أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حكومة صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة















المزيد.....


حكومة صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5169 - 2016 / 5 / 21 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعارضة
المعارضة ، او الشخص المعارض ، هو من يعارض شيئا لا يوافقه ، او يختلف معه . والمعارضة هنا تكون مركزة على قيم ، او مشروع ، او افكار ، او مجموعة ممارسات ، او قد تكون سياسية ، او ايديولوجية ، او عقائدية ، وقلما ان تكون المعارض في مثل هذه الحالات شخصية – شخصية .
المعارضة قد تكون ضد النظام داخل الدولة ، كما قد تكون ضد الدولة نفسها ، ويمكن ان تكون معارضة من داخل الدولة ، كما يمكن ان تكون من خارجها، وقد تكون كذلك معارضة لتنظيم ، او لحزب ، او لنقابة من داخل التنظيم ، او الحزب ، او النقابة ، كما يمكن ان تكون من خارجهم ، اي معارضة للتنظيم من قبل تنظيمات منافسة .
المعارضة للدولة قد تكون من هيئات او تنظيمات غير مرخص لها من قبل الدولة نفسها ، وقد تكون من تنظيمات مرخص لها طبقا لقوانين الحريات العامة السائدة في الدولة ، كما قد تكون من داخل الدولة ، اي من قبل الاجهزة ، كضباط جيش ، او مليشيات الحزب الحاكم ، او المشارك في الحكم ، او ما شابه ذلك .
والمعارضة التنظيمية ، قد تكون من قبل نفس المنتمين العضويين لنفس التنظيم ، وقد تكون من قبل تنظيم مقابل او منافس ، كأن يكون احدهم في الحكومة ، والأخر خارجها ، او العكس .
الخلاصة من هذه المقدمة ، ان المعارضة الحقيقية لكي تكون كذلك ، يجب ان تكون معارضة للدولة او للنظام ، وليس فقط معارضة لاختصاصات دون غيرها للملك او رئيس الدولة . اي ان يكون الهدف هو الوصول الى الحكم بقلب النظام القائم لصالح نظام آخر مُبَشّرٌ به . اما اذا كان المبتغى من المعارضة فقط ، معارضة التشريعات والنصوص ، ومعارضة الاختيارات الرسمية ، لصالح اختيارات اخرى ستصبح بدورها رسمية ، وفي ظل النظام او الدولة القائمة ، فهذه لا ولن تكون معارضة اطلاقا . ان الحزب ، وأيُّ حزب ، لا يمكن له ان يشارك في الانتخابات لتطبيق برنامجه مع بقاء النظام ، او الدولة التي يتحرك ضمن قوانينها ، لان المعارضة في هذا الباب سماها الحسن الثاني ب " المعارضة البناءة " ، في حين ان المعارضة تكون وتبقى معارضة واحدة ، لأنه لا توجد هناك معارضة احداها بناءة لأنها طابور للنظام ، وأخرى هدامة لأنها خارج اصوله وتقاليده المرعية . ففي القانون الدولي مثلا فللاستفتاء تعريف واحد متفق عليه أمميا ، وليس هناك ما يسمى ب ( الاستفتاء التأكيدي ) الذي يبقى رهين عقول اصحابه .
اما المعارضة داخل التنظيم ، فتعني تواجد مجموعات او جماعة ترفض الاختيارات المملاة من فوق ، او ترفض الزج بالتنظيم في متاهات ستضع العصا في عجلته ، او ترفض مواقف معارضة مثلا لما تم اقراره في مؤتمر ، او تم الاتفاق عليه عند التوقيع على ميثاق الشرف .
