أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 15 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


في خلال السنوات الخمس، الشاهدة على وجوده شبه الدائم في منزل حميه، أستطاع أن يكوّن فكرة عامة عن أفراد الأسرة. ولعل عمومية الفكرة، تنسحبُ أيضاً على مَن كان يتصل بهم بصفة القرابة أو الصداقة. هؤلاء وأولئك، ما كانوا في حقيقة الحال ليختلفوا كثيراً عن مواطنيهم سواءً بالعقلية أو المسلك. إلا أنّ " دلير "، بشخصيته المنتمية إلى تربة أخرى، مشرقية، بقيَ غرساً غريباً مع كل ما بذله كي يندمج في حياة الأسرة. وفي التالي، فشل أيضاً بتحقيق ذلك على مستوى العلاقات الاجتماعية خارجَ جدران المنزل المضيف. انغلاقه داخل قوقعة العزلة، فوّتَ عليه كذلك الشرط الأساس للانفتاح على مجتمع غريب: اللغة. صحيحٌ أنّ المحكية الدارجة، هيَ تنويعٌ على اللغة العربية؛ ولكنها بسبب صعوبتها بدت كأنها لغة أخرى، موازية. في هذه الحالة، كان يعتمد على فهمه تلك المحكية، وفي آنٍ معاً، على قدرة الآخرين على التعامل مع لهجته. لحُسن حظه، أنّ المسلسلات التركية ذات الشعبية الطاغية، نقلت اللهجة السورية إلى مراتب لم تبلغها قبلاً قط. ويتذكّر " دلير " مبتسماً، كيفَ أطلت ذات مساءٍ كنّة الدار من باب المطبخ كي تسأل حماتها، وكانت هذه تتابع أحد تلك المسلسلات: " بدّك حط العشا هلأ؟! ". عندئذٍ، طفقت سيّدة الأسرة تنظر إليها بذهول وسط ضحكات البنات والصهر السوريّ.
كان من يُمن طالعه أيضاً، أنّ أسرة حميه بنفسها مزروعة في تربة غريبة. الأقارب، وكانوا قبيلة كبيرة في الموطن الأصل وراء الأطلس، قلّما تطفلوا على حياة الأسرة وذلك لأسباب عدّة تتعلق ببعد المسافة أو الخلاف على ميراث الأب الراحل. الأب، كان في حياته قد ترك هنالك امرأته الأولى مع أولادهما الأربعة، مكتفياً بوجود الخامس بقربه في مراكش. وإنه " إدريس " هذا، مثلما سبقَ ونوهنا مرةً، مَن تعهّد مهمة تمتين " صلة الرحم " بين الأسرتين اللدودتين. كونه قدم متأخراً إلى المدينة، في الوسع القول أنه كان يبدو بدائياً بالمقارنة مع أخويه غير الشقيقين. مع أنهم جميعاً نالوا المستوى نفسه من التعليم، تقريباً. الشقيقان، كانا بدَورهما على اختلاف بيّن في الشخصية، عدا عن افتراقهما شكلاً وبنيَةً: " لوحا "، الأكبر سناً ببضعة أعوام، كان طويلاً ورشيقاً، قسماته معتدلة وكذلك لونه الأسمر. الآخر، ويُدعى " حامي " بحَسَب التحريف الأمازيغيّ للاسم العربيّ، كان طوله الفارع ممتلئاً أكثر بينما ملامحه غير متناسقة وبشرته قاتمة.
" أولادي الثلاثة الكبار، تشددتُ في تربيتهم بسبب غياب أبيهم في فرنسا. لقد نالوا العصا جيداً! "، قالت الأم ذات مرة لصهرها السوريّ ضاحكةً. وأردفت بنبرة فخورة " في مدرستهم الابتدائية، كانت آنساتهم يتعجبن من هدوئهم وعدم مخالطتهم الأولاد الآخرين ". آثارُ التربية القاسية، كان يُمكن ملاحظتها، بينَ حينٍ وآخر، عند ذلك الابن البكر عبرَ انفجاره العصبيّ المفاجئ بوجه الأم. وغالباً، كانت ثورته نتيجة تدخلها في خلافاته المألوفة مع امرأته. على الرغم من إظهاره الاحترام للأم، ومناداتها دوماً ب " الوالدة "، إلا أن علاقتهما دأبت أن تكون متوترة. وهذه زوجة " دلير "، توضح له جليّة أمر تلك العلاقة: " إنه حريص، شحيح. يبغي التعيّش على حساب والدتنا، وفوق ذلك، أن تصرف على امرأته أيضاً. وليت الأمر يقف عند هذا الحد، فإنه يضع رأسه في كل شاردة وواردة بالبيت ". الجملة الأخيرة، فهمها رجلها الغريبُ على حقيقتها؛ وهيَ أنّ ذكر الأسرة العتيد كان يتدخل في حياة شقيقاته، وبالأخص غير المتزوجات منهن.

***
كان قد أطلّ على الثقافة المغربية من نافذة مؤلف " الخبز الحافي "، وذلك قبل أعوام عديدة. وها هوَ يعرفُ المدينة الحمراء، هذه المرة، من خلال نساء المنزل؛ يعرفها نوعاً، بكل غموضها وغرابتها. في المقابل، أدرك " دلير " وليسَ بغير قليل من الخيبة، أن بعض أفراد الأسرة نهلوا قناعةً راسخة عن طبيعة أبناء بلده من منبع آسنٍ. إنه ذلك الشاب الحلبيّ، الذي جاء ليسكن بينهم، حاملاً معه رأساً ملغوماً بشتى الخرافات، وخصيتيّ ثور مريعتين ـ كقنبلتين يدويتين، مهيأتين بدَورهما للانفجار.
على ذلك، كان مفهوماً اعتراضُ " لوحا " على الخطيب الشاميّ والمغلف بحجّة فارق العُمر. وكانت حجّة واهية بالطبع، طالما أنه بنفسه كان قد تجاوز الثلاثين آنَ اقترانه بطفلة عمرها خمسة عشر عاماً. مهما يكن الأمر، فإنّ أحداً لم يهتم باعتراضه وسار كل شيء على ما يرام. وهوَ من جانبه، ما عتمَ أن أبدى لا مبالاة بالموضوع، تاركاً إياه على كاهل الأم ومسؤوليتها. ثم لاحَ أنه أرتاح للخطيب، وبالأخص لما عاد من السويد حاملاً له سترة أنيقة على سبيل الهدية. إلا أنه امتنع عن ارتداء السترة، وكذلك فعل لاحقاً بالهدايا المماثلة. حينَ سأل " دلير " يوماً مَن صارت امرأته، عن تفسيرٍ لمسلك شقيقها الكبير، فإنها ردت متضاحكة: " على الأرجح، إنه وجدَ مشترٍ لهداياك! فكان عليك ألا تجشمه هذا العناء، فتمنحه منذ البدء مبالغ مالية! ". وعن طريق امرأته أيضاً، حصل الصهرُ على معلومات مثيرة عن مواطنه، الذي كاد أن يُصبح عديله.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1
- تورغينيف وعصره
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 4


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4