أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - هلْوسة مُحْتَضَر














المزيد.....

هلْوسة مُحْتَضَر


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 16:45
المحور: كتابات ساخرة
    


على رؤوس أصابع قدميها وبحذرٍ شديد دخَلَتْ إلى غرفته لتتفقَّده، فقد حرصتْ ألّا توقظه بعد أن كابد ليلةً بكاملها لم يغفُ فيها لحظة واحدة من شدَّة أوجاعه. اقتربتْ من السرير الذي يرقد فيه منذ أكثر من خمسة أشهر، وضعت راحتيها على جانِبَي رأسه لقياس حرارته، فما كان منه إلا وتحرّك ماسكاً يديها برفق وقبَّلهما وضمَّهما بحنان إلى صدره، وقال لها بصوتٍ متهدّج وقد اغرورقت عيناه بالدموع:
- زوجتي العزيزة، ها أنذا أودّع الدنيا بما فيها من حلاوة ومرارة. وربما بعد لحظات أكون بين يدي المولى حيث الراحة الأبدية كما يقولون. وكما تعلمين لا أمل بشفائي من هذا المرض اللعين. لذلك أودّ أن تسمعيني جيداً ومن دون مقاطعة لو سمحتِ.
وصيّتي لك يا حشيشة كبدي أن تتزوّجي رجلاً آخر بعد رحيلي بستة أشهر، لتعرفي قيمتي، وبالتالي حجم الخسارة الجسيمة التي ستتكبّدينها بغيابي.
نادرون هم الرجال الذين يتحمّلون زوجاتهم كما تحمّلتك يا فرحة عمري.. ومع ذلك أنا ممنونك جداً. وكما يُقال رُبَّ ضارّةٍ نافعة. فقد زارني شيخ الجامع منذ يومين خلال وجودك بالوظيفة، وقال لي بالحرف الواحد: «إن كل عذاباتك مع زوجتك المصون، ما هي إلا بروفة بسيطة لما سينتظرك من عذابات جهنّم». أي أنني تدرّبت سلفاً على مآسي الجحيم بفضلك يا نور عيني.
أوووف، الله يسامحك يا شيخي، بدلاً من أن تخفّف عنّي وأنا بأيّامي الأخيرة، تَعِدُني بالويل والثبور وعظائم الأمور؟ ولك رُحْ الله يلعنك الرحمن الرحيم والشيطان الرجيم على زيارتك غير الميمونة. أصلاً من هو العاتب عليك حتى تزورني!
صحيح أنني لا أمارس أيّ طقس ديني، ولا تعنيني كل الديانات.. وأشرب الخمر، و.. لكنني لا أؤذي أحداً يا شيخ الزفت.
بالله عليكِ يا عمري، وأنتِ خير من يعرفني.. بشرفك، يدي على رأسك، هل أستحق الذهاب إلى جهنّم؟
ردَّت زوجته معاتبةً:
- هوّنْ عليك يا رجل! ليس من داعٍ إلى كلّ هذا الكلام..
- أرجوكِ، لا تقاطعيني، دعيني أكمل حديثي، إنها فرصتي الأخيرة يا زوجتي الغالية والتي لن تتكرر بالتأكيد.
ياه، كم ستذكرينني بالخير لدى مقارنتي مع زوجك الجديد! ستقولين: «فعلاً لن تعرف خيره، حتى تجرّب غيره. أيه، ياما ظلمتك يا زوجي المعذّب، إهئ.. إهئ». ولكن هيهات أن ينفعك الندم يا خانم!
هه، والمشكلة الكبرى التي ستشرئبُّ بوجهك، أن زوجك الجديد لن يقدر على تحمّل العيش معك زمناً طويلاً كما تحمّلته أنا. وأعتقد أنه لن يصبر أكثر من بضعة أيام. وسرعان ما سيعلن الطلاق لينفد بريشه، وربما يتنازل عن كل ما يملكه لقاء الخلاص والارتياح منك..
فأنت واضحة بل وقحة في صراحتك، وكلامك هكذا «دجّ» لا شور ولا دستور. وسوف يعرفك على حقيقتك بسوَيعات من خلال ثرثرتك. فأنت غير قادرة على الإنصات إطلاقاً، ولا تحلو لك الحياة إلا بالحكي الفاضي الذي أغلبه بلا طعمة..
أرجوك يا من سوّد عيشتي وجعلني أفكر تارةً بالانتحار وتارةً أخرى بارتكاب جريمة، إذا سمعتِ بمسابقة دولية لأكثر الرجال صبراً في حياتهم الزوجية، أن تنخرطي فيها بالنيابة عنّي، وأنا مستعدّ لكتابة وكالة لك غير قابلة للعزل بعد مماتي. قدّمي لهم (c v) عن ملخّص مأساتي معك. وتنعّمي بما ستحصّلينه من أموال، إذ من المؤكد أنني سأحوز على الجائزة الأولى. لأنني بالفعل فريد عصري. فقد قرأتُ مئات الكتب عن كل شعوب الأرض، وتبيَّن لي أن أحداً في هذا العالم لم يتحمَّل جزءاً يسيراً مما تحمَّلته.
ياااه، والله بفضلك يا مدام أصبحتُ بطل العالم في تحمّل الشدائد. ولك الله يلعن الساعة التي تعرّفتُ فيها عليك يا بومة. فعلاً كانت ساعة نحس!
بقي لي أن أبوح لك ببعض الأسرار لأهزّ بدنك قبل أن أفارق الحياة، والتي لم ولن أندم على ارتكابها أبداً. ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لفعلتُ الأكثر؛ لقد أبلغتُ الجهات الأمنيّة بعدّة تقارير أنك من أنصار «داعش وجبهة النصرة» على أمل الاحتفال بتكنيسك من حياتي ولو لأسابيع.. لكنهم لم يصدّقوني للأسف. كما أنني خنْتكِ مع نساءٍ أخريات عشرات المرّات. وكنت على وشك الزواج من صبيّة حسناء لا تصلحين أن تكوني خدّامة لها. لكنني حكّمتُ العقل وقلت في نفسي: «ولك يا مغضوب، ما هي الضمانات من ألّا تكون هذه المرأة في المستقبل مثل زوجتك الحالية!» وسرعان ما عدلتُ عن الفكرة وأعدمتها في مهدها. فاللبيب لا يمكن أن يلدغ من الجحر مرتين.
وطبعاً يا مصيبتي، حصل كل ذلك بسبب قرفي الشديد منك ومن سيرتك. لأنه بصراحة أهون عليّ معاشرة قردة جرباء عرجاء على العيش معك ومع بلاويكِ الزرقة.
فما كان من زوجته إلا وسحبت يديها بسرعة من يدَي زوجها وقد انتفخت أوداجها ونبقت العروق الحمراء في عينيها، وهرعت هائجةً صوب المطبخ ترعد وتزمجر، وأحضرت أكبر طنجرة وعادت إلى زوجها باعقةً:
- «إذا كان زوجي الجديد لن يستطيع الصبر عليَّ إلا أيام قليلة ليعلن طلاقه، فأنا لا أستطيع انتظار المولى تبعك أكثر من ثواني ليأخذ أمانته».
وطفقت تهوي بالطنجرة على رأس زوجها بكل ما تملكه من حقدٍ وثأرٍ وانتقام.. إلى أن استيقظ من هذيانه!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُسَلّي
- مقطع من روايتي «في قبضة الحليف»
- إنّنا نُخْصِي العجول!
- النقد اختصاص وليس إدارة!
- «اغتصاب» مُحَبَّب!
- بِلا أُذُنَين!
- دردشة مع شوفير!
- طلال حيدر و«الغجر»
- لماذا حصل ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت؟
- الدالوم
- الخَرُوف
- مناجاة الروح والجسد
- مذكّرات نقابية
- الحبُّ في زمن القهر
- وجهة نظر في بناء سورية الجديدة؟
- فلاشات من هنا وهناك (6)
- فلاشات من هنا وهناك (5)
- التأمينات الاجتماعية وعمّال القطاع الخاص في سورية
- أوّل لقاء..
- قراءة في مشروع تعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - هلْوسة مُحْتَضَر