صائب خليل
الحوار المتمدن-العدد: 1533 - 2006 / 4 / 27 - 10:37
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تدور اشاعات ان برجاً فلكياً يعرف بـ "الحرباء الملونة" مر في سماء بغداد في مطلع نيسان الحالي رغم عدم رصده بسبب الغيوم التي تكاثرت حينها. والسبب في ذلك الإعتقاد هو أن مجموعة احداث غريبة ونادرة الوقوع قد حدثت في نفس الوقت. فإضافة الى هطول الأمطار, وصلت كونداليزا رايس برفقة جاك سترو الى العراق, في زيارة مفاجئة غير معلنة - تذكر المرء بالزيارات التفتيشية في الجيش –.
ويبدو ان رايس كانت تتحسس تأثيراً غامضاً, فقد كتب مراسل رويتر: "ابتسمت رايس بفتور وبدا عليها عدم الراحة أثناء مقابلتها للجعفري وتبادلهما التحيات أمام المصورين في مستهل محادثاتهما التي تناولا فيها سقوط الامطار في بغداد وهو أمر نادر الحدوث."
لوحظ بعد ذلك تغيير مفاجيء طرأ على أذهان عدد كبير من السياسيين العراقيين والذي يظهر بوضوح من خلال مقارنة تصريحاتهم قبل هذا التأريخ وبعده, وخاصة بتلك التي تتعلق تحديداً بـ "الخطوط الحمراء", وسأخصص هذه المقالة لمقارنة مقتطفات من تصريحات الساسة قبل وبعد الأول من نيسان:
إنطلقت قصة الخطوط الحمر في بداية العام (كانون الثاني) من الكتلة الصدرية في الاإئتلاف الموحد:
السيد بهاء الاعرجي: لايجوز الجلوس مع الدكتور إياد علاوي رئيس القائمة العراقية الوطنية للتشاور معه لأنه "خط أحمر".
ناصر الساعدي: "ان الدكتور اياد علاوي سياسي عاقل ومتفهم وعليه احترام رفض الكتلة الصدرية له وان يتعامل مع هذا الرفض بروح رياضية". واشار الى "ان رفض الكتلة الصدرية لاياد علاوي ليس من باب الفتنة وفرض الرأي ولكن لأسباب اخرى".
لكن الائتلاف تراجع تدريجيا خلال شهر شباط وعلى لسان عبد العزيز الحكيم وثم ابراهيم الجعفري الذي اكد انه "لاخطوط حمر في السياسة وانه سيحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع مكونات الشعب العراقي." ويبدو أن الأمور كانت تسير بالإتجاه الذي ارادته بشكل خاص القائمتان "العراقية" و"الاتحاد الكردستاني" برفض مبدأ الخطوط الحمر واستبعاد اية شخصية عراقية (فالعراق لايحوي غير الشخصيات الوطنية كما تعلمون).
لكن, وبحلول شهر نيسان (الذي يبدأ بكذبة عادة) نزل الإيمان بالخطوط الحمر فجأة على قلوب القائمتين, وان كانت خطوطاً باتجاه اخر: لنقرأ تصريحات قادة القائمتان قبل 1 نيسان وبعده:
القائمة العراقية قبل 1 نيسان
د. إياد علاوي:العربية نت، مقابلة مع أطوار بهجت: "الواقع العراقي الآن تجاهه إنه يجب أن تكون هناك حكومة وحدة وطنية،... ما قيل من إنه أكو خط أحمر وما خط أحمر وما يصير يشارك علاوي، يعني حقيقة ما أعرف منين جاية ..... يعني ما أعرف منو اللي يطرح هالطرح هذا،...إذا فعلاً مطروح الكلام بهالشكل دليل على القصور والتفكير.
... هذا موضوع يعني انتهى عفا عليه الزمان الواحد يخلي خطوط حمر على فلان جهة وفلان جهة، اليوم العراق للعراقيين ماكو جهة من الجهات أو شخص ممكن أن يعزل الآخرين ويقول والله الآخرين سوف لن يكون لهم موقع بالحياة السياسية انتهى هذا التفكير، والنمط من التفكير انتهى راح ويا صدام، اللي كرروه هم فقط اللي لا يزالون عندهم نفس التفكير اللي كان سائد بالسابق، لهذا الواحد ما يقيم له وزن الحقيقة."