ان اي تنظيم او اي حزب يقدم نفسه محسوبا على ( المعارضة ) ، لكي يكون كذلك حقيقة ، و يتعهد بتطبيق برنامجه ، عليه ان يرفض النصوص والتشريعات القائمة التي تزكي الجمود والتحجر ، وعليه عدم الاعتراف بالدستور الذي يؤثث لنظام الحاكم ، وعليه ان يوجه البوصلة نحو الهدف الاسمى الذي هو السيطرة على الحكم . في هذه الحال فان اي تنظيم ينخرط فيما يسمى بهتانا بالاستحقاقات ، وفي ظل دستور ممنوح يركز للسلطة الدكتاتورية للشخص الحاكم على جميع السلطات ، هو حزب يوظف مصطلح المعارضة كديماغوجية لا علاقة لها بالمعارضة الحقيقية . اما عندما يركز الحاكم المستبد في ممارسة حكمه الاستبدادي ، على الدستور الممنوح المستفتى عليه ، لإعطائه شعبية جماهيرية مصطنعة ومزورة ، وعلى دستور عرفي إلهي منزل من السماء لتأبيد الاستبداد الفرعوني باسم الامير ، والإمام ، والوالي ، والغارق في اللاّهوت الرجعي ، فان اي مشاركة في الحقل السياسي لن تكون باسم المعارضة الحقيقية ، لأنها تفعل وتتفاعل مع النظام وتستمد قوتها منه ، ومن ثم توظف باسم المعارضة ، للتمييع والخلط والتشويه ، ومن ثم لتأبيد الحكم المطلق ، وتعطيل او تأجيل التغيير المنتظر . ان هذا النوع من المعارضة نسميها بمعارضة التعتيم .
فكيف يمكن تصور حزب يدعي التخندق في المعارضة ، في حين انه هو من قدم اوراق الاعتماد الى وزارة الداخلية ، لترخص له بالعمل . فأي حزب كان ، حتى يتم الترخيص له بالحركة ضمن قوانين الحريات العامة ، يجب ان يعترف ويؤمن بالثالوث المقدس " الله الوطن الملك " ، بل يجب فقط ان يدلل على ايمانه بالملك وبالملكية ، ولا حاجة ان يدلل على ايمانه او عدم ايمانه بالدين او الوطن . فهل من يقدم اوراق اعتماده لدى وزارة الداخلية ، سيكون غدا حزبا او تنظيما معارضا للنظام او للدولة ، ام انه ليس إلاّ نسخة لما قاله الحسن الثاني للمعارضة البناءة ؟ . وللإشارة هنا . إذا كان الحسن الثاني بذكره المعارضة البناءة يقصد تلك التي خلقتها وزارة الداخلية ( التجمع الوطني للأحرار ، الاتحاد الدستوري ، الحزب الوطني الديمقراطي ) ، او خلقها القصر ك ( الحركة الشعبية ) ، ليطعن في المعارضة الاصلاحية البرجوازية للاتحاد الاشتراكي آنذاك ، وليس اتحاد اليوم ، فان نعت المعارضة البناءة ، امتد اليوم ليشمل احزابا كانت تتخندق على يسار الاتحاد الاشتراكي ، وهي ما نسميها بأحزاب النيو – مخزن المرخص لها بمقتضى قانون الحريات العامة ، وتشارك في جميع الاستحقاقات التي ينظمها ويشرف عليها القصر من خلال ذراعه العتيق وزارة الداخلية .
في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانت هناك احزاب استحقت عن جدارة تسميتها بالمعارضة ، لأنها كانت تعارض الدولة وليس فقط النظام . اي كانت تطالب بالجمهورية . وهنا نستشهد بالاتحاد الوطني للقات الشعبية ، وبكل ما تفرع عنه ، من منظمة 23 مارس ، الى الاختيار الثوري . ونذكر هنا بعدة محاولات كانت ترمي لاستلام الحكم ، كان منها انتفاضة 16 يوليوز 1963 ، وانتفاضة 3 مارس 1973 ، ومشاركة الجنرال محمد افقير انقلاب الطائرة في سنة 1971 . كذلك نذكر بالمعارضة الماركسية اللينينية التي كانت ترمي الى بناء نظام الجمهورية الديمقراطية ، ونذكر بمعارضة مجموعة من ضباط الجيش لنظام الحسن الثاني بسبب الفساد ، حيث كانت محاولة قلب النظام في سنة 1971 ، وفي 1972 ، وغداة توزيع منشور على الجيش بالصحراء بعنوان ضباط 16 يوليوز في سنة 1982 .
