أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - الامبراطور المتنور /ج2














المزيد.....

الامبراطور المتنور /ج2


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 11:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد وفاة والدته كان خير معين له اخوه ليبولد في تسكانيا واخته ماري انطوانيت في فرنسا. وكان وهو في الاربعين مفعماً في النشاط , يقظاً, ملماً بالتاريخ واخلاق البشر , وكان يشكوا من قلة الوقت , دؤباً في عمله , ولم يكن له اصدقاء او خليلات , وكان عمله هو غرامه الوحيد , لكن ماعاناه هو البيرقراطية المتفشية في الاوساط القربية منه, الذين استراحواالى التقاليد والموروث من العادات , فنبذ كل تفكير في الديمقراطية , لانه على يقين بان شعبه سيعتنقون اي اراء يتسلمونها من ساداتهم , أو كهنتهم . ولم يفكر ببرلمان كالبرلمان الانكليزي مدركاً انغلاق مجتمعه المتكون من ملاك الاراضي والاساقفة , فاصبح يؤمن بالملكية المطلقة كأداة للتغير . فانشأ نظاماً بوليسياً افسد عليه حسناته ..
من مقومات حكمه المطلق كان التجنيد الالزامي الذي سيعينه على تحجيم فريدريك وطرد الاتراك من البلقان . وعين مجموعة من الفقهاء لاصلاح القوانين . وحرّم المبارزة , وجعل الزواج مدنياً . كان لايعين القضاة الا بعد تدريب خاص , واجتيازهم امتحانات عسيرة . فالغى الكثير من المحاكم الكنيسية , واقر المساواة بين جميع الاشخاص امام القانون . وقد صعق النبلاء حين حكم على أحدهم بكنس الشوارع .
اصدر بعدها مراسيم بالغاء القنينة , وكفل للجميع حق التملك , وتغير اماكن سكناهم , ومهنهم . واعد محامين خصوصين للدفاع عن الفلاحين . ثم شجع الصناعة الرأسمالية , لكنه عارض الاستكثار من الالات مخافة ان يحرم الاف العمال من ارزاقهم .. واعفى الصناعيين من التجنيد الالزامي , ورفع من مقام التجار ورجال الصناعة واصحاب المصارف . ثم الغى المكوس الداخلي , لكنه ابقى الجمارك على البضائع الخارجية . مما ادى كل من بروسيا وتركيا وسكسونيا ان توصد ابوابها امام الحاصلات الامبراطورية ..
وابدى تشجيعا لتداول رأس المال , وقدم القروض الحكومية للمشروعات الجديدة , وانشأ مؤسسات للفقراء يستطيع من خلالها اي شخص عاجز ان يطالب بالمساعدة والمعونة , وقام باصلاحات دينية فتقرر بموجب هذه الاصلاحات الحرية لطائفة البروتستانت والروم الارثودكس باقامه شعائرهم الدينية وحقهم بالعمل والتملك , ثم حث على تجنب النزعات بسبب الخلافات المذهبية , واقر ان التسامح هو ثمرة انتشار التنوير الذي شاع في كل اوربا , وان الفلسفة دون غيرها هي الرائدة في الحكم .
في عهده تكاثرت المحافل الماسونية التي من اهدافها مكافحة الخرافة والتعصب , والعمل بموجب حرية الضمير والفكر ..لكن لم يمضي بعض الوقت حتى اخذ يشك في اهدافها . فأمر بدمج جميع المحافل الماسونية في محفل واحد في عاصمته فينا .
عام 1782 راجعت لجنة عينها ( يوزوف ) لتراجع قوانين الرقابة على المطبوعات , فحضرت الكتب المحتوية على عبارات لا اخلاقية أو بذاءات عن المسيحية . لكن بنفس الوقت حضر الكتب التي تروج للمعجزات والرؤى الخرافية , وعفى الكتب العلمية من الرقابة , كذلك الكتب الثقافية .. وسع من الحرية الاكاديمية , فحين اعترض اربعة عشر طالباً على استاذهم لانه فند ان العالم خلق في ستة الاف سنة , فحدثت مشاكل في الجامعة من جراء هذا التصريح حسم ( يوزوف ) الامربعبارته الشهيرة (( يجب ان يطرد الاربعة عشر طالباً , لان ادمغة في فقر ادمغتهم لن تستفيد من التعليم )) وكان قبلها قد اغلق كثير من الاديرة التي لاتدير مدارس , ولا تعتني بالمرضى . ثم اتخذ قرار بان تسجل جميع الممتلكات الكنيسية لدى الحكومة , و اجبر الاساقفة على ان يقسموا يمين الطاعة للسلطات العلمانية ! .
