|
دور الاتحادات النسائية في الدفاع عن حقوقهن
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 17:16
المحور:
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2019 - دور وتأثير المنظمات والاتحادات النسوية في إصلاح وتحسين أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين
كل ما حل الثامن من مارس ، تحل علينا قضية أساسية من قضايا المجتمع المتعلقة بالمرأة . وهنا كل سنة مرت ، وذكرى ثامن مارس تعود كما ردد الشاعر : " باي عيد عدت يا عيد ، بما مضى ام في امرك تجديد " . ومن خلال تتبع كل المسارات التي قطعها نضال المرأة داخل كل مجتمع ، سنجد ان وضعيتها بخصوص كل حقوقها ، ترتبط ارتباطا جذريا بنوع المجتمع التي تتواجد فيه المرأة ، وبنوع الدولة التي تعيش فيها . هكذا كلما كان المجتمع متخلفا أركاييكيا ، تغلفه الأسطورة ، وتربط فكره وعقله بالغيب ، كلما كان وضع المرأة ، مطابقا لنوع الأفكار ، والعادات السائدة بالمجتمع وبالدولة . وهنا نكاد نجزم ، ان ما يسمى بحقوق المرأة المتنوعة ، سوف لا يخرج عن النظرة الأحادية المتخلفة ، و المحنطة للمجتمع . ان الصورة الشائعة عن كل نساء هذه المجتمعات ، هي الاستغلال الجنسي ، والمادي الذي يتعامل مع المرأة كعبد وقن . في مثل هذه المجتمعات المتعفنة ، تغيب بالكامل كل حقوق المرأة ، ويصبح وضعها رهين بالسلطة الذكورية للرجل ، وللتقاليد البالية التي تكرس التمايز الطبقي ، والعقلي ، والوظيفي ، الذي يجسد قمة الدولة البتريركية ، البتريمونيالية ، القروسطوية . ان وضع المرأة في المجتمعات المتخلفة الهجينة ، يختلف عن وضعها في الدول الديمقراطية التي تعتبرها ليس فقط نصف المجتمع ، بل تعتبرها كل المجتمع . ان الحديث عن دور الاتحادات ، والتنظيمات في الدفاع عن حقوق المرأة ، بقدر ما يتخذ الطابع المؤسساتي الذي يحدد الحقوق والواجبات في الدول المتقدمة ، بقدر ما تلعب هذه الاتحادات دور العميل ، في تهجين الحقوق ، وربطها ربطا ميكيافيليا بالاختيارات الأساسية للدولة الحاكمة . ان الدولة في المجتمعات المتخلفة ، وعند تحريكها لمعوليها في تحنيط حقوق المرأة مع الاختيارات الرسمية ، فهي تلعب على الصورة والمشهد المُسوّق للغرب ، لضمان استمرار عطاءات الدول المانحة ، وللتسويق من اجل تبييض وجه النظام ، كنظام مندمج كليا في الاختيارات الأممية ، بخصوص حقوق المرأة ، وهو نفس الدور التّزْليجي ، تقوم به الأحزاب ، والمنظمات السياسية ، والنقابية ، التي تكرس الجمود الذي يخدم الأنظمة ، ولا يخدم الشعوب في شيء . ان الحديث عن دور الاتحادات والتنظيمات المدافعة عن حقوق النساء ، سيكون استهلاكيا ، انْ نحن لم نطرح السؤال الرئيسي حول شكل النظام القائم ، وحول نوع الاختيارات الرسمية السائدة . وهنا تُطرح المسألة الأولى التي هي وجود الديمقراطية الحقيقية ، أي هل النظام السائد هو نظام ديمقراطي ، ام شِبْه ديمقراطي ، ام شَبَهٌ ديمقراطي ؟ ان انعكاس حقوق المرأة وحقوق الشعب ، هو المرآة الناجعة لنوع النظام السائد ، وانّ الحديث عن ديمقراطيته التي يجب ان تكون ديمقراطية كونية ، يتوقف بالأساس على نوع الدستور السائد ، أي هل الدستور المنظم للحكم وللسلطات ، هو دستور ديمقراطي ؟ فإذا كان الدستور ، هو دستور النظام ، فان ما يسمى بالحقوق الكونية للمرأة وللشعب ، تكون مُتحكم فيها ، بما يرغب ويريد النظام ، لا كما يجب ان تطرح ، بفلسفتها الكونية والديمقراطية ، ومن ثم فانه في أنظمة بالية على هذا المنوال ، يستحيل الحديث عن وجود حقوق ديمقراطية ، في ظل غياب دستور غير ديمقراطي ، وسيادة دولة عنصرية ودكتاتورية . في الدول المتقدمة تنبع الحقوق العامة والخاصة ، من الممارسة اليومية التي تنصص عليها الدساتير الديمقراطية ، وفي الدول الهجينة المتخلفة ، يُتحكّم في تحديد نوع هذه ( الحقوق ) ، بما تُغلّفه العقلية الثيوقراطية التي تنكر كل حق