أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الجبار الفياض














المزيد.....

رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الجبار الفياض


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5246 - 2016 / 8 / 6 - 21:10
المحور: الادب والفن
    


رجالٌ هُويتُهم وَطَن

حين يكتب عبد الجبار الفياض قصيدة يتوضأ أولا بماء شط العرب رهبة من حروف الوطن ورغبة في أن تصل حروفه فؤاده العليل، الرجل كل ما يملكه من أحاسيس ومشاعر معنونه كما النخيل عراقي الهوية، وعراقي التأريخ، لا يرغب أن يعشق وطنا ليس فيه سمراء جنوبية رسمت الشمس على سيمائها لوحة ... قد لا تعجب الغير لكنه هو شاعر النخيل وفتى الشط عاشق من طراز خاص له فلسفة خاصة مع الحرف مع قلائدها تلك القصائد......
القصائدُ
أجنحةُ شوقٍ
تستبقُ
حيثُ جموعُ انتظارٍ
يغصُّ بمرارتِهِ ثديُ سمراءٍ فارعةٍ على شطِّ العرب . . .
فهو لا ينسى أن بعض الوطن يعيش المرارة كما يعيش الظمأ، بلد الرافدين الذي أخترع الحياة وتفنن في صنع الجمال شارك الألهة والأرباب في صناعة الجمال، لكن خراف البشر وذئاب بني الإنسان أكلت منساته كي يسقط مغشيا عليه .... العطش والظمأ والصحراء والذئاب مشكلة وطن عبد الجبار الفياض الذي في كل شارع فيه تجد صدى لحروفه ... العطش ثم العطش يا وطن الماء والطين.. الليل فيك لا يشبه حتى أتعس تلك الليالي الألف وواحد.
ليلٌ
لا يُسخَّنُ بعواءِ ذئب
تشحذُهُ ريحٌ سكاكينَ
طبولاً
يفزَعُ منها الطّبال . . .
عطشاً
ينزُّ من قِرَبٍ . . .
لكنَّ صوتاً
يهزُّ صداهُ مضاجعَ
عبّأتْ خوفَها بدنانِ خمْر
احتستْهُ بعيداً عن عيونِ فجر
لعلَّ ما يُعَبُّ
يُنسي . . .
فهل نسي الفياض نخيل حمدان وأبي الخصيب أم هل نسي أنين الشط عند الفاو أو قرب العشار ...الوطن واحد من أنينه المتشابه من عمق زنزانات الموت مرورا بالموت المجاني الذي يوزع كالأرزاق في بلدي ... أه بلدي .... حسراتك تزلزل فصوص كبدي ... يا ليتني كنت الطبي المداويا ...
إيهٍ
صحراءَ التابوتِ المفقود
ليلُ بنفسجِهم
يطولُ بشرايينِ زمنٍ
تشعب تيْهاً
آلاماً
أرواحاً
بأوانٍ تُراب
تراباً بأواني وطن . . .
ليسَ ما لكِ
لَهَمْ
للموْتِ معنى واحد
للحياةِ ألفُ معنى!
إنه المعنى المفقود الذي يبحثه الفياض بين مفردات الوجع والألم ليس حبا بالبكاء ولكن مرارة الواقع تلجئك لأن تبسط حبك حروفا دامعة ... تبكي وتستبكي الحجر الأصم من تحت من زنازين ثملت من صوت الأنين وسكرت فمات الإحساس عندها من رائحة الألم المنبعث من نفوس لا يمكن للموت أن يروضها وهي تبحث عن لحظة فوز أو لحظة فناء مشرف.... كيف سخر الفياض حرفه لنقل معاناة ذكريات تطرزها الجدران الصامتة من هول ما ترى .... صامتة من هول الفجيعة
تتسعُ رِئةُ الزنازين
بشهيقِ حرفٍ مُتمردٍ
على جدارِ يومٍ موعودٍ
ما لسواهُ
تُزفُ قصائدُ الغزَل
تُعلّقُ الحناجرُ بهتافِها
الطّينُ
أُمٌّ لا تُباع
الشّمسُ
مُلْكٌ لا يُصادر
رِقابُ الأحرارِ
لا تُرق!