وبالنسبة للمعارضة داخل التنظيمات و الاحزاب التي كانت تنتهي دائما بالانسحابات والانشقاقات ، وتأسيس تنظيمات او احزاب ، وتأثير هذه المعارضة الداخلية على الاجهزة النقابية التي كانت تعرف بدورها انسحابات او انشقاقات ، لتؤسس لنقابات وإطارات جديدة ، فان هذه الصراعات كانت تتم ضمن قوانين الدولة التي تتفرج على هذه النزاعات ، كما انها كانت مرات تقف وراءها ، ومرات كانت تغذيها من بعيد ، بدفع ازلامها للتحرك ، بسبب ظرف من الظروف وهكذا . مثلا المعارضة الراديكالية البرجوازية الصغيرة للقيادة الميركانتيلية داخل حزب الاستقلال ، والتي اسفرت عن ميلاد حزب جديد هو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . وقد انعكس هذا الخروج على الاطارات الموازية ، فانضمت نقابة الاتحاد المغربي للشغل ، ونقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الى جانب الحزب الجديد ، وفي المقابل انشأ حزب الاستقلال نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ، والاتحاد العام لطلبة المغرب .
كذلك ادى تخندق القيادة البرجوازية الصغيرة للحزب الجديد " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " الى جانب القصر ، الى بروز معارضة راديكالية متشبعة بالنظرية الثورية الماركسية اللينينية ، جسدها انفصال منظمة 23 مارس ، ومن قلب هذا التنظيم ، ستظهر معارضة سياسية للتوجهات التي رسمتها القيادة منذ 1975 ، وسيخرج عن التنظيم تنظيم آخر بفرنسا عرف باسم " رابطة العمل الثوري بالمغرب " ، دون ان ننسى معارضة 1972 التي انشأت تنظيم " لنخدم الشعب الماوي " .
ان نفس الشيء سيحصل عندما انشق الاتحاد الوطني القوات الشعبية الى فرعين . فرع الدارالبيضاء الذي ظل موال للقيادة النقابية للاتحاد المغربي للشغل ، وفرع الرباط الذي اسس في سنة 1974 " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، حيث سينشأ الحزب نقابة " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، التي ستعرف بدورها انسحابات ستؤسس لإطارات نقابية جديدة ، تتبع الاحزاب او التنظيمات التي انشقت عن الحزب الام . كما كان المؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي في سنة 1975 سببا في انفصال مجموعة " حركة الاختيار الثوري " التي ظلت آنذاك متشبثة بماضي الاتحاد الراديكالي منذ ستينات القرن الماضي والى غاية انعقاد المؤتمر الاستثنائي . ولا ننسى حين دفع ادريس البصري بأزلامه داخل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي للخروج عن المنظمة بسبب رفضها تزكية التعديل الذي ادخل على الدستور في سنة 1996 .
ثم ان الاختلافات العميقة التي سادت حزب التحرر والاشتراكية بسبب مواقف القيادة اليمينية من النظام ، ومن الصحراء ، ومن مؤتمر روجيرز بالشرق الاوسط ، خلق معارضة قوية ستُعرف بعد الانفصال باسم منظمة الى الامام .
هكذا سنجد انه بقدر ما كانت المعارضة الراديكالية ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الاختيار الثوري ، منظمة 23 مارس ، لنخدم الشعب ، رابطة العمل الثوري بالمغرب ، منظمة الى الامام ) ، تعارض النظام وتنشد السيطرة على الحكم ، بقدر ما سنجد ان ( معارضة ) الاحزاب التي خرجت عنها هذه المعارضة ، كانت تتم ضمن قوانين الحريات العامة للدولة ، وهذا المشهد الدراماتيكي سيجعل من المعارضة الثانية هي معارضة للأحزاب التي تُكوّن الحكومة ، لا معارضة حكومة صاحب الجلالة ، حيث ان اساس المعارضة هنا ، ليس هو البرنامج او التوجه الايديولوجي ، بل ان اساس المعارضة ، هو حول الحق في المشاركة في البرلمان ، وبالحكومة ليتنافس الجميع عمّن يخدم اكثر مشروع صاحب الجلالة الذي يرأس السلك الحكومي ، والسلك التنفيذي ، والسلك التشريعي ، والسلك القضائي . وهذا ما عبر عنه الفتى نبيل بنعبدالله عن حزب " التقدم والاشتراكية " بحكومة صاحب الجلالة ، وعبر عنه ادريس لشكر عن " الاتحاد الاشتراكي " بمعارضة صاحب الجلالة .
