أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - فن الإصغاء إلى الذات وتنمية الاهتمام بالعالم














المزيد.....

فن الإصغاء إلى الذات وتنمية الاهتمام بالعالم


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5375 - 2016 / 12 / 18 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


" على الانسان أن يعرف كل شيء لكي يقرر...لأن أفضل ما يمكن من الاقتدار في العيش يعتمد على الدرجة التي نعرف بها أنفسنا بوصفها الأداة التي توجه نفسها في العالم وتكون القرارات."1
ما انفك البعض يدق النواقيس حول جدية المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها العرب في المستقبل والسبب ما يعانوه من أزمة حقيقية عصفت بكل مقدراتهم في الوجود وأضعفت مدخراتهم في الاستثبات والبقاء.
لقد بدأت علامات التأخر الحضاري تظهر بوضوح يوم توقف الاجتهاد الفقهي وتفككت جل مؤسساتهم الروحية التي ظلت ترعى لقرون طويلة وحدتهم الرمزية وأخفق المشروع النهضوي الأول بصورة مسترابة وذهبت الوعود الغربية بعيد الثورة بالمساعدة على إقامة الدولة الأمة الواحدة أدراج الرياح.
لم تنقشع الظلمات القروسطية التي خيمت على الأجواء العربية بمجرد تعبير بعض التيارات السياسية الوليدة عن نواياها في استعادة بعض الكنوز النيرة ورغباتهم في تشغيلهم عدد من الخيارات العقلانية.
لقد حجب الاستعمار الغربي على العرب المظاهر المستنيرة للحداثة العلمية ولم يصلها سوى الإبداع في الهيمنة والاستغلال والإلحاق وبدل التسريع في إخراجهم من أنماط الإنتاج التقليدية وتمكينهم من تغيير ظروف الإنتاج ومساعدتهم في تطوير قدراتهم الذاتية في التنمية والتطوير يتم تعميم الاكتساح والتعويل عليهم في حروب غير عادلة ونقلهم من حالة السلم إلى حالة الحرب وإجراء تفاهم دولي دون تشريكهم.
اذا كانت حركات التحرير قد أفضت إلى تشكلت كيانات حكم مستقلة في الظاهر وذات مصالح تابعة في العمق فإن تشكل المؤسسة الجامعة ومحاولة الانتشار القاري والجيوسياسي ضمن كتلة عدم الانحياز لم يؤدي إلى إحراز الاستقلال التام ولم يمنح الكيانات الناشئة من التمتع بالسيادة في حكم شعوبها وتقرير مصيرها ولذلك اندلعت النزاعات الإقليمية وبرزت إشكاليات عالقة وتم تأجيل حلحلة قضايا عادلة.
لقد وقع الحرب في مأزق خوض حروب من أجل الآخرين وتفننوا في صناعة الخصوم واستعداء العالم ولقد زاد حيازتهم للثروة المتأتية من الطاقة من أطماع القوى العالمية في التدخل في شؤونهم واستقطابهم.
لقد عاش العرب الصدمة والترويع ووقعوا في الفخ الذي نصب لهم وفق مؤامرة كونية حيكت لهم ضمن لعبة أمم متصارعة على مقدرات البشرية وتقاسم النفوذ على الجغرافيا الكونية وجُرُّوا إلى حرب مترحلة.
قد لا يكفي الشعور بالازدراء وتعاظم السخط على الوضعية الصعبة قصد إحداث المنعطف وتحقيق اليقظة والسير في درب يفضي إلى الاستفاقة والانتعاق وتغليب إرادة البناء والتعمير على نزوع الهدم والتخريب.
لن يصنع العرب مصيرهم بأنفسهم إلا إذا تخطوا حالة الانقسام والتشرذم وتخلوا عن إفراط الاهتمام بالذات وعملوا على تنمية الاهتمام بالعالم وحصروا مشكلاتهم بحق الإنسان وجعلوا من وحدة الفكر دعامة لوحدة المجتمع وأوقفوا مهزلة التباغض الداخلي والتورط في نزعات عديمة والاستعانة بالغير على الذات.
كما يلزم أن يكون القرار السياسي مبنيا عن دراية عميقة بالواقع الموضوعي وقراءة استشرافية للمستقبل وكلما كانت المعرفة بالذات وبالغير أكثر متانة ودقة كانت القرارات التي يتخذها الناس أكثر سداد وصحة.
خلاصة القول أن المعركة الحقيقية من أجل الاستثبات تقتضي امتلاك شروط الاستبقاء بالمقدرة على النماء ويستوجب تغير المجتمع نحو الأحسن الإصغاء إلى استحقاقته في حياته العامة والخاصة والتركيز على خبراته النضالية ودوافعه الذاتية في التنمية وتنشيط الأنظمة الدفاعية الحية وتعبئة الطاقات في التأثير. وبالتالي " لا ينبغي للمرء أن يقاتل في سبيل حرية شعبه فحسب، وإنما ينبغي أيضا، وما ظلت المعركة قائمة، أن يعلم هذا الشعب مرة أخرى، أن يعلم نفسه مرة أخرى، حقيقة الإنسان. يجب أن يسير في دروب التاريخ من جديد، تاريخ الإنسان الذي حكم عليه البشر بالعذاب، وأن يدعو إلى التقاء شعبه بسائر البشر، وأن يجعل هذا اللقاء ممكنا"2 ، فكيف يزيل النضال السياسي من أجل التحرير كل اندفاع بشري نحو الإضرار بالغير؟ وماهي العوامل الشفائية من أمراض الغطرسة والاستئثار والتعسف؟

المراجع:
1- فروم (اريك) ، فن الإصغاء، ترجمة محمود منقذ الهاشمي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، طبعة أولى 2004، ص 52
2- فانون (فرانس)، معذبو الأرض، ترجمة سامي الدروبي وجمال الأتاسي، دار الفارابي، بيروت، طبعة أولى، 20054،ص 330.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة اللاّمادية ونقد الأفكار المجردة عند جورج بركلي
- حال الحرية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان
- حضور الفلسفة في الزمن التاريخي
- العالم يودع أمميته برحيل كاسترو المضاد لعولمته
- تحيين المشروع الفلسفي عند طيب تيزيني وسط عنف التحولات المجتم ...
- التزام الفلسفة في عيدها العالمي
- صنعة السياسي في سياق غير مُعرّف
- التباسات فلسفة الطبيعة
- جائزة نوبل للمؤلف الموسيقي بوب ديلان:هل هي نهاية الأديب أم ت ...
- ركائز المشروع الفلسفي
- تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض
- زهير الخويلدي - كاتب فلسفي - في حوار مفتوح مع القارئات والقر ...
- طيبولوجيا الأخطاء السياسية
- علاقة الإدراك الحسي بحركة الأجسام عند توماس هوبز
- عناصر الذهن البشري عند جون لوك
- همجية العنف وحضارة امتصاص الغضب
- الفطري والمكتسب بين ديكارت وهيوم
- نقد فكرة السببية عند دافيد هيوم
- معنى الحقيقة لِمَا يُقاَلُ في حد ذاته
- المنطق الجديد عند فرنسيس بيكون


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - فن الإصغاء إلى الذات وتنمية الاهتمام بالعالم