أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*















المزيد.....



القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5041 - 2016 / 1 / 11 - 01:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(1) الأسماء التاريخية للمدينة .
القدس: اورسالم ( مدينة السلام) يبوس .إيلياء . بيت إيل . بيت المقدس . القدس الشريف . (1) مدينة السماء ، مدينة الآلهة والأنبياء !! . المدينة التي سحرت البشرية فحرص معظم أبنائها من مسيحيين ومسلمين ويهود على إقامة موطئ قدم لهم فيها . فازدحمت أحياؤها بالمساجد والمعابد والكنس والكنائس والأديرة وغيرها . هذه الأسماء السبعة لمدينة القدس هي المؤكدة أو شبه المؤكدة تاريخيا وهي ليست الأسماء كلها التي أطلقت على المدينة والتي قاربت الخمسين اسما معظمها ملفق. فموقع " يوكيبيديا الموسوعة الحرة " يذكر عشرة أسماء من بينها :مورياه . اورشليم . صهيون . أريئيل. مدينة داود. البلاط .(2) وهذه أسماء مأخوذ معظمها من التوراة التي أجمع الباحثون العلمانيون المعاصرون أن لا علاقة لوقائعها بالتاريخ الحقيقي ، فهي وقائع متخيلة .
ونعرف من العهدة العمرية أن اسم المدينة عند الفتح الإسلامي عام (638) م. كان ( إيلياء ) فقد ورد في مقدمة النص " هذا ما أعطى عبد الله عمرأمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ..." (*)
من الواضح أن سكان المدينة كانوا مسيحيين وليسوا يهودا .. وفي النص نفسه نرى أن ابن الخطاب منع على اليهود السكن في المدينة !
وحسب الباحث فاضل الربيعي أن اسم القدس لم يذكر في التاريخ إلا ما بعد سبعين هجرية وبعد أن قام عبد الملك بن مروان ببناء قبة الصخرة . أما اسم اورشليم فلا وجود له على الإطلاق في التاريخ القديم (**).وحسب الموسوعة الحرة فإن اسم" بيت المقدس" شاع في القرون الوسطى وهو مقتبس من مفردة سريانية ويعني الكنيس. وربما يعود هذا الإسم إلى مملكة بيت المقدس التي أقامها الصليبيون بين أعوام (1099) و ( 1291) أي أنها دامت قرابة مائتي عام .
المؤرخ الفلسطيني عارف العارف ( حسب موقع فلسطين للحوار ) يطلق على المدينة ثلاثة عشر اسما ليس بينها أي اسم من الأسماء السابقة وهي : المسجد الأقصى . أشلم . أشليم . شلم .مصروت. بابوش . كورتيلا. يشليم .صلون. بياإيل. قصرون. كور شلاه. أزيل .(3)
هل يعقل أن مؤرخا بحجم عارف العارف لم يعرف الأسماء التي اشتهرت بها القدس ؟ على الأغلب ألحقت هذه الأسماء غير المعروفة بالأسماء التي هناك شبه إجماع عليها .
وفي البحث نفسه يذكر معد البحث خمسة عشر إسما آخر من أسماء كثيرة أطلقت على المدينة وهي : إيفن . مدينة الأنهار. مدينة الوديان . يهوستك. نور مستك. نور السلام. نور الغسق. يارة . كيلة . أريانة . جبستي . أوفل. ميلو. أكرى. أنتوخيا .(4)
يبدو أن المعد لم يقرأ شيئا عن القدس في حياته فيورد من ضمن ما ذكره أن القدس مدينة أنهار ؟! كل من عرف القدس أو قرأ عنها يعرف أن لا أنهار فيها . ولم يعرف تاريخها أنهارا قديمة جفت فيما بعد . اضطررت إلى البحث عن أسماء مدينة القدس حسب عارف العارف فوجدت نصا منسوبا إلى "قاسم الشواف " في شبكة ومنتديات قدماء ، يشار في نهايته إلى ما أخذ عن عارف العارف من أسماء أخرى للقدس ، وهي الأسماء التي أوردها المعد . أما ما ورد في نص الشواف فهو مأخوذ في جزء منه من التوراة معتبرا أن اسم إيلياء جاء من اسم باني المدينة الأول " إيلياء بن ارم بن سام بن نوح " (5) الذي لا يوجد اثبات لوجود تاريخي له سوى النص التوراتي . فإسم الإله إيل – المعتبر كنعانيا بالخطأ ، حسب الباحث فاضل الربيعي – يرد بوضوح في الإسم ( إيل – ياء ) التي قد تعني ( يا ألله ) أو(بيت الله ) حسب بعض المصادر. أو ( هو الله ) إذا اعتبرنا (يا ) ضميرا غائبا حسب بعض اللغات القديمة . ويلاحظ بين الأسماء ورود اسم ( بيا إيل ) وهو قريب جدا من التفسير الذي أوردناه بزيادة حرف الباء . أما النسب الكنعاني أو(الكنعانيون ) ولماذا يعتبره الربيعي خطأ فسنأتي عليه فيما بعد . ومن الجدير بالذكر أن الإله إيل كان معبودا في اليمن أيضا حسب بعض المصادر.