عبد الاله النصراوي الامين العام للحركة الاشتراكية- القائمة العراقية-( بغداد/نينا/): "ان سياسة الاقصاء وما تسمى بـ "الخطوط الحمراء" ، واحدة من المشكلات التي ابتلي بها الشعب العراقي بعد سقوط نظام الحكم السابق. ....وكل ما ذكرته يدعونا الى الوحدة وعدم اقصاء احد ".
عبد الاله النصراوي: "اي جهة سياسية تنادي بالاقصاء لن تتوصل الى توافق مع الكيانات السياسية الموجودة على الساحة العراقية"
عزت الشاهبندر : وصف استعمال تعابير الخطوط الحمراء بـ "المراهقة السياسية."
راسم العوادي (العراقية-استبدل لشموله بقانون اجتثاث البعث): "القائمة ليس لديها خطوط حمراء أو صفراء."
حميد موسى:"هذه ليست الطريقة السليمة لبعث الهدوء والاستقرار وخلق وضع طبيعي للبلد"
حميد موسى: "اذا بقينا ندور في دائرة التحريم والاقصاء والخطوط الحمراء فهذا يعني أننا غير جادين بتشكيل الحكومة"
حميد موسى:هنالك بين قائمتنا وجبهة التوافق والقائمة الكردستانية اكثر من مفصل للتفاهم وعلى جملة من المبادىء والاسس وهي ما تسمى بمبادىء صلاح الدين وهذه المبادىء تتلخص بأربع نقاط اولها تشكيل حكومة وحدة وطنية من القوى السياسية المشكلة لمجلس النواب المقبل والنقطة الثانية استبعاد حالة الاقصاء والتهميش والخطوط الحمراء التي ينادي بها البعض....."
القائمة العراقية - بعد 1 نيسان
الدكتور عدنان الباجه جي قال ان موقف القائمة من ترشيح الجعفري «متطابق مع موقف الاكراد والسنة» وأضاف ان «كتلة علاوي لا تكن عداء شخصياً للجعفري، فهو صديق ومناضل، لكنها ترى ان الظروف الحالية تتطلب شخصاً آخر لادارة البلاد».
راسم العوادي، الناطق باسم قائمة علاوي، قال ان موقف كتلته متطابق مع موقفي الكتلتين الكردية والسنية. وأضاف ان «رسالة وجهت بهذا الخصوص الى زعيم كتلة «الائتلاف» عبد العزيز الحكيم، وقعت عليها «العراقية»، وتطالب بتغيير الجعفري
التحالف الكردستاني قبل 1 نيسان :
فؤاد معصوم لللشرق الاوسط: «من ابرز النقاط التي اضفناها هي ضرورة ان تكون المشاركة في الحكومة القادمة مفتوحة،....، وان لا يكون هناك أي اقصاء او تهميش لأحد او وضع خطوط حمراء امام مشاركة اي كيان او شخص».
فؤاد معصوم:« ان التحالف الكردستاني يرى انه من الخطر ان نضع أي فيتو او خطوطا حمراء ضد أي كيان او شخصية، ونحن ضد إقصاء او تهميش أي احد».
مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان طالب السياسيين العراقيين بـ «ترك لغة التهديد ولغة وضع الخطوط الحمر ولغة الفيتوات والتصريحات النارية والهجومية وتبادل الاتهامات»
الرئيس جلال الطالباني قال " ان رأينا في الأساس هو تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة .. ونحن نعتقد بانه يجب عدم استثناء أحد " . وشدد على "عدم قبول قيام فيئة واحدة بفرض إرادتها على بقية الفئات وتقول لدي خط أحمر على هذا او ذاك .. هذه مرفوضة من جانبنا .."
