أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - ! -الخطاب الديني المعاصر و- شوف حبيبي















المزيد.....


! -الخطاب الديني المعاصر و- شوف حبيبي


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1480 - 2006 / 3 / 5 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتضارب الأراء والرؤى حول بنية الخطاب الديني وكيفية تجديده واصلاحه بما يتناسب مع متطلبات العصر..وهناك بحوث ودراسات واجتهادات بهذا الصدد موضوعة على طاولة النقاش والجدل ومن قبل المهتمين بهذا الموضوع مع اختلاف الهدف والغرض وحجم الضرورة وكل حسب رؤيته.......

إلا انه لم يخطر ببال احدهم أن يطرح خفة الدم كضرورة معاصرة في تبني الخطاب الديني وطريقة طرحه!... ورغم أن خفة الدم لم تخطر ببال احدهم كأطروحة من ضمن الاطروحات الكثيرة، إلا ان هناك من قفز بالتنفيذ واثبت بأن خفة الدم من مقتضيات الخطاب الديني فيما لو اريد له ان يكون مؤثرا وسلسا ومتماشيا مع العصر!!....
فقد استخدم هذا الخطيب القافز فاصلة سمعيّة مرحة بين جمله الملقاة من خلف المنبر الى المجموع المتلقي...تلك الفاصلة هي " شوف حبيبي" .. وتلك حقيقة وليست من وحي الخيال اطلاقا، فقد استمعت لهذا الخطيب واسعدت به وبخطابه حتى خفّ دمي فنمت ليلي وحلمت احلاما مباركة!
سأستخدم تلك الفاصلة لتوضيح الصورة وتكملة الحديث...وسأضيف فواصل اخرى وعلى نفس المستوى لمضاعفة خفة الدم واضفاء نكهة معاصرة! علما ان الموضوع في منتهى الجدية...
....
- شوف حبيبي- ذكرت توا أن الأراء تتضارب في موضوع التجديد...
فبينما يذهب البعض الى ضرورة التجديد الجذري وابتداءا من اصول المفردات، ويرون بأن مفردة "مسلم" هي لا تعني المسلم الذي ولد على دين الأسلام او اسلم لاحقا بل هي مفردة تلتصق بكل من آمن بالله واسلم له امره وبغض النظر عن نوع الرسالة التي يتبعها،- زين آغاتي- وخصوصا بالنسبة لمعتنقي الأديان السماوية ومنهم من يخص... الرسالة المحمدية والمسيحية..

وهكذا يرون بصدد مفردة "مؤمن" فالمؤمن هو كل من آمن بالله وبغض النظر عن حقيبته الأيمانية وما تحتويه بهذا الصدد من قياس ودلالة فتلك بينه وبين ربه ،وهذه الرؤية- حبيبي- لربما تنطلق من كون الهدف الأوحد والقاسم المشترك الأكبر هي " الذات الالهية"،- معاي آغاتي؟- اما الأختلاف فلا يقع إلا فيما هو دون تلك الذات المتفق عليها، ولا يجوز ان يتموضع هذا التخالف او يقفز الى المرتبة الأولى لتصنيف معتنقي الرسالات ،- مفهموم حبي-، فالكل من منطلق تلك الرؤية هم مسلمون ومؤمنون وكل حسب معتقده ومقتضياته.. - حبيبي خليك معاي وركز.-.. وتنسحب تلك الرؤية لتغطي مفردة" الأسلام" وهي مصدر للفعل "اسلم" ومعناها اللغوي "فوضّ" فمن اسلم لله هو من فوضّ امره لله..والأسلام هو التسليم والطاعة والإنقياد وسبغته الشرعية "التوحيد"... - شايف شلون روحي-... ومن هنا ينبري السؤال..هل الطاعة والإنقياد وتفويض الأمر لله من شأن المسلمين فقط ام ان للتوحيد والطاعة تاريخ عريق يسبق الرسالة المحمدية وبقية الرسالات...؟..- فكر زين آغاتي-...
علما أنه في نصوص القرآن ظهرت مفردات مثل مسلم،اسلام،مسلمون،مؤمن مؤمنون. وهي واقعة ضمن معانيها الشمولية المرتبطة باسلام الأنبياء- لا تستغرب حبيبي-،فكل نبي هو مسلم لخضوعة لله وارتباطه به - صدقني حبيبي-، وكل رسول هو نبي(وليس العكس) وتقع عليه وعلى قومه المؤمنين به صفة الأسلام بمعناها الشامل وليس الضيق الذي انتجته مؤسسات الأديان والصقته بالوعي الجمعي وعبر التاريخ القديم وليومنا هذا لتمسي عرفا معمولا به...
فقد وردت تلك النصوص في سورعدة، ومنها .. البقرة،غافر،يونس،العنكبوت،آل عمران ...... - روح اتصفح الكتاب حبيبي-...

اقول....
بينما تُعتَمد الجذرية كأطروحة لبلورة الخطاب الديني كما تم التنويه اليه بإيجاز، يذهب البعض ليجادل في مكنونات الخطاب بشكله العام والموجه للعامة،فيرى ضرورة فصل الشريعة عن الفقه وعدم الخلط بينهما،فالشريعة هي من وحي الله اما الفقه فهو من وحي البشر، وهو محاولة لفهم شريعة الله ومتطلبات الأداء البشري وفقا للمنظور الرباني....
... انا ارى بأن الفقه يبتعد عن روح الشريعة الألهية في اغلب الأحيان ليقترب من الذات الدنيوية ومصالحها، فهو اداء بشري قد يرتقي وقد يهبط...قد يقترب من شرع الله ويوظف له او يبتعد ليوظف بأتجاهات مختلفة،وكل اتجاه يحمل حقيبة مصالح دنيوية لفئة او مجموعة بشرية على حساب اخريات...- شوف حبيبي - سأطرح بعض الأمثلة...

* الجهاد في الخطاب الديني.....

نرى ان مفهموم " الجهاد" - ركز حبيبي- يُطرح بأزوداجية فقهيه لا مثيل لها.. فالجهاد في الفقه- يا حبيبي- موجه ومصوب نحو الخارج ومستفرغ تماما من آهليته في الداخل...فلا جهاد يذكر ضد طاغوت او متجبر او من اجل حق مستباح اوحرية مكبوتة او آدمية منتعلة -لا تنقهر حبيبي لا تنقهر- فهنا يسقط فقه الجهاد ليحل بدله فقه المهادنة المتمسح بطاعة اولياء الأمور او بحقيبة التروي والتصبر والإنتظار المطّول وبحكمة أخف الضررين المشفوعة بقصار الجمل امثال.. الله يمهل ولا يهمل..- دير بالك حبيبي فالله يمهل ولا يهمل اما بطش الحاكم فهو اخف من ريشة فقهيا،فلا ضرر! - وبهذا لم يشهد تاريخ المسلمين المليء بالإضطهاد والظلم ثورات جهادية ضد حكامهم الطغاة المفسدين المتجبرين بمثل هذا الفقه، لاسيما ان العوام منصاعون شدما انصياع له،فلا مواجهة حقيقة ضد جشع واستهتار الحاكم او الخليفة إلا بالخلع العسكري او بتدخل خارجي...- لا تخاف حبيبي انت بطل وغير منصاع! –

