أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادية خلوف - قصّة عيد يهرب من الفقراء














المزيد.....

قصّة عيد يهرب من الفقراء


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 11:46
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لم تكن تعرف من العيد إلا الفرجة. تذهب إلى الأراجيح لترى الفتيات بأثوابهنّ الجميلة، هي لا تنظر إلى الفتيان فلهم عيد آخر.
لماذا نحن لسنا مثلهم؟ تسأل نفسها فاطمة، وهي تتأمّل بهجة الضجيج.
عندما أذهب مع جدّتي كي أجني القطن عند أبو محمد ، سوف أخبئ مبلغاً مما كسبته من أجل أن أشتري أغراض العيد.
في العام الماضي. لم يكن عندي حذاء. عملتُ طوال الصّيف من أجل أن أشتريه، وقد اشتريته، وأخذت أمّي بقية أجري كي تشتري مؤونة الشتاء .
كأنّني لا أرغب برؤية العيد، ولا أرغب بانتظار وجبة الغذاء، فقد ذبحنا الدّيك الذي أحبّ من أجل وجبة طعام. سيأتي أعمامي كي يأكلوا لحمه، وننتظر حتى ينتهون من طعامهم، كي نأكل ما تبقى. لن آكل طعام العيد . أحبّ الخبز. سوف أكل رغيف خبز مع كأس ماء.
-أمّي؟ متى ينتهي العيد؟
-العيد للسّعيد يا فاطمة. لماذا تريدينه أن ينتهي؟
-مللت من الانتظار. أشعر أن العيد غير موجود. شيء يشبه الشبح. يمرّ دون أن نعرفه.
أرى أنّنا مختلفون عن النّاس. لا نهتمّ للعيد، ولا للباس، ولا للحياة. خلقنا كي ننتظر.
-عندما تكبرين سوف تعرفين. الفقر سبب كل المصائب.
. . .
عندما كنت أركض وراء العيد ولا أمسك به كنت في العاشرة. اليوم أنا في الأربعين، ولا زلت أنتظر العيد. أقسمت يوماً أن أعطي أولادي كلّ ما يرغبون به، ولم يكن قسمي سوى صرخة في مهبّ الرّيح . كان العيد ربما مع فقرنا أفضل من عيدهم.
استطعت أن أحصل على وظيفة عندما أنهيت الجامعة، ووقعت في الحبّ. هكذا قال لي سعيد زوجي. بأنّني أحبه، وعلينا أن نتزوج. قلت له: لا أحبّ الفقر, أرغب أن يكون مرتّبي لي، فضحك حتى قلب على قفاه، وقال: سوف أعطيك ضعفه أيضاً. صدّقته، فقد قال لي أنّني أحبّه، فلماذا يكذب لو لم يكن يرى ذلك؟
ألمّت ضائقة مادّية بزوجي في بدء زواجنا. هل تريدونني أن أقف مكتوفة اليدين؟ بالطّبع لا. أرغمته على قبول التصرف بالراتب، وللأمانة كان يرفض ذلك، ويقول أخجل أن أفعل ذلك، لم تنته الضّائقة المادّية، ولا زال دخلي الذي أرغمته على القبول بالتّصرف به تحت تصرّفه. هو لا يكفي، فعليه أن يظهر بمظهر لائق، وأن يدّخن نوعاً مقبولاً من السّجائر، وأن يشارك في دعوة لأصدقائه من الجنسين إلى المطعم. بدأت أفتّش عن مصدر دخل آخر، عملت في تدريس الأطفال.
تقول لي ابنتي وقد أصبحت في الخامسة عشر: متى سوف نحتفل بالعيد. أتشاغل عنها.
-طلبت منّي مرّة أن تشارك رفيقاتها المسيحيات في العيد، وافقت طبعاً. أخفيت الأمر عن والدها . كنت أخشى أن لا يوافق. ثم قرّرت أن أشارك صديقة في الحيّ عيدها. كانت تقول أنّهم فقراء، لكن هناك من يساعدهم.
احتفلت صديقتي بعيد الميلاد، وكان على مائدتها كل أنواع الطّعام، وأقسمت أن أجلب أولادي لمشاركتهم العيد، فقد أعطيت ابنها دروساً مجانيّة، ونجح في الامتحان .
بدا على أولادي الانشراح، اقترب ابني الصّغير منّي، وهمس في أذني: هم يحتفلون بالميلاد، ونحن أيضاً لدينا عيد. هل الفقر يخًص الإسلام؟
مرّة أخرى تجاهلت الجواب.
. . .
أنا اليوم في الخامسة والأربعين. حجّ زوجي إلى بيت الله الحرام. ولا زال يتصرّف بمرّتبي، لكنّ الحجّ عبادة. هل أمنعه من ممارسة العبادات؟ بالطبع لا.
أقنعني أنّ المرأة الصالحة لا تظهر مفاتنها إلا لزوجها. أقنعني. الرّجل قادر على الإقناع. أغلب النساء يقتنعن بما يقوله أزواجهنّ. لبست الحجاب. رفضت ابنتي لبسه، لكنّني كذبت عليه، قلت لها أنها مؤمنة تتعبدّ ربها. هو لا يراها، مشغول في العبادة، وعلى عادة الرّجل المؤمن التّقي طلب منّي أن أخطب له فتاة شابّة لأنّني لم أعد أكفي حاجته، وهذا من أصول الدّين، كدّت أن أوافق لولا أنّني تذكرّت أنّه استحوذ على كلّ ما أملك.