الطالباني "حتى تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية حقيقية يجب عدم استثناء احد."
التحالف الكردستاني بعد 1 نيسان :
طالباني بغداد (رويترز): «ان معارضة ترشيحه (الجعفري) لفترة ثانية مسألة وحدة وطنية. »
جلال الطالباني: "ان اعتراض التحالف الكردستاني وجبهة التوافق والقائمة العراقية على ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري لم يكن على شخصه أبدا، وان التحالف يكن احتراما وتقديرا لشخصية الدكتور الجعفري الذي وصفه بأنه "رفيق جهاد ضد الديكتاتورية لربع قرن ، لكننا نسعى إلى توافق على المرشح ."
الرئيس طالباني: "اعتقد ان اغلبية الجماعات الاخرى او كل الجماعات الاخرى ترفض الدكتور الجعفري كرئيس للوزراء."
جلال الطالباني: "أن التيار الصدري اذا ما أصر على تمسكه بترشيح الجعفري فسيكون لنا رأيا سنعلنه."
الدكتور فؤاد معصوم (التحالف الكردستاني) «لقد وجهنا رسالة ثانية الى الائتلاف نجدد فيها موقفنا الرافض من ترشيح الجعفري لمنصب رئاسة الحكومة»
محمود عثمان عضو القائمة الكردستانية لــ (الزمان 04 Mar 2006 ): "في حال رفض الائتلاف الموحد لمقترح تسمية مرشح اخر غير الجعفري لرئاسة الوزراء فان كل الخيارات مفتوحة أمام القوائم الثلاث مدعومة بقوائم اخري تشكل اغلبية برلمانية يحق لها تسمية أحد اعضائها رئيساً للوزراء."
هل من تفسير اخر لهذا الإنقلاب غير الأبراج؟
اود الإشارة هنا الى ان بعض الصحفيين مثل ايلي ناكوزي قد لاحظ هذا الإنقلاب السياسي بالنسبة للخطوط الحمراء وحاول الحصول على تفسير لها. فحين اشار السيد مسعود البارزاني في مقابلة صحفية مع ناكوزي الى انه قد: "تحقق بعض التقدم مثلاً زالت الفيتوات زالت الخطوط الحمراء.", بادره ناكوزي بالسؤال:
إيلي ناكوزي: "أبو مسرور هناك من يقول أنكم اعترضتم على الخطوط الحمر( ...) ولكنكم عدتم لتمارسوا نفس الخطوط الحمر، واعترضتم على الجعفري ووضعتم خطاً أحمراً، يعني أنتم من كنتم ضد سياسة الخطوط الحمر لماذا الأكراد عادوا وتبنوا هذه السياسة؟"
مسعود البرزاني: "كنت ولا زلت أكنّ كل التقدير والاحترام للأخ الدكتور الجعفري، (....) ولكن مع الأسف الشديد زيارة الأخ الجعفري إلى تركيا في وقت حرج جداً بدون أن يكون لهذه الزيارة أي مبرر،(...) ولكن هذا الذي حصل يعني تلك الزيارة يعني الحقيقة غيّرت المواقف وكما قلت سحبت اعتراضي أمام تقديم الرسالة التي وجهت إلى الائتلاف."
ويبدوا ان ناكوزي نسى او لم يرد ان يحرج ضيفه فلم يشر الى ان بين زيارة الجعفري الى تركيا وبين رفضه من قبل الكتل السياسية, شهر كامل من المفاوضات, كانت الخطوط الحمر فيها مرفوضة دائماً.
بهذا لا بد لي من العودة الى الأبراج لتفسير التغير الذي طرأ على الموقف المبدئي للسياسيين العراقيين عند ابتداء نيسان, وكما قلت انه "صادف" زيارة كونداليزا الى العراق وصادف ان امطرت السماء والتي جامل الجعفري ضيفته قائلا "هذه علامة طيبة", ناسياً ان كونداليزا قادمة من بلاد بعيدة لايرى الناس فيها المطر خيرا, بل يعبر عادة عن غضب الهة البرق والرعد.
#صائب_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
