أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي















المزيد.....

المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 17:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اطار نضال الشعب المتواصل عبر الزمن ضد قوى التخلف والرجعية ، تبرز ضرورة مشاركة المرأة في هذا النضال الذي تخوضه كل القوى الديمقراطية والتقدمية في المغرب .
ان نضال المرأة كجزء من نضال الجماهير يكتسي اهمية بالغة ، إذ يدفع بنصف المجتمع ( نساء ) الى ساحة النضال ، ويوفر الاسس الضرورية لكي تقرر مصيرها بنفسها . فنضال المرأة التحرري لا ينفصل عن نضال التحرر الاجتماعي ، إذ ان بينهما ارتباط جدلي وثيق ، بالرغم من خصوصية كل نضال ، لأن اضطهاد المرأة من قبل الرجل هو في نهاية المطاف اضطهاد طبقي .
لقد برز اضطهاد المرأة مع بروز المجتمع الطبقي ، لان قبل ظهور هذا المجتمع كان تقسيم العمل يتم بشكل طبيعي ، حيث كانت المرأة مكلفة بالاقتصاد البيتي ، والذي كان هو المصدر الرئيسي لاقتصاد العشيرة ، بينما كان النشاط الاقتصادي للرجل الذي هو الصيد لا يلعب إلاّ دورا ثانويا ، باعتبار الوسائل البدائية المستعملة فيه ، واعتماده على الصدف .
ان طبيعة ذلك الاقتصاد هو الذي اعطى للمرأة المركز الرئيسي ، ومع التطور الذي عرفته قوى الانتاج ، انعكس هذا على وضعية المرأة التي لم يبق لها آنذاك الدور القيادي كما كان الامر سابقا . فقد ولد التطور الجديد في وسائل الانتاج الحاجة الى قوة عمل جديدة ، وأصبح للأسرة دور هام ، إذ اصبحوا يُستعملون في الزراعة وحراسة المواشي كعبيد .
وكانت هذه المصادر الجديدة للتغذية ( القطيع والعبيد ) في ملك الرجل ، وكان طبيعيا ان يحاول الرجل الاستفادة من ميزان القوى الذي اصبح يميل لصالحه داخل الاسرة ، ليغير نظام الوراثة لصالح ابناءه . ولذا فقد انتقل نسب الابناء من عشيرة امهم الى عشيرة ابيهم ، وفرض الرجل العفة والإخلاص على المرأة ورثة موزعين لثروته . هكذا نشأ الزواج الاحادي لأول مرة في التاريخ ، وصُفيت انواع الزواج الاخرى التي عرفها الانسان من قبل ، من زواج جماعي الى زواج ثنائي ، حيث لم يكن الاكتفاء بعلاقة جنسية واحدة من طرف الجنسين ، وقد اصبح للمرأة دور ثانوي لا يتعدى المتعة وإنجاب الاطفال . يقول غازي الخليدي في كتابه " المرأة الفلسطينية والثورة " " ففي الاقتصاد البيتي الشيوعي القديم الذي كان يشمل عددا كبيرا من الزواج والأولاد ، وكانت اداة هذا الاقتصاد البيتي المعهود بها للنساء ، ضربا من النشاط الاجتماعي الضروري للمجتمع ، شأنها شأن حصول الرجل على وسائل العيش . ولكن الوضع تغير منذ ظهور العائلة البتريركية ، وبالأحرى منذ ظهور العائلة الفردية والأحادية الزواج . فقد فقدت ادارة الاقتصاد البيتي طابعها الاجتماعي ، ولم تعد لها علاقة بالمجتمع ، وأصبحت خدمة خاصة ، وصارت الزوجة الخادمة الرئيسية ، وأُقصيت عن الاشتراك في الانتاج الاجتماعي " . ان الزواج الاحادي لم يكن ثمرة الحب الجنسي الفردي كما يطرح انجليز ، اي الزواج القائم على الاختيار والحب المتبادل بين الجانبين ، وإنما كان ترسيخا للملكية الخاصة ، وبداية مسيرة طويلة من الخضوع والإذلال والذل والاضطهاد والعبودية المريرة للمرأة . وبما ان الرجل كان يمارس علاقة جنسية اخرى خارج اطار الزواج ، فقد ظهر بشكل دائم مع هذا الزواج نموذجان متلازمان هما : عشيقة الزوج ، والزوجة المخدوعة . ان البغاء كظاهرة مرضية برز مع هذا الواقع . انه مؤسسه ملازمة للزواج الاحادي ، ولن يزول إلاّ بزوال هذا الزواج الاحادي بمعناه التاريخي ( احادي بالنسبة للمرأة ، وتعدد الزوجات والعشيقات بالنسبة للرجل ) . فالبغاء سرطان ملازم للمجتمع الطبقي ، برز كمكمل للعائلة البطريركية ، حيث يسود الرجل ، وحيث يمارس على هواه نزواته ورغباته ، فارضا على زوجته العفة والإخلاص . إنه يعكس كل القبح والعفن في المجتمع الطبقي ، وفي علاقة الرجل بالمرأة .
