أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدرخان السندي - كانت الشمس وراء الشجرة قصة ارينا راكشا ترجمها عن الانكليزية بدرخان سندي















المزيد.....

كانت الشمس وراء الشجرة قصة ارينا راكشا ترجمها عن الانكليزية بدرخان سندي


بدرخان السندي

الحوار المتمدن-العدد: 6305 - 2019 / 7 / 29 - 20:58
المحور: الادب والفن
    


يبدو ان شيئاً غير اعتيادي قد عم رواق الدار التي تسكنها مجموعة من الاطفال، اما رائحة حساء البطاطس فكانت قد انتشرت في الارجاء كالمعتاد والصغار ممن كان عليهم اداء الواجب ذلك اليوم بان يهرعوا للمساعدة لاعداد غرفة الطعام ولكن ما من احد كان قد ذهب بعد . صخب الصغار يسمع في الطرف الاخر من الرواق قرب لافتة كتبت على واجهة باب زجاجي (المدير) . كانت الانوف ملتصقة باللوح الزجاجي البارد حتى الانجماد ومع هذا كان الاطفال ملتصقين بانوفهم وجباههم . انهم يحاولون التوصل الى شيء ما ! والمكان يعج بالضجيج والاثارة . بعضهم يقوم بعمله في الكافتريا وتسمع اصوات الاقداح وهي توضع على المناضد وبعضهم يغطي قطع الخبز بشيء من الزبدة ، كان كل شيء يعد قبل مجيء المديرة حتى اذا جاءت واوعزت كان كل شيء جاهزاً ، صوت انبعث من غرفة المديرة ينادي :
( فيج الايك من المجموعة الخامسة مطلوب بامر تاتيانا .. لقد جاءوا من اجله !! )
ان تاتيانا هي المديرة .. انها تاتيانا انانوفنا .
هرع احد الصغار من الكافتريا ممن كانوا في الواجب والملاعق في يديه وصاح بصوت عال ( انه ما زال في الحوض .. انه هناك ) احدهم قال: (كلا .. انه في الورشة رأيته بنفسي ) بينما كانت اقدام احدهم تسرع الخطى نحو الباب، شخصان يجلسان على مائدة غطيت بورق اخضر في مكتب المديرة التي كانت تبدو مثل فتاة صغيرة بشعرها القصير جداً ومعطفها الصوفي واسع الكتفين والاخر قائد بحرية شاب .
على اية حال يبدو شاباً بسبب شعره الرمادي الذي تتدلى خصلاته على جبهته . لقد كان كم معطفه الايمن قد دخل في جيبه وقد وضع قبعته الرسمية وشريطها الجلدي على ركبتيه ، كانت قبعة متهرئة ، لقائد بحري .
( لقد اخذ بالصبي بعيداً عن اوديسا ) هكذا همست المرأة ( لقد جلب الى هنا في عام 1943 . كان ضمن جماعتي الاولى ولم يكن يحمل اية وثيقة حتى لم يكن يحمل ولو ورقة واحدة ) تحدثت بهدوء وبصوت ذي نغمة ( لم يستطع ان يتذكر حتى اسمه ، كان صغيراً جداً ، يبدو كأنه يعاني صدمة .. قصف واجلاء كما تعرف ، واطلقنا عليه اسم الايك لقد عمدته ومنحته اسم عائلتي . ان المستخدمين هنا غالباً ما يمنحون القابهم لكثير من الصبية حين التعميد . كل واحد هنا هو راستفوروف اوكلاسنكوف . وابتسمت بحزن ( ولذا تجد الكل هنا اسرة كبيرة ) كانت تدور بيديها دواة حبر وتلوثت اصابعها بالحبر ، سكتت برهة ثم بادرت تسال بهدوء : ( الم يصادف ان خدمت في إسطول البحر الاسود ؟ ) ( كلا في الشمال وعلى سفينة السحب والى ان اغرقونا ، هل ابدو وكأني قادم من اقصى الجنوب ؟ )
فاجابت مبتعدة بالموضوع : ( كلا لقد قتل ابي هناك في عام 1943)
خارج النافذة كانت شجرة الحور تذري باوراقها في الريح لتغطي الساحة والسفينة . طبعاً انه ولد صعب ، قالتها بجدية ( انطوائي قليل الكلام، يستحوذ على كل الاشياء لنفسه ولكنه نبيل الى درجة مدهشة. صادق يمكن ان يكون إبناً جيداً ، انا بامكاني تزكيته ) كان من الواضح انها تحمل مشاعر عميقة نحو الايك . ( طبعاً .. طبعاً ) . اوما القائد ( سوف اتعرف عليه ، ولكني لاازال اود ان احظى بطفلة ، كان لدي ابنة ، لقد ماتت خلال الحصار ، وكذلك زوجتي وامي ) لقد قالها بهدوء وبصوت متعب( انا من مدينة لينينغراد ، لا استطيع ان اعيش في بيت ، انا لا استطيع المرور عبر الساحة ولاسيما اذا كان فيها اطفال يلعبون ، يقفزون على الحبل وما الى ذلك ، لا استطيع ان اصعد الى الطبقة العلوية ، ولا استطيع ان ادخل الشقة لاي سبب ) وعدل من وضع القبعة على ركبته ( لقد وضعت مسافة بعيدة بيني وبين الذاكرة واستقر بي المطاف هنا ورسوت على البر ) وتمتم : ( وكما كان يقول مساعدي الاقدم السابق .. لنستقر بعيداً ، لقد كان مساعدي شخصاً طريفاً ) .
وضعت دواة الحبر ( لذا انصحك ، باكثر جدية ان تأخذ هذا الصبي ، من الطبيعي بامكانك ان تأخذ طفلة ان كنت ترغب ، ولكن تعرف على الاطفال اولاً واختر) .
عندما سمع طرق على الباب .. بامكانك ان ترى الالوف وقد التصقت على لوح الزجاج .. وترى وجوه الاطفال من خلال اللوح الزجاجي . فتح الباب بهدوء ودخل طفل في السادسة او السابعة وقد قص شعره قصيراً يرتدي سترة صوفية بناتية وله نظرات سريعة ثاقبة ، كان يلهث بسبب الركض وهو يحاول ان يستعيد انفاسه الان ( مرحباً ) استطاع ان يقولها عبر انفاسه وحدق في الارض ، كان من الطبيعي قد ادرك ولاحظ كل شيء لكنه بدا خائفاً ان يجيل بنظره ، شجعته المديرة بقولها ( تقدم .. تعال هنا الايك ).
تقدم الصبي نحو المائدة دون ان ينظر الى الضيف ولكنه استطاع بلمحة ان يتصور كل المواقف ، وساد الهدوء وراء الباب ، كانت جباههم ملتصقة بالزجاج وقد تقطعت الانفاس ( حسناً ماذا يحدث ، صاح احد هؤلاء ممن كانوا في الموخرة ؟ ) . وعلق احد الاطفال قائلاً : ( انه تقدم نحو الطاولة .. انه يقف هناك .. انا متأكد لو كنت انا لتعرفت على والدي حالاً ودون ان اخطئ ) . وعلق اخر .. ربما ليس والده .. ان كل ما يتذكره كلاسكوف ان شخصاً (غريباً ) اخذه .. وصاح احدهم . ( ساقبل هذا اباً لي ولم اكترث ان ذراعه مقطوعة ساقوم بكل الاشياء بنفسي ) بادر الكابتن وهو متحير كيف يبدأ سؤالاً وبان عليه التردد : ( من اية مدينة انت يا الايك ؟ ) اجاب بهدوء : ( انا لا اعرف .. ولكن كان هناك بحر ) .
( هل تتذكر الشارع ؟ ) سأل الكابتن لكنه في نفس اللحظة ندم على سؤاله شعر الطفل بقشعريرة وشحب وجهه ، اراد ان يتذكر حاول ان يجمع شتات فكره ، اي شيء له علاقة بذلك .. يستطيع ان يتذكر كل حياته اما الشارع .. كلا لم يستطع ان يتذكره ولم يستطع ان يكذب. لم يعرف الكابتن عن اي شيء يمكن ان يتحدث وكيف ؟ كيف يساعد الطفل الصغير ؟
وخطف بنظره الى السيدة يستنجدها بنظراته. عندها قال الايك بهدوء ووضوح ( انا اتذكر كم مشينا معك على الرمل بمحاذاة البحر ) .
ان الهدوء وان كانت همسات الاطفال تسمع وراء الباب وتختلط بحفيف اوراق الشجر خارج النافذة .
بدت الاثارة على السيدة وهي تحاول ان تسأل بنعومة ( وماذا يمكنك ان تتذكر بعد ؟ )
( انا اتذكر حصاناً .. ) وكان خائفاً من ان يتجه بنظره الى الضيف .. ( حصاناً احمر .. لقد جلبته لي .. حصاناً احمر ) .
ثم اطرق صامتاً محاولاً ان يتذكر المزيد وكان التأثر من الشدن بحيث بدأ على ملامحه جلياً ولكنه تذكر ! واجال بعينين مبتهجتين ثم نظر الى الرجل واباح وهو يسفر من اعماقه :
( انا اتذكر كذلك شجرة نامية تحت النافذة . شجرة خضراء كبيرة يسمع حفيفها ) كان سعيداً باتضاح ذاكرته .. كان شيئاً في منتهى الخطورة بالنسبة له .
والان بدا ينتظر بسهولة ان يفصح الضيف عن نفسه ويعرف نفسه من يكون؟ امعن الكابتن النظر في الوجه الصغير وقد انتشرت عليه حبيبات النمش .. كان صوته مرتبكاً وبدت عليه الاثارة عندما قال : ( انت مصيب .. هناك شجرة تحت النافذة ) وابتسم ( ولكن ماذا كان خلف الشجرة ؟ ) وصاح الصبي دون ان يحول عينيه الفرحتين عنه وبملئ صوته ( السماء .. الشمس) كان فرحاً ولكنه لم يكن يملك الجرأة الكافية بعد لان يتقدم نحو الرجل الذي طال انتظاره له .. وبدأ الكابتن يسأل بلهجة موحية ( هل تذكر كيف علمتك السباحة ؟)
وقف الصبي متردداً .. وضوضاء الاطفال في الممر بدأ يسمع ثانية ( انا لا أذكر ذلك ) همس بخوف الاشياء كل الاشياء كانت الى جانبه وها هو يفقد كل شئ ! على اية حال .. امسك الكابتن بكتفه الناحل وادار الصبي اليه وهو يهزه :
( حسناً والاغنية ؟ بالتأكيد انت تذكر كيف كنا نغني معاً ؟ ) فتح الايك عينيه باندهاش :
( النسر الصغير يحلق فوق الشمس ) وبدأ الكابتن يناغم الصبي بالاغنية نفسها بينما بدأ وجه الصبي متوهجاً .. لقد امن بالمعجزة ..
كان الكابتن ممسكاً كتف الصبي بيده الضخمة بينما راح يغني النسر المحلق فوق الشمس بصوت واطئ مليء بالثقة .
صوتان مثيران للدهشة يتناغمان في مكتب المديرة صوت صبياني متردد وصوت رجولي اجش، والمديرة نفسها .. تلك الانسانة الناحلة بسترتها
العريضة لم تك قادرة على ان تتحمل المشهد فشخصت بنظراتها عبر دموعها التي ملأت عينيها وهي تطالع الشجرة الخضراء خلف النافذة .
( لقد تعرف عليه ) قال احد الصبية من الواقفين :.
وتنهدت صبية وهي تقول ( انا ايضاً علي ان اتعرف على ابي .. حال رؤيتي له ) .
غادر الصبية الذين عمهم الصمت والهدوء الرواق وكل واحد منهم يمني نفسه ان يأتي يوم يعثر فيه على ابيه ..واكثر من هذا كان أمل كل واحد منهم ان يكون الاب المنتظر ضابطاً بحرياً .