إذا عدنا الى عشرية الاولى من الالفية الثالثة ، وبعد موت الحسن الثاني ومجيء محمد السادس ، سنجد ان تغييرا اساسيا وملحوظا طرأ على الحقل السياسي ، حيث بقدر ما اضحت جميع الاحزاب المرخص لها بمقتضى قانون الحريات العامة ، والتي تشتغل داخل الدولة ، تعترف بها وبقوانينها ، وتتحرك ضمن المشاريع التي يطرحها النظام ، بقدر ما تكاثرت حد الاطناب ، معارضة النظام ومعارضة الدولة . وقد ساهمت في هذه الموجة الجديدة الشبكة العنكبوتية التي قربت المسافات بين القرارات الخمس .
بخلاف معارضة النظام او الدولة في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، التي كانت تتحرك ضمن تنظيمات سياسية ، وتعقد مؤتمراتها السرية داخل الوطن ، وعلنية خارجه بالمهجر ، سنجد ان معارضة النظام ومعارضة الدولة بعد العشرية الاولى من الالفية الثالثة ، تتكون من معارضين مختلفين يفرقهم كل شيء ، ولا يجمعهم غير معادة ومعارضة الدولة او معارضة النظام . وبخلاف المعارضة الاولى التي كانت منظمة ومُؤطرة في تنظيمات ، سنجد ان المعارضة الثانية تتكون من افراد شخصيين ، ومن مجموعات حلقية صغيرة تتمركز كثيرا خارج الوطن لا داخله .
قد تتحدد المعارضة الداخلية للنظام في اتجاهات اسلامية سلفية وتكفيرية ، وقد تتحدد في جماعة دعوية هي جماعة العدل والإحسان . لكن ورغم التصريحات المستفزة للنظام من قبيل ما رددته الاستاذة نادية ياسين من " إن النظام سيسقط من تلقاء نفسه كفاكهة متعفنة " ، او من قبيل استراتيجية الجماعة المبنية على تعريض القاعدة ، والتحضير للْقوْمة التي تفيد الثورة ، او من خلال الرسائل التاريخية للشيخ عبدالسلام ياسين الى الحسن الثاني والى محمد السادس ، إلاّ ان تصريحات السيدة نادية بمقبرة ( الشهداء ) التي فضحت فيها الصفقة التي أُبرمت بين الجماعة والدولة بخصوص التخلي والانسحاب من حركة 20 فبراير ، ومن خلال فك الارتباط مع حزب النهج الديمقراطي ، تطرح جملة شكوك حول موقف الجماعة من النظام ومن الدولة . فهل الجماعة تعارض حقا الدولة العلوية ، ام انها تعارض فقط النظام الجبري المستبد ، وفي حالة إذعان النظام لمبدأ الشورى ومنه لنظام الخلافة ، فلا اشكال مع استمرار الدولة برأس خليفة او امام يخضع لنظام المبايعة المشروطة لا لنظام البيعة المعهودة عند كل عيد جلوس على كرسي الحكم ، وليس الجلوس على العرش لان هذا لله لا لغيره .
الى جانب معارضة جماعة العدل والإحسان الخارجة عن سياق المعارضة المنظمة ضمن قانون الحريات العامة ، قد نجد معارضة قد تكون ملحدة وإيديولوجية وعنيفة يمثلها الفصيل الطلابي النهج الديمقراطي القاعدي – البرنامج المرحلي -- ، ومعارضة تمثلها مختلف الفصائل المنبثقة عن تجربة القاعديين منذ سنة 1978 والى اليوم . وهناك معارضة تمثلها " رابطة العمل الشيوعي " وأخرى تمثلها تيار " المناضل (ة) .