ان بداية نشوء البرجوازية ، وبداية ازدهار قوتها الاقتصادية ، وبروزها كطبقة مناهضة للإقطاع والفكر الرجعي والظلامي بألوانه المختلفة ، قد ادى الى بروز فكر استطاع خرق السور السميك الذي بناه الاقطاع عبر قرون من الاضطهاد والظلام . ولقد كانت فلسفة عصر الانوار تمثل اعظم ما وصلت اليه البرجوازية ، حين كانت ما تزال ثورية ، وكان لها دور تقدمي في المجتمع .
ان البرجوازية في بداية نشأتها كانت في اشد الاحتياج للأيدي العاملة لتشغيلها في مصانعها ومعاملها . ولذا فقد عملت على تحرر الفن من سيطرة الاقطاع وإلحاقه بالمعمل ، كما طالبت وعملت على تحرير المرأة وخروجها للعمل .
ان هذه الاسس المادية ، هي التي دفعت البرجوازية لرفع شعارات تقدمية في مراحلها الاولية ، وكان لذلك دور ايجابي في تطور المجتمع ، يطرح ديدرو احد فلاسفة عصر الانوار : " في جميع العادات تظل قسوة القوانين المدنية ، الى جانب قسوة القوانين الطبيعية منصبة على النساء . لقد عوملن كمخلوقات بليدة " .
وبعد استقرار الاوضاع بالنسبة للبرجوازية ، وسيطرتها المطلقة على المجتمع ، عملت على ادخال المرأة ضمن وثيرة الانتاج الرأسمالي من اجل استغلالها اشنع استغلال . فبعد ان ملك الانتاج الرأسمالي البنية العائلية القديمة ، واخرج المرأة للعمل ، واستغلت الرأسمالية عمل النساء والأطفال بشكل فظيع ، فقد كانت عاملات ليوم في 1831 يعملن في الصيف من الساعة الثالثة صباحا حتى الليل ، وفي الشتاء من الساعة الخامسة صباحا حتى الحادية عشرة ليلا ، اي سبع عشر ساعة في اليوم . ان تطور الالة كان يسمح للرأسمالي بالاستغناء عن قوة العضلات ، وتعويضها بعمل النساء الذي لا يتطلب الاجور المرتفعة ، ولم تستطيع المرأة في هذه الظروف المشاركة في النقابات بشكل كاف .
ولقد خلقت الصناعة الكبيرة لمجال عمل المرأة خارج البيت ، غير ان التناقض يظل قائما بين عملها الاجتماعي للمنتج وعملها العائلي الخاص . وبالرغم من ان ارتفاع مستوى الحياة لا يحقق من تلقاء نفسه تسوية هذا التناقض ، الا انه يخفف من حدته ، وبالتالي فعمل المرأة البيتي يظل له دور ولو في المجتمعات المصنعة . ان البضائع المشتراة من السوق ، تحتاج الى تحويل لكي تصبح مستعملة . ان العمل البيتي لا يعتبر عملا منتجا ، لأنه لا ينتج فائض قيمة بشكل مباشر . فهو مجموعة من المهام المنجزة داخل النواة العائلية ، وبالخصوص من طرف المرأة . ان للعمل البيتي مهمة اجتماعية هي اعادة انتاج قوة العمل ، ولكن هذه المهمة ، بالرغم من مساهمتها في الانتاج بشكل غير مباشر ، إلاّ انها تعتبر عملا غير منتج ، وفي ظل الرأسمالية التي فصلت العمل المنتج عن العمل البتي غير المنتج ، ونجد الرأسمالية تستفيد من وضعية المرأة بالشكل التالي :
1 ) لقد طرحت الرأسمالية تحرر المرأة لأنها كانت بحاجة للأيدي العاملة ، ومجهود النساء في المعامل والمصانع ، حيث تقم لها اجور منخفضة مستغلة الدور الاساسي الموكل اليها في المجتمع ( ام ربة بيت ) إذ يكون العمل ثانويا بالنسبة لعمل الرجل . ان المرأة تشكل احتياطي هائل من الايدي العاملة الرخيصة الثمن . ففي اكثر البلدان تقدما لا زال اجر المرأة اقل من اجرة الرجل .