كان تموز للعراقيين كما يعرف من سكن الفراتين شهر الفرح والرج والشمس التي يجلب معه موسم الثورة وموسم التحولات، حتى كاد العراق أن يوصف بلد الموزيين ... من ديموزي مرورا بأنكيدو وصولا لقاسم الجنرال عبد الكريم كان تموز شهر العراقيين ... يتسائل الفياض عن عهده المرارة التي يجلبها تموز في عصره، يحاكي ويسأل الشمس معاتبا أيضا ومتذكرا وعيدها....
الشّمسُ
تزحفُ فوقَ رؤوسِهم
باستحياءٍ
بلا حجاب
ليستِ القلوبُ كما أرادَها
سوطٌ ثمل
رصاصٌ جبان
وعيدٌ بفناء
هذه الأنتقالات بين الأسئلة والعرض البانورامي الذي يستعرضه الفياض بألم بحسرة يتذكر الباسقات من نخيل الشط وشط النخيل من الجروف والبساتين، من الغياب اللا مبرر للربيع والأزهار التي غادرت عراقه بسبب التصحر القادم يحمل الرمال بين كفيه لينشر على العراق هموما كأنها زخات مطر لا موسم لها ولا أوان.... إنها إدانة وصرخة بوجه الصحراء التي أبتدأت بها قصيدته وهو يذكرها أن هناك رب يملك ولا ينسى إنه رب أرباب العراق وإله ألهه العراق....
أيّتُها الصّحراءُ
المطويّةُ بكفِّ الله
المشلولةُ بظمأِ قيْظٍ
يشربُ من أجسادٍ
نزحَ عنها الخوْف
فكانَ بساطاً نحو الشّمس!
لا يفتأ يتذكر الشاعر هذه الصحراء الرمز الزاحفة لتحارب نخيل بلاده وهو يرى أن السماء أيضا صامتة لا يحركها ألم النخيل ....
الباسقاتُ في بلادي
تروي قصةً
أكبرَ من الدّمعِ
من العويل
من كُلِّ أحرفِ الرّثاء . . .
أيُّها ذا الذي كنتَهُ
هل تُنصفُكَ حروفُ الأبجديّة؟
لا
أضفتَ حروفاً للخلودِ
ما وَرَدتْ بسفر!
رحلة حروف سخرها الفياض لينتصر لزمنه لزمن وطن لا يقايض الموت بالهلاك ولا يقبل أن يتحول إلى مستعمرة لرجال ماتت عندهم ملامح الإنسان فقط لأنهم كانوا مجرد مروضي حمير برية وما من حمير برية في الحقية.... أرض العراق يقول عبد الجبار لا تروضها المصائب كما لا تروضه السياط ... ما يجعل من طين العراق جنة هو كلمات الشعر التي تسافر عبر قطارات الحب الصاعدة والنازلة من دون توقف.. هناك يكون العراق عراق في رحلة الوجود.
أيّتُها الجّامحةُ
ما مِنْ مُروّضٍ يشدُّ ذوائبَكِ
عُرسَاً
كفاكِ
أنّ قلباً يسعُ
شعراً
سيفاً
رمادَ كَرَم . . .
أنْ تعدّي نجومَ ليلٍ
فُصِّلَ ظلامُهُ أرديةً لحرسِ الزنزانات
لأُجَراءِ القنْصِ البشريّ . . .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين الإنساني وتحولات الوعي المتجدد
- العراق وخيارات المرحلة ح2
- العراق وخيارات المرحلة.ح1
- مقهى عبد ننه ... قراءة في تأريخ مدينة يسكنها وهج السياسة ويت ...
- من أفسد نواب الشعب
- الأيديولوجيا القذرة
- النقد الديني بين ضرورة المعيارية النقدية ووحدة الهدف من المم ...
- غضب .... ليس على وقع الجمر _ قصة قصيرة
- الدين الأجتماعي وقضية الحرية في المجتمع الإسلامي
- حروف للقاء ..... لقاء أخر بيننا
- العمامة والزي الديني توظيف للأنا المتضخمة وخداع للمؤمنين بأن ...
- هلوسات رجل مهزوم ..... لكنه يحلم
- أحلام الوطن البديل
- عوامل التغير وطريق الثورة
- العصر مفردة الزمن في دلالات النص الديني
- يوميات عاشق .... مسافر مع الحروف
- صندوق جدتي وسفينة نوح
- قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية وا ...
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رجالٌ هُويتُهم وَطَن ... قراءة نقدية في قصيدة الشاعر عبد الجبار الفياض