وباستثناء جماعة العدل والإحسان ، فالتيارات الاخرى يغلب عليها الوصف الطلابي المرتبط بتنظيمات سياسية غير مرخص لها بمقتضى قانون الحريات العامة ، ونخض الذكر منها ، تنظيم " البديل الجدري " ، " الاماميون الثوريون " ، " الماركسيون اللينينيون " ... الخ .
إذا كانت معارضة الداخل للنظام تتكون من هذه التنظيمات ، فان المعارضة الحقيقية هي تلك التي تكونها الاغلبية الصامتة من الشعب ، وليس الرعايا الذين يتم تجييشهم وتهيجهم من قبل وزارة الداخلية التي لا تزال تعمل بالطرق العتيقة البالية . ان هذه الاغلبية الصامتة وما هي بصامتة ، ستكون هي من سيحسم اي معركة ، او نزاع ، او صراع مع النظام ، حيث ومسايرة للمد الجماهيري ضد النظام ، يمكن لهذه المعارضة ان تُكوّن من داخل جوفها ، التنظيمات المعبرة عن طموح المرحلة المفروضة ، والخطورة هنا ، إذا اتخذت هذه المعارضة صبغة محلية مثل حركة 18 سبتمبر ، او الحركات التي تدعو الى الانفصال بدعوى التمايز العرقي والاثني . وتندرج هنا المعارضة الصحراوية لأصل النظام ، من خلال الدعوة الى فك الارتباط مع الدولة بفصل الاقاليم الجنوبية عن المغرب . والصحراويون هنا وبالواضح ، حين يطالبون بالاستفتاء وتقرير المصير للانفصال ، فهم يكونون قد خلعوا عن عنقهم ، البيعة التي سبق لأجدادهم ان بايعوا بها السلاطين العلويين ، كما نص على ذلك نص القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 اكتوبر 1975 .
بالرجوع الى معارضة الخارج للنظام ، سنجد ان هناك عدة فعاليات تعارض النظام وأخرى تعارض الدولة .
بالنسبة للمعارضة التي تعارض النظام ، سنجد " حركة الجمهوريين المغاربة " ، وهي حركة تتمركز في ايطاليا اساسا ، ولها متعاطفون بالعديد من الدول الاوربية خاصة ، بألمانيا ،وبلجيكا ، وهولندة ، وإسبانيا ، وباليونان ، وبالولايات المتحدة الامريكية . ان هذه الحركة وبخلاف الجمهوريون في الستينات وسبعينات القرن الماضي تمتاز بالنضال عبر الشبكة العنكبوتية التي تقرب المسافات بين القارات . لكنها بقدر ما تركز على الكلمات الموجهة للجمهور عبر اليوتوب ، فإنها تفتقر الى التنظيم المهيكل على شاكلة حزب ، او تنظيم ثوري يكون برنامجه الاساسي هو السيطرة على الحكم . فبدون هذا التنظيم الثوري إن وجد ، او بدون كثلة تاريخية جماهيرية تقدمية ، او بدون جبهة تقودها مجموعة احزاب ثورية ، فان حصول اي تغيير جدري سيجعل من حركة الجمهوريين حركة متخلفة عن المراحل التي تكون الهبّة او الانتفاضة الشعبية قد وصلتها . اي لن يكون لها دور اساسي في صنع الحدث الثوري . والسؤال : لنفترض جدلا أن الانتفاضة الشعبية قد دخلت مرحلة الحسم التنظيمي مع النظام ، كيف سيكون دعاة الجمهورية ، وكيف سيتحكمون في الوضع بعد نجاح الانتفاضة الثورة ، في حالة غياب التنظيم الثوري او غياب الكتلة الثورية او الجبهة التقدمية ؟ ألا نصبح نعيش تحت سلطة الفوضى والفتنة التي ستساهم في عودة الاستبداد الذي سيكون مرحبا به بشكل اكبر من قبل الرعايا الملتصقين بالحياة حتى ولو كانت على رأس ابرة او منجل ؟
دائما وبخصوص معارضة الخارج ، نتساءل عن معارضة يقودها اشخاص ضباط عملوا بالجيش ، وهم يتوزعون بين باريس ( القبطان مصطفى اديب ، الكمندار الطوبجي ) ، و اسبانيا ( عبدالاله حيسو ) ، والسويد ( احمد رامي ) .
فبالنسبة لمصطفى اديب الذي ندد بالفساد في الجيش وعوقب بسنتين سجنا ، فإضافة الى تركيزه على النّتْ ، حيث يزور موقعه الكثير من المهتمين خاصة من قبل الادارة العامة للدراسات والمستندات ، والدرك الملكي ، والقيادة العليا للجيش ، اضافة الى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، فان انشاءه " الائتلاف المغربي للتنديد بالدكتاتورية " لم يجعله يتعدى شخصنة النزاع في بعض الاطراف مثل الملك الذي يصفه بالدكتاتور ، وكأن غدا ، إذا تخلى محمد السادس عن الدكتاتورية ، تكون كل مواقفه المعارضة للملك ولبعض خدمه من امثال غير المأسوف عن ذهابه الجنرال بناني وآخرون قد انتهت ، والحال ان المشكل ليس موجودا فقط في الملك ، بل المشكل موجود في النظام كنظام قروسطوي ، متحجر ، ومرفوض عالميا ، لأنه بارع في انتاج وإعادة انتاج العبودية بشكل مقزز وكريه . من هنا و من خلال تتبع كتابات الضابط مصطفى اديب لا نجد موقفا واضحا من اصل النظام ، اي الدعوة الى النظام الجمهوري . ويبقى اديب في هذا الزمن الرديء ظاهرة صوتية ينقصها التنظيم الثوري المطالب بالحكم ، لا بالمشاركة فيه او التنازل عن بعض اختصاصاته ( دعاة الملكية البرلمانية ) الجدد ، او النيو – مخزن . كما ان تنظيم احتجاجات رغم انها محدودة العدد ( يسمونهم معارضة 5 ) يبقى عملا استثنائيا لن يجرأ عليه إلاّ اصحاب القلوب القوية ، وليس السكيزوفرينيين والمنافقين .
اما بالنسبة للضابط احمد رامي الذي يعد اقدم لأجيء سياسي بعد اللاجئ عبدالله البارودي ، فهو بدوره اختط طريقا خاصا ، لكن لا نفهم انه طريق مستقل ، ام يندرج ضمن معارضة أهل البيت للنظام المغربي . وهي معارضة للنظام موجودة داخل المغرب ، وموجودة بكثرة خارجه . فهل هو اقتفاء تجربة حركة امل ، ام اقتفاء تجربة حزب الله ؟ وهو ما يجعل هذا النوع من المعارضة معرضا لهجوم النظام ، ومعرضا لهجوم زواياه من ( السلفيين والتكفيريين ) بمختلف تشعباتهم .
اما تجربة عبدالاله حيسو فهي لا تتعدى النضال الخطابي عبر اليوتوب والنت .
السؤال هنا : بما ان هؤلاء ينحدرون من نفس المؤسسة التي هي الجيش ، لماذا فشلوا في التنسيق بينهم ، ما دام ان عدوهم الاول والأخير هو النظام ؟ هل المشكل يتعلق بالأمر اليومي ( ليس الامر الذي يقرأ عند كل ذكرى لتأسيس الجيش ) ، بحيث ان كل واحد ، وبحكم التكوين العسكري له امره الذي يريد فرضه بالقوة ؟ ام ان السبب يعود الى غير ذلك ؟
هناك شيء يستحق الانتباه ، وهو انشاء اللاجئ هشام بوشتي لحزب سياسي باسبانيا ، رغم انه انتقل للإقامة ببلجيكا . نحن لن نناقش في مدى تطابق الحزب مع تعريف موريس دوفرجيه للحزب السياسي ، اي هل له قواعد ، قيادة ، شكله التنظيمي ، ايديولوجيته . لكن نطرح السؤال عن نوع النظام الذي يعمل بوشتي على تحقيقيه بالمغرب ، والذي سبق ان صرح به مؤخرا ، ولخصه في الملكية البرلمانية ، رغم انه سبق ان اتهم الاجهزة الامنية التي رئيسها بالملك في حوار بإحدى القنوات التونسية بالوقوف وراء الارهاب في تونس .
بالرجوع الى تاريخ اللجوء السياسي ، لم يسبق للاجئ ان طالب بالملكية البرلمانية ، فكل اللاجئين كانوا جمهوريين . ومن ناحية ، كيف لبوشتي الذي اتهم النظام بالإرهاب ان ينشأ ملكية برلمانية في ظل نظام ارهابي ؟ هل سينشئها مع محمد السادس رئيس الاجهزة التي اتهمها بوشتي بالإرهاب ، ام سينشئها مع ابن عم الملك الذي يناصر الملكية البرلمانية ؟ ام سينشئها مع احد افراد العائلة العلوية الذي لا علاقة له ، لا بمحمد السادس ، ولا بابن عمه ؟ ام سينشئها مع قبيلة اخرى غير القبيلة العلوية ؟
إن اي حزب يدعي المعارضة ، ويؤمن بالنظام ، ويشتغل تحت قوانينه و مؤسساته ، لا يعتبر معارضا للنظام . ان المشاركة في الانتخابات هي عملية لإضفاء مشروعية شعبية مفقودة ، على نظام يعتمد على الاطلاقية التي يعطيها له الدستور العرفي الالهي ، ولا يعطيها له دستور الشعب المغيب ، وغير الموجود . ان الهدف من المشاركة في الانتخابات هو دخول البرلمان ، ودخول البرلمان ليس له من تفسير غير الرغبة في دخول الحكومة لتنفيذ برنامج القصر ، لا برنامج الحزب الذي ينتفي بانتهاء المسرحية الانتخابية . فهل من يريد الدخول الى البرلمان ومنه الى الحكومة يعتبر معارضا للدولة او للنظام ، ام انه يعتبر معارضا لمجموعة احزاب تُكوّن الحكومة ، وليس معارضا للحكومة التي حكومة جلالة الملك رئيس السلك التنفيذي .
ان معارضة هؤلاء ستكون معارضة صاحب الجلالة ، لأحزاب حكومة صاحب الجلالة . فعن اي معارضة يتحدث اليوم هؤلاء الذي لم يبيعوا ماضيهم رخيصا ، بل وهبوه بالمجان ؟
ان المعارضة الحقيقية هي التي تعارض النظام ، او تعارض الدولة . ان هدف اي حزب سياسي ، هو الوصول الى الحكم لتطبيق برنامج الحزب الذي يختلف جذريا عن برامج الاحزاب الداخلة في الدولة ، ويختلف عن برنامج الدولة او النظام .
اما الاستمرار في ظل نظام محكوم بدستورين . دستور ممنوح مستفتى عليه لإعطائه شعبية مفقودة ، ودستور عرفي الهي يركز الطابع الاستبدادي للحاكم ، يجعل من قبيل المستحيلات ان يطبق الحزب الفائز في الانتخابات ، برنامجه في ظل وجود برنامج الدولة المفروض بالدستور الالهي الرجعي . ان مثل هذه المشاركات هي تزكية للأوضاع القائمة ، وتعتيم للمشهد السياسي بما يحافظ على الطابع الرجعي للدولة . فعن اي معارضة تتحدثون ايها المعارضون ؟












#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الرسالة التي بعتها الامين العام للامم المتحدة الى ا ...
- إيجابيات وخطورة القرار 2285 لمجلس الامن
- الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع ...
- قدر المغرب الراهن بين نظامين . نظام الملكية المطلقة ، ونظام ...
- تمخض الجبل فولد فأرا
- هل استشعر الملك محمد السادس بشيء يحاك ضده ؟
- بين مغالطة - الاجماع الوطني - الاجماع الفاسد ، واقرار سيادة ...
- - هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية - - ا ...
- ألإقطاعية المخزنية والانتخابات
- إقرار السيادة للشعب
- - كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا ...
- قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
- مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
- هل الصحراء مغربية ؟
- هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا ...
- التجييش والتهييج
- هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
- وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
- المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
- في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - حكومة صاحب الجلالة ومعارضة صاحب الجلالة