بينما الجهاد ضد الاستعباد والأضطهاد والظلم لا ينفصم في الشريعة عن جلدته سواء كان قادما من الخارج او الداخل ..علما ان الطاغوت الخارجي او الطغيان الخارجي غالبا مايكون من تداعيات وجود الطاغوت الداخلي او الطغيان الداخلي المتوارث مع اختلاف الأوجه والمظلات - معاي على الخط حبيبي- ومن هنا يمكن ان يقال بأن الخطاب الديني الذي يعتمد فقه المهادنة الطويل الأمد مع المعتدي الداخلي،الظالم ،المتلاعب بمقدرات الأفراد والجماعات بينما يشهر فقه الجهاد ضد المعتدي الخارجي هو خطاب غير سوي ومشكوك في نزاهته- حبيبي نزاهتك مو هي الهدف! -... فقد يكون الجهاد ضد المعتدي الخارجي ماهو إلا جهاد من اجل حماية المعتدي الداخلي لضمان استمراره وبكل مفاسده وبرعاية فقه المهادنة- يعني حبيبي بمعنى، فعل حق يراد به باطل،مفهوم؟ -...
..ووفق تلك الرؤية يستوجب تنقية الخطاب الديني من تحريفات وتفسيرات الحركات الأسلامية السياسية للنصوص الدينية وعتق تلك النصوص التي كانت ومازالت رهينة لقراءات سلفية قديمة ومرتهنة بسياق حقبة تاريخية او حقب مليئة بالصراعات الداخلية والتناحر والتواطيء مع السلاطين واصاحب النفوذ كحقبتنا هذه!،..وحيث ان النص الديني صالح لكل زمان ومكان مثلما يقال- مو صحيح حياتي- اذن لابد من قراءة متجددة للنص عبر المراحل الزمنية والظرفية المختلفة وبعقلية الأنسان الحاضر ومتطلباته،ولا يصح الإرتكاز والى ما لانهاية على السلف في فهم النص واتباع تحليلهم المنبثق عن حقبتهم الزمنية وظروفها... - طخت الفكرة حبيبي؟-
عموما سألخصها بالأسئلة التالية: ما هو ذلك الضرر الأعظم الذي يمكن ان يقع على الأنسان بعد ان تسقط قيمته كأنسان في وطنه!؟،ما ذلك الضررالذي يترجمه الفقيه تلو الفقيه بعدم الجهاد في الداخل مجسدا الخنوع والذل كطاعة ورحمة !!؟... اتمنى ان يخرج علينا فقيه من فقهاء عالمنا الأسلامي الأشاوس وهم كثر،كي يوضح لنا مشكورا ماهية اخف الضررين في موضوع كهذا ،وهل من شرع الله ان يُستعبَد الأنسان،ومن فضله ورحمته،تمويله بالخرس وحتى زفافه الى العلا ؟..-لا تخاف حبيبي انت ما مشمول!-

* فقه التفسير العشوائي وخطاباته...ويوظف هذا الفقه بمطاطية عالية- انتبه حبيبي- فالنصوص كثيرة ومتنوعة وممكن ان نجد لكل غرض جملة صالحة نستقطعها من جذورها لتنسجم مع ذات الغرض وحسب الهوى، من الخطورة بمكان ان تنتقى آيه من مجمل النص القرآني لتفسر وهي عائمة في الخواء كجملة منفصلة عما قبلها وما بعدها ومنفصمة عن تاريخ وسبب نزولها وظرفها .. فمثلا.. آية "لا اكراه بالدين".... وهي من اكثر الايات تداولا في يومنا هذا..والتي تفسر تارة لصالح الأخر وتارة ضده وحسب الظرف وروحية الفقيه ومقتضيات الساعة!.. فقد يقال ان من أصول الإسلام المسلّمة والمؤكّدة مسألة حرية اختيار الدين ويتم الإستناد الى قوله تعالى: لا إكراه في الدين.. - مو صحيح حبيبي؟-
ولكن- يا حبيبي- قد يقال من جهة اخرى-اسمع حبيبي زين- بأن الإسلام كان قد انتهى حكمه في أهل الكتاب إلى إحدى ثلاث : إما الإسلام ، وإما الجزية وهم صاغرون ، وإما القتل والقتال . أما بالنسبة لعبدة الأوثان من المشركين عربا كانوا ام لا واينما وجدوا فليس لهم إلا الإسلام أو القتل والقتال !...ومن تلك الرؤية يجب ان تُفهم حدود تلك الآية..لا اكراه في الدين.. وحسبما يقال...- شفت الفوضى الفقهية حبيبي؟- والأمثلة كثيرة على مثل هذا التشرذم الفقهي وتكاد لا تحصر، فمثل تلك الآية تتقبل اقصى اليمين تارة واقصى اليسار اخرى،ومن مثلها الكثير...