للمرأة خارج بيت الاستغلال ، كما توظفه الأنظمة الدكتاتورية المتخلفة ، في المزيد من الترْكيع ، والاذلال ، بما يكرس الوضعية الدونية للمرأة بشكل واضح وجلي . ان هذا الفارق في الحقوق ، بين الدول الديمقراطية ، والدول الهجينة الدكتاتورية ، هو تجسيد ظاهر وواضح ، للفرق بين الدول التي مؤسسة كل الحقوق والواجبات طبقا للمواثيق الدولية ، وبين الدول التي مؤسسة ما يسمى بالحقوق ضمن التقاليد المرعية ، والطقوس البالية ، المجسدة للدولة الرعوية البتريركية المُتخلفة ، حيث لا حركة ، ولا نشاط خارج تحكم الدولة الدكتاتورية . هكذا سنجد انه بقدر ما تلعب الاتحادات والمنظمات النسائية دورا متميزا في الدول الديمقراطية ، وباستقلال عن أحادية الفكر او الرأي ، بقدر ما تستعمل هذه الاتحادات والمنظمات كمعول ، في ضبط العمل ، او التحرك النسائي ، والجماهيري ، لخدمة الدولة الدكتاتورية . مع اقتراب ذكرى الثامن من مارس ، سأعيد : " بأية عيد عدت يا عيد ، بما مضى ام في امرك تجديد " . نساء المغرب ، الاستاذات تعرضن مؤخرا لهجمة من قبل البوليس ، فسالت دمائهن ، ولا تزال ما يسمى ب ( الاتحادات والمنظمات النسائية ) صامتة ، وكأن شيئا لم يقع .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل بدأت فرنسا تنحاز الى امر الواقع في نزاع الصحراء الغربية ؟
-
رئيس كوريا الشمالية السيد كيم جونگ _ Le président de la Coré
...
-
الدستور -- La constitution
-
lhumiliation du régime -- إهانة النظام .
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 3 )
-
زيارة ملك اسبانيا الى المغرب
-
تحليل . البرلمان الاوربي يصادق على تجديد اتفاقية الصيد البحر
...
-
إذا دهبت الصحراء حتما سقط النظام
-
اربعة واربعون سنة مرت على نزاع الصحراء الغربية
-
حول مداخلة مستشار الامن القومي السيد جون بولتون بنزاع الصحرا
...
-
هل سيزور بنجامين نتانياهو المغرب ؟
-
جمال عبدالناصر . معارضو الناصرية . ( 2 )
-
ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخب
...
-
جبهة البوليساريو تُصاب بالاكتئاب
-
جمال عبدالناصر --- ابعاد النظرية الناصرية . ( 1 )
-
عبداالاله بنكيران ومقاضاة الملك .
-
أول حكم ذاتي لمواجهة النعرة القبلية والمذهبية في الدولة الاس
...
-
الحرب على ايران على الابواب . خطييييييييييييييييييييييييير .
-
ماذا انتم فاعلون ؟ ماذا انتم تنتظرون ؟
-
مساهمة بسيطة كي تخرج جبهة البوليساريو من الجمود .
المزيد.....
-
شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال
...
-
مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا
...
-
إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح
...
-
في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض
...
-
لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
-
3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
-
الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
-
مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال
...
-
كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
-
واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا
...
المزيد.....
-
مئة عام من مركزية الجسد في الحراك النسوي المصري: تطور سؤال -
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
لماذا أصبحنا نسويات؟ حكايات وتجارب النسويات، من الحيز الشخصي
...
/ نظرة للدراسات النسوية
-
في مناسبة الثامن من آذار .. يوم المرأة الفلسطينية
/ غازي الصوراني
-
الجمعية النسوية السرية للإطاحة بالنظام الذكوري المستبد
/ سلمى بالحاج مبروك
-
المرأة والاشتراكية
/ نوال السعداوي
-
حركة التحرر النسوي: تاريخها ومآلاتها
/ هبة الصغير
-
ملاحظات أولية حول الحركة النسائية المغربية على ضوء موقفها من
...
/ زكية محمود
المزيد.....
|