أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة















المزيد.....

الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 12:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



حسب العديد من المفكرين، ومنهم الإيراني الدكتور عبدالكريم سروش، فإن العلمانية السياسية هي فصل الدين عن الحكومة أو الدولة، وليس بالضرورة عن السياسة..
وبما أن أحد أسس فصل الدين عن الحكومة هو الفصل "الحقوقي" فذلك يعني بأن القائمين على الحكم والمتصدين له لا يأخذون حق الحاكمية من الدين. فالفقيه أو رجل الدين حسب هذا التعريف لا يمكن أن تكون امتيازاته الدينية نابعة من حاكميته.
وتعتبر نظرية ولاية الفقيه الشيعية المطبقة في الحكم في إيران في الوقت الراهن، هي المثال الأبرز الدال على عدم فصل الدين عن الحكومة.
ففي ولاية الفقيه، يعتبر حق الحاكمية للفقيه بالنظر إلى أنه فقيه. بمعنى أن الإنسان حينما يصبح فقيها يحق له بالتالي أن يصبح سياسيا ومن ثم حاكما. وهذا النوع من الحاكمية يجسد اللافصل الحقوقي.
ومما يقوله المنظرون لولاية الفقيه من الفقهاء والمجتهدين الشيعة في هذا الإطار أنه إذا أراد الناس للفقيه أن يصبح سياسيا وحاكما فذلك أمر مرغوب ومحبوب، أما إذا لم يرضوا به حاكما فإن الخلل لا يكون في النظرية بل يكون في الناس، لأنهم لم يفهموا حق الحاكمية الدينية الذي هو حق للفقيه ولا يمكن أن يتغير.
إن فصل الدين عن الحكومة يعني أيضا الفصل "التشريعي" ما بين الاثنين. فهناك من يقول بأنه إذا لم تكن ميزة الفقه دليلا على ضرورة حاكمية الفقيه، أي بما أن رجل الدين أو الفقيه ليست له حق الحاكمية بالنظر إلى كونه فقيها، لكن لابد من تفعيل الأحكام الإسلامية في إطار قوانين المجتمع وتفعيل التشريع الإسلامي. ففي حين انه يتم هنا قطع الجانب الحقوقي ما بين الفقيه أو رجل الدين وبين الحكومة، لكن لم يتم قطع الجانب التشريعي ما بين الأثنين. وبالتالي فإن العلمانية السياسية تعني فصل الدين عن الحكومة من الناحية "الحقوقية" ومن الناحية "التشريعية" أيضا.
وفي واقعنا الراهن فإن جهود الجماعات والتنظيمات الإسلامية الأصولية عادة ما تكون منصبة على عدم فصل الدين عن الحكومة من الناحية التشريعية، وليس من الناحية الحقوقية. أي تنصب تلك الجهود على تحويل القوانين الوضعية في المجتمع إلى قوانين مرتبطة بالتشريع الإسلامي.
ففي الكويت مثلا يصارع الاسلاميون لتعديل المادة الثانية من الدستور (دين الدولة الاسلام، والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع)، حيث تسعى قواهم وبالذات السنية إلى الدفع بتلك المادة وغيرها من المواد بغية أسلمتها كليةً لمواجهة العلمنة السياسية التشريعية. أي انها تحاول تغيير فحوى المادة الفائتة التي تقول بأن الاسلام مصدر رئيسي للتتشريع لتصار إلى أنه "المصدر الرئيسي للتشريع".
ويعتبر عالم اليوم هذا النوع من فصل الدين عن الحكومة (الفصل الحقوقي والتشريعي) نوعا من الحياد الحكومي غير المؤدلج. أي أن الحكومة بالنسبة لهذا النوع من الفصل ليست فقط غير مستندة إلى أي دين، وإنما أيضا تتخذ موقف الحياد تجاه جميع الأديان الموجودة في المجتمع حيث لا تفضل أياًّ منها على الآخر.
لكن في الولايات المتحدة الاميركية وبالرغم من أن الناس غير علمانيين إلا أن الحكومة علمانية بدرجة كبيرة. فمثلا ليس من حق الحكومة الأميركية حتى بناء كنيسة واحدة. ووفق الدستور الأميركي ليس من حق الحكومة أن تصرف أموال الضرائب المأخوذة من الناس لبناء وتشييد المراكز والمعابد الدينية.
