أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - العاصفة والكلاب ...















المزيد.....

العاصفة والكلاب ...


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 6004 - 2018 / 9 / 25 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


العاصفة والكلاب..
الرعد والبرق يترادفان على كومات السحب الكئيبة في السماء القريبة والارض هاهي ترتجف..تحت اقدام طيف..ملفوف في ثياب بالية فزاعة عملاقة تلعب بها قوة الريح..كان الطيف يحذق في الاعالي يتمنى ان يحلق في البعيد..وهو يعبر الجسر الطويل..الجسر يكاد لا ينتهي..وصوت الرعد والبرق يزيدان من وحشة المكان..يعرف نفسه جيدا..عارف بجنونه وبروكبه الاخطار..عارف انه سيصل الى غايته عند الانتهاء من عبور الجسر..عارف انه شديد الاختلاف عن هلوسات ذلك الرجل المسعور ..الذي روع الاسواق والكنائس..بحثا عن ما سماه الاهه..لقد كان الطيف ذي الاسمال المفزعة لايحمل شيئا..من السعار سوى افكاره وامال في الوصول الى نهاية الجسر..ولم يكن يحمل فانوسا او مشعلا..كات ظنونه حول الاخلاق الفاضلة هي كل راسماله ..ولم تكن له صفات..و القماش المتهدل على راسه يخفي كل ملامح وجهه...وهو بذلك لا يشبه الناس..كان لا يتكلم..يسير صامتا..لا يلتفت الى الوراء ..ويركل هنا وهناك الحصى و حجارة ..ويطأ اعشاب يابسة تعترضه في طريقه هذا..ويحدث قلبه ان هذا الطريق يتمدد ويطول اكثر مما كان عليه في السابق من الايام..ولا يزال في عنان السماء يسمع صخب البرق والرعد كانهما يتخاصمان في اعلى القمم المجاورة..وينتظربصبر بداية هبوب القطرات الاولى من الغيث..الا ان الغيث لا يزال لم يتخد قراره في الهطول...والارض عطشى تحت اقدام الطيف...!وكان يسير بثبات قل نظيره..بين بني البشر..خطوة ..وراء خطوة وهو يحدث قلبه..كارها ذكر البشر.اذا كان الامل والايمان والجلد كلها ملازمة للحياة ..فكيف ان غالبية البشر يفتقدونها..والحب ...بدله الاوغاد بالكراهية..والكذب ..لا يحب البشر سوى عبوديتهم وتبعيتهم..هذا ما اصبح يميز هذا الانسان..كان الطيف صغيرا ولم يكن يعرف هذا الاختراع البشري.. الذي يسمونه بالكذب..هل هي بداية حقبة يكف فيها البشر عن ان يكونوا بشرا..وانهم بدون وعي منهم تحولوا الى الات..علب..صناديق اسرار رذيئة..لاي
تفكر ولا تشعر...في هذا الحد من تخاطر الطيف مع قلبه..البارد ..تحت الرعد والبرق قصف الريح..تقاطع حواره مع اصوات قادمة من بعيد..تشبه نباح الكلاب..كانها مشعورة..كانت تعبر الجسر...فس خط معاكس..عاد ليفكر مع نفسه..وقال لها ...لشت باللحم المناسب..لهذه الانياب..وكان لابد له من ان يستعيد بعض شجاعته..كجميع الاشباح القوية..وليس كبني البشر...لربما تكدر لهذا المشهد بعض الشيء..لانه مشهد غريب..بدل له زاوية النظر الى الامور المتحركة على الجسر...وغير اتجاه نظراته الى الارض عوض السماء..وتوقف عن الرجاء في ان يمتلك لحظة اجنحة يصعد بها الاعالي ..ويشهد مطلع الحرب بين الارض والسماء..!..كل الحروب تقتصر ساحتها على الارض..بينما السماء تستمتع بالفرجة والضحك..وكرر مع نفسه لست تلك اللحمة التي ستدفع الجوع عن معدة هذه الكلاب المسعورة..ازدادت حدة الاصوات على الجسر وهي تقترب..وظلت خطواته تابثة..يسير الى الامام..وصمته قاتل يجمل وحدته على الطريق...كان الصقيع يتوهج في عيون القطيع..وقلبة بارد جامد لا ينبض..هل كان مستهزءا ..من المشهد..وهو يسمع حفيف حوافر القطيع تدوس العشب..والتربة..معا.و.العواء مع الغيض مكظومين..