- شوف حبيبي- هذا النوع من الفقه قد اضر بالوعي العام المتلقي بغالبه للتلقين من قبل هذا الفقيه او ذاك ،واسدل ضبابية تتراوح بين السلب والأيجاب على رؤية الشرع للأخر وعلى كافة امور الحياة الأخرى بما فيها الفرائض والعبادات - ولا تنسى المرأة حبيبي ومفردات الحداثة- فتَخبَط العوام امام سيل المتناقضات وتلونوا بوجوه مذهبية متناحرة وزاحف بعضها على بعض ،والغريب هو، ان الكل ينهل من شريعة واحدة ولذات الهية واحدة وبرسائل مكررة ويكمل بعضها بعضا ولذات الأنسان كهدف، وهذا افلاس مقيت وتعرية للعقل!.. ،- ها حبيبي، مبيّن ما مقتنع؟-


* الخطاب الديني العكسي ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...هذا المبدأ(وممكن تسميته مكافحة الفساد) هو واحد من جملة المباديء التي تُطبّق وتفعّل بشكل عكسيّ ،فهو موضوع بيد الحاكم ،بمعنى.. بيد الدولة.. وليس بيد الشعب،- شوف حبيبي- الشعب هنا بمعنى المؤسسات المدنية وكافة منظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بالدولة بصفة رسمية- هذه المؤسسات هي من يستوجب امتلاكها لسلطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراقبة اداء الهرم الرئاسي الذي يمتلك كل مقدارات الشعب وكل موارده ،هذا الهرم هو من يُؤمَر بالمعروف ويُنهى عن المنكر حيث ان حجم المعروف الذي ينتجه هذا الهرم(والمعروف هنا بمعنى اداء الواجب الوطني بأمانة ونزاهة) سيلقي ثماره على المصلحة العامة وبأتجاه الشعب ،اما حجم المنكر فسيقتلع حق الشعب ويذهب بالصالح العام الى الخراب،- اسمع حبيبي- ولو قلبنا الصورة بوضع هذا المبدا بيد السلطة الرسمية فسوف لا تنسحب تطبيقاته على الهرم السلطوي ولا تلامسه بل سيستخدم لخصخصة الفساد بتحجيم المُفسِد الآخر وممن لا يقع ضمن الهرم او العلاقات الهرمية، والذي قد يكون مُفسِدا بسبب تداعيات الفساد السلطوي واستلابه لحقوق الشعب فهنا تتدخل غريزة الصراع من اجل البقاء والتي تنحسر امامها قيمة الأخلاق ..
ومن هنا لابد للخطاب الديني ان يُجدد اذا اريد له ان يكون خطابا دينيا وليس قرقوشيا- شوف حبيبي - لابد له ان يوعّي الشعوب بمنهجية التعامل الصحيح مع هذا المبدأ بتحريره من عنق السلطة السياسية فيما لو اريد فعلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ابتداءا من رأس الهرم، او لنقل من رأس الأفعى وليس من ذنبها فذنبها لا يلفظ إلا ما يلهمة الرأس،.. - لكن هيهات حبيبي فالخطاب الديني لا يصاغ ولا يفعّل بروح الدين بل بجلدته المُسييسة -



* الترغيب والترهيب في صناعة الأخلاق..

رغم ان ثنائية الترغيب والترهيب كانت قد وضعت النار على ميمنة العامة والجنة على ميسرتهم كي يمشوا على الصراط المستقيم( او مثلما يقال باللهجة المصرية .. يمشي على العجين مايلخبطهوش)- اضحك حبيبي الهوى بظهرك- إلا ان الواقع يشهد اكبر لخبطة للعجين ومن قبل من يمشون متأبطين لرغبتهم بالجنة ورهبتهم من النار.. لاسيما ان الإيقاع العالي-انتبه حبيبي دخلنا بالإيقاع- للترغيب بالجنة قد اثر ببعض العقول شدما تأثير فوقعوا فريسة بين مخالب التيارات الأسلاموية المتشددة وامسوا حطبا لها ظنا منهم بانهم مرحلون الى الجنان،كما ان الإيقاع العالي للترهيب من النار وخطاباته المستفيضة لم ينعكس ايجابا على الأخلاق ليقومها شدما تقويم، وها نحن امة تعلوها الأباطيل والأكاذيب والنفاق والرشاوي والمحسوبية والغيرة والحسد والغش والنميمة ووووو...وبلاشك تلك نتائج الفقر والجهل والإستبداد وووو..غالبا، ومن تداعيات الإنصياع التام لفقه المهادنة وفقه القناعة بفتات الأولياء لتغذية العقول والبطون،.. وعندما تسقط الحقوق الى الدرك الأسفل ويُمتهن الأنسان، لا اظن بأن الأخلاق تبقى في دركها الأعلى وبكل ثقلها مهما كانت قوة المعتقد والأيمان، وهذا ما نراه في واقعنا المعاش...- شنو رأيك آغاتي؟-

يرتكز البناء الأخلاقي للفرد في الخطاب الديني على تلك الثنائية فهي المدخل والمحورالملازم لأي حديث عن الأخلاق.. فمن لا يسرق ولايزني ولا يكذب ولا يرتكب المعاصي فخوفا من النار، ومن يفعل الخير فللفوز بالجنة.- مو صحيح حبيبي -.اما اذا اختل الأيمان بتلك الثنائية فهذا قد يعني سقوط الأخلاق فلا رادع هناك .. وهنا اسأل، ما هو الرادع الذي يجعل انسان ما ،لم يُخبَر عن الجنة والنار ولا يدري عنهما شيء، ولكنه متفاعل مع مجتمعه ومع الأخرين بكل خلق ايجابيّ حسن..؟
ام ان هناك من يرى كل البشر على وجه البسيطة ممن لا يعتنقون رسالة او يعتنقون رسالة مغايرة، يراهم من الفسقة المفسدين بأنفسهم وبمجتمعاتهم بلا قيمة او خلق او اخلاق، فلا حضارة لهم ولا ابداع، وتعلوهم المزالق والإخفاقات!..؟
- اسالك حبيبي- اي بناء اخلاقي اعتى واشد ذاك المرتكز على الخوف من العقوبة واللهاث وراء المكافئة ام ذاك المرتكز على الوعي بقيمة البناء الأخلاقي للفرد وللمجتمع وضمن الواقع المعاش وليس بقيمة الأخرة..؟..
..ومن هنا- حبيبي- تأتي ضرورة تجديد الخطاب الديني في هذا الحقل ليعتكز اول ما يعتكز على القيمة الدنيوية للأخلاق واثرها الأيجابي في البناء والتحضر والنهوض والتعايش السليم بطرفي الحق والواجب والأخذ والعطاء وما الى ذلك، كي تكون تلك القيمة هي المدخل والمقدمة ومحور الجدل، فالقيمة الجوهرية لمنظمومة الأخلاق ترتبط بالدنيا ولا ترتبط بالأخرة لأن ارتباطها بالآخرة لا يعد اكثر من مكافئة لما حققته تلك المنظمومة على الأرض من انجاز، او عقوبة لما حققته من خراب..ولا يجوز اشهار المكافئة والعقوبة الآخروية كمحور اساس لبناء الخلق والسلوك الدنيوي، ولا بأس من الإشارة اليهما من باب التعريف بالشيء ليس إلا، وكنتيجة متأخرة وليس كهدف،اما تقزيم قيمة الدنيا امام الأخرة بشكل مبالغ فيه كما هو حاصل، فهذا يضعف منظمومة الأخلاق، لانها ستترسب في الوعي العام على انها مجرد جواز سفر من دار زائلة الى دار ابدية وبهذا ستكون قيمتها المُدركة من قيمة الأخيرة التي لا تحتاج اساسا لأخلاق الأنسان!..- لا تصفن حبيبي بموضوع الأخلاق! -