إن على الحكومة العلمانية في المجتمع المتعدد الثقافات والمذاهب والديانات (المجتمع البلوراليزمي) أن تتخذ موقف الحياد في مواجهتها لقضايا تلك التعدديات (لبنان والعراق هما أبرز مثالين عربيين) وإلا أصيب المجتمع بعاهات وتعرض لمشاكل لا حصر لها.
كما أن العلمانية في نفسها ليست مبدءا محايدا، فهي تستطيع أن تكون محايدة في مواجهتها لتعدد الأديان والمذاهب، لكنها لا تستطيع أن تكون محايدة في عالم الثقافات والمفاهيم الإنسانية، هذا إذا ما آمنا بأنه لا يوجد في عالم الواقع حياد محض، إذ عادة ما يكون الحياد تجاه شئ ما هو اللاحياد تجاه شيء آخر.
فالحكومة العلمانية، حسب غالبية المفكرين، لا تستطيع أن تكون محايدة بالنسبة لمبادئها ومفاهيمها، لكنها تستطيع أن تلتزم بالحياد بالنسبة للقضايا الأخرى، ودائما ما جرت الأمور على هذا المنوال، بل لا يمكن للأمور أن تجري بغير هذا المنوال.
في المحصلة، يوجد في الغرب نوعان من العلمانية السياسية، الأولى هي العلمانية الهجومية التي تسعى لجر المجتمع نحوها، والثانية هي العلمانية المعتدلة والحيادية الغير هجومية والتي تستطيع أن تتحمل ظروف المجتمع.
ويعتقد المراقبون أن علمانية أوروبا بشكل عام والدول الاسكندنافية التي تنتمي إليها الدنمارك على وجه الخصوص تعتبر هجومية، فيما علمانية أميركا فهي معتدلة. ويعتبر الموقف الأوروبي من قضية الرسوم ضد النبي محمد ومن قبلها من قضية الحجاب في فرنسا دليلا على هجومية علمانيتها. في حين لم يكن الموقف الأميركي من القضيتين هجوميا بل معتدلا يحاول احتواء القضيتين ضمن إطار الحريات بما يؤدي إلى احترام الإنسان لا مهاجمته والحط من قدره. فالهجوم على الإنسان بدعوى المحافظة على العلمانية هو في الأصل يناهض رؤى الحرية والتعددية. واحترام الأساس والمبدأ في العلمانية يعني احترام الإنسان أولا وأخيرا.
ففي العلمانية مثلا لا يمكن طرح مسألة الحق والباطل، باعتبار أن جميع القضايا والأمور نسبية ولا يمكن لها أن تميل إلى المطلق. بل جل ما يطرح في العلمانية هو مطالب الناس، ومادامت هذه المطالب لا تناهض حقوق الإنسان فيجب أن تنفذ.
لكن أن تواجه الدول الاسكندنافية قضية الرسوم الكاريكاتورية ضد النبي بوصفها تجسد حرية التعبير بما تعتبره أحد أسس العلمانية، فذلك يناقض مبادئ أخرى في العلمانية مثل مبدأ احترام الانسان نفسه ومبدأ التسامح في إطار تنوع الثقافات. فالموقف الأوروبي الاسكندنافي والدنماركي بالدرجة الأولى هو انعكاس لعلمانيته الهجومية غير المتسامحة التي لم تعش ظروف التنوع الثقافي الشديد الذي يدعو في نهاية المطاف إلى احترام الثقافات بما يؤدي إلى احترام رموزها. أي أنها لم تعش مظاهر العلمانية الأميركية المعتدلة وغير الهجومية والتي قبلت بسيطرة أعلى درجات التسامح في المجتمع من خلال انتشار تنوع الثقافات والديانات فيها.
مثل ذلك الأمر تجسد أيضا في موقف فرنسا من قضية لبس الحجاب، والذي استند إلى أنه تسبب في تحقير المرأة دينيا، أي أن الحكومة الفرنسية اعتبرت القضية حق أو باطل، وبالتالي حسب الفرنسيين والأوروبيين فإن إجبار المرأة على منعها من لبس الحجاب هو دفاع عن إنسانيتها، لكنه في الواقع كان خروجا عن أصول العلمانية والديمقراطية خاصة في جانبها الديني حيث يجب أن لا تتدخل الحكومات العلمانية في تدين الناس.




#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة