أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لينا صلاح الدين - لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟














المزيد.....

لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 6136 - 2019 / 2 / 5 - 22:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟

قبل أن أباشر في طَرْح هذا المقال الذي قد أبدو فيه كمدافعة عن الشُّيُوعية توجب أن أوضح شيئاً هاماً في مطلعه، وهو أنني لست شُّيُوعية ولم أكُ يوماً كذلك. فرغم اعتناقي المذهب الإمبريقي الذي يتشابه مع المادية الجَدَليّة في كثير من النقاط، ومع أننا نتشارك عدواً واحداً وهو الميتافيزيقا، لكن هناك سببان يمنعانني من تبني الشيوعية. السبب الأول: أن الفكر الشيوعي يرى أن الاقتصاد هو الذي يحدد حضارة الشعوب وهو الذي يحكم سياستها بشكل (مُطْلَق) رغم أن ذلك ليس صحيحاً؛ فالفجوة بين طبقة البروليتاريا والطبقة البرجوازية هي دليل على عِلَّة في النظام الاقتصادي للدولة ولكن هذا لا يعني أن الرَأْسُمَاليَّة في مقدورها أن تسيطر على تطور الدولة ولا على سياستها، والدليل على ذلك هو اختلاف الأحزاب التي حكمت بعض الدول الرَأسُمالية من حزب ديمقراطي إلى حزب جمهوري يميني (بغيض) إلى حزب ليبرالي. فالرَأْسُمَالية بالنسبة لي مجرد نظام اقتصادي لكنها ليست إلهاً يتحكم في مَصائِر الشعوب. وأن وجودها في دولة ما، لا يعطي الحق بأن يتم نقد (كِيَانُ) هذه الدولة من حيث الحضارة والسياسة. وما يجعل من بعض أفكار الماركسيين أفكاراً غير نَجِيعة هو التطور التكنولوجي والعلمي الذي شهدته الدول الرَأْسُمالية مؤخراً عقب ظهور الماركسية بعقود، والذي أثبت أن تطور الدول لا يتأثر إطلاقاً بنظامها الإقتصادي بقدر تأثره بثورة العقل. والسبب الثاني: أن الماركسية قد تعارضت مع مبادئها حين احْتَسَبت نفسها الحل "المُطْلَق" لأزمة المجتمع، رغم أن كلمة "مُطْلَق" هنا تبدو في غير مَوْضِعِهَا وسط مذهب قائم على النقد وعلى قانون نفي النفي.
رغم ما سلف ذكره فإنني عند تحكيمي للمنطق والحيادية أجد نفسي مجبرة على أن أُقر للماركسية بجملة من المُتَمايزات، فلا أجد فيها ما يدعو لكل هذا الشَجْب والاستفظاع الذي يحاول أتباعها أن يتحاشوه من قبل معارضيهم. ما يثير إعجابي في الماركسيين أنهم لا يتعاملون بالفكرانيات، ولا يأخذون بالمُسَلَّمات، ولا يعتبرون التقديس ترياقاً، بل إن كل شيء بالنسبة لهم لا بد وأن يتعرض للنقد. تلك الدعوة للنقد هي ما يميز هذا الفكر، والتي -بطريقة ما- تجعل من عملية إنتقادك للماركسية في حد ذاتها ممارسة لها. لذلك وجب على أتباعها الكف عن الإعتقاد بأن فلسفتهم مثل الجريمة التي يجب إخفاؤها! فما زال (اليمين) قائماً إذاً فكل الأحزاب الأخرى لا غبار عليها. وإن كان هناك فئة يجب أن تتخفى في المجتمع ولا تلقى فيه أمناً فهم اليمينيون بكل ما يدعو له فكرهم من عنصرية وتطرف وتمسك ضرير وأهوج بتقاليد فارغة.
صحيح أن الشُّيُوعية لا يمكنها أن تتماشى مع متطلبات عصرنا الحاضر بأي شكل من الأشكال، فنحن حتماً في حاجة للاستعاضة عنها ببديل أقوى استناداً على قانون نفي النفي نفسه، لكن في ذات الوقت فمن الضروري أن نتذكر أهمية الماركسية التي تجلت في زمن الثَوْرَة البلشفية، وكان لوجودها أثر بالغ آنذاك. وصحيح أن ما حققته الشيوعية منذ قيامها يعد قليلاً مقارنة بما كانت تطمَحُ إليه من عدالة إجتماعية، لكن هناك تفسير لتلك المفارقة بين الفكرة والتطبيق، فأجد نفسي مجبرة على تقسيم الماركسية إلى نوعين: 1) ماركسية ماركس: وهي التي وضعت على يد ماركس. 2) وماركسية روسيا: أو كما وصفها ستالين بالماركسية اللينينية، وهي تلك التي تم وما زال يتم ممارستها على أيدي أنظمة القمع الروسية. فالإتحاد السوفيتي في الماضي لم يشهد قط شيوعية صحيحة بل بيروقراطية تم تغليفها بغلاف ماركسي، ولو كان ماركس حاضراً بيننا لعبر عن سخطه على كل الدول الشيوعية التي قامت على تحريف نهجه لمصلحتها الخاصة حتى شوهته في نظر العامة بهذا الشكل الذَميم. ورغم أنني لست شيوعية لكنني كنت سأهلل إذا ما تم تطبيق الماركسية "الصحيحة" في الشرق الأوسط، حيث كنت سأضمن وقتها تمكين حرية الفكر والمعتقد. لكن للأسف أنه حتى إذا ما تم تطبيقها هنا فإنها لن تكون كتلك التي وضعها ماركس، فالتبلد والتقهقر والإنكفاء الفكري الذي شهدته وما زالت تشهده روسيا هو نفسه الذي في الشرق الأوسط، مما سيصنع منها نسخة جديدة عن الشيوعية الروسية "المُختَلَقة".
إن واحدة من الركائز التي تستند عليها ماركسية ماركس هي التأكيد على كرامة الإنسان من خلال رفض إذلاله على يد فكر أو سلطة أو معتقد. لكن ماركسية روسيا لم تعمل على تَنْحِية فكرة التقديس، بل كل ما فعلته أنها "استبدلت" قداسة رجل الدين بقداسة الحاكم. ورغم أن ماركسية ماركس قد ساندت الطبقة العاملة، لكن من أوائل الذين احْتَفَوا بسقوط الإتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية هم طبقة العمال أنفسهم. فتلك الشيوعية "المُختَلَقة" لم تقم سوى على إذلالهم وتَطويعهم من أجل مصلحة الطبقة الحاكمة، ولم تقم سوى على شعارات زائفة وقول لا يتبعه فعل.
إن أغلب الأحزاب الشُّيُوعية في الشرق الأوسط تزحف في منهجيتها خلف الشُّيُوعية الروسية، وإذا سَنَحَتِ الفُرْصَةُ لها بالحكم فإنها ستكون نسخة طبق الأصل عن الشُّيُوعية البيروقراطية التي نشهدها الآن في كل من روسيا والصين وكوريا. لكن هذا ليس عذراً لأن يتم التعامل مع كل شيوعي من هذا المنطلق. فالشيوعية تمثل جزءاً من الماركسية، والماركسية بشكل عام توجه شخصي قبل أن تكون توجهاً إقتصادياً أو سياسياً. فيجب على المجتمع الشرقي الكف عن مُنازَعَة الشيوعية وأتباعها من غير دراسة مستفيضة لها لفهم ماهيتها، فإن كان المجتمع مؤيداً للفكر الماركسي أم ساخطاً عليه، فإنه في كلا الحالتين يبقى للماركسية رَجَاحَتها وأَثِيلها كفكرٍ وفلسفةٍ وأسلوب حياة.



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة الفيزياء الحديثة بالفلسفة
- وأخيراً قرأت كليلة ودمنة
- لهذا أنا أشُك
- الإسرائيلو-فوبيا وعَدَاءُ الشَّرْقِ -الطُفوليّ- لإسرائيل .. ...
- مسرحية -خاشقجي-
- نَقْد الفَلْسَفة المِثالية
- مؤسسة معز مسعود والكذب بإسم العلم
- الديمقراطية ثقافة قطيع !! وما البديل؟؟
- السيسي ... العسكري الشُؤْم!!
- حكمة الجدة !!
- الأخلاق ..... تأريخ مسروق !!
- الحكومة الدولية وسقطة آينشتاين
- العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


المزيد.....




- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لينا صلاح الدين - لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