أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الإنسان نعمة وليس نقمة














المزيد.....

الإنسان نعمة وليس نقمة


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6116 - 2019 / 1 / 16 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كانت أمى امرأة متعلمة، لديها طموح أدبى وعلمي، لكن السلطة العائلية فرضت عليها البقاء بالبيت، فى السادسة عشرة من عمرها، والتفرغ للزواج والأمومة، أنجبت تسعة أبناء وبنات خلال عشرين عاما، ثم ماتت فى السادسة والثلاثين، من شدة الإحباط والحزن، لم تستمتع أمى بالزواج ولا الأمومة، بل عاشت داخل أربعة جدران، أسيرة المطبخ والسرير، وأسهمت، مع أبي، فى إفقار أسرتنا، رغم حصول أبى على شهادات عليا ومنصب محترم بوزارة المعارف، إلا أن مسئولية الإنفاق على الأسرة الكبيرة العدد أرهقته جسديا وروحيا، وكان يحرم نفسه من الضروريات ليشترى لنا ملابس الشتاء، كنت أتألم داخل الجاكت الصوفي، وأنا أراه بالبدلة الصيفية يرتجف بالبرد، فقدت الاستمتاع بالدفء فى الشتاء، كما فقدت أمى الاستمتاع بالأمومة والحب فى الزواج، وكان يمكن لأبى أن يعجز عن سداد مصاريفى بكلية الطب، لولا حصولى على مجانية التفوق، وكم من شابات وشباب فى مصر، حرموا من العلم والفن والإبداع بسبب فقر الأسرة الناتج عن كثرة العيال، كنت أسأل أمى وأبى لماذا لم تتحكما فى نسلكما؟ تقول أمى فى أسي، كنت جاهلة يا نوال بوسائل منع الحمل، وكانت التقاليد السائدة ورجال الدين والسياسة يشجعون النساء على التفرغ للأمومة، وكان مشايخ الأزهر يقولون، منع الحمل حرام، لأن الحمل يحدث بإرادة الله، وكل طفل يولد معه رزقه، وكان مفهوم الرجولة يفرض على الزوج ألا يقبل أن تعمل زوجته خارج البيت أو تشاركه مسئولية الإنفاق، وكان مفهوم الأنوثة يفرض على المرأة الزواج والإنجاب، وإلا قالوا عنها إنها عانس أو عاقر، مثل الشجرة المجدبة لا تطرح ثمرا، بدأت المشكلة السكانية تهدد بلادنا، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، منذ منتصف القرن العشرين، فأنشأت الدولة جهازا كاملا لتنظيم الأسرة، وانتشرت حبوب منع الحمل، واللولب وغيرها من وسائل منع الحمل، وبدأت الدولة تحث رجال الدين على تجديد الخطاب الديني، وعدم إذاعة الآيات والأحاديث النبوية التى تحث على كثرة العيال، أوالاتكال على الله فى الحصول على الرزق، أو ارتباط الذكورة أو الفحولة بالإخصاب، وإنجاب العيال، من أجل اكتساب القوة، أو المباهاة بين الأمم بالكثرة العددية، تغيرت المفاهيم بتقدم العلم والاكتشافات الجديدة،وأصبحت القوة العسكرية تنبع من الأسلحة المدمرة الحديثة، وليس من الكثرة العددية للجيوش، واختفت الأحاديث السياسية والدينية التى تحض على كثرة العيال، ترتبط السياسة بالدين فى كل مكان وزمان، وتتغير السياسة بخطى أسرع، يسبق أهل السياسة دائما فى تجديد الخطاب الدينى ليتمشى مع المصالح المادية والاقتصادية الجديدة للدولة، تتخلف العائلة دائما عن التغيير المطلوب، العائلة المصرية محكومة بقانون ديني، (حتى اليوم 16 يناير 2019)، تحررت جميع قوانين الدولة المصرية من السلطة الدينية إلا قانون العائلة، وفشلت جميع المحاولات المتكررة، منذ الخمسينيات، حتى اليوم، لحل المشكلة السكانية، وتجديد الخطاب الديني، وإنقاذ الأسرة المصرية من مآسى الطلاق (الشفهى وغير الشفهي) وتعدد الزوجات وجرائم الشرف والختان، واغتصاب البنات الأطفال، وزواج القاصرات وهيمنة رجال الدين على حياة النساء داخل العائلة، فى الستينيات من القرن العشرين بدأت ثورة النساء الفكرية (محليا وعالميا)، بدأت عقول النساء تتمرد على القمع السياسى الاقتصادى والدينى معا، هوجم الفكر النسائى الجديد بضراوة، دفعت الرائدات فى الغرب والشرق، المفكرات والكاتبات فى جميع البلاد، ثمنا باهظا من حياتهن العامة والخاصة، نظير أفكارهن المتمردة المتقدمة، التى نقلت الحضارة الإنسانية الى مرحلة أرقي، وأصبحت الأجيال الجديدة من الشابات والشباب أكثر جرأة فى كسر التقاليد القديمة والانطلاق نحو مستقبل أكثر حرية وعدالة وسعادة يعتمد الفكر النسائى الجديد، ضمن أفكار أخرى مهمة، على الربط بين التنمية الاقتصادية بجميع نواحى الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية فى الدولة والعائلة، وتحرير مفهوم التنمية من الاستغلال الطبقى الأبوي، الذى يهتم بأرباح وكماليات الطبقة الثرية (1%) ويهمل الحاجات الضرورية لأغلبية الشعب, 99% وكشف الأسباب الحقيقية لفشل مشاريع التنمية، وعدم إرجاعها فقط للزيادة السكانية، لأن الإنسان، فى ظل التنمية الحقيقية، نعمة وليس نقمة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنب لذيذ فى احتفال العام الجديد
- الديمقراطية الرأسمالية تتهاوى فى فرنسا
- القانون والنقاب
- الأم الكبرى للعلم والفن
- وزراء الصحة وعمليات الختان
- كم من كاتبة مبدعة تحمل لقب الشيطان؟
- وزيرة الصحة وطبيبات معهد ناصر
- العاطلون والعاطلات عن العمل المنتج
- لماذا تفشل الثورات بقيادة النخب؟
- أم إبراهيم والوزيرة غادة والى
- الصراع فى مجلس النواب ومجلس العائلة
- الجينات الأنانية والكتابة
- البحث عن مأوى بالليل أم نسيم البحر؟
- قانون مدنى واحد لجميع المصريين
- قوة الفكر فى المستقبل القريب
- البحث عن فيلم سينمائى جيد
- تحرير النساء وقضية الاشتراكية
- من أجل ما نفعل؟ أو من أجل ما نكون؟
- إبداع المرأة وسجن اللاوعى
- ما يفوق العمر والأنوثة والرجولة


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الإنسان نعمة وليس نقمة