أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح14















المزيد.....

حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح14


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 21 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


جلس الجميع بعد تناول الغداء في دار الحاج عبد الحميد التي تشبه كثيرا قلعة تراثية لسعتها من جهة ولكثرة من فيها من أناس، كان عبد الحميد الحاج الستيني مسرورا جدا بضيفه وطلب من ضيفه القادم من كربلاء أن يمكث طويلا حتى يتعود على البصرنة ليكون كما يقول كريم جنوبي الهوى بصري العشق، أبو ستار وأستير لم يكن بحسبانهم أنهم سيمكثوا كل هذا الوقت هنا والفندق مهجور من عماله، قرر السائق أن يعود إلى البصرة على أمل العودة غدا ليعرف ماذا حصل ورافقه الوالد والولد بعد أن صار كريم أسيرا لدى معزبه الحمداني.
لقد تحرر الحاج عبد الحميد من وجود أخرين في قضية تخص العائلة خاصة وأن أعميد السائق يعتبر اذاعة لندن في القرية، لا يعرف أن يخفي سر ولا يمكنه أن يسكت حيث يوجب السكوت، كثيرا ما ناور حجي حميد في عدم الخوض بما جاء من أجله كريم ولا منح أحد أهتمام في القضية، الآن وقد خلي المكان وأصبح الحديث متاحا طلب من بعض الموجودين من أبنائه وأحفاده أن يتركوه مع الضيف ومغادرة المكان.
فيما كتبت سميرة هناك لمحة مهمة وإن كانت سريعة عن الحاج عبد الحميد كونه كريما كان أيضا شجاعا وصاحب قدر جيد في إدارة الحوار، هذا ما حفز الضيف لأن يمنح الكلام مقدرة على الإحاطة بالقضية دون أن يتشعب وقد لا ينجح في كسب الرجل إلى جانبه، عدم وجود علاقة رسمية بين سميرة وكريم أو حتى صفة ما تخوله الحديث هي الغصة التي شعر بها وهو يحاول أن يفتح الموضوع بتفاصيله الدقيقة، عرف الرجل الحكيم بخبرته أن ضيفه في حالة حرج لذا بادره بسؤال قد يبدد مخاوفه...
_هل تعرف أن سميرة كنتي للآن وأبن بنت خالتي وكلاهما أنا وليهم الشرعي؟
_نعم أعرف وقد أخبرتني.... الصحيح إنها كتبت في مذكراتها هذا الكلام ولكنني متفاجئ كونها كنتك للآن وقد توفي زوجها منذ زمن.
_نعم طالما أنها لم تتزوج من أحد فهو عندي كأبنتي وكنتي لأنه تحمل لقب أرملة أبني وهذا يكفي.
_نعم هذا صحيح.
_إذا فنتكلم بكل وضوح.
_يا حاج أنا أعرف الست سميرة وأمها منذ فترة وقد زارت والدتي هي وأمها وأمي زارتهم أكثر من مرة، وبحكم عملي كموظف بالمكتبة العامة كثيرا ما تتردد علينا، أما للقراءة أو الأستعارة، وحدث أن ألتقينا في نقاشات ولقاءات داخل المكتبة، لذا أعتبرها وهب تعتبرني أصدقاء على درجة عالية من الثقة.
_نعم وهذا أمر ليس فيه ما يعيب.
_قبل فترة أسبوعين أو أكثر فجأة أختفت سميرة وأمها من المدينة... (هنا قاطع الرجل الكلام بسؤال)
_أختفت يعني كيف ولماذا؟
_يا سيدي دعني أكمل حديثي...
لم يتمالك الرجل وقد بان عليه علامات الغضب والإنفعال وهو يسمع هذا الحديث لأول مرة، قد يكون شعورا بالعار تولد لديه وهو الذي أقر قبل لحظات أنه وليهن الشرعي، على أقل تقدير أمام الضيف وأمام أهل القرية فكلاهما ليس لها من مسئول غيره، كان تدخينه للسيجار واضحا عن مقدار توتره وأرتجاف يده الذي ينبئ عن مقدار الغضب.
سرد كريم القضية بتفاصيلها الصغيرة ومتابعته الدقيقة لها وكيف أن لا أحد في الدولة ومؤسساتها قادر على أن يعرف أين يجد جوابا عن مصيرهما، وحتى المدرسة التي تدرس فيها أنكرت وجودها من بين الطاقم التدريسي، وإن كل ما فعله من أجلها وحتى ترك للوظيفة إلا شعورا بالتضامن معهن دون أن يعني ذلك أرتباط ما أو وراء ذلك هدف، كان الرجل يسمع القصة بإنصات وأهتمام دون أن يقاطع كريم لعله يفكر بداخله بأمر ما.
ساد الصمت فترة ليست بالقليلة وكريم يتحرى فهما أو جوابا محددا عما سرده للرجل، فيما كان الأخير متواصلا بالتدخين وبشراهة وهو مطأطأ الرأس يفكر مليا، يداه ما زالت تنحت في الفراش خطوطا وهمية بواسطة الزناد (القداحة) التي بيده لعله يعثر على شيء، كان للخبر وقعا قويا على قدرته على التحمل، ليس هناك من جواب محدد وعليه أن يواجه هذا الرجل الذي تفضل عليه بهذا الأهتمام الأستثنائي دون أن يتركه مع حيرة الأسئلة وغياب الجواب الوافي.
لم يقطع هذا الصمت والذهول غير صوت حجي حميد وهو ينادي من موجود للحضور فورا، فتح الباب شابين بعمر متقارب لا يتعدى الخامسة أو السادسة عشر من عمريهما وهما يركضان نحو الجد، همس في أذن أحدهما وطلب من الأخر أن يحضر أقداح الشاي وينادي على الحجية، كان هناك قرار ما لقد فعلها الرجل وهو يحاول أن يصل لحد ما، هل هناك من يعلم بما جرة لسميرة وأمها هنا في القرية؟، هل هناك من لديه معلومة ما وهو لا يعرف بها نتيجة إنشغاله بالعمل طول النهار مع العمال والصيادين وأصحاب المراكب، كان هناك قرار ما.
الآن يشعر كريم ان هناك أمل في أن يجد من يمكنه أن يكون صاحب علاقة ومسئولية في البحث عن مصير سميرة وأمها، هناك من يهتم لأمر إنسان حر سرقوه في لحظة خفاء ليساموا على حريته، إن لم تكن إنسانا إيجابيا تعط الوجود لا تكن سلبيا تجاه من يسرق حياة الأخرين تحت مسمى القانون، يمكنه الآن أيضا أن يتحرك بحرية وهو ينتظر ما أمر به الحاج عبد الحميد أن يكون، والأهم أن زوجته التي هي أكثر معرفه منه بسميرة وأمها ستكون حاضرة، وقد يكون لديها أو تفكيرها ما يمكنه أن يسجل خطوة للأمام.
أخرج من جيبه الدفتر الصغير الذي دون فيه كل ما يخص البصرة وحمدان من مذكرات سميرة وقلبه بهدوء، لا ذكر البتة لزوجة الحاج ولا أي أشاره يمكنها أن ترشده لشيء، وهو يحاول أن يتفحص جيدا حضرت الحاجة أم ثامر مرحبة بالضيف، وكأنها واحدة من أميرات ذلك الزمن السومري القديم، حينما كانت الملكات العراقيات يحتكرن الحكمة والسلطان، نهض ليستقبلها بأحترام الأبن للأم مهما كان شأنها فقبلته وأشعرته أنه بين أهل له في غربة مؤقتة، كان كلامها يوحي بصدق مشاعر الأمومة وصفائها المعتاد، جلست في وسط المكان لتكون قريبة من زوجها ومن الضيف ولتسمع ما جرى.
أختصر الحاج عبد الحميد القضية بكلام أراد منه فقط الأستفهام منها عن أي تصور أو خبر أو معلومة تقود للسيدتين.....
_ (حجيه رزيقة وسميرة مفقودات بكربلاء هل لديك علم وخبر أم لا)
_مفقودات ما تعني هذه الكلمات هل يعني ضائعات أم ماذا.
_ (حجية أم ثامر الرجال جاي من كربلاء يسأل عن أي معلومة تخص بنت عمك وكنتك).
أضطربت المرأة وصفقت وجهها في عادة عراقية قديمة حينما تتفاجأ بأمر مفجع وكأن الأرض أهتزت بها.....
_ (يمه أشلون ضاعن وين راحن ما سألتوا ما دورتوا) بلهجتها كانت تتسأل وبحزن عميق عما أصاب رزيقة وكريم لأول مرة يتعرف على أسم أم سميرة.
_ يا خاله لم أترك مكان يمكن أن أجد جواب لم أطرقه لا المستشفى ولا الشرطة ولا المدرسة ولا دوائر الأمن، الجميع لا يعرف بل هناك من أنكر وجودهن خوفا من أن يتهم بشيء.
حسم حجي حميد الكلام بأنتظار القادم الذي أعلن عن وصوله من الأصوات القادمة، دخل رجل طويل بزيه العربي معتمرا الكوفية والعقال وكأنه صاحب مشورة أو قرار، أستقبله صاحب المكان ونهض كريم للسلام فيما بقيت الحجية أم ثامر جالسة مذهولة مما سمعت وردت بسلام بارد على تحية القادم.
الحديث بمختصر شديد دار بين الرجلين وطلب منه الحاج عبد الحميد إن كان يمتلك أي معلومة أو خبر عما سمع، أستعدل الرجل الذي أتضح لاحقا أنه مختار القريبة وابن عم الحاج حميد ليخبرهم بشيء إنها قنبلة من العيار الثقيل، أكدت إحساسات كريم وتوقعاته فيما يخص السيدتين، نعم هناك معلومات طلبها الأمن مني بخصوصهما قبل فترة وقد أخبرت رجل الأمن أنهما الآن في كربلاء على أخر معلومة أعرفها، وسأل الرجل عن توجهاتهم السياسية فقلت ما أعرفه عنهما...
_وماذا تعرف عنهما
_إنهما أصبحتا شيوعيتين منذ إن رحلا إلى كربلاء وأنقطعت أخبارهما
أجاب كريم مستنكرا وكيف عرفت أنهما شيوعيتين وأنت لم تعرف فقط أنهما رحلا إلى كربلاء!!
_المسألة لا تحتاج إلى ذكاء فليس في كربلاء إلا الشيعة.
_وما علاقة الشيعة بالشيوعيين؟
_ (ضحك بأبتسامة خبيثة) لا بد أنهما الأن صاروا من العشرة شيعة.
_ يا سيدتي أنت الظاهر لا تفرق بين الشيعة والشيوعية، الشيعة مذهب والشيوعية فكر سياسي.
_ (تسأل بخجل) يعني أن الشيعة ليست شيوعية؟؟؟؟؟
لطم أبو ثامر على وجهه ونظر بإزدراء لهذا الكلام وقال، لو حدث لهما شيء مما أخشى سوف لن تنال مني إلا القصاص، قم يا رجل لقد خربت البصرة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الإعلام والسياسة المطبخ هو الطائفية
- المتخيل والمدرك والمتوهم في السياسة العراقية
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح13
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح12
- السلام والمصالحة هدف الشعوب وحقها الأساسي وليس لعبة الساسة و ...
- أحلام السلام والمطر
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح11
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح4
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10
- حوارية القمر والسلالة المنسية
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح3
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح9
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح2
- مدينتي ..... النائمة في بحر العسل
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح8
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح1
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح7
- الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح6
- محذور ...... من أن تحب


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح14