أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - اللوحة














المزيد.....

اللوحة


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 1548 - 2006 / 5 / 12 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


انك جميلة جداً، وسأرسم لك لوحة رائعة اسميها “بائعة الخبز”.. وراح يتطلع في وجهها القمري بنظرات ثاقبة اما تلك الفتاة الجميلة فقد تملكتها الدهشة حين سمعت بانه سوف يرسمها، وبدت على وجهها ملامح البهجة والفرح، ولكنها ترددت لعدم استطاعتها دفع ثمن اللوحة فرد عليها ضاحكاً:- اطمئني يا انستي الصغيرة، فسأرسمها لك مجاناً وبدون مقابل، فانا منذ زمن ابحث عن هذا الوجه الملائكي في كل مكان واخيراً وجدته في “بائعة الخبز” اجل “بائعة الخبز”، ستكون اجمل لوحة ارسمها، وراح يقهقه بصوت عال.. لقد وجدتها اخيراً، ثم رفع رأسه للسماء وهتف (شكراً للرب على نعمته) وانزل رأسه نحو الفتاة وقال لها بصوت ناعم: والان معي يا ملاكي.. الى مرسمي، ساقيم اليوم صلاة الشكر للرب، وساعطيك كل يوم ضعف ما تحصلين عليه من الخبز.
أمسك الفتاة من يدها وحمل معها الخبز وسارا وسط الشارع الذي يخلو من المارة بسبب الصقيع الذي بدأ ينزل على المدينة منذ الصباح وعندما وصلا الى المرسم فتح الباب فظهر كل شيء.. اللوحات الكثيرة والفرش ورائحة الزيت تملا المكان فاخذت الفتاة تنظر باستغراب لجمال تلك اللوحات.. وتتمتم مع نفسها: هل سيرسمني مثل هذه المراة الجميلة او تلك ولكنها صرخت بمجرد رؤيتها صورة لفتاة عارية.. يا لبؤسي هل سيرسمني هكذا.. لا .. لا. وعلا صراخها فركض اليها مهدئاً: ما بك يا صغيرتي؟ ولكنها انتبهت الى نفسها ورددت لا شيء مجرد وهم وطلبت منه ان ترحل لكنه اصر على ان تبقى ولا داعي للقلق وبعد ان وثقت منه جلست على الاريكة تتطلع الى الجدران المكتظة باللوحات وسالته عما اذا كان يعرف كل النساء المرسومات في لوحاته او قد يكون جاء بهن الى هذا المكان بالذات فرد عليها متلعثماً: لا يا صغيرتي. فانت اول فتاة تدخل هذا المكان، واستاذن منها ليصعد الى غرفته وسيعود حالاً وما هي الا دقائق حتى عاد ومعه ثوب نوم شفاف وطلب منها ان ترتديه ليبدأ برسمها فنظرت اليه بنظرة غريبة ادهشته ولكنه تجاهلها واعاد طلبه هيا يا صغيرتي هيا، يجب ان نختصر الوقت فقاطعته بسؤال يتسم بالشك: لمن هذه الثياب اعتقد ان هناك كثيرات غيري ارتدين هذا الثوب فرد عليها بتواضع : لا يا انستي الصغيرة كوني مطمئنة بانك اول من يلبسه، فردت عليه: ولكنك رجل فما الذي يدفعك الى ان يكون بحوزتك ملابس نسائية..؟ قهقه بصوت عالٍ واخذ يلف بجسمه مرتين وثلاث وصاح بها.. تعالي.. انظري، فدنت منه، ماذا يقصد بضحكاته السخيفة تلك.
-انظري يا صغيرتي هذه الملابس نضعها لكي نرسم الظلال وكيفية اظهار الطيات وتأثيرها على الظل انظري في هذا الوضع كيف تكون ثم اخذ الثوب ورماه على الاريكة ونظر اليها.. هل رايت كيف اصبحت الطيات الان وسآريك بعض اللوحات والتخطيطات لوضعيات مختلفة لنفس الثوب واخرج تلك اللوحات التي يغطيها الغبار حيث تبدو انها لفترة طويلة لم تمر عليها يد لتنظيفها وعندما لاحظت اللوحات والتخطيطات زالت الشكوك من نفسها نظر اليها وسألها: والان اما زلت تشكين بي؟‍ ابتسمت برقة فكانت الابتسامة خير دليل على ثقتها -طلب منها الجلوس على الكرسي واخذ يعدل في اتجاه رأسها وشعرها ويُغيّر في حركتها ووضع يديها ثم القى نظرة من بعيد تاكد من تطابق وضعها مع ما في مخيلته اخذ القلم وبدا برسم “البورتريت” وبين لحظة واخرى يردد ابتسمي ابتسمي، وتطلق هي ابتسامتها الممزوجة بالفرح الغامر مضت ساعات وهو يرسم وهي لا تزال في موضعها المطلوب أحست بالتعب طلبت منه ان تغادر لانها قد تاخرت .. وضع فرشاته واقترب منها يحدثها بهدوء: ولكن لا تنسي غداً.. لا تتأخري واخرج من يديه نقوداً تكاد تكون اكثر من ضعف ثمن الخبز وهكذا استمر الحال يومياً تجلب الخبز دون ان تبيع منه وتتركه في المرسم وتاخذ ضعف ثمنه، وذات يوم شتائي بارد سالته فيما اذا كانت اللوحة ستنتهي قريباً ام ستطول لانها لم تعد تستطيع المجيء الى هذا المكان بعد اليوم فقد احست بالملل وارادت ان تتهرب من هذا السلوك اليومي الروتيني فطمأنها بانه سوف ينتهي من اللوحة هذا اليوم فكان هذا مبعث الفرح في نفسها، فاليوم تتحقق امنيتها في اكمال رسم صورتها وبعد ساعات انتهى من رسمها وصاح بها.. تعالي.. انظري. كم انت جميلة فنهضت ملهوفة لترى صورتها. وراحت ترقص بخفة.. يا الهي.. يا الهي..‍‍
ونظرت في وجهه نظرة ثاقبة وقالت: كان ذلك الحلم قبل سبعين عاماً وها هو يتحقق الان ايها الرسام العجوز. الم تر كيف هرمت ايها الشيخ.. ثم اطلقت ضحكات متذبذبة ونامت نوماً ثقيلاً.. ثقيلاً جداً وطويلاً.. جداً.. جداً..؟



#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة الخيالة
- للصبر حدود
- منافي ..وفيافي
- صرماية الزعيم.. وارصدة المناضلين
- قدوري قاد بقرنا
- فضيحة ام صاعقة؟
- سيناريوهات لم تكتمل بعد
- الجريمة المنظمة تغزو العراق
- تصريحات مقلقة
- عكاز في قمة اللذة
- اغتيال عاشقة
- مهاجرون..ومهجرون
- صباح الخير يا عراق
- لا مركزية .. أم فرعنة!!
- صراع الكتل
- أجنحة الخفافيش
- رسالة لشعرها الغجري
- ليلة تحت الصفر
- هل قامت القيامة يا بغداد؟!!
- هل ستفعلها الحكومة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - اللوحة