أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة هي الملاذ في مجموعة -السيف والسفينة- عبد الرحمن مجيد الربيعي















المزيد.....

المرأة هي الملاذ في مجموعة -السيف والسفينة- عبد الرحمن مجيد الربيعي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 20:48
المحور: الادب والفن
    



المرأة هي الملاذ
في مجموعة "السيف والسفينة"
عبد الرحمن مجيد الربيعي
مخاطبة المرأة بهمومنا يجعلها الأقرب إلينا، كما أن التفريغ لها بما نحمله من مشاعر يؤكد مكانتها لدينا، وعندما يتقمص الكاتب دور المرأة ويبدأ الحديث بلسانها ولغتها ومشاعرها، يشير كل هذا إلى انحيازه التمام إليها، والمرة لم تكن الحبيبة أو العشيقة وحسب، بل كانت الأم أيضا، مما يجعلها الطرف الأكثر تأثيرا وفاعلية.
المجموعة من صدرت في عام1966 في طبعتها الأولى، ثم اعيد طبعها في عام 1979 من قبل دار الطليعة، بيروت، ورغم قدم كتابة هذه المجموعة إلا أنها تبقى تمثل حالة ابداع أدبي لا يمكن إغفالها بتاتا، فاللغة الأدبية واستخدام صيغة المخاطب، والمشاعر الجياشة، والهم العام والشخصي كلها تجعل المتلقي ينسجم ويتوحد مع النص، ويقف عنده، فقدرة الكاتب الابداعية بقيت حية وحاضرة رغم قدم كتابتها.
في قصة "الصوت العقيم" يخاطب الراوي أمه ويجعلها المخلص له من الهم وثقل الواقع عليه، فيحدثها مستخدما لفظ "أمي" وكأنه بهذا اللفظ يريد أن يلقي عن كاهله كل ما يثقل صدرة ويتعب نفسه، فيقول: "درت برأسي ولكن بلا جدوى فأنا معزول تماما تنكرني حتى أعضائي، لمن هذا الركام من الكلمات المخضبة التي ترهق حنجرتي؟ لمن يا أماه؟" ص5، فهنا كانت الأم أقرب على الراوي من نفسه، اعضائه تنكره، ولكن أمه تتفهم معاناته، من هنا وجدناه يخاطبها، فليس هناك من هو أقرب عليه من أمه.
حالة العزلة والاغتراب التي يمر بها الراوي تجعله يتمسك أكثر ممن يتفهم ويشعر ويحس بألمه، "يا أمي لقد نسيت حتى وجهك لكنني لا ازال أتحسس رائحة ثديك وأتذكر بأن لي أما بين نساء الأرض تبكي غيابي وتشعل لآلهتها الشموع من أجلي وتقدم لهم القرابين والنذور" ص6، فالأم هنا تذكر الراوي بالحنان والعاطفة اتجاه الأنثى، فهي تأخذ الراوي من عاطفة الأم وتوجه نحو غريزة الجنس، فهي تقدمه في الاتجاهين، الحب والعاطفة، وغريزة وشهوة الجنس، وكأن الإنسان لا يكتمل إلا بهما معا، حاجاته الروحية والعاطفية من جهة، حاجاته الجنسية والغريزية، مما يجعله متزنا نفسيا وجسديا، ويبقى ثابت، صامد، في وجه ثقل الواقع عليه.
وكتأكيد على تفوق حضور الأم على المرأة/الجنس نجده يخاطب أمه عن عشقه الماضي فيقول لها: "...قلبي مع تلك المترفة وأن عدت يا أمي متوجا بالذهب والهتاف فسأبحث عنها، قولي لها بأني لم أخض معركة إلا واسمها يرفرف على شفتي كعلم النصر الذي يرفعه جنودي" ص8، جعل الأم هي المرسال بين الراوي وحبيبته يؤكد ثقته بها، وأيضا على أمانتها، فهي الوحيدة التي تقوم بالأعمال نيابة عنه.
كل هذا يجعل من الأم الطرف الحاضر والمؤثر والفاعل، فهي تتفوق بقوتها على الراوي نفسه، فهو ضعيف، وهي القوية، وهذا ما جعله يميل إليها ويطلب مساعدتها، لإخراج ما يحمله من هموم.