وكان لابد له من الشجاعة و الاقدام الى نهاية الجسر...تحول النباح الى عواء.وتحول العواء الى همس وكلام يشبه كلام البشر عند الاعداد للحسائف.والمناورات..ووضع الخطط للتكالب على الهدف.!..وكان يسمع لهذا الضجيج..واثقا من نفسه..كانها اصوات رائقة تزيد رونقا لسمفونية البرق والرعد ..وحينها انهالت على الطيف..حباة مطر ساخنة وغليظة انتشرت على زوايا الجسر..وفاحت روائح التربة العذرية..واظطر الى التوقف..وفتح دراعيه للمطر القادم بقوة..بل جمد في مكانه كانه صنم عظيم ..في ساحة المدينة ..غير مبال بضجيج القطيع..الذي يقترب منه..!
تحولت الامطار الى عاصفة همجية ..تتلوى بين تيارات الريح فبعثرت الاشياء على الجسر وتحت الجسر ..وفي الضواخي القريبة ..كل الاسئلة التي كان يعرضها على فلبه لم تكن لتجد لها اجوبة فظلت معلقة مابين السماء والارض..وهو على الجسر ..مابين المدينة والريف ..كان يطمح لايجاد اجوبة لها ..لكنها ظلت معلقة في الاعالي...كنظراته الحزينة..ومن حين لاخر كان يبلل بماء المطر ساعديه..استعدادا لبدلية المعركة ..وتلك القطرات تتسرب بمهل الى عقله..وهو عيد صياغتها الى افكار جديدة...وكان موقف السكون القصير الذي يتخلل العاصفة يمنحة وقتا لدراسة الموقف..وتحديد مكامن الاخطار..!..كانت الرياح..كانها تعرفه..تحيط به كناعورة لتحطم كل شيء يقترب منه ...وقبل الدخول في عمق العاصفة ..لابد من التعرف على اسرار المكان ..فهووحده عارف باحواله المتهيجة ..والمتحولة ..هناك جسر يعبر من مدينة البقرات الضاحكة..الى قرى مجاورة بعيدة عن لغط الحضارة وللتقنية بعيدة غن للصراعات اليزمية لاجل ديمومة الحياة..والنهر الفرارق بين عالمين كبير ..وحولتع من الماء تسع البدو والحضر..تكفي لكل سكان المدينة والقرى..وغيرهن من السكات الا ان الفقر يكاد يطحن الاغلبية بسبب سوء توزيع الزرع والغلات ونهب بعضهم ..وتفشي السرقة في البقرات ليل نهار..الجميع كان يتكالب على اللحظة لجر بقرة ..لم يكن الناس لهم من المحتوى في دواخلهم كي يتقون شرور انفسهم.. ...ولا يسع الطيف الا ان يصمت ويظل ساكنا عندما يكون يمتلك احساس واضح بالهجرة بعيدا..يعبر للجسر..ليست قضية رفض الغيش بين البقرات ..اخساس بان الروح التي كسبها بالصدق بدات تتبخر ..وتضيع منه ..كل السعادة كانت تاتيه من امتلاكه للمعرفة..وهاهو قد عرف..لكن الضجر والملل بقي يلازمه ..في كل مكان وطاته قدميه..المعرشتين..الحياة وسيلة للمعرفة..نضال من اجل البقاء على افضل عيش..يمتلك قوة الضحك..والمرح..ومن اين دلفت اليه هذه الكلاب ؟ هل من دواخله..كلاب تهمس لبعضها لها نفس خصال البشر..اه كم يكره البشر..الكلب كلب بجثته..وراسه راس ادمي..كانت تلك الوجوه الكلبية تنظر الى سواعده المنتصبة الى الافق..تنظر في اتجاه شيء لا يراه..وكانت منقبضة ..في حالة دهول مطلق..حالتها تلك المرتبكة انستها الانقضاض عليه..لم تكن في حالة سعار..وليست لها نوايا الهجوم..كانت مندمجة مع المشهد..كانت ترى وتسمع اصوات بعيد تعج بها السماء..وكانت قادمة من الريف..المجاور..لمدينة البقرات الملونة..مابين ضفتي النهر..مدينة خيرها كله في حلب البقرات..وقرى تستوطنها الكلاب المرقطة..نعم المرقطة..بلونين عاديين ابيض..واسود..وتحت الجسر ..تنطلق سمفونية شرشرة مياه النهر العظيم..هادئة لكنها قوية وجارفة لكل شيء...لو احدر الطيف وجهه الى الاسفل..لاستقبلته اسراب الاطفال الجميلة التي يحملها النهر بحنو وشفقة ..الى مصبه حيث يلتقي بالبحر...