وورد (اسم القدس ) في النص الذي عرف بنقش تل العمارنة بالقول :
" ومن أقدم النقوش أيضًا التي ورد فيها ذكر القدس موجودة في مجموعة اللوحات المسمارية المكتوبة باللغة الأكادية والكنعانية . وهذه النقوش عرفت باسم لوحات ، أو رسائل «تل العمارنة» The Amarna letters وقد عرفت بهذا الاسم بسبب اكتشاف فلاحة مصرية لها بالصدفة عام 1887 في موقع تل العمارنة . وقد ترجمها ألبرايت وميندهول. وهذه الوثائق (الخطابات) عددها 377 ، منها 300 كتبها كنعانيون. وهي ترجع إلى عهد فرعون مصر أمنحوتب الثالث Amenhotep111 (1411-1375ق.م) ، وابنه اخناتون Akh-en-Aton (1375-1350ق.م) .
وقد ورد اسم القدس صريحًا باسمها الكنعاني (أورشليم) في هذه النقوش ، وذلك عندما استنجد حاكمها عبدو حيبا Abdu–Heba ، وكان معينًا من قبل فرعون مصر (أمينحوتب الثالث) لصد غارات (العابيرو) ، الذين يعرفهم د. سيد فرج راشد بأنهم من بدو الجزيرة العربية الذين هاجروا إلى فلسطين ولا يمتون بصلة للعبرانيين."
( قد تكون العبيرو قلبا ( تغيير أحرف ) لكلمة عرب أو مشتقة من كلمتي ( العرب البدو ) فأصبحت عبيرو )
"والرسالة التي تطرقت إلى القدس وذكرتها باسمها الكنعاني الصريح ، هي الرسالة التي تحمل الرقم (287) .
ومما جاء في الرسالة:»سيدي الملك أقول أنا خادمه (عبدو حيبا) مكررًا ما سبق وأن قلته مرارًا وتكرارًا ، ليعلم مولاي هذا الأمر أن ميلكيلي وتاجو (؟) سيبوا (قواتهم) لتدخل (مدينة روبوتو(؟) (انتبه ) العمل الذي فعله ميلكيلو(؟) ... لاحظ أرض جازر ، وأرض عسقلان ولاشيش فقد أعطوهم القمح ، والزيت وكل احتياجاتهم ، ولينتبه الملك (لهذا) للرماة ! وليرسل رماة السهام ضد الرجال الذين يتآمرون ضد الملك ، ولذا فيجب أن يأخذ مولاي حذره ، وينتبه لهذه الأرض التي هي على وشك الضياع .. وياليت الملك سيدي يرسل الرماة (أي رماة الأسهم) لوضع حد لأولئك الذين يتآمرون عليه . وإذا لم يرسل سيدي الرماة، فإن هذه الأرض سوف تضيع منه .. انظر ياسيدي إلى أورشليم .. إن أيًا من والدي لم يعطني إياها .. ولكنها يد الملك المعطاء هي التي منحتني هذه المدينة..».
James B. Pritchard : The Ancient Near East , Volume 1, P. 270-271 وتجدر الإشارة إلى أن اسم (أورشليم) ليس عبريا ولا مشتقا من اسم عبري. فأصل التسمية كنعانية (أور سالم) والتي تعني الموقع المقدس (معبد الإله سالم) أي أن سالم إله كنعاني يبوسي قديم.
