أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الخيارات الأمريكية للعراقيين: علاوي أو الحرب الأهلية– سيناريو نيكاراغوا















المزيد.....

الخيارات الأمريكية للعراقيين: علاوي أو الحرب الأهلية– سيناريو نيكاراغوا


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 09:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما يختلف ميزان القوى السياسية الذي تفرزه الأنتخابات في بلد ما عن ميزان القوى العسكرية والسياسية المسيطرة في ذلك البلد, فأن تلك الأخيرة ستعمل المستحيل لكي تمنع إعادة توزيع القوى بما يحرمها تفوقها. لذا فمهما كانت الكلمات المستعملة لوصف الحكومة العراقية القادمة جميلة (توافق, وطنية, وحدة) فأنها ليست الأ نتيجة صراع القوى اللاديمقراطية للحد من سلطة القوى الديمقراطية المطالبة بحقها في الحكم. أنها تحاول سحب كل ما يمكن من عناصر القوة اليها, وان تشارك القوى الجديدة في السلطة, وتمنعها من ممارسة حقها الإنتخابي.

وأهم القوى على الساحة العراقية: الأمريكان. والحقيقة ان ليس من الصعب اقناع حتى المحبين المندفعين للأمريكان بأن هؤلاء سيعملون جهدهم لكي لايقاد العراق بشكل ديمقراطي. ذلك ببساطة ان الإتجاه الشعبي في العراق ليس فقط ضد الأمريكان مباشرة, بل وضد اصدقائهم الإسرائيليين. لذا فأن الرأي القائل بأن الأمريكان يعملون على اقامة ديمقراطية حقيقية, يفترض بأن الأمريكان يمكن ان يعملوا بالضد من مصالحهم, وأن يساعدوا على ايجاد حكومة تعمل بالضد منهم, وهذا افتراض لا اضن ان احداً يتبناه حتى من المتحمسين لأميركا.

لذا فأن " مجلس الامن القومي " ليس الأ مشاركة مفروضة بالقوة على حق الإئتلاف بتعيين رئيس وزراء يعين وزراء يثق بهم خاصة في المجال الأمني. لكن اميركا تهتم بهذا الملف بشكل مثير للريبة, حيث تضغط على كل الجهات لتعرقل تشكيل الحكومة في محاولة يائسة للحصول على هذا الملف بيد أياد علاوي. لذا فأن الامريكان والقوى المتفقة معهم, والضاغطة بنفس اتجاههم, يخيرون الشعب العراقي اليوم بين خيارين: الأمن لعلاوي او مواجهة الحرب الأهلية.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه الجميع ان الغرض من انشاء المجلس لن يكون على حساب الصلاحيات التي منحتها الأنتخابات بشكل دستوري للفائزين, الا ان التصريحات الأخرى تصب كلها في الإتجاه المعاكس عملياً. فعلاوي يؤكد مراراً ان المسألة ليست مسألة مقاعد وزارية وإنما هي "المشاركة في اتخاذ القرارات", هذه "المشاركة" هي بالضبط "المشاركة" التي تسعى اليها "القوة" لتفرض نفسها على نتائج الإنتخابات.

يدرك الإئتلاف اللعبة لسلبه حقه الإنتخابي, لكنه ربما لايكون قادراً على الدفاع عنه. الشهرستاني قال: " ان ما يطرحه السنة غير وارد في الدستور وأمر محرج قانونياً." وقال الجعفري: "الدستور واضح في توزيع السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، واستحداث جهة قرار جديدة مخالف له"

ففي حين يريد الإئتلاف المجلس استشارياًَ تصرالقوى التي اخترعت المجلس ان يكون " ذي صلاحيات واسعة يمثل أعلى سلطة في البلاد" وفي الغالب سوف يتم الإتفاق على صيغة مبهمة تسمح للقوى المسيطرة مستقبلاً بفرض رأيها.


والحقيقة ان هذا السيناريو متكرر كثيراً في التأريخ: فتدعي الولايات المتحدة دعم الديمقراطية وتؤكد في تصريحاتها ذلك الإتجاه, في حين تعمل من وراء الستار على ضمان ان تجلب تلك الديمقراطية توزيعاً للقوى يناسبها, او ان لم يكن ذلك ممكناً, فتوزيع يسمح لها بتدمير الحكومة المنتخبة خلال فترة من الزمن, لتمنح فرصة جديدة لأنتخابات تعيد توزيع القوى لصالحها. هذا بالضبط ما حدث لحكومة الساندينيين في نيكاراغوا خلال الثمانينات:

قصة نيكاراغوا عميقة ومثيرة. ففي القرن التاسع عشر كانت مسرحا للصراع بين الليبراليين والمحافظين, حتى تمكن مغامر أمريكي يدعى وليام ووكر من ان يجلس على عرش رئاستها. لم يطل حكم المغامر طويلاً ذلك انه لم يكن يخفي حلمه بجعل نيكاراغوا مركزاً لصيد وتصدير العبيد من امريكا الوسطى, فتعاونت شعوب المنطقة ونفذت فيه حكم الإعدام. بعد ذلك شهدت البلاد استقراراً على يد "زيلايا" حتى اطاح به تعاون امريكي مكسيكي لتبقى البلاد تحت الإحتلال الأمريكي حتى 1933, حيث تركوا البلاد للجزار الفاسد سوموزا الذي حكم البلاد ومن بعده ولديه حتى عام 1979, حين تمت ازاحتهم بواسطة الساندينيين, وهي حركة اشتراكية ثورية اقامت اصلاحات جذرية في البلاد لتفوز في الإنتخابات عام 1985 بقيادة اورتيكا.