هموم الراوي عديدة، وتأخذ أكثر من اتجاه، فهو يخوض معركة والموت فيها قريب، "وبعد قليل ستتوالى على جسدي الطعنات وسأنتهي بين سيوفهم فلا انتصاراتي الماضية تنتشلني ولا رغباتي ولا انطلاقتي المشؤمة" ص5، تذكر الأم وقت الشدة يؤكد على المكانة التي تحتلها، فهي الوحيدة التي يمكن بذكراها أن تخفف من شدة وهول الموقف، فهي منبع الحنان والعطاء، فلا هي تستطيع التخلي عمن تحب، ولا الذي تحبه يستطيع أن يتجاهل حبها وعطائها.
ونجد الراوي يعيش في غربة ولا يجد من يفرغ له تلك الهموم، فهو يحمل أفكار ومشاعر جياشة لا يجد من هو أهل لسماع تلك الأفكار، " لكن الذي يحز في نفسي بأن كلماتي واقفة ولن تجد الصدر الذي يضمها بحنو، ... لم يسمعني أحد من قبل... مواويلي تموت دون أن يترنم بها جريح" ص5، أجزم بأن استحضار الأم في هذا الموقف يجعلها الشخص الوحيد في العالم الذي يمكنه أن يتفهم ويشعر مع الراوي، وإلا ما ذكر هذه المشاعر لها.
حتى جنود الراوي، ومن يحارب إلى جانبه، لا يشعر بقربهم، فهم ليسوا أكثر من أدوات معبأة بالخبث والنفاق، "الكل متملقون ومنافقون هنا، أنني أكرههم لأنهم يكرهونني في أعماقهم" ص10.
ما يميز هذه القصة تقديمها المشاعر الشخصية التي يحملها الراوي، والتي يمكن أن نحملها نحن أيضا، فنكون في عالم غريب عليها ولا نشعر بأي انسجام فيه، فهو يخنقنا ويضغط علينا، ومن هنا لم يجد الراوي سوى أمه تستطيع أن تخرجه مما يعانيه من غربة، فالحديث عن الاغتراب عن المكان وعن الشخوص وعن الواقع كلها تمثل هموم المثقف في المنطقة العربية، فهو كائن مطارد، واقعه لا ينسجم معه، ولكلا منهم عالمه، الواقع المتخلف الضاغط على الإنسان، وفي المقابل المثقف الذي يفكر ويعمل ويطمح إلى حياة سوية.
وفي قصة "ظلال اللحظات" يخاطب الراوي محبوبته "يسرى" فكما كانت الأم الملجأ له وقت الشدة كانت "يسرى" أيضا يستنجد بها للخروج مما يمر به من غربة، "...فالدروب أقفلت من أمامي وعيناك هما المنفذ لي هما مصب الأحزان القاتمة ونشيد البدء الموعود" ص15، فالمرأة تأخذ مساحة كبيرة في نفس الراوي، ولها مكانتها التي يمكنها أن تخلصه مما يمر به من ألم وضيق.
كما كانت الأم حاضرة وقت اقتراب الموت كانت أيضا المحبوبة حاضرة، "يسرى... يسرى، أشعر بالحمى تطفئ عيني والليل بدون وجهك رهيب مخيف وأزيز طائرة قامة يشوه الصمت.
... وأتمدد اناملك الناعمة لتداعب شعري وأغفو بدعة وسلام على لمساتها الحنون" ص19، هذا ما يجعل الراوي ينحاز للمرأة فهي الملاذ الوحيد وقت الشدة، وهي المخلص، المنقذ، فلا يستنجد إلا بها، فهي بهذه الحالة تأخذ مكانتها الرفيعة ليس عند الراوي وحسب بل عند المتبقي، الذي ينحاز أيضا إلى هذا الموقف من المرأة.
في قصة " الأزمة والسراب" يتقمص الراوي شخصية المرأة ويبدأ يحدثنا بما تحمله من هموم ومشاعر، موضحا حاجتها للرجل، وكأنها بهذا يريدنا أن نتحرر من فكرة عدم إنسانية المرأة، أن نخرج من فكرة المجتمع الذكوري، الذي يهيمن على المنطقة العربية، فهي كائن حي كما هو حال الرجل، وتحمل من المشاعر ما يتفوق على الرجال، فهي أحق بالاهتمام، لما تحمله من عاطفة ناعمة هشة يمكن لأي حركة أو كلمة أن تجرحها، على النقيض من الرجل الذي بطبيعته يحمل القسوة.
مشاعر المرأة وحاجتها للرجل كانت بهذا الشكل: "أغرس مبغضك في جسدي، اقطع لحمي، أطعمه للنسور والغربان، اطفئ سجائرك بعيني، لكن اياك وأن تهجرني.
... سرق الجن ثيابي وتركوني عارية، وها أنا أمامه الآن، عيناه كسائي، أسترني.
هذا الرجل هو حدود مدينتي" ص50، هذه المشاعر اتجاه الرجل تشير إلى علاقة التوحد التي تجمع المرأة والرجل معا، فنجد الغريزة الجنسية حاضرة ومتوازية مع عاطفة الحب، وكأنها بهذه الصراحية والوضوح تريدنا أن نخرج من تستر واخفاء مشاعرنا، فإذا كانت المرأة بهذا الوضوح وهذه الجرأة فلماذا نحن الرجال نخفي مشاعرنا ونتجاهل غريزتنا؟
رغم أن الفقرات السابقة في شيء من الرمزية فيما يتعلق بحاجتها الجنسية، إلا أنها لا تكتفي بهذا الرمز، وتطرح موقفها بشكل واضح وصريح فتقول: "أحب أن أتعرى في يوم قارص البرد وأندس معه في فراش صوفي، وسأقطع شعر صدره شعرة شعرة وأغرسها في قلبي" ص54، فجرأة المرأة واضحة جدا، ولا مجال للبس فيها، فهي تريدنا أن تخرج من خجلنا في الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة وتريدنا أن نتفهم حاجتها وحاجته إلى هذه العلاقة.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المندى والمخاطب في ديوان -قبس- عبسى الرومي
- المنادى والمخاطب في ديوان -قبس- عيسى الرومي
- خراب فلسطين
- قتامة النص في ديوان -كأني أدحرج المجرات- عثمان حسين
- ثقل الواقع على النص في ديوان -أجنحة للإقلاع- أمينة العدوان-
- اليهودي والفلسطيني في رواية -دارة متالون- نهاد توفيق عباسي ا ...
- هيفاء وخليلي وأنا
- -بنية الخطاب في الرواية النسائية الفلسطينية- حفيظة أحمد
- مطاردة شاعر
- القسوة في مسرحية -أضغاث أحلام- سعيد سعادة
- النص الأسود في-حديث النهر- شوقي عبد الأمير
- من مظاهر الفساد
- الواقع والرمز والفانتازيا في رواية -الأبلة ومنسية وياسمين- ا ...
- اللغة بين الشكل والمضمون في كتاب -كأنها نصف الحقيقة- فراس حج ...
- كتاب -في ذكرى محمود درويش- فراس حج محمد
- البطل والمرأة في رواية -الشراع والعاصفة- حنا مينة
- الانذهال بالغرب
- الكآبة في ديوان -فهرس الأخطاء- عبود الجابري
- العرض الجيد في سلسلة -أعلام الشعر العربي الحديث- ريتا عوض
- حصار الشاعر في ديوان -حالة حصار- محمود درويش


المزيد.....




- -رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في ...
- بطوط الكيوت! أجمل مغامرات الكارتون الكوميدي الشهير لما تنزل ...
- قصيدة بن راشد في رثاء الشاعر الراحل بدر بن عبد المحسن
- الحَلقة 159 من مسلسل قيامة عثمان 159 الجَديدة من المؤسس عثما ...
- أحلى مغامرات مش بتنتهي .. تردد قناة توم وجيري 2024 نايل سات ...
- انطلاق مؤتمر دولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم في ليبيا
- ماركو رويس ـ فنان رافقته الإصابات وعاندته الألقاب
- مهرجان كان: دعوة إلى إضراب للعاملين في الحدث السينمائي قبل أ ...
- حفاظا على الموروث الشعبي اليمني.. صنعاني يحول غرفة معيشته لم ...
- فلسفة الفصاحة والخطابة وارتباطهما بالبلاغة


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة هي الملاذ في مجموعة -السيف والسفينة- عبد الرحمن مجيد الربيعي