2 ) الحفاظ على المرأة داخل البيت كعنصر محافظ ، وينبوع للأفكار الرجعية . وتحاول الرأسمالية تهميش المرأة عن الصراع السياسي . فالدولة الرأسمالية لم تعط من الانتخابات للنساء الا ابتداء من العقد الاول للقرن العشرين . ويكفينا ان حق المرأة في الانتخاب لم يعط لها في فرنسا الا ابتداء من 1945 .ان تهميش المرأة عن الصراع السياسي يلعب دورا خطيرا في خلق مفاهيم ذاتية للمشاكل الاجتماعية عند المرأة . ان ربة البيت تسعى لحل مشاكلها الناجمة عن الاستغلال الرأسمالي ضمن اطار الاسرة . كما انها تعمل كل ما في وسعها لإبعاد الرجل عن خوض الصراع السياسي والنقابي منطلقة من " مصالح الاسرة " وضرورة الحفاظ على " استقرارها " . انها تلعب دور قوة رجعية مضادة للتأثير على الرجل ليواجه المشاكل الاجتماعية بشكل فردي ، ومن منطلقات المصلحة الخاصة الضيقة . وتستعمل الرأسمالية من اجل الحصول على هذه الاهداف عدة وسائل منها التركيز على تمجيد دور الام ، وضرورة الاعتناء بالأطفال . وفي هذا الاطار يدخل النقص في دور الحضانة وغلاء اثمنتها . كما ان البرجوازية تحاول تصوير المنزل كمملكة صغيرة تبدع فيها المرأة ، وتقودها من اجل سعادة زوجها وأطفالها .
ان المرأة داخل الاسرة البرجوازية تلعب دورا رجعيا . فهي توفر الاستقرار البيتي ، والراحة الكاملة للزوج ، وبالتالي فإنها تؤهله للعودة للعمل من جديد وهكذا دواليك . كما تربي مُستغَلين جدد وتغرس في اذهانهم حب الاستقرار والطاعة .
3 ) ان ترسيخ مفهوم ربة البيت لدى المرأة يسمح للرأسمالية بترويج منتجاتها الاستهلاكية عن طريق الدفع المستمر للمرأة نحو الاستهلاك ، وذلك عبر الدعاية المركزة على اسعاد الزوج ، ودور المرأة في هذه السعادة . اي توفير كل الراحة للزوج . ان دور الدعاية جد خطير في هذا المجال . فالدعاية الرأسمالية توجه المرأة لتشكل مستهلكا رئيسيا للموارد الاستهلاكية ، الى جانب اعتبارها المركز في العائلة الحالية كنواة مستهلكة ، وفي اطار الدعاية وتخدير عقول النساء ، تدخل المجلات النسائية والصفحات الخاصة بالمرأة في الجرائد والمجلات والسينما والتلفزة والراديو ومختلف وسائل الدعاية ، التي تركز على الجوانب المظهرية والشكلية مثل الازياء ، والماكياج ، و انواع الاطعمة ، وتحقيقات حول الازياء ، والتسريحات ، وجمال البشرة ، والقوام ، والاحتفاظ بالشباب ، والرشاقة . ونجد ان الدعاية التجارية تخصص جزءا هاما من اعلاناتها التي تدور حول ادوات البيت الكهربائية ومساحيق التجميل والثياب ..الخ . ويتوجه الاعلام الى المرأة في بيتها ، ولا يصورها ابدا كمهندسة او مديرة ، بل يصورها غالبا كممرضة وسكرتيرة .
ان هذا يؤكد النظرة الاحتقارية للمرأة و النظر اليها كعنصر مستهلك في نظام رأسمالي طبقي .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
- اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
- النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
- الدولة القامعة
- عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
- تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
- سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا ...
- لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من ...
- مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي ...
- شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث ...
- الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج ...
- المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
- تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
- محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي ...
- فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر ...
- الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع ...
- تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
- المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي