أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم














المزيد.....

من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5185 - 2016 / 6 / 6 - 16:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قرأت في الصحافة في الآونة الأخيرة رأيين لزعيمين سياسيين مغربيين نقف عندهما لفهم السياق والأبعاد والمرامي، أحدهما للسيد محمد اليازغي الكاتب الأول السابق لحزب "القوات الشعبية"، الذي صرح بأنّ حركة 20 فبراير أوقفت "المشروع التحكمي للبام"، والتصريح الثاني للسيد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" والذي مفاده أنه يرفض ويعارض فكرة "الملكية البرلمانية".
فبالنسبة لتصريح السيد اليازغي فهو يتحدث بعد خمس سنوات من 2011، وهي مسافة من الزمن تسمح له بأن يطرح السؤال التالي: هل نجا المغاربة في النهاية من التحكم ؟ لأن كلامه قد يوحي لأجنبي لم يتابع الحياة السياسية المغربية بأنّ المغاربة يعيشون في بحبوحة الديمقراطية التي ترفل في ثياب من حرير.
أما تصريح السيد بنكيران فهو يطرح مشكلا أعوص، فالرجل ما فتئ يشتكي من "التحكم" منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة، ويندّد بشغب "العفاريت" ووحشية "التماسيح"، لكنه في نفس الوقت يُصرح بأنه ضدّ فكرة الملكية البرلمانية، أي ضدّ إنهاء التحكم وتمكين المنتخبين من أن يمارسوا مسؤولية حقيقية ليستطيع المواطنون الحكم على أدائهم ومحاسبتهم على اختياراتهم. مختصر القول أن هذا التصريح يبدو ظاهريا كما لو أن السيد بنكيران "عدو نفسه". إنه يشتكي من التحكم لكنه لا يريد إنهاءه. ليس لأنه يستلذ أن يظل دائما مستخدما لدى المتحكمين وخديما لهم، بل لأن له خطته (التي يعتقد أنها سرية لكنها في الواقع مكشوفة للجميع)، أن يتحالف مرحليا مع التحكم، ليتعلم آلياته وطرقه ويحلّ مكانه بالتدريج.
أمامنا معطيان اثنان: حزب يرأس الحكومة ويشتكي من التحكم القائم والمستمر، ومجتمع مدني يشتكي من تحكم الحزب نفسه الذي يرأس الحكومة والذي لا يعتمد التشاور والتشارك ويفضل تمرير قوانين على مزاجه والسعي إلى التحكم والاستحواذ على الدولة وفق الطريقة الإخوانية التي لم تنجح في مصر وفي تونس، وما زال الأمل يراود الإخوان المغاربة في تحقيقها، رغم ضعف حظوظهم في ذلك.
والحقيقة أن الذي يبدو من الحياة السياسية المغربية هو أن المغاربة لا حظّ لهم حتى الآن في الإفلات من التحكم، وأنهم ما زالوا واقعين بين مطرقة السلطة ولوبياتها وسندان حزب المصباح وتوابعه، أو بتعبير أوضح، بين التحكم السلطوي والتحكم الإرهابي للمحافظين. والأفدح في الأمر هو أن ما يلوح في الأفق هو تحالف بين نمطي التحكم على حساب التطلعات الديمقراطية للمغاربة. وقد عكست بعض مشاريع القوانين المعدّة بين الطرفين التوجّه المستقبلي الذي تتوزع فيه الخدمات على الشكل التالي: أن يطأطئ البيجيديون الرأس في تخاذل أمام مظاهر الفساد الفعلي والاستبداد العلني، مقابل أن تترك لهم السلطة بعض فتات التحكم والضبط للعلاقات الاجتماعية وفق إرادة السلطة وفي حدود مصلحتها، وذلك مثل الإبقاء على بعض عناصر التخلف كاحتقار النساء وتشغيل القاصرات وتزويجهن وحظر الحريات الفردية والجماعية والتضييق على مظاهر التحديث وتحجيم الصحافة وتشجيع الغوغائية وتجاوزات الشارع. مقابل أن يصرف المحافظون النظر عن أسس السلطة ومنطقها في قيادة البلاد وتدبير السياسات الكبرى.
هذه المعطيات تسمح لنا بفهم تصريح بنكيران ووضعه في سياقه، فالشره إلى السلطة والمال والمقاعد قد أصبح ثقافة إسلاميي السلطة، والرغبة في التحكم والاستئثار بالأمر ظلّ مكبوتهم السياسي الذي لا يفارقهم، لأنهم أبناء الفقه التراثي القديم الذي يعتبر الدين دولة وغلبة وتحكما في الرقاب، والحلّ هو التحالف مع الاستبداد من أجل اكتساب الوسائل المؤسساتية للانتشار وضمان "التمكين". لكن من مظاهر ضعف الإسلاميين أنهم دائما ينظرون إلى خطتهم دون أن يحسبوا حساب خطط خصومهم، فقد تحدثوا دائما عن معاداة العلمانية ومحاربة العلمانيين دون أن ينتبهوا إلى أنهم خلال حروبهم المقدسة تلك قد تغيروا كثيرا عما كانوا عليه، أي أنهم تعرضوا لإشعاعات علمانية وهم يحاربونها، كذلك الشأن بالنسبة لمخطط السلطة في تطويع الإسلاميين وتحويلهم إلى أدوات طيّعة في خدمة التحكم وتبريره وشرعنته، والتخلص منهم بعد ذلك عند أول فرصة.
إن مكمن العطب الرئيسي في النهاية ليس في هذا الحزب أو ذاك، بل هو في طبيعة النسق الذي ما زلنا لم نغادره نحو الفضاء الرحب للديمقراطية، وذلك بسبب عدم القدرة على الحسم في الاختيارات، من أجل قطع الطريق على المغامرين والمقامرين بالسياسية وبالدين معا.
أما السيد بنكيران وجماعته فليس لنا إلا أن نهمس في آذانهم: " إن من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم".



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الحكومة إلى الجنة
- حول القانون التنظيمي للأمازيغية، السيناريوهات الممكنة
- ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟
- لماذا الإنسان أولا ؟
- غوغائية الشارع نتاج سياسة الدولة، لكنها قد تؤدي إلى خراب الد ...
- لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنا ...
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟
- معنى احترام الآخر
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم