أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لارا رمضان أيوب - لاجئون للوداع














المزيد.....

لاجئون للوداع


لارا رمضان أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 6248 - 2019 / 6 / 2 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


لاجئون للوداع
كثيراً ما قرأنا أو تناول مسمعنا قصص حبّ بدأت وأنهتها متاهة الحرب، لكن لم نسمع "إلا قليلاً" عن قصة حبّ تبدأ مع الحرب، ولأن طبولَ الحرب ترفضُ الرحيل إلى اليوم ،�لم نعد نستغرب من سماع قصص رهيبة "قد كانت سابقاً مجرّد خرافة".�جان وسارا أبناء مدينة واحدة ومن أديانٍ مختلفة، التقيا "صدفة" في طريق النجاة من الجحيم، مع مجموعة من الهاربين على مقربةٍ من الشاطئ.
كانت الساعةُ تشيرُ إلى الواحدة بعد منتصف الليل، حين نادى صاحب (البلم) عليهم: "هيّا، فقد حانَ موعدُ الرّحيل".�لكلٍّ منهم قصص موجعة وفظيعة في التعبير، سيرمونها في سلّة النسيان بعد العبور إلى ما وراء البحر.
وكلّ منهم يحمل متاعهُ، وحدهُ الرجلُ العجوز يحملُ قميصاً ملطخاً بالدم.. ��يسأله جان والغرابةُ ترسمُ نفسها على وجهه :"ما هذا يا عم ؟".�يجيبه العجوز : "بعد أن غطت عينيه بالدموع : "هذا القميص الأخير الذي لبسه ولدي.. ذهب يُرِيدُ الحريّة، فعادَ حراً ..شهيداً !�تتقدم سارا لمواساته : "لا تبكي ياعمّ، أنا فقدتُ والداي هناك، وكلُّ من جاء إلى هنا تنقصهُ قطعةٌ من روحه، أعطيني يدك ودعنا نرحل إلى سبيلنا"�بقي جان واقفاً ومطرٌ ما يتساقطُ من عينيه " وهو يقول للمدى : "فقدتُ أمّي بعد أخي بأيّام...". ��كلهم رحلوا تاركينَ أرواحهم خلفهم، لكلٍّ منهم قصة أليمة، ولكلٍّ منهم دمعٌ يُخبئهُ في وسط البحر، وحالهم يشبهُ كُلَّ شيء إلا "الحياة" ،
يبدو أنّ خريطة العالم أصبحت صغيرة، سيقطعونَ حدود عدّة دول، لتستقبلهم دولةً ما،
ويبدو أن البشر لم يعودوا يتذكرونَ الكلمة الجميلة، ليخففوا عن بعضهم هول مصائبهم.��يتابع جان بعد أن فقد السيطرة على دموعه: أنا راحل وهناك دفنتُ أمّي، لا أملك الأن من يقل لي (أعتنِ بنفسكَ يا جان).�تقدمت سارا إليه قائلة: الحياة لا تنتهي ، كلنا الأن معك وأنا معك..��لم تكن سارا تدري أن تلك الكلمة سوف تولد في قلبه شعاع أمل "ولو كان بسيطاً".�في البحر، الصمت يملأُ هذا البلم البسيط، وهم يدركون إنّ معيشتهم هناك ستكون سنوات طويلة من الصمت.
لم يكونوا خائفين، فقد عاشوا كلّ أنواع الخوف في وطنهم، وإنني أُجزم أنَّ الأسماك تخافُ من إبراز رأسها أمام ثقلَ همومهم.
أنهوا الرحلة بسلام .�لأولَ مرة يَرون جنوداً يتقدمونَ لإستقبالهم، في وطنهم كان الجنود يتقدمون لقتلهم!!��في مكان تواجدهم، في إحدى القرى التابعة لدولة أوروبية، حضّروا لهم أماكن للنوم وقاموا بتقديم الطعام والاعتناء بهم، وهكذا مضيت الساعات إلى أن وصلوا المكان الثاني بعد منتصف الليل، كانوا جميعاً مجتمعين في طرفِ ذاك الحيّ المسمى بـ "كامب".��العجوز يشعلُ سيجارته ويقول كان ولدي الشهيد قد أنهى دراسة الدكتوراه والتحقٓ برفاقه الذين خرجوا مثل المجانين، عشاق الحرية والحياة، لكن الرصاصة كانت من نصيبه.
يفتحُ جان الحديث عن عمله: كنتُ مع رفاقي الجامعيين نستعدُ لاعتصامٍ لأجل المعتقلين ، كنّا نحملُ لافتات مكتوبة عليها ( السلام ) ، فوصل الخبر إلى رجال الأمن، وتسبب هذا العمل في مقتل أمّي سهواً، علماً أن الأمن حاولوا الوصول إليَّ، فكانت أمّي هي الأقرب.�تأخذ سارا الحديث: أما أنا كنتُ ابنة عائلة فقيرة، وكنتُ أعمل في لجان حقوق الإنسان، ذقتُ مرارة التخفي عن الأنظار وحين فشلت محاولاتهم في القبض علي، كانا والداي لقمة حقدهم.
وحين أنهت حديثها حتى كانت الشمس تشرقُ عليهم من جديد،�يومٌ جديد، بلدة جديدة، تفاصيل جديدة ، حزنٌ قديم ... ��مرت الأيام وكان جان برفقة سارا في رحلة هروبهم وكان قلبهُ يتعلقُ بها أكثر، حتى أنه ذات يوم سألها: ما رأيكِ في قصة حب بين اثنين ليسا من دين واحد ؟�غمر الفرح قلب سارا المليء بالحزن ، لم تجاوبه إلا بابتسامةٍ جميلة، رسمتها على شفتيها الجميلتان.
وعندما أشرفوا على الوصول لم ينم جان في تلك الليلة، فهو يعلم ما أن تشرق الشمس ستنتهي رحلته مع سارا وسيذهب كلٌ منهم في دربه.
ذهب إلى باب غرفتها في ساعة متأخرة من الليل صدمها وقوفه حزيناً.�" ما بك يا جان؟" قالتها سارا باستغراب�_" غداً آخر يوم لوجودي معكِ ياسارا، ستنتهي الرواية التي تجاوزت جملها بألف دمعٍ من أعيننا ولكن آخر جملة من الرواية هي أني أحبكِ،
ربما يَكُونُ كلامي لكِ صادماً بعض الشيء لكن هذه هي الحقيقة.�" وأنا أحبك يا جان " قالتها سارا في نفسها لأن هناك أديانٌ وعاداتٌ وتقاليد فطموا عليها لتمنعهم ذات يوم من أن يكونا عاشقين يحلّقان في درب المنفى .
عانقتهُ سارا وتنفست من رائحته بلهفة جندي يأخذُ أنفاسه الأخيرة.
-اذهب يا جان هذا الحب مات قبل أن يُعاش كطفلٍ يلدُ ويموتُ في وطننا لأنه ليس هناك علبة حليبٍ تنقذهُ من هول حربهم، تماماً أنا وأنت متنا حين كانت هناك معتقدات تفرضُ نفسها علينا قبل أن نلفظ أسمائنا.
غادرا الكامب، كلُّ واحدٍ منهم في طريقٍ مختلفٍ بعيدٍ عن الآخر ولكن في شمال صدورهم كان هناك حبٌّ يرفض النسيان.�الحب الذي بقيّ يفشلُ أمام مقصلة الحروب .
لارا أيوب كاتبة كوردية



#لارا_رمضان_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبّ وفراق وفنجان قهوة
- بفخر، نصنع حكام جهلاء لغدنا
- حول مفهوم عقدة النقص
- علاقات أخرى تحت عباءة الحب
- الحقيقة الكذبة
- منظمات حق أم تمرد
- انثى شرقية
- رحيل مدرسة.. كلمات عن جهاد حسين..
- عيادة الأمل
- لاجئون لوطن العناق
- لن ينتهي الإنتظار.. قصة قصيرة.


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لارا رمضان أيوب - لاجئون للوداع