية أو جزء منها ( "شعوبهم" , "طبقاتهم" , "أمتهم" , بكلمة : القطعان التي اعتبروا أنفسهم ممثلين لها و بالتالي قادة لها ) من خلال سجنها في سجون تحمل يافطات الحرية أو توفير حاجيات البشر من خلال ذبحهم و سحلهم و محاولة تحويلهم إلى روبوتات , إن كل محاولات تخليصنا , تحريرنا , طالما قادتنا إلى سجون أكبر , أكثر رعبا , و سجانون أكثر همجية .. الحقيقة أن الشعارات المتبقية اليوم و اليافطات المتبقية للسجون المستقبلية كالشعب و الثورات , الحرية و العدالة , تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة اليوم .. إنها تأتي تماما بعكس ما تعد به , إنها تدفعنا دفعا نحو هاويات لم نعرف أو نعتقد بوجودها من قبل , تعرينا و تعري عالمنا أمام أعيننا بطريقة شديدة القسوة .. الحقيقة أننا للأسف لا نعيش في عالم يسعى نحو الحرية أو العدالة , هذه المثل ليست إلا مثل الأديان و الآلهة و سائر أوهامنا , بعض و ربما آخر تلك الكائنات التي خلقناها و اشترطنا عليها أن تراقبنا ليل نهار , أن تطعمنا , أن تنشغل بنا و تبقى مهووسة بنا طول الوقت بل و أن تمنحنا الخلود بعد أن يطوينا العدم , و أيضا أن تمنحنا كل ما نعجز و عجزنا عن فعله و تحقيقه في هذا العالم القاسي .. للأسف الشديد كما أن أحدا لا يراقبنا طوال الوقت و لا يكترث بنا , كما أن كل الآلهة عجزت و تعجز عن شفائنا مهما صلينا و عن إطعامنا إذا انقطع المطر كما أن كل شيء سينتهي بمجرد أن نموت فإن عدالة العدم هي العدالة الوحيدة الحقيقية في هذا العالم و الحرية الوحيدة التي نملكها بل كل ما نملكه هو ما نستطيع انتزاعه بالفعل من هذا العالم رغما عن الآخرين , فقط .. ليس هذا فقط , بل إن الحرية و العدالة ليست مجرد مصطلحات مجردة , إنها شعارات و يافطات ذات مضامين سياسية محددة , فالعدالة هو ما يطلقه الماركسيون على ديكتاتوريتهم و الحرية أو الديمقراطية هي ما يطلقه الليبراليون على حكمهم الفاسد و إرادة الشعب هو ما يطلقه الشعبويون اليمينيون المحافظون ( كما شاعت تسميتهم ) على شموليتهم القائمة على نقد فساد الليبراليين و عجزهم و الحكم الإلهي هو ما يطلقه الإسلاميون و نظرائهم على ديكتاتوريتهم السوبر شمولية على البشر أجمعين .... إذا تجاوزنا بعض ثورات العبيد و الصعاليك فإن الثورات هي باختصار محاولات لاستبدال سجن بآخر , سجانين بسجانين آخرين , كذبة بأخرى , ضحايا بآخرين .. الجميع ينتقد العدميين لأنهم يقتلون المعنى و القيم , الجميع ينتقد ما انتهينا إليه من قتل للإله ثم للإنسان لكن الجميع بلا استثناء يقتل الإنسان و يستعبده و يسحل فرديته و يحلم بتحويله إلى روبوت , شيء عليه أن يتصرف كما ينبغي , يقول ما يجب قوله , أن يسجد لإله آبائه و أجداده أو يطيع قادة طبقته أو أن "ينتخب" ساداته الذين سيعبثون بحياته لعدة سنوات قادمة و دائما أبدا أن يتصرف كما ينبغي كمواطن أو وطني أو بروليتاري أو مسلم الخ الخ حقيقي , ألا يكون خائنا أو كافرا أو عدوا لشعبه أو لطبقته أو لوطنه أو لدينه , لقومه الأقربين .. بالمناسبة صحيح أن القطيع يحمل وعدا لأفراده بشيء من الحماية و بعض الميزات لكنه مثل كل شيء آخر مجرد حالة بلطجة على الأضعف و خنوع ذليل أمام الأقوى , مجرد كذبة مثقلة بوعود لا يمكنها تحقيق أي منها .. حاولت أن أشرح لرفاقي الذين لم يفهموا ذلك الترابط العميق الذي نراه في المعري و أبي بكر الرازي بين العقلانية و التشاؤم و كره البشر , عندما تفترض القدرة على نقد كل شيء مهما كان مقدسا عند الآخرين شجاعة مماثلة في مواجهة الوجود و أوهامنا عنه و إدراك عميق دون محاباة لتفاهة البشر و محدوديتهم , الحقيقة أن هؤلاء قد بدأوا بكره الأقرب منهم لأنهم يعرفون جيدا تفاهة هؤلاء أكثر من غيرهم و يعرفون بدقة أكبر تهافت كل أفكارهم و تصوراتهم عن أنفسهم و عن "الآخر" , هذه التصورات المزيفة و المنافقة حتى الثمالة .. الفارق الوحيد بين "محبي البشر" و كارهيهم هو أن الأولون يكرهون معظم البشر إلا مجموعة بعينها : قومهم الأقربون , أما كارهو كل البشر فإنهم لا يفرقون بين أقربائهم و أعداء أقربائهم في الكراهية لأنهم يعرفون أن الفرق بين الاثنين مجرد كذبة بل و ربما كان أقربائهم أولى بالكره , مقززين أكثر من أعدائهم , تماما كالفرق بين المؤمن الذي يكفر كل البشر إلا من على دينه و يحلم بتعذيبهم و إحراقهم دون توقف و بين الملحد الذي يكفر بكل الآلهة دون تفريق دون أن يخترع جحيما لأحد من هؤلاء .. إن إغراء العروش و امتلاك سوط السجانين و صولجان الملك هو ما يحرك العالم لا أية قيم مزعومة , لكن كل ذلك في النهاية هي مجرد محاولة للهروب من عبثية العالم إلى عبثيته , من لا معناه إلى لا معناه , من الموت إلى الموت .. لكننا نقترب سريعا من تحطيم كل أوهامنا , سواء تلك الأوهام التي حملتها الحداثة كالثورة و التقدم و الحرية , أو أوهامنا المتوارثة : الدينية و القومية و الهوياتية التي تفترض أن إهلاسات شخص ما عاش قبل آلاف أو مئات السنين هي "حقيقتنا" أو "جوهرنا" كما يصرون , كل ذلك على وشك أن ينقرض .. لقد سقطت أوهام القومية في عدة عقود في بلادنا و أصبح الجيل الشاب اليوم يحلم بأن يعود مستعمرا و يشعر بالغضب لأنه ليس جزءا من الشعوب التي استعمرت بلاده و التي قاتلها آباؤه كي "يحرروا" بلادهم من "نيرها" .. في إيران الملالي , النسخة الأقرب ليوتوبيا إسلاميينا , يستمع شباب طهران و أصفهان إلى موسيقا الكفار و يحلمون بعالم لا يختلف عن ذلك الذي يسميه آباؤهم ببلاد الشيطان الأكبر .. في الغرب تموت أوهام التقدم و الحرية , ببطء من قبل ثم بسرعة هائلة اليوم .. يبقى السؤال , إذا نجت البشرية من جنون و هوس مستبديها و ثوارها و من حروبها القطيعية المدمرة , بعد أن تحطم آخر أصنامها بأيديها , بعد أن تقتل آخر آمالها أو أوهامها تحت ركام هائل من الأشلاء و الخراب كما في كل مرة , ماذا ستفعل بعد كل ذلك ..



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورات المهزومة و الآلهة التي تفشل دائما
- ياكونين عن الحياة , التوافق و الصراع ( 1872 )
- بين الاستشراق و الشرق
- أحرقوا كل الكتب الدينية – أبيو لود
- مانيفستو 1850 لأنسليم بيليغريغ
- مانيفستو 1850 لأنسليم بيلغريغ
- أمنية
- قطيع الإنسان ما بعد الأخير : عندما يعود الله من جديد
- إلى الوراء سر
- نحن و العالم بين سيد قطب و نيتشه : محاولة قتل ديونيسيوس بعد ...
- في رثاء محمد مرسي
- في رثاء عبد الباسط الساروت
- الانتخابات الأوروبية تثبت صدارتنا و تؤكد أصالة حضارتنا و تفو ...
- ماذا لو لم أجد مكانا في ثورات الهوموفوبيك , الكسينوفوبيك , ا ...
- في البدء كانت الكلمة
- من أقوال المسلم سوبريماست و السني سوبريماست
- الاستبداد و الإرهاب
- مسألة الأقليات في سوريا
- عن الشعب السوري العظيم و الثورة السورية العظيمة
- عكس عملية التنوير


المزيد.....




- نداء حزب التقدم والاشتراكية للمشاركة المكثفة في المسيرة الشع ...
- فرنسا تؤجل قرار الإفراج عن اللبناني جورج عبد الله أقدم سجين ...
- بعد أربعة عقود في السجن... محكمة باريس تحسم مصير جورج عبد ال ...
- بالعاصمة بيكين: نبيل بنعبد الله يلتقي مسؤولين رفيعي المستوى ...
- ليبيا.. ضبط أحد المتهمين بقتل المتظاهرين في -مجزرة غرغور- بط ...
- فرنسا: الناشط اللبناني جورج عبد الله أمام القضاء يوم 17 يولي ...
- شبيبة القطاع الفلاحي تعبر عن تضامنها مع طلبة معهد الزراعة وا ...
- حركة النضال العمالي والشعبي بالمغرب وكفاح فلسطين
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 16 يونيو 2025
- العدد 609 من جريدة النهج الديمقراطي


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - ثورات بالرغم من و أيا يكن