أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا














المزيد.....

إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5388 - 2016 / 12 / 31 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




أنجزت الليبرالية في البلدان الغربية كثيراً من مهامها الفكرية والاقتصادية وأيضاً الاجتماعية. في وقت لا يزال فيه الخطاب الليبرالي في سوريا وغير بلد عربي، يعاني من إشكاليات كبرى تتزامن مع انتشار الفقر والأمية، واستنهاض أفكار ومعتقدات تعود إلى مراحل سابقة، إضافة إلى إعادة إنتاج هويات صغرى كامنة، وتوظيفها سياسياً في إطار صراعات دموية.

إزاء ذلك، يتحدث معارضون سوريون ليبراليون عن انتشار خطاب التكفير وغياب قيم الحوار واحترام الآخر، مقابل تراجع خطاب الإصلاح الديني وتردي أوضاع المؤسسات الثقافية المدنية. وكذلك عن مشاريع تنموية عرجاء أسست لها سلطة قومية قهرية ابتلعت الدولة والمجتمع. ولا يفوتهم توجيه سهام نقدهم إلى تغول السلطة ومصادرتها للمجتمع والحريات ومصادر الثروة، وهيمنتها على المناخ العام وتحويله إلى مجال للنهب والتخلف والبؤس والقهر، وأيضاً دورها في انتشار الإرهاب الظلامي الذي أغرق وجه السوريين بدمائهم.
وإن كان أصحاب الخطاب الليبرالي يرون في الليبرالية مخرجاً من الأزمة الاجتماعية الاقتصادية السياسية والفكرية، فإنها في حقيقة الأمر شكلت ولم تزل تهديداً صريحاً لعموم السوريين. فالشريحة الرأسمالية المسيطرة ليست «ليبرالية» إلا بالمعنى المجازي. ورأس المال المالي والتجاري المُضارب، يتمركز بأيدي تجار يوظفون ارتباطهم البنيوي والعضوي بالسلطة للهيمنة على مداخل الاقتصاد ومخارجه. وهؤلاء لا همَّ لهم إلَّا توسيع مصادر نهبهم وتمكين سطوتهم على القرار السياسي والاقتصادي.
ومعلوماً أن الدولة قبل الأزمة الراهنة، كانت تسيطر على التبادل التجاري والصناعات الاستخراجية، وأجزاء واسعة من الإنتاج الصناعي والزراعي، إضافة إلى القطاعات والمؤسسات الخدمية. لكن مع تحرير الاقتصاد وتخلي الدولة عن دورها التنموي الاجتماعي والاقتصادي والبشري، وارتباط ذلك بتحرير التبادل التجاري وحركة الرساميل والأسعار. فإن شرائح محددة من التجار والمستثمرين وأصحاب الرساميل السياسية والمالية باتوا يتحكمون بمفاصل السياسيات الاقتصادية والموارد المتاحة والثروات الوطنية. لكن الكارثة الأخطر هي فيما نشهده من تداعيات، سببها هيمنة تجار الحروب على مداخل ومخارج الاقتصاد. هذا إضافة إلى سيطرة فصائل مقاتلة على مصادر الثروة النفطية والموارد الصناعية والزراعية. ويتزامن ذلك مع دمار وتخريب أكثر من 67% من القطاعات الإنتاجية.
من جانب مختلف، ينتمي أعداد كبيرة من أنصار الخطاب الليبرالي إلى قوى معارضة منها ماركسية. وجُلَّهم يعاني من إشكالية فكرية وسياسية يكشف عنها بقاء خطابهم في إطار رد الفعل على فشل «البرجوازية الليبرالية» في إنجاز مهامها التاريخية.
وقد شكل انهيار التجربة السوفياتية لأنصار الخطاب الليبرالي، مناسبة مؤاتية لإعلان انتهاء مفهوم السيادة الوطنية وعصر التنمية المستقلة. ويتجلى ذلك في سياق تمجيدهم لليبرالية وربطها بالعولمة التي تجتاح مفاعيلها من وجهة نظرهم أربع جهات العالم. لكنهم يتجاهلون المحتوى التدميري للرأسمالية النيوالليبرالية، وانفصالها عن الديموقراطية.