أتت ابنتي، وقالت لي: لقد خطب حبيب قلبك صديقتي، ودفع فيها مهراً غالياً.
ماذا أقول: هل أمنعه من حقّه الشّرعي؟ بالطبع لا.
. . .
تلبس ابنتي عباءة سوداء. تخرج في المساء كلّ يوم. تجلب في بعض الأحيان طعاماً . دخلت في أزمة منتصف العمر. زوجي يفهم بها. قال لي: أنت لم تعودي تصلحين للجنس. لذا أصابك اكتئاب. هذا هو الفرق بين الرّجال والنّساء. الرّجال لا يموت الجنس لديهم ، فأنا فحل على سبيل المثال. يبدو أنّه تعالج من العنّة فقد أنجبت أولادي بقوة الحقن المقويّة التي كان يستعملها. لم أتحمّل كلامه. أتيت بحذائي، أشبعته ضرباً. خرجت من منزلي، جلست قرب الكراجات أرغب بالسفر إلى مكان.
أتت ابنتي. أمسكت بيدي. هيا يا أمّي . استأجرت غرفة لي ولك ولإخوتي. سوف نبدأ من جديد. ما فعلتيه اليوم عمل كان عليك أن تفعليه منذ زمن طويل.
ابنتي تقبل يدي كلّما غادرت غرفتنا مساء، وتعود محمّلة بالطّعام. حلّ العيد. أشعلت الأنوار، وجلبت لنا أحذية وطعاماً ، دعتنا إلى قضاء ليلة ساهرة في مدينة الألعاب.
كنت أشّك أنّها تعمل عملاً غير نظيف، لكنّني لم أسألها. هي من تحدّث لي. قالت لي قبل أيّام: كنت أخجل أن أخبرك أنّني أعمل في مؤسسة دعارة وطنيّة، لكنّني الآن استطعت شراء بيت في مدينة أخرى. سوف نرحل لنعيش فيها.
-ماذا لو سمع أبوك؟
-. يا فرحي! هل لي أبّ؟ كفّي عن أوهامك يا أمّي. على كلّ إن حدث ذلك سوف أعطيه مبلغاً ، وأقول له هذا من زوجي الشرعي الذي تزوجته لمدة يوم مستوفية شروط عقد الزّواج. عملت في البدء انتقاماً منه، ثم رأيت أن الأمر مربح. عملت كي أنتشلكم من المأساة. من أجلكم يا أمّي، لم أخلق لهذا العمل. أنتم من أجبرتموني. سلّمتيه كلّ شيء، وبدأت ندبين حظّك. لو احتفظت بدخلك لا استطعنا أن نعيش حياة أفضل.
لا أعرف إن كنت أحزن، أم أفرح لأنّ العيد يبدو مشرقاً. عندما أذهب إلى النوم. أهمس لأحد ما: سامحوني، فقد ساهمت في شقائكم.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تتقلّد المرأة الأدوار الثّانويّة
- كأنّه أبي. الفصل الثّالث. 1.
- كأنّه أبي.الفصل الثّاني. 5.
- كأنّه أبي . الفصل الثّاني .4.
- هل تتكرّر أسطورة الأمازونيات
- - من يأكل من مال السّلطان يحارب بسيفه-
- أدمغتنا أمام المغسلة العربية، والإسلاميّة
- لهم الله والوطن، ولنا عذاب القبر
- كأنّه أبي. الفصل الثاني. 3.
- من نصادق، ومن نعادي؟
- كأنّه أبي. الفصل الثّاني-2-
- بعض أمراضنا الخفيفة
- هذا الشّرق- العظيم- يلزمه بعض التّواضع
- كأنّّه أبي. الفصل الثاني-1-
- أيا حبّي!
- كأنّه أبي -5-
- التّابع والمتبوع
- كأنّه أبي-4-
- الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً
- صفّوا النّية


المزيد.....




- كم نصيب المرأة من حساب المواطن؟ الموارد البشرية توضح
- المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان يناقش أهمية الأسرة و ...
- فرنسا.. القضاء يلغي أمر ترحيل امرأة جزائرية عائدة من سوريا
- ارتاحي من زن العيال طول النهار .. تردد قناه طيور الجنة 2024 ...
- مطالب بضرورة حماية الأسرة في مؤتمر الدوحة لحوار الأديان
- متحف مخصص للنساء فقط يتحول إلى مرحاض لـ -إبعاد الرجال-
- المرأة الجديدة تبحث عن باحثة بدوام جزئي لبرنامج النساء والعم ...
- إعادة بناء وجه امرأة من -النياندرتال- عاشت قبل 75 ألف عام في ...
- يركّز على قضايا الأسرة.. انطلاق فعاليات مؤتمر الدوحة لحوار ا ...
- فرنسا: ناشطات نسويات يلطخن لوحة -أصل الكون- بطلاء أحمر أثناء ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نادية خلوف - قصّة عيد يهرب من الفقراء