وحين زار ( البابا بيوس ) فينا لاصلاح ذات البين .. استقبل بحفاوة بالغة من قبل الشعب وجماهير الفلاحين الفقيرة . ادرك (يوزوف ) مدى تجذر الايمان في عقول الناس فاصيب بالاحباط لكنه لم يتراجع عن اصلاحاته مما حدا بالبابا ان يرجع الى روما وهو حزين ..
احد اسباب فشل الامبراطور بادارة امبراطوريته كانت ( المجر ) وقد اندهش حينها من تغليب الروح الوطنية للجماهير المجرية على مصالحهم الطبقية , اضافة الى ما سببته مشاريعه التعليمية باحلال الالمانية في التعليم بدل المجرية , وصاحب كل هذا معاناة اصحاب المال ورجال الاعمال حين عطلت الرسوم الجمركية عملية تصدير محاصيلهم , ثم الزيادة في عدد البروتستانت كنتاج للاصلاح الديني على حساب الاكثرية الارذودكسية واخيرا ثورة الفلاحين ضد سادتهم الاقطاعيين المجرين , حيث قتلوا اكثر من اربعة الاف مجري وحرقوا قصورهم , واعلنوا انهم يعملوا برضى يوزوف . لكن رغم عطفه عليهم وتأيد كرههم للظلم الطويل , امر باخماد الثورة , واعدم اكثر من مائة وخمسين من زعماء الثورة . فلامه الفلاحون , ولامه النبلاء مما هيأ ثورة قومية ستاتي لاحقا عام 1787.,
عام 1781 زار يوزوف هولندا وبلجيكيا, وراعه التناقض بين رخاء هولندا والركود الاقتصادي في بلجيكيا , فعين اخته كرستينا وزوجها حاكمين على الاراضي المنخفضة , لكن التقاليد الرجعية , ومراسيمها التي تعود الى القرن الثالث عشر حالت دون اصلاحاته . مما جعل كريستينا توعد بالغاء الاصلاحات البغيضة ..
بقيام الثورة الفرنسية وسقوط الباستيل . اعلنت شعوب الاراضي المنخفضة خلع ( يوزوف ) وقيام جمهورية الولايات المتحدة البلجيكية , فاعترفت بها كل من انكلترا وبروسيا وهولندا ..
عاش يوزوف سنواته الاخيرة بمرارة فائقة .. فقد كانت المجر وبلجيكيا تضطرمان بالثورة , وفي الشرق يتقدم الاتراك , وجيشه المحلي اخذ بالتمرد , وشعب النمسا الذي احبه يوما ما , انقلب عليه , وندد به القساوسة ملحداً , وكرهه النبلاء , واستشرت مطالب الفلاحين , وعانى الفقراء من الجوع ..
في 30 ينياير 1790 اعلن الغاءه جميع الاصلاحات التي امر بها منذ وفاة والدته ( ماريا تريزا ) , وادرك خطأه انه حاول باصلاح كثير من الامور في وقت واحد , وبعجلة كبيرة , ثم اصيب بامراض عديدة مما جعله يدعوا اخوه نيوبولد الى تسلم مقادير الامور والف قبريته التي قال بها ((هنا يرقد يوزوف الذي لم يستطع ان ينجح بشيء )) وهو لايعلم انه بعد ردح من الزمن ستعاد جميع اصلاحاته ..



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامبراطور المتنور
- العقل والدين عند كانت
- الاستمكان والامتحان / قصة قصيرة
- روما القديمة والمسيحية
- فيزوقراطية وشيوعية القرن الثامن عشر
- الرجل المقلوب / قصة قصيرة
- فولتير والدين /ج 3
- فولتير والدين /ج2
- فولتير والدين /ج 1
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج4
- لنوقف هذا المد الفاشي
- المتنورون في القرن الثامن عشر ج /3
- المتنورون في القرن الثامن عشر /ج2
- المتنورون في القرن الثامن عشر / ج1
- يوم ماطر/ قصة قصيرة
- الفيلسوف والبقال قصة قصيرة
- تعددت الابواب والكاتب واحد
- الدولة والاحزاب
- فلسفة الاديان
- الرواية مهنة ام امتهان


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف الصفار - الامبراطور المتنور /ج2