#بدرخان_السندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستفتاء محاضرة كبرى القاها الشعب الكردي على العالم بأسره
- وقفة عند عبارة يجب الغاء الاستفتاء
- لكي لا نهدم بيتنا الكردستاني بأيدينا
- الاستقحاب السياسي والاستقواد الاعلامي في العراق
- الاستقحاب السياسي والاستقواد الاعلامي فيلا العراق
- ديمقراطية مسخ وشعب مقهور
- الرئيس مسعود بارزاني والمرحلة الراهنة
- حرص الرئيس البارزاني على أمن العراق فوق كل المزايدات الحماسي ...
- بدأتم تتنصلون ثانية يا دولة رئيس الوزراء !!
- في ذكرى ثورة ايلول الكبرى
- لن نسكت على مايجري لابناء شعبنا الكوردي
- استقلال الجنوب السوداني انتصار للشعوب المضطهدة في العالم
- شكرا دولة رئيس الوزراء ولكن..
- الى متى تبقى قراءاتنا على طريقة لاتقربوا الصلاة..؟
- في ذكرى ثورة كولان الخالدة
- الشهيدة ليلى قاسم... عتاب اخوي!!
- يابراقا
- عيد الصحافة الكوردية يوم مشرق في تاريخ الامة الكوردية
- خذلتني يا خابور
- الزيارة التأريخية لرئيس وزراء تركيا لاقليم كوردستان (رؤية كو ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بدرخان السندي - كانت الشمس وراء الشجرة قصة ارينا راكشا ترجمها عن الانكليزية بدرخان سندي