أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي سيريني - البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (4 من 6)















المزيد.....

البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (4 من 6)


علي سيريني

الحوار المتمدن-العدد: 6161 - 2019 / 3 / 2 - 17:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن علماء الإسلام في غفلة عما يجري من قبل الإحيائيين (البروتستانت المسلمون)، لكنهم كانوا في حالة إنكسار و هزيمة، بسبب الهجمة الشرسة التي قادتها "حركة الإصلاح الديني" أي البروتستانتية الإسلامية التي شارك فيها "المسلمون المتنورون" الذين قدموا أنفسهم كمصلحين دينيين، و دعاة التجديد ونبذ الخرافة و الأساطير، و مقدمين لتفسير الإسلام تفسيرا عقلانيا ينسجم مع التطورات العلمية و الثقافية الغربية. كان جمال الدين الأفغاني و تلميذه محمد عبده من أهم رواد هذه الحركة. من هنا نلاحظ بوضوح، تأثر كلا الرجلين بمارتن لوثر و رواد الإصلاح الديني البروتستانتي، و ليس من شك أنهما يتقمصان دور رواد الإصلاح البروتستانتي، و يقدمان طروحات ماهي إلا محاكاة لأعمالهم و أفكارهم في القرن السادس عشر. و انتبه إلى هذا بدقة، الشيخ مصطفى صبري، أحد أبرز علماء الدولة العثمانية معلقا على هذا الواقع بالقول "أراد جمال الدين الأفغاني و تلميذه محمد عبده أن يلعبا دور لوثر و كالفن، فلم يتسنّ لهما اختراع دين جديد للمسلمين، لذلك سعيا إلى دعم الإلحاد المقنع بالنهوض و التجديد". كان هناك شيوخ آخرون، لديهم إطلاع دقيق على مضمون ما سمي بـ "الحركة الإصلاحية الدينية" في المشرق. من هؤلاء الشيوخ، نجد محمد زاهد الكوثري، حسن أفندي فهمي، بديع الزمان سعيد نورسي، محمد بن حسن أبو الهدى الصيادي ...الخ.
أصبحت البروتستانتية الإسلامية تجد رواجا كبيرا في المشرق بفضل الدعم و الرعاية، من قبل الدوائر الغربية، و من قبل حكام و قادة اعتنقوا ما أسموه بالتنوير الإسلامي، و النهضة الإسلامية، و التحرر الإسلامي ...الخ. هناك قادة شرقييون بارزون في تركيا و مصر و بلدان أخرى، وقفوا مع هذا التيار الذي لم يكن سوى إفراز للحضارة الغربية، تمثـّـلَ في الجلباب و العمامة. و على أساس طرح هذا التيار و فكره و تصوره، تأسست أحزاب و جمعيات شتى وطنية، و قومية و إسلامية. كان حسن البنا الساعاتي تلميذا للشيخ محمد عبده. تلقب كل من عبده و الأفغاني بلقب الإمام. و على غرارهما، أطلق حسن البنا لقب الإمام و المرشد أيضا على نفسه و هو إبن إثنين و عشرين عاما. تأثر البنا بهذا التيار الطاغي المهيمن، الذي قاده أستاذه محمد عبده و أستاذهما الأفغاني. لم يكن حسن البنا عالما أو فقيها، بل تلميذا في معهد حكومي لتخريج المعلمين، في قسم اللغة العربية. بسبب وقوع البنا تحت تأثير هذا التيار، و شعوره القوي بهيمنة و طغيان الغرب، قام يسلك سلوك أساتذته في تبني طرق و وسائل غربية من أجل خدمة الإسلام كما ذهب. أسس الشيخ أحمد السكري جمعية الإخوان المسلمون في مصر، كجمعية دعوية خيرية غير سياسية. قام حسن البنا في عام 1928 بما يمكن تسميته بالإنقلاب الأبيض على السكري، و استحوذ على هذه الجمعية و حولها إلى جمعية سياسية، بل حزب سياسي دخل معترك الصراع السياسي من أجل السلطة، ثم طرد السكري لاحقا.
أصول عائلة حسن البنا، و صعوده السريع، و إنتشار جماعته "الإخوان المسلمون" في مصر و دول أخرى بسرعة قياسية يكتنفها الكثير من الغموض و التساؤلات. فمن حيث أصول عائلته، تقول المصادر أن حسن البنا ولد في دمنهور بمحافظة البحيرة، من أبٍ هو عالم دين. لكن جد حسن البنا ظل مجهولا إلى يومنا هذا، رغم أن أحد عمالقة الفكر و الثقافة في مصر و العالم العربي، ألا وهو عباس محمود العقاد، تحدى حسن البنا و جماعته أن يثبتوا نسب الرجل، لكن دون جدوى. تحدي العقاد جاء بسبب معطيات عدة، منها لقب الساعاتي الذي يأتي من مهنة العائلة في تصليح الساعات. بحسب العقاد، فإن مهنة تصليح الساعات كانت حكرا على اليهود. لكن المصادر الإخوانية تؤكد أن والد حسن البنا كان عالما، و جده المجهول فلاحا، إذاً من أين أتى لقب الساعاتي، الذي غيره حسن الساعاتي إلى حسن البنا (قد يكون إنعكاسا لتأثره بالماسونية التي تسمى في العربية بالبنائين الأحرار، لا سيما و أن أساتذته كانوا أعضاء قادة في محفل كوكب الشرق للماسونية مثل عبده و الأفغاني)؟ و الأهم من ذلك، كيف استطاع شاب في بداية العشرين من العمر، تأسيس حزب سياسي، لينتشر بسرعة غير معقولة في مصر، و من ثم في العالم العربي، رغم أن وسائل التواصل لم تكن متطورة في ذلك الوقت، خصوصا لحزبٍ يدعي أنصاره أنه ظل ملاحقا و مطاردا من قبل السلطات المصرية؟
النصف الثاني من هذا المشهد، الذي يكمل إطار لوحة (الإحيائية الدينية: البروتستانتية الإسلامية)، هو ما حدث في الجزيرة العربية بقيادة محمد بن عبدالوهاب مؤسس الوهابية. من حيث النهج و الرؤية، من الممكن مقارنة بل مطابقة محمد بن عبدالوهاب بمارتن لوثر، مع مفارقة الدين بينهما طبعا. فمحمد بن عبدالوهاب كان يدعو إلى العودة إلى مرحلة السلف (الرعيل الأول، الرسول و أصحابه)، لمحاربة ما أسماه بن عبدالوهاب بالبدع و الشركيات و الإنحرافات التي عصفت بالمسلمين. لكنه اختلف مع لوثر في السياسة، حيث ظل الأخير يمارس عمله الديني دون الإنخراط في العمل السياسي و العسكري، بينما تحالف بن عبدالوهاب مع محمد بن سعود، ليقود الجناح الديني الذي استباح الخصوم و المناوئين من منطلق ديني. المفارقة الأكثر إيلاما، هي أن قفزة بن عبدالوهاب نحو مرحلة السلف، هي قفزة إلغاء لتراثٍ نبعَ من السلف، و تطور بتواتر و تناسق، ليتدفق كنهرٍ تعاظم كلما مرّ الزمن و هو يجري نحو المستقبل، ليشكل أغنى تراث إنساني على مر العصور. لذلك فإن قفزة بن عبدالوهاب، تحولت إلى قفزة كارثية و كوميدية في آن. فهذه القفزة، ولّدت الإستبداد و العنف و إلغاء الآخر إلغاءا مطلقاً، أدى إلى إعمال المجازر في الخصوم و الآخرين. فيما كانت قفزة لوثر، فوق الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية، نحو مرحلة السلف المسيحي، قفزة فوق كنيسة مستبدة، احتكرت الدين و استغلته لسياسة ظالمة، و اختزلت الدين في طقوس و مفاهيم لا اتصال لها بسند معرفي متواتر مع مرحلة السلف المسيحي، بل ظل في حدود ضيقة لم تنتج معرفة تذكر. لذلك فإن قفزة لوثر نحو السلف المسيحي، حرر فعلا المسيحية من استبداد الكنيسة و تعسفها بحق الناس و الدين معا.
التحالف الذي وقع بين بن عبدالوهاب و إبن سعود، ثم لاحقا وعبر عقود من الزمن، تطور عبر علاقات لوجستية و إستراتيجية مع بريطانيا ثم أمريكا. هذا التحالف توّج بتشكيل جماعة الإخوان الأصولية في عام 1911 في ظل علاقات دولية، كانت الهيمنة الغربية في اتساع و تصاعد، مقابل ضمور و إنكماش الدولة العثمانية التي كانت جامعة للشعوب المسلمة. هذا المصدر، أي الوهابية، إلى جانب مصدر الإصلاح الديني بقيادة المتنورين من أمثال الأفغاني و عبده، شكلا نواة ميلاد فكرة الحزب بغطاء إسلامي، و أرضية تأسست عليها جماعة الإخوان المسلمين في مصر بقيادة حسن البنا في عام 1928. أغتيل حسن البنا و هو شاب ذو 42 عاما. و رغم أنه لم يكن عالما أو فقيها كما أسلفنا، إلا أن الإخوان المسلمين مازالوا إلى يومنا هذا ينادونه بالإمام. و هو فعلا، إلى جانب محمد بن عبدالوهاب، إمام معظم الأحزاب و الحركات الإسلامية المعاصرة.

يتبع




#علي_سيريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلام ...
- أردوغان ليس عدو الكُرد لكن الأحزاب القومية الكُردية اليسارية ...
- أول صانع سيارة كهربائية عالم كُردي من العراق
- ملهى ليلي مقابل الكعبة المشرفة
- بكائية على أطلال المستقبل أرقام و حقائق الأموال التي دفعتها ...
- بكائية على أطلال المستقبل (1) زمن الكَرْجى (ناكح الحمارة) ال ...
- هل مشكلة السّنة في الدين وحلّها في العلمانية والديموقراطية؟ ...
- عوائد النضال -للمنصور- الجبلي
- الهدف من إسقاط الموصل هو إحياء تشالديران من أجل القضاء على ت ...
- لماذا قانون العدالة ضد الإرهاب الأمريكي المعروف ب (جاستا) ال ...
- جهابذة الإعلام العربي والقانون المصدق من قبل الكونغرس الأمري ...
- هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار ...
- هل هناك مجازر جماعية تنتظر المسلمين في بلاد الغرب؟
- حين يخسر الكُردي فرصته الذهبية
- صلاة يتامى الموت (لعلّ موتا ناعما يرحمنا)
- من الأندلس إلى القسطنطينية ومن الهنود الحمر إلى الكُرد
- ظاهرة الإحتفال بإسلام الغربيين الشقر
- الثالوث الأقدس الذي دمّر الشرق وأهله


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي سيريني - البروتستانتية الإسلامية و الجذور الماسونية للإحيائية الإسلامية (4 من 6)