وتعاني كتلة واسعة من المعارضة الليبرالية في سوريا من عزلة اجتماعية، سببها ابتعادها عن مصالح السوريين، ومناصرتها للتغيير المحمول على قوى ومفاعيل خارجية. ويعود ذلك إلى لحظة الغزو الأميركي للعراق. والمفارقة أنَّ الحكومة السورية أسست لليبرالية الاقتصادية التي يحبّذها الرأسمال العالمي. ما يكشف عن التقارب بين ما تقوم السلطة بفرضه واقعياً، وبين ما تفكر به المعارضات الليبرالية. ومن المعلوم إن الليبرالية الرائجة في سوريا تأسست على متلازمة الاستبداد والإفقار. ولذلك علاقة بطبيعة السياسات الاقتصادية المناقضة لمصالح فئات اجتماعية واسعة من السوريين، وارتباطها العضوي بقمع الحريات السياسية، وإلحاق النقابات والمؤسسات المدنية والأهلية كافة بالسلطة. فالتجأت الأخيرة لتسهيل تحرير عجلة الاقتصاد، إلى تقويض أركان الاجتماع السياسي والمدني، وإغلاق كافة المنافذ والمعابر التي يمكن أن تساهم في توسيع الهوامش الديموقراطية والحريات السياسية. وفي جميع الحالات المذكورة كانت السلطة بحاجة إلى توظيف الآليات والأساليب والأدوات الأمنية. نتيجة ذلك، وبسبب عجز المعارضة السورية عن إنجاز مهام «التغيير الديموقراطي» فإن الليبراليين والماركسيين المُتَلَبْرِلين ومن يرتبط بهم من الفصائل المقاتلة، يراهنون على دعم «الخارج الإمبريالي» الذي ما زالت بعض من حكوماته تمدُّ يد العون لأنظمة الاستبداد ولمجموعات جهادية أيضاً. لهذا، فإن نقد الإرهاب والعنف الديني والطائفي يجب أن يقترن بنقد الليبراليين داخل السلطة وخارجها. وكلاهما قاد السوريين إلى أوضاع لا علاقة لها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
أخيراً، نشير إلى تزامن دعوات الليبراليين لاستيراد النموذج الليبرالي الغربي، مع إشكاليات تواجهها الليبرالية الغربية بنسختها الأنجلو ــ أمريكية المتماهية مع العولمة منها: انفصال الليبرالية عن غطائها الديموقراطي، تحكُّم الشركات الكبرى وعدد من أغنياء العالم بقرارات الحكومات الغربية والمؤسسات الكبرى وأيضاً بسوق العمل.
وإذا كان اندماج الشركات العملاقة يحقق للدول الأوروبية حصصاً ربحية أكبر، ويحافظ على بعض من الاستقرار الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية، فإنه يتناقض مع مبادئ الديموقراطية، ويهدد الأمن الاجتماعي العالمي، وأيضاً المحتوى الاجتماعي للاقتصاد.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أي زمن نعيش؟
- ماذا عن أطفال سوريا؟
- في خيارات السوريين
- سوريا في قلب الاستقطاب الدولي
- حرب المواقع والأدوار الوظيفية في سوريا
- «السلطة» وعلاقتها بالعنف الرمزي والمادي
- أسئلة الديموقراطية في سياق «الربيع السوري» المُتعثّر
- فشل الأيديولوجيات الكبرى: النظام القومي نموذجاً
- في إشكالية خطاب المظلومية
- عن نهايات «داعش» في سوريا
- إلى اليمين دُرْ
- تصعيد الحرب السورية
- ... عن مصير السوريين وشكل دولتهم المستقبلية
- سوريا على عتبة انهيار الدولة
- السوريون أمام أبواب الجحيم
- الصحافة وتحديات التغيير: هل تختفي النسخة الورقية كلياً؟
- في تحوّلات طبيعة الطبقة العاملة السورية وتركيبتها
- مقدمات انهيار الدولة المركزية في سوريا
- من تداعيات الأزمة السورية
- بحث في الهويات: العدميات القاتلة


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا