أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي














المزيد.....

إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5347 - 2016 / 11 / 19 - 18:25
المحور: الادب والفن
    


مع اقتراب عيد الميلاد، كان هذا الرجل الألماني المسن يشعر بالحزن العميق. كان يتمنى شأنه شأن كل الناس أن يجتمع أولاده حوله ليلة العيد. لكن للأسف، كان معظم الأولاد يعتذرون، فالبعد الجغرافي حاجز للبعض، واهتمامات الحياة عقبة لدى الآخرين، كذلك الانشغال بأمور أخرى أكثر أهمية. كان العمر يمضي وكان هذا العجوز يدرك أن الوقت ليس في صالحه.

ذات يوم ومع اقتراب العيد، وصل خبر وفاة الأب لأبنائه. اضطر الجميع لإلغاء أعمالهم ومشاريعهم واهتماماتهم واتجهوا الى منزل الوالد. كان الحزن يخيم عليهم كما كان الشعور بالذنب يؤلمهم. كانوا يتمنون لو اجتمعوا ليلة العيد مع الوالد وهو على قيد الحياة. لكن حصل ما قد حصل وها هم يأتونه جثة هامدة.

فتح الأولاد باب البيت لدى وصولهم. أناروا الغرفة. فوجئوا بوجود طاولة في غرفة الطعام وعليها كل ما لذ وطاب. كانت الروائح الشهية تملأ البيت وكانت الحرارة لا تزال تنبعث من الأواني الزجاجية والحديدية. نظروا الى بعضهم البعض باستغراب. لم يستطيعوا فهم ما يحصل. فجأة، أطل الوالد من المطبخ. أصيبوا بالذهول والقشعريرة. تسمروا في أماكنهم. عجزت حناجرهم وألسنتهم عن التفوه بأي كلمة إلى أن حطمت إحدى الحفيدات الصمت وركضت نحو الرجل المسن لتستقر في ذراعيه وهي تصرخ "جدي، جدي".

تقدم الأبناء الواحد تلو الآخر وعانقوا والدهم. بكوا. جلسوا على طاولة العيد. كانت رؤية والدهم على قيد الحياة أقصى ما يتمنون الحصول عليه في تلك اللحظة. اعتذروا عن تقصيرهم. ضحكوا. تذكروا أيام الطفولة. تبادلوا أطراف الحديث. كانوا سعداء باجتماعهم حول الوالد الذي لم يمتلك حيلة لجمعهم حوله سوى الادعاء بوفاته.

غريبة هي الحياة. حياة تنسينا أغلى من لدينا. حياة تغرقنا شيئا فشيئا في بحر الانشغالات اليومية حتى ننسى أن نحب. حياة مثل العنكبوت تحبك خيوطها حولنا دون أن ندرك أننا أصبحنا فريسة لها. حياة، مثل السجان، تضع الأغلال في أيدينا فتستعبدنا بقيود العمل والعائلة والاهتمامات المختلفة دون أن ندرك أننا قد خسرنا حريتنا.

غريبة هي الحياة التي لا تجمع الأبناء حول والديهم إلا حين وفاتهم.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها الحياة-10- كل عام وانت بخير يا صغيري
- العهد القديم والعهد الجديد-20- الخاتمة
- عهد قديم وعهد جديد-19- لا يكن لك آلهة غيري
- لا لزواج القاصرات
- أترانا شعبا أصيب بالانفصام الثقافي والديني؟
- عهد قديم وعهد جديد-18- أنطق ايها التمثال
- إنها الحياة-9- الجدّ والجدّة والحفيد
- عهد قديم وعهد جديد-17- لماذا العهد القديم؟
- إنها الحياة-8- ومن قال ان الاغتصاب رذيلة؟
- عهد قديم وعهد جديد-16- أنا الدولة والدولة أنا
- أصحاب الفخامة والجلالة والمعالي
- حكاية إيمان
- عهد قديم وعهد جديد-15- فجر جديد
- عهد قديم وعهد جديد-14- أصنامهم فضة وذهب
- عهد قديم وعهد جديد-13- إيل تحت المجهر
- عهد قديم وعهد جديد-12- إيل العبري وإيل الكنعاني
- أما يكفي أيها السيف دماء؟
- شبهة وردود-2- ما لي ولك يا امرأة؟
- هل مسموح أن يتعرض أبو سليم للإذلال؟
- شبهة وردود-1- يسوع سارق الحمير


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - إنها الحياة-11- لا، لا ترحل يا والدي