أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - الفساد يشبه -السوس-!














المزيد.....

الفساد يشبه -السوس-!


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 5162 - 2016 / 5 / 14 - 11:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في دراسة له: «قراءة في ملف الفساد: (السوس) الذي ينخر في عظام مؤسساتنا» والمنشورة في مجلة الديمقراطية الصادرة عن مؤسسة الاهرام (العدد 62 ابريل 2016) تحدث استاذ ورئيس قسم القانون الجنائي ــ كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية د.سليمان عبدالمنعم عن الفساد الذي يوصفه بأنه يشبه السوس، وعن البيئة التي يوجد فيها وهي بيئة يقول عنها: تفتقر الى الشفافية والوضوح، وتتسم علاقاتها بالغموض، وتهرب من تبعات الافصاح، ونور الحقائق، وضوء الاعلام. والفساد مثل «السوس» يمكنه بفعل الزمن والتكاثر ان يقوض ما يبدو في الظاهر قوياً وراسخاً، حتى يتحلل في نهاية الأمر، إن لم تتم معاجته، الى تراب!

وللفساد زوايا متعددة، ومواجهته احد عوامل الاستنفار العالمي لان الفساد يرتبط بظاهرة الجريمة المنظمة في شتى تجلياتها (الاتجار في المخدرات، الاتجار غير المشروع في الاسلحة، والاتجار بالبشر، والارهاب، وغسيل الاموال).

ويتوقف عبدالمنعم عند تشخيص الفساد اولاً، ثم البحث عن عناصر جديدة في استراتيجية مكافحة الفساد ثانياً.

وعن خطورة الفساد الذي تجاوز اليوم مفهوم «الجريمة» ليصبح ظاهرة وخيمة العواقب يرى ان الفساد يهدد الكثير من البنى الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية في المجتمع، ويقود التشخيص (التكاملي) لظاهرة الفساد الى رصد مجموعة من الدلالات القانونية، والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ورصد هذه الدلالات، الظاهر منها والمضمر، لا يسهم فقط في تعميق الادراك بخطورة الفساد، وكارثيته، بل يقود ايضاً الى صياغة استراتيجية مواجهته.

واذا ما توقفنا عند الدلالات السياسية نجد ــ في رأيه ــ انها بدورها تكشف مستوى تشخيص آخر لخطورة الفساد.

فالفساد، وبرغم كونه يمثل جريمة تلحق بالدولة نفسها ببالغ الضرر، الا انه لا يمكن فصله عن تدني او غياب قيم الديمقراطية، والشفافية، والنزاهة، والمساءلة، وكلها قيم أساسية لضمان دولة القانون، وتتجلى خطورة الفساد السياسي على الصعيد السياسي اكثر فاكثر بحكم عاملين:

الأول هو ما يؤدي اليه الفساد من احتمال نشوب تحالف مع قوى سياسية، وهو تحالف غامض وخيم العواقب يفتقر الى المشروعية والاخلاقية، ويكرس نفسه لخدمة افراد او جماعات لهم مصالح ضيقة، بمعزل عن المصلحة العامة للدولة والمجتمع. والعامل الثاني يترتب على العامل الأول، بمعنى ان استشراء الفساد وتحالفاته السياسية والحزبية يمهد في الغالب ــ ويواكب ــ انشطة اجرامية اخرى تقوم «بالتخديم» على هذا الفساد، وهو امر ينذر بعواقب من نوع آخر. وبعبارة اكثر وضوحاً في ظل مناخ كهذا يصعب تصور كيفية كفالة وتعزيز حقوق المواطنة الاساسية، مثل المساواة وتكافؤ الفرص، بل وكيفية ضمان الاستقرار السياسي للدولة. وليس من الصعب تصور الدور الخطير الذي يمكن لقوى الفساد ان تمارسه من خلال توظيف العوائد المالية الهائلة التي تمتلكها في الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية، او البرلمانية، او حتى المحلية. ويحدث هذا في دول الديمقراطية الهشة التي لم ترسخ فيها بما فيه الكفاية بعد، المفاهيم والآليات الديمقراطية السليمة.

والى جانب الدلالات السياسية تحدث الكاتب عن الدلالات الاجتماعية لاعتبارها تقدم تشخيصاً مقلقاً عن الفساد، وتحديداً في الدول الاقل نمواً والاكثر فقراً!

والأهم في نظره ان العوائد المالية الكبيرة للفساد تكشف عن حراك اجتماعي مصطنع تقوده طبقة طفيلية ضئيلة على حساب طبقة وسطى واسعة، يتراجع دورها وينكمش، وبالضرورة على حساب الطبقات الفقيرة في المجتمع. يزداد هذا الوضع سوءاً بفعل ظاهرة غسيل الاموال المتحصلة عن نشاط الفساد واعادة تدويرها، ليتم ضخها من جديد في صورة أموال مشروعة في ظاهرها!

ويكشف التشخيص الاجتماعي لظاهرة الفساد عما تمثله من انتهاكات لمبادئ المساواة، والعدالة الاجتماعية، والثقافية السائدة، او التي يجب ان تسود عموم الناس، فالأموال غير النظيفة لا تسهم في تقدم المجتمع!

وفي المقابل، يتحدث عن سياسة التجريم والعقاب متخذاً التجربة المصرية مثالاً تكشف في رأيه عن بعض جوانب القصور. وبرغم ان التشريع المصري يجرم الكثير من أفعال الفساد فان السياسة الجنائية لاتزال تحتاج الى مراجعة. أي ما يمكن ملاحطته على هذه الترسانة العقابية هو ان رغم ضخامة وشدة ما تضمنته من عقوبات، فانها تكاد تقرر الوصف الجنائي نفسه، والتسعيرة العقابية ذاتها لأفعال متنوعة من الفساد، تتفاوت فيما بينها من حيث الجسامة الذاتية والضرر الناشئ عنها، وعلى سبيل المثال، الرشوة بعشرات او بمئات الجنيهات لا تختلف في التكييف القانوني،
والعقوبات، والتدابير عن الرشوة بملايين او ربما بمليارات الجنيهات! والامر نفسه يصدق على جريمة اختلاس المال العام التي لا يفرق المشرع في المعاملة العقابية لفاعلها بين ما اذا كان قد اختلس ستمائة جنيه او ستمائة مليون جنيه!

إن مكافحـة الفسـاد يحتاج الى استراتيجـية قانونية ولا يمكن هذه الاستراتيجـية تفعـل فعلهـا بدون اضطـلاع الدولـة والمجتمـع معـاً بـادوار اخـرى سياسية، وثقافية، وتربوية واجتماعية، واعلامية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى الانتصار على النازية والفاشية
- إبداع حسن جناحي
- تحديات التنمية البشرية!
- سيداو والضجة المفتعلة!
- الثقافة والحرية
- الإصلاح الإداري والرقابة والمحاسبة!
- طرابيشي يترجل
- العالم العربي والإصلاح السياسي!
- شيء من التاريخ الصهيوني وانتخابات الرئاسة الأمريكية!
- الثامن من مارس محطة مضيئة في حياة نساء العالم
- المواطنة ومناهج التربية!
- العولمة والسيادة والاقتصاد!
- فاطمة ناعوت
- البرلمانات العربية!
- عن استراتيجية التنمية الدولية!
- انهيار اسعار النفط والقرارات المطلوبة!
- الثقافة الوطنية الديمقراطية
- عن -الربيع العربي--
- الدين العام مرة أخرى!
- دولة الإمارات والابتكار وتمكين المعرفة


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يُعلن استهداف دبابات في الريف الغربي للسويد ...
- مصر: تسجيل صوتي منسوب لوزير النقل ينتقد فيه -هشاشة البنية ال ...
- دولة جديدة تلوح في الأفق، ماذا نعرف عن استقلال كاليدونيا الج ...
- نتنياهو يرفض خطة إقامة -مدينة إنسانية- جنوبي غزة ويتّهم حماس ...
- بين الذاكرة والمخاوف: -لبنان الكبير- والتحديات القادمة من -ب ...
- الأنظار تتجه إلى بروكسل.. اجتماع دولي يضم وزيري خارجية فلسطي ...
- حدثان أمنيان في غزة ووسائل إعلام إسرائيلية: العثور على جثة ج ...
- فرنسا: إلقاء القبض على سجين فر من سجن بضواحي ليون داخل حقيبة ...
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو أطال الحرب لدوافع حزبية
- تردي الوضع الصحي لحسام أبو صفية في سجون الاحتلال


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - الفساد يشبه -السوس-!