هل هي طيور الجنة المهاجرة..؟..لم يكن يتمنى ان تطول هذه اللحظة..ويود لو تخلص من فضول الكلاب..واستمر في قطع الجسر الى نهايته..ماذا سيجد في هذه النهايات..المجهولة..!..دولة..طاغية..شعوب مسالمة..ام حروب دامية..واهات وانين ..كان كل شيء وارد في احتمالات النهايات..الا السلم وذلك الشيء الذي كان يسميه وهوطيف صغير بالسعادة...!..كانت تلك الكائنات الفضولية اي الكلاب تمنحه اذانها الصاغية ..وهو لا يقول شيئا..بالاحرى كان تمنح السماء اذانها الصاغية..ونظراتها المطيعة..الهادئة...!!..والعاصفة القوية لم تكن تخيف احدا من المتواجدين فوق الجسر...!كانت الكلاب..تكلف نفسها بنباح الصدق وهي كاذبة..تريد ان تحصل على نصيبها من نهب البقرات..كل شيء عندها مزيف..على غير حقيقته..باسنان مسروقة من البشر كانت تستعد للعض..والنهش..وهي الجبانة العقورة..كل شيء مزيف حتى احشاؤها...بوجوهها البشرية لابد ان تكون لها احشاء..وامعاء..ومعدات بشرية..لاتعرف الشبع...ومصير المدينة المرتقب سيكون عسيرا في تلك اللحظات..والسمفونية التي يرددها اطفال الجنة وهو يسبحون فوق مياه النهر الى مكان مجهول ..في احيانا كثيرةةكانت مخلطة بالعويل..ومشوشة بالخصومات ..والعراك..على مكان بعيد من مايحمله النهر من اعطاب..وبقايا تثير الموت وتقربه...!هذه العلامة على اخطار اللحظة كانت تسقط في وعي الطيف..ويفكر انه عليه الاسراع في التخلص منها بمواصلة السير على الجسر..الى نهايته...الى نهايته..!..
العاصفة تزيد من قوة فيضان النهر..وفي الاجواء تنتشر روائح الطين والتربة ..وجدوع الاشجار المنزوعة بقوة التيار والمشبعة بسيول الامطار الساخنة و..والكلاب تريد ان تفرض قيمها على ما فوق الجسر..والطيف يلازم مكانه..كالصنم..لا يتململ..!كانه ينتظر انتهاء العاصفة..الا انها كانت تهدأ...لتعود من جديد..وبقوة اكثر..!مجرد افكار مشوشة..لا تفعل اكثر من فعل..الفقاقيع..تنتفخ في الاعلى لتزيد من حدة الفراغات..ثم تتفرقع..ولاشيء بعدها..لا طائل من ورائها..فظيع ان تكون وحيدا وسط القطيع..واي قطيع..جثت كلاب برؤوس للبشر...!!..
كان الطيف حينها كالحالم الصغير يرى الاطفال تمتطي جدوع الشجر .تطفو فوق الماء..تغادر من اسفل الجسر وتحلق عاليا في السماء المضطربة..الملبدة بالغيوم السوداء..على انغام سمفونية التراب المغسول والغبار.الاغبر..شرشرة الماء تهز ارضية الجسر ولا تفزع الطيف..ولكنها اتلفت تركيز الكلاب المرقطة...فحلقت هي كذلك وراء سرب الاطفال..هذه المرة تنبح..وتعوي..وتتكالب ضد بعضها لاجل ان لايبقى اي امل للاجيال القادمة في عبور الجسر...ففي منتصفه تسمر الطيف.الفزاعة .جامدا على الارض....لا يتحرك..!!

عبد الغني سهاد

___________



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلف النوافذ...(20).
- خبب الجياد ما بين دفتي كتاب ...!
- فشل التعليم..وعسكرة المجتمع
- الانسان الخارق..(السوبيرمان)
- الباشا حمو...(مول الكرنة )
- اصوات مراكش..(1)
- خلف النوافذ...18
- سبقوا الشكيمة....قبل العود..!
- الكتابة وكرة القدم...
- مسرات بوريكو ...الحمار
- سليمان سلطان الحواتة...
- فوق المسمار...(2)
- فوق المسمار...(1)
- هل سيعود للشمس وهجها الاول..!
- مجنون...من يثق بها..!
- بويكوطاج الى ان تزول...
- ربطة عنق سوداء...
- اليهودية وتهمة معاداة السامية...
- تحت شجرة فلوبير...
- القوميديا والطراغوديا العربية ..


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - العاصفة والكلاب ...