دعم الأمريكان سوموزا وحكمه الفاسد الى نهاية مايس عام 1979 اي قبل فراره بشهرين, حين دعمت اميركا طلبه قرضا من "صندوق النقد الدولي" (IMF ) بمبلغ 66 مليون دولار, وقد صرح البيت الأبيض وقتها ان "الحرس القومي" التابع لسوموزا كان ضرورياً لحفظ النظام, في الوقت الذي كان ذلك الحرس القومي التابع له يقتل الاف الناس العزل في الشوارع وينهب المدن." (Tom Barry and Deb Preusch, The Soft War; LaFeber, Inevitable Revolutions.)

ولم تفكر الولايات المتحدة بالتخلي عن سوموزا إلا بعد ان اصبح الدفاع عنه مستحيلاً, وكان تخليها مشروطا بالمحافظة على "الحرس القومي", حيث صرحت "لجنة مراجعة السياسة" التابعة لـ "مجلس الأمن القومي" بأن وحدة الحرس كانت هدفاً اساسياً للسياسة الأمريكية, لأنه كان ضرورياً لحفظ البلاد من الوقوع بيد الساندينيين.

وحين فشلت سياسة "السوموزية بدون سوموزا" لجأ الأمريكان الى دعم "الديمقراطيين" ضد "الساندينيين", الا ان الولايات المتحدة اضطرت للتخلي عن هذا الهدف بالحفاظ على "الحرس القومي" واستبعاد الساندينيين الذين جاءوا الى الحكم بانتخابات ديمقراطية, بعد ان رفض "المعتدلون" المتمثلين بمؤسسة رجال الأعمال (COSEP ) تلك الخطة.

كان من الواضح منذ البداية ان اميركا لن تسمح بإنتخابات نزيهة وحرة. لقد اكد البيت الأبيض مراراً ان الإرهاب والحرب الإقتصادية ستستمر الى ان يتوافق "الإختيار الحر" مع شروط صاحب القوة. واصبحت تلك سياسة رسمية معلنه عندما صرح البيت الأبيض ان الحصار الإقتصادي سيرفع اذا ما استمع الشعب الى اوامر الولايات المتحدة (نعوم جومسكي : منع الديمقراطية, الفصل التاسع).
وبعد أن رضخت نيكاراغوا لشروط البنك الدولي حصلت على قرض 75 مليون دولار خصص 60% منها للقطاع الخاص, ومعظمها لشراء بضائع امريكية. وكان من شروط البنك عدم إستعمال القرض في اية مشاريع يعمل فيها الكوبيين, مما يعني استثناء المدارس و حملات محو الأمية والمشاريع الصحية.

اضافة الى دعم ارهابيي الكونترا قادت الولايات المتحدة سياسة التجويع, فيشير ( مايكل كنسلي ) الى ان "الكارثة الإقتصادية كانت العنصر الأساسي للمعارضة لكسب الإنتخابات" ولكن ورغم كل الفضائع الإقتصادية والمؤامرات التي كان يقودها اكثر الأنظمة الأمريكية اعتدائية قبل بوش الصغير, أي فترة حكم ريكان وسفيره في اميركا الوسطى نيكروبونتي, تمكنت نيكاراغوا من تحقيق تقدم مدهش في الثمانينات خلال حكم الساندينيين محققة اعلى نسبة نمو في اميركا الوسطى ومستمرة في رفع المستوى المعاشي حين كانت الدول حولها في انهيار مستمر, واعادة توزيع الثروة وبناء الخدمات الإجتماعية. اشاد البنك الدولي بـ "التطور الملحوظ والنجاح غير الإعتيادي الذي يعتبر من بعض النواحي الأفضل في العالم"

وحين كثرت فضائح عصابات الكونترا, لم تعد الإدارة الأمريكية قادرة على استمرار دعمها في العلن, حيث منع الكونكرس ذلك الدعم, لجأت ادارة ريكان الى الدعم السري من وراء ظهر الكونكرس فكانت تبيع السلاح لأيران التي كانت تعتبرها دولة ارهابية وعدوة ومتهمة بسجن رهائن امريكان, وتستعمل المال بشكل سري لدعم عصابات الكونترا في اميركا الوسطى, مما عرف فيما بعد بفضيحة "ايران – كونترا."

نجحت الضغوط الأميريكية في وقف هذا التطور الإقتصادي والإجتماعي"الخطير" في نيكاراغوا في اوائل 1987 حيث قدرت الفايننشيال تايمز كلفة حرب الكونترا على نيكاراغوا بـ 12 بليون دولار تضاف اليها 3 يلايين بسبب الحصار الإقتصادي الذي فرض على حكومتها المنتخبة ديمقراطياً.
اكتشفت احدى الحملات الإرهابية الأميركية على نيكاراغوا والخاصة بلغم الساحل, وقدرت خسائر نيكاراغوا بسببه بـ 17 مليار دولار, حكمت المحكمة الدولية على اميركا بدفعها, لكن الأخيرة رفضت تنفيذ الحكم, واتهمت المحكمة بالجهل. ورغم ان الجمعية العمومية في الأمم المتحدة ساندت قرار المحكمة, الأ ان ذلك تم تجاهله تماما من قبل حكومة ريكان.

أخيراً تم أسقاط الحكومة السانيدينية في إنتخابات 1989. فكتبت " كواتيمالا سيتي برس" : "ان عشرة سنوات من الحرب الإقتصادية والعسكرية (....) قد وضعت الأسس لإنتخابات يقودها الإرهاق الإقتصادي. (....) لقد كانت انتخابات لشعب يبحث عن السلام بعد ان زهق من العنف. (....) لقد سار الى الانتخابات شعب جائع تسيطر عليه فكرة الحاجة الى الطعام اكثر من اي شيء اخر."

نعود الى العراق, حيث نقرأ في الأخبار ان هناك اتجاهاً فعلياً لترشيح اياد علاوي لرئاسة مجلس الأمن القومي وان هناك ضغطاً من الأحزاب الكردية اضافة الى القائمة العراقية والأحزاب السنية بالغاء هيئة اجتثاث البعث.
يسير مخطط حصر الشعب العراقي بين خيارات الحرب الأهلية والبعث الجديد بقيادة علاوي نحو النجاح اذن. التأريخ سيسجل بالطبع وبشكل لايمحي ولا ينسى كل من لعب دوراً في المساعدة على حصر الشعب العراقي في خياراته وفي الضغط والتلاعب على الديمقراطية واضعاف مصداقيتها امام العراقيين.


المعلومات عن نيكاراغوا مأخوذة عن "منع الديمقراطية" لجومسكي, وموقع موسوعة ويكيبيديا:
http://www.wikipedia.org/



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنمتنع عن ذكر الهوية الطائفية للضحايا: مشروع قانون لتفادي ال ...
- الذكرى الثالثة للتحدي بين الإنسان والكاتربيلار
- هولندا: امل بربيع يساري بعد شتاء يميني طويل
- هولندا: لنعبر عن امتناننا لليسار الأخضر بانتخابنا له غداً في ...
- لا ديمقراطية إلا في العراق: عشرة ادلة!
- خطوطك الحمراء شرفك..فمن لاخطوط له لاشرف له
- مراجعة حسابات معركة الكاريكاتير
- ثغرة الدرس الأول
- عهد شرف ضد التملق
- أعتذر باسم الشعب العراقي للباكستانيين والأمريكان
- المثقفون أحفاد الزرقاء: تحية متأخرة الى الحوار المتمدن
- ألقاه في اليم مكتوف اليدين: الحكومة العراقية القادمة
- تعالوا نراجع الأمر بهدوء : محاولة لإكتشاف الأرهاب
- تحليل الموقف العراقي بعد الانتخابات
- ديمقراطية اقسى من الدكتاتوريات: ثلاثين عاماً عقوبة التشهير ب ...
- بين صوت العقل وصوت القطيع ودور الإعلام
- إسرائيل صديقاً: هولندا مثالاً, والعراق مرشحاً
- إنتخاب علاوي مخالف لروح الدستور
- تحليل للموقف العراقي بعد عملية كشف سجن الجادرية
- في شغل المناصب الحساسة, المتهم مذنب حتى تثبت براءته


المزيد.....




- تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا ...
- تركيا تعلن دعمها ترشيح مارك روته لمنصب أمين عام حلف الناتو
- محاكمة ضابط الماني سابق بتهمة التجسس لصالح روسيا
- عاصفة مطرية وغبارية تصل إلى سوريا وتسجيل أضرار في دمشق (صور) ...
- مصر.. الحكم على مرتضى منصور
- بلينكن: أمام -حماس- اقتراح سخي جدا من جانب إسرائيل وآمل أن ت ...
- جامعة كاليفورنيا تستدعي الشرطة لمنع الصدام بين معارضين للحرب ...
- كيف يستخدم القراصنة وجهك لارتكاب عمليات احتيال؟
- مظاهرة في مدريد تطالب رئيس الحكومة بالبقاء في منصبه
- الولايات المتحدة الأميركية.. احتجاجات تدعم القضية الفلسطينية ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الخيارات الأمريكية للعراقيين: علاوي أو الحرب الأهلية– سيناريو نيكاراغوا