*الإبتزاز العاطفي والإستفزاز في الخطاب الديني..... وربما الفظاظة... وله صور وصور...

- شوف حبيبي-...أزاء ما آلت اليه امة الأسلام من ترهل وتشتت ومصائب وربما ضغوط او تهديد ،تنطلق بعض الخطابات الدينية بفظاظة لتبتز عواطف العامة وتستنفرها !.. حيث يكون الإستهلال بجمل رنانة مثل..... يا أيها المسلم تيقظ... كيف تستطيع الأكل والشرب والنوم ولك اخت في الدين ثكلى او تغتصب، او.. يا اشباه الرجال.. النصارى يقتلوننا ومن ارضنا يأكلون ويشربون .. او.. أنتبهو ايها السادة النائمون، الى الخطر القادم واستفيقوا... الخ....وبهذا تستنفر العامة!،
ولكن ماذا بعد الإستنفار؟ تُطاطأ الرؤوس خجلا فتغرق في الشخير، حيث لا توجد اي آلية للعمل - لا تخجل آغاتي !- ...علما أن آلية العمل يجب ان تسبق الخطاب، فما الخطاب في مثل هذه الحالة إلا للإستنفار من اجل العمل بآلية موضوعة سلفا ومهيأة للتفعيل،وكل ما تحتاجه هو البشر، وبهذا يصح استنفارهم بمثل تلك القرقعة للإلتحاق...

الخطاب الديني السائد دائما- يا حبيبي- يشعر الفرد بالتقصير وكأن الأفراد هم الحكام وبيدهم الحل والربط،فلا خطاب ديني موجه للسلاطين واصحاب الشأن... ومن الطريف- حبيبي - انه حتى في خطابات الحث على الصدقة او التبرع لضحايا كارثة ما او مجاعة يبدأ الخطاب مرتكزا على ما انت فيه من نعيم ورفاهية وآمن! وكأن ما تمتلكه هو ذنب عظيم ولا بد من التكفير عنه، ويشعرونك وكأنك المتسبب بتلك المجاعة او تلك الكارثة- فلوسك حلال حبيبي لا تشعر بالذنب! - كما فعل احد المشايخ في حملة التبرعات لضحايا توسنامي حيث ادلى بأن من لم يتبرع حكم عليه بالشح والبخل ! ... ومن هذا نرى بأن الخطاب الديني يرافقه الشعور بالذنب من قبل المتلقي فهو المتهم برجولته والمتهم بماله والمقصر ازاء دينه وأزاء عرضه- انت سبع حبيبي لا تهتم !- ولا يدري ما الذي يفعله لغلق باب الإتهامات وهو المكبل المغلول المطارد، حيث تلاحقه زنزانة السلطان فيما لو رفع راية او اطلق صرخة لا تناسب أذن الباشا المرهفة اولا تُطرِب مسامع جوقته العريضة،وقد يجد في الإنخراط بتيار ارهابي وسيلة للتحرر من ذنوبه والتكفير عنها.!.او لربما يسعى لتشكيل تنظيم من تلك التنظيمات غير السوية فيما اذا اشتد احساسه بالذنب!..- لا تزعل حبيبي تنظيمك سويّ وتيارك يرد الروح !-

* صناعة الأصنام وتعظيم الشخوص...

صغر شأن من كان يقف بين يدي الرسول ام عظم كان لا ينادي الرسول بأكثر من - يا رسول الله - هكذا بكل بساطة وكفى، لكن الخطاب الديني المسموع او المقروء قد ثقل وتفخّم مع الزمن.. واصبح كل اسم من اسماء الرموز الذين مهما علا شأنهم لن يرتقوا بأي حال من الأحوال الى مقام الرسول، اصبح لا يُنطق به او يُكتب إلا بعد سلسلة طويلة من التعريف والاجلال والنعوت الفخمة- ،مثل هذا الخطاب يغرس في الوعي الجمعي اصناما يُعبدون بعد الله اويتفوقون عليه، وبهذا تكون المجاميع البشرية المتمتعة بمثل هذا الوعي قد تفوقت على العصر الجاهلي واوثانه،فالوثن في ذاك الزمن لم يكن غير قطعة من الحجر لا تُخطِئ ولا تصيب، اما اوثان تلك المجاميع فهم بشر ومعرضون لهذا و لذاك...فالى اين يمضي بنا مثل هذا الخطاب الذي يقدس البشر ويظن بأن التقديس من دواعي الإحترام والهيبة!،(والجدير بالذكر هنا هو ان لا نخلط بين قيمة التراث الديني بفنونه المعمارية والأثرية وبين تقديس الشخوص كي لا نكتسح الأول بحجة رفض الثاني)...- امسح العرق حبيبي-..
وعلى نفس هذا المستوى ممكن صناعة الصنم السياسي/الدكتاتور فيما لو امتزج الدين بالسياسة وانصهر كل منهما بالآخر،او إن ارتبطا بآصرة متينة من تبادل المنفعة والحماية........

موضوع الخطاب الديني وتجديده موضوع عويص وتتلبسه اكثر من رؤية وغرض، كما ان الفقه على الجانب الأخر متلبس بأكثر من رؤية وغرض لذا سأكتفي بما ذكرته من امثلة ورؤى والتي هي قطرة في محيط التخبط الفقهي وارهصات الخطاب الديني والذي بات رفده بكلمة مسييس، حق وضرورة،فلا شيء لوجه الله !،- شوف حبيبي- لقد نجح رجال الدين وفقهاءه(ولكل قاعدة شذوذ) بتعسير الدين اليسير حتى ظن العوام بأنهم لا يعلمون من امر الكتاب المبين المتيسر بين ايديهم ولايفقهون شيئا..فأسقطوا عقلوهم واحكموا اغلاق نوافذها واتبعوا ما انتخبه الفقهاء لهم وحسب روحية كل فقيه ونزعته الفكرية وصيرورته النفسية، وما انتجته العقلية السلفية او القروسطيّة من تفاسير بحسب مداركهم وواقعهم المعاش آنذاك، حتى اصبح الدين شركة سلطوية مساهمة وغير محدودة الأسهم.......
- انت روحيتك مميزة حبيبي والحق يقال!
وحياك الله ..عود دير بالك على الدين ولا تنسى العراق بدربك!-....



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يشهد الله انه قد ضاق صدري..!
- ايه ياعراق وماذا بعد الضريحين
- تسبيحات امرأة من هناك!...
- مولاتي..بغداد..قومي..
- بين الفن الكاريكاتوري والفن التطبيري...
- شقيّة انتِ ..
- ! فهمت مؤخرا ما السر وراء تخلفنا.. الحداثة الجنسية
- آواه..انها اليوغا!..
- ..رحماك ربي
- حميّة مدرسية وصور...
- صرخة..حول محاكمة قلم
- همسات من طين..
- محروقات وثرثرة
- وخرج والدي من قبره!
- مطبات وتواصل ...
- اغيثوني ..مَن انتخب؟
- المرور بجسد المرأة..هو الحل!..
- مقتطفات من بلد الغلابة والثراء..مصر
- الحروف غير المنقطة في .. السمراء والهُدهُد!
- !!تفجيرات الأردن وحوار ابو عمير وأم عمير


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - ! -الخطاب الديني المعاصر و- شوف حبيبي