أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الفندق المعزول المحاط بالأسوار














المزيد.....

الفندق المعزول المحاط بالأسوار


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5457 - 2017 / 3 / 11 - 19:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفندق المعزول المحاط بالأسوار
شوقية عروق منصور
منذ ولد الانسان والمكان ملازم له ، حتى يقال أن المكان قبل الانسان ، وقد شكل المكان حياة الانسان حتى قالت العرب " البقاع تدل على الطباع " فالذين يسكنون الصحراء تختلف طباعهم عن الذين يسكنون سفوح الجبال أو الوديان ، والذين يسكنون المناطق الباردة يختلفون عن الذين يسكنون المناطق الحارة .. الخ
لست في حالة عرض لقضية المكان لأن مئات الدراسات والأبحاث كتبت عن المكان في الرواية والشعر والسياسة والتراث والفلسفة و الديانات ، لكن لم نجد مكاناً يشير الى الاتهام بصورته المباشرة ، الواضحة ، كما رأيناه في الفندق الفلسطيني .
في الحروب والنزاعات تتخذ بعض الأمكنة صورتها الدلالية ، حيث تتحول الى عناوين بارزة للهيمنة والقوة والسيطرة ، كما رأينا في الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والجولان ، مقرات الحاكم العسكري والسجون وغرف التحقيق ومعسكرات الجيش والحواجز والمكاتب الخاصة بالمحتل ، جميعها تشير الى قوة وسيطرة الاحتلال .
عدا عن الأدبيات ، الشعر والرواية والقصة والرسم والنحت لم يعمل الفلسطيني المكان المواجه الذي يثير الحنق والغضب في المحتل ، لم يقم ببناء المكان الذي يتحدى ويبرز قبح الاحتلال ومرارته ، قد تكون المخيمات ببؤسها الأمكنة الناطقة ، الصارخة بوجه الاحتلال واللجوء ، قد تكون رفاهية المستوطنات وبيوتها الفخمة الأمكنة النقيضة والتي يشعر من يراها أن الاحتلال يحصد نتيجة احتلاله ، خاصة أن الجسد الفلسطيني يضيق كلما يضيق المكان حتى تحول الى قزم تترك له السلطات الإسرائيلية فتات الأراضي .
فجأة دون سابق انذار يُفتتح فندقاً في بيت لحم ، تطل نوافذ الفندق على الجدار العنصري ، الجدار الملعون الذي قسم القرى والمدن الفلسطينية وقام بالتشويه والعبث في حياة الفلسطينيين ، الذين وجدوا انفسهم داخل دائرة طويلة ومريرة بالحواجز والذل حتى يصلوا الى المكان الذي يريدونه ، وقد كتب الكثير عن الجدار والمأساة التي يعيشها الانسان – لا ننسى فلم عمر للمخرج هاني أبو أسعد الذي القى الضوء على معاناة العاشق الفلسطيني أيضاً - .
أطلق على الفندق ( الفندق المعزول بالأسوار ) حيث يطل على الجدار مباشرة ، ما أن يفتح الزائر نافذة غرفته حتى يجد الجدار أمامه و الجندي الإسرائيلي شاهراً بندقيته ، عدا عن الغرف والرسومات التي تدل على الاحتلال والمقاومة والمظاهرات ،هناك نكهة جديدة تحمل رائحة القلق الإنساني ، رائحة التساؤل الصادم الى متى سيبقى الوضع هكذا ؟؟ وماذا بقي من عقوبات تُفرض على الشعب الفلسطيني ؟
الذي قام بالتصميم ورسم الرسومات الفنان البريطاني الشهير " بانكسي " الذي لا أحد يعرف اسمه الحقيقي ويعتقد أنه " روبرت بانكسي من مواليد 1974 وقد رسم سابقاً عدة رسومات على الجدار في الضفة الغربية ، والتي تمثل الاحتلال والصراع الفلسطيني الإسرائيلي .
الفندق صغير جداً يحتوي على عدة غرف ، وهناك من شكك بإقامة هذا الفندق ، وهناك من قال يخدم المصالح الصهيونية عبر حرية التعبير والديمقراطية وأيضاً سيخدم السياحة الإسرائيلية ، والرسومات تدل على إمكانية العيش المشترك ، أما اللوحة التي تجسد الفلسطيني والإسرائيلي في عراك ليس بالأسلحة بل بوسائد محشوة بالريش ، والريش يتطاير بدلاً من الرصاص ، فهذه اللوحة قد تكون خيالاً ينام في مخيلة الرسام في حل النزاع .
الصورة الفندقية عبر تواجدها التاريخي كانت مرآة للجمال والرفاهية والراحة والانبساط والخدمة المتناهية ، وأحياناً في أفلام الرعب والجريمة قد تكون الفنادق مكاناً للقتل وتسلسل أحداث الرعب ، ولكن أن يكون الفندق مكاناً للاتهام العنصري ، لتسليط الأضواء على معاناة الفلسطينيين من وجود الجدار ، فهذا هو الشيء الجديد.
اعتبر افتتاح الفندق ( المعزول بالأسوار ) يغني عن عشرات المحاضرات والندوات واللقاءات والسفريات الى الخارج ، يكفي أن يرى السائح الأجنبي منظر الجدار الخانق لمدة أسبوع ليعرف ما معنى احتلال وقسوة العيش في ظله .
في فرنسا أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا ، كتب أحد الكتاب يكفي عزف النشيد الألماني في إحدى صالات باريس لكي يثير حفيظة الفرنسيين ويعرفوا معنى احتلال .
لكن الشعب الفلسطيني لم يسمع النشيد الإسرائيلي فقط ، بل مورست فوق جسده المنهك ، المسلوب ، جميع أنواع الاحتلالات القاسية ، ويستقر الآن جسده في فندق " المعزول بالأسوار " ليس لكي يرتاح ، بل لكي ينطلق الى فكرة أخرى ، لعل العالم يرى ويسمع وينطق بالعدل والعدالة .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار
- المرأة التي تتكلم بالاشارة والمرأة التي تكتب بحبر بولها
- من مجنون فلسطين الى ترامب اللعين
- الطبخة ما زالت في الدست الاسرائيلي
- القرد في ليبيا وشقيقه هنا .. شكراً لإسرائيل
- ايها الرئيس رأسك تحت رحمتي
- الاقي زيك فين يا علي
- رسائل الحب في زمن الجفاف
- الثقافة لا تعرف ميري ريغيف
- الطفل خالد الشبطي يركب الطائرة مع ليلى خالد
- ما زالت ذاكرتي في حقيبتي
- الفن يزدهر في تربة السياسة
- صورة سيلفي مع ثور وكوز صبر
- نساء -داعش - بين فتنة السلاح والنكاح
- الموت غرقاً ورائحة الخبز أبعدت زكية شموط
- غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب
- عن غزة وجيش المفاجيع بقيادة نانسي واحلام ووائل كفوري
- في غزه الوقت من دم
- التنسيق الأمني وبنطلون الفيزون
- ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الفندق المعزول المحاط بالأسوار