وأورشليم الكلمة الكنعانية التي وردت في رسائل تل العمارنة والتي تعني مدينة السلام ، هي نفسها (يبوس) التي ورد اسمها في الكتابات المصرية الهيروغليفية باسم «يابثي» و»يبتي» ، وهو تحريف للاسم الكنعاني . وقد جاء في سفر القضاة (1:19) :»فلم يرد الرجل أن يبيت ، بل قام وذهب وجاء إلى مقابل يبوس . هي أورشليم «. وأطلق هذا الاسم (أورسالم / أورشليم) على المدينة المقدسة قبل ظهور بني إسرائيل بعدة قرون وحرفه اليهود إلى «يرو شالايم» Yerushalayim ومنها اشتق الاسم «جيروزاليم» Jerusalem ، ونسبوا هذه التسمية إليهم" (6)
(يرى فاضل الربيعي في مؤلفه ( القدس ليست اورشليم ) وغيره من مؤلفاته أن اورشليم المذكورة هي مدينة يمنية تقع بالقرب من جبل قدس في اليمن . وما تزال منطقة تحمل اسم قدس في اليمن قائمة وموجودة حتى الآن.)(7)
وبعد أن عرضت هذا البحث على الربيعي رغب في إضافة الفقرة التالية :
" تصف التوارة العبرية مكانين مختلفين جغرافيا . تصف جبلا يدعى قدس وتصف مدينة تدعى أورشليم ولا يوجد في النص العبري أي إشارة أو تلميح أنهما مكان واحد أي أن التوراة لا تقول قط أن القدس هي أورشليم أي أننا نتحدث عن مكانين مختلفين في الوصف الجغرافي أحدهما جبل والآخر مدينة" ( 7 مكرر )
" وسميت القدس زمن تعرضها للحكم الفارسي باسم بابوش . ثم أطلق عليها الإغريق اسم هيروسوليما Hierosolyma ، وقد ورد اسمها لدى المؤرخ والرحالة اليوناني الشهير هيرودوت (484 ـ 425 ق.م) هكذا : (قديتس)
ثم جاء أدريانوس في الحقبة الرومانية ليغير اسمها بعد أن دمرها وأعاد بناءها إلى إيليا (إيليا كابيتولينا) . لكن هذا الاسم لم يدم – هو الآخر- كثيرًا ، فلم يستمر لأكثر من 89 سنة (من سنة 135-224م"(8)
موقع ( همسات فلسطينية ) يعرض (26) اسما للمدينه من بينها أسماء لم تذكر في المصادر السابقة ،وهي : راشاليم . يور سلمايا . شهرشلايم. يبوس جلعاد.. إيليا كونستنبل .(9)
موقع وزارة الثقافة الفلسطينية يورد 25 اسما جميعها موجودة في ما ذكرناه دون اسم اورشليم الذي يرد ( راشاليم ) بدلا منه و(يور شالم ) بدلا من أور سالم .
ويرى الموقع أن " الأسماء المذكورة وردت في وثائق وسجلات وجدت في أنحاء كثيرة من العالم وهو ما يدل على اختلاط القدس بالحضارات المختلفة عبر العصور . وهذه الأسماء إما أن تكون كنعانية أو فارسية أو يونانية أو رومانية أو بيزنطية أو إسلامية " (10)
سأكتفي بهذا القدر من الأسماء التي وردت حول المدينة . ومعظمها مأخوذ من التوراة ، وخاصة ما هو منها قبل التاريخ أو حتى الفتح الإسلامي وبضعة عقود بعده . وبعض الأسماء هي أسماء لجبال محيطة بالقدس أو فيها حسب التوراة . وقد اتفق معظم الباحثين العلمانيين المعاصرين، المؤرخين منهم والأركيولوجيين أن وقائع التوراة وقائع متخيلة وأن مدنها وقراها مدن وقرى متخيلة . وحسب الباحث فاضل الربيعي في مؤلفاته المتعددة فإن وقائع وأحداث التوراة جرت في اليمن . وأن اليهودية كديانة نشأت في اليمن وأن المدن والقرى المذكورة في التوراة موجود معظمها في اليمن . وأن الجغرافيا المذكورة في التوراة لا تتطابق مع جغرافية فلسطين . وأن ثمة أحداثا تاريخية ثبت حدوثها في اليمن . وأن شخصيات التوراة شخصيات متخيلة لم توجد لا في اليمن ولا في فلسطين . وقد أوردت في كتابي " أيوب التوراتي وفاوست غوته المنشور على النت " أن الشيطان في سفر أيوب التوراتي سخر السبئيين ( نسبة إلى سبأ اليمنية ) لنهب قطعان أيوب :
"أول ما فعله الشيطان هو أنه قام بتسخير ( السبئيين ) فنهبوا الأبقار والحمير وقتلوا الغلمان :

13 وكان ذات يوم وأبناؤه وبناته يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم الأكبر
14 أن رسولا جاء إلى أيوب وقال: البقر كانت تحرث، والأتن ترعى بجانبها
15 فسقط عليها السبئيون وأخذوها، وضربوا الغلمان بحد السيف، ونجوت أنا وحدي لأخبرك ."
( الكتاب المقدس : سفر أيوب 20/1)
وبالتأكيد لا يمكن للسبئيين أن يأتوا من أقصى جنوب الجزيرة العربية إلى أقصى الشمال في فلسطين لينهبوا قطعان أيوب ويقتلوا غلمانه ! وثمة قصة موثقة أيضا ذكرها الربيعي لي في آخر لقاء جمعنا ،سأتطرق لها في القسم الثاني من هذا البحث .
وقد يتساءل المرء هل يعقل أن تكون الأسماء نفسها في مكانين جغرافيين مختلفين . شخصيا أقول أنه يمكن أن تكون أسماء بعض القرى وحتى المدن موجودة في أكثرمن مكانين . مثلا نجد طرابلس في ليبيا وطرابلس في لبنان . أما عن قرى بأسماء متشابهة فحدث ولا حرج ،فثمة عشرات القرى تحمل الأسماء نفسها في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق واليمن والسعودية وحتى في مصر .
كانت الأسماء تنتقل عبر الهجرات المختلفة عبر العصور ولأقوام متعددة . فالهجرات إلى بلاد الشام من شبه جزيرة العرب دامت لعصور ربما كان آخرها من اليمن بعد الإنهيار الأخير لسد مأرب حوالي 500 م . ويمكن أن تكون قد تمت أكبر هجرة يهودية إلى بلاد الشام وفلسطين في ذلك الوقت . ف ( بنواسرائيل ) حسب الربيعي قبيلة يمنية وليس بالضرورة أن يكونوا جميعا يهودا . فثمة يهود يمنيون ليسوا من بني اسرائيل . كما هي الحال اليوم ،فمعظم يهود اسرائيل لا علاقة لهم على الإطلاق باليهود العرب القدامى.
وثمة شعوب البحرالمتوسط التي تمت هجرات منها في عصور مختلفة. هؤلاء الأقوام كانوا يطلقون أسماء مدنهم وقراهم على المناطق التي هاجروا إليها . كالكريتيين البلستيين التي تذكر معظم المصادر أن مفردة فلسطين وفلسطينيين جاءت من اسمهم .
وإذا ما عرفنا أن كتابة التوراة قد بدأت في حدود أواخر القرن السادس وأوائل القرن الخامس
ق. م. أي بعد السبي البابلي ، واستمرت كتابتها لقرون طويلة فإن تخيل وإضافة الكثير من الوقائع والأحداث والشخصيات قد تم حسب ما تخيله الكتبة .
يرى الربيعي أن اللغة العبرية هي لهجة عربية يمنية وأن اليهود حتى اليوم يطلقون عليها (العبرية الصنعانية ) نسبة إلى صنعاء . دون أن يدركوا ذلك أو أنهم لا يريدون أن يدركوا! ربما يدركه المختصون بالتاريخ ! وبالتالي فإن السبي البابلي قد تم في اليمن وليس في فلسطين وأن العودة بعد السبي كانت إلى اليمن وإلى قدس أو اورشليم اليمنية ، وليس القدس الفلسطينية ، كما يؤكد الربيعي . ( من حوارات أجريتها مع الربيعي ).
( 2) نشوء مدينة القدس تاريخيا .
يجمع معظم الباحثين على أن مدينة يبوس التي بناها اليبوسيون هي الظهور الأول في التاريخ لمدينة القدس غير أن تحديد التاريخ الذي أقيمت فيه المدينة هو المختلف عليه
بين خمسة ألاف وثلاثة آلاف قبل الميلاد . وهناك من يرجع تاريخ المدينة إلى عشرة آلاف
قبل الميلاد وهو في الواقع رقم عاطفي يرد في الكثيرمن المقالات لمسؤولين ولكتاب غير مختصين . المعقول والممكن أن المدينة حسب ذلك التاريخ الموغل في القدم لم تكن أكثر من قرية صغيرة لبيوتات من الطين أو المغاور والكهوف ،ولم تكن مدينة على الإطلاق .فالباحث
الأمريكي توماس طومبسون يرى أن القدس كمدينة مزدهرة لم توجد قبل أواسط القرن السابع قبل الميلاد "إن حجم أورشليم لا يدل على صفة المدينة الكبرى حتى النصف الثاني من القرن السابع ومن الواضح أن أورشليم خرافات داوود وسليمان لا تلقى دعماً تاريخيا .وإن إسرائيل تاريخية مثل التي يتوخاها علماء الكتاب هي في الواقع إسرائيل أدبية على نحو كامل، ووهمية تاريخياً، إن إسرائيل التوراة هي بناء أدبي وليست شعباً تاريخياً" (11)
"كما يقول زائيف هيرتزوغ: (تصبح الصورة أكثر تعقيداً على ضوء الحفريات في أورشليم والمفترض أنها عاصمة المملكة الموحدة حيث لم يوجد أية بقايا لابنيه، فقط القليل من قطع الفخار من مراحل سابقة أو لاحقة ولقد أصبح واضحاً أن القدس في المرحلة المفترضة لداوود وسلميان لم تكن في أحسن الحالات أكثر من بلدة صغيرة لا يمكن أن تكون عاصمة لإمبراطورية... وبذلك فإن مملكة داوود وسليمان (العظيمة )الموحدة هي عبارة عن مغالطة تاريخية متخيلة).(12)
كما يقول كيث ويتلام (وتحتاج الفترة التي سميت المملكة الموحدة إلى إعادة تقييم جذرية، أما سراب الإمبراطورية الداوودية وإرجاع الكيانية الإسرائيلية إلى العصر الحديدي فقد خرب تاريخ المنطقة تخريباً تاماً). (13)
كما يقول توماس طومبسون أيضا: (ولا يتوافر دليل على وجود ملوك يدعون شاول أو داوود أو سليمان ولا نملك دليلاً على وجود هيكل في أورشليم في هذه الفترة (
(لا يمكن للمرء أن يتكلم تاريخياً على دولة بلا سكان ولا يمكن أن يتكلم عن عاصمة من دون بلدة) (14)
أما إسرائيل فنكلشتاين ونيل سيلبرمان فيقولان: (كانت الملحمة المجيدة للحكم الملكي المتحد مثلها مثل قصص الآباء وقصص الخروج الجماعي من مصر وقصص غزو كنعان تأليفاً رائعاً ونُسج حكايات وأساطير بطولية قديمة أدمجت مع نبوءات متماسكة ومقنعة لشعب إسرائيل في القرن السابع ق.م(. (15)
(ولعل من المناسب أن نشير إلى أن مسحاً كاملاً قد تم في منطقة المرتفعات أي ما هو الضفة الغربية تقريباً والتي تشكل ما أصبح مملكتي إسرائيل (السامرة ويهوذا) وما كانتا عليه في القرن العاشر ق.م أي في العصر الذهبي لإمبراطورية داوود وسليمان ولقد كانت النتيجة مفجعة لذوي الخيالات التوراتية. يقول فنكلشتاين وسلبرمان: (التقديرات السكانية للمراحل التالية لفترة التوطين الإسرائيلي تنطبق أيضاً على القرن العاشر ق.م إنها تعطي فكرة عن حجم الإمكانيات التاريخية. من بين ما مجموعه 45000 نسمة تقريباً يعيشون في مناطق المرتفعات كان حوالي 90% منهم يسكنون القرى الشمالية (السامرة) مما يبقي حوالي 5000 شخص فقط متناثرين بين أروشليم وحبرون (الخليل) وحوالي عشرين قرية صغيرة في يهوذا( (16)
ملفات بعض المؤسسات الفلسطينية الرسمية ترى وجود عصر يهودي وتقر بوجود داود وسليمان ، متفقة بذلك مع ما جاءت به التوراة :
العصر اليهودي (977 – 586 ق.م:)
دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة. فقد استطاع داود االسيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً. ثم خلفه من بعده ولده سليمان الذي حكمها 33 عاماً.) (17)
أمر جيد أن المؤرشف لم يتطرق لبناء هيكل سليمان كما تطرق لقصر وحصون داود !!
لا شك في أن القدس مدينة قديمة وقد تكون من أقدم عشرين مدينة في العالم من بينها جبيل ودمشق . وليس في الإمكان تحديد دقيق جدا لإنشائها كمدينة مزدهرة قبل التاريخ.
سأكتفي بهذا القدر من التأريخ المقبول والملفق أيضا وأنتقل إلى اجتهادات مختلفة . الإجتهادات التي ترى أن القدس (اورشليم ) هي في اليمن وليست في فلسطين . كما سأتطرق
إلى الأمة أو الشعوب الكنعانية وهل هم حقيقة أم تلفيق.
في آخر لقاء لي مع الصديق فاضل الربيعي حدثني القصة اللاحقة ليثبت لي أن اليهودية نشأت في اليمن وأن بعض أحداث التوراة – ذات المنشأ الواقعي - تجري في اليمن . وقد سبق له أن أشار في حوارات سابقة إلى أن التوراة العبرية لا تحوي لا سيناء ولا تيه ولا حتى فراعنة . فالمدونات المصرية تتحدث عن أسر مالكة حاكمة (الأسرة كذا والأسرة كذا) وليس هناك إشارة إلى فراعنة أو فرعون ما .
القصة حسب الربيعي ومراجعه :
" جاء في أدب المفاخرات الشعرية في العصر العباسي أن شجارا نشب بين زعيل الخزاعي والكميت الأسدي وهومن بني اسرائيل القحطانيين . رد عليه الخزاعي شعرا ورد فيه ( فإن كان بنو اسرائيل منكم / وكنتم بالأعاجم فاخرين ) وهذه إشارة إلى أن اليمنيين كانوا يفخرون بالأعاجم. فلماذا ؟ حين هاجم الرومان سواحل عدن وأزاحوا حكم سيف بن ذي يزن (معد كرب ) استنجد بالفرس .ذهب إلى أبناء عمه المناذرة في الحيرة . وهم قدموه إلى الفرس سنة ( 579) م. أي بعد ولادة النبي محمد بتسع سنين . وكان الملك الفارسي أنو شروان في آخر أيامه .فأرسل ثماني سفن محملة بسجناء جنائيين كانوا مسجونين في خانقين العراقية ، بعد أن سلحهم وولى عليهم قائدا عسكريا اسمه (وهرز) حسب المسعودي . قام هؤلاء بتحرير اليمن من الرومان والأحباش الذين كانوا خاضعين للكنيسة الكاثوليكية .من هنا بدأ اليمنيون يمتنون ويفتخرون بفارس لأنها حررتهم، خاصة وأن الفرس لم يتركوا أي قوات في اليمن بعد تحريرها، لكنهم شجعوا الفرس على الزواج من يمنيات ، فنشأ جيل أسموه (الأبناء) .لذلك ترسخ الشعور بالإفتخاربالفرس حسب قول الخزاعي ( وكنتم بالأعاجم فاخرين )
فبنو اسرائيل ( ما يزال الكلام للربيعي ) كانوا قبيلة يمنية . ويقال في التاريخ اليمني عن الشاعر الأعشى وهو هنا أعشى همدان المسيحي ،أنه أراد أن ينبه مسيحيي نجران من خطر داهم ،وهو صعود ذي نواس الحميري الملك اليمني اليهودي إلى نجران ليعيد سكانها إلى دينهم اليهودي بعد أن تخلوا عنه واتبعوا الكاثوليكية ، وكانت بعض القبائل اليمنية قد تخلت عن اليهودية واتبعت المسيحية الكاثوليكية .
يخاطب أعشى همذان القس الحارث وابنيه يزيد وعبد المسيح بقصيدة جاء فيها :
" أيا سيدي نجران لا أوصينكما ...... بنجران فيما نابها واعتراكما
فإن تفعلا خيرا وترتديا به..... ...... ..... فإنكما أهل لذاك كلاكما
وإن أجلبت صهيون يوما عليكما ...فإن رحى الحرب الدكوك رحاكما( ***)

" وكلمة صهيون هنا تعني أن ذا نواس سيصعد جبل صهيون ويتجه نحو نجران .. ومن غير المنطقي تخيل جبل صهيون في القدس الفلسطينية "
انتهى كلام الربيعي (18)
* الكنعانيون !!
من يكون هؤلاء الكنعانيون الذين أرجع كل شيء لهم ؟
حين عدت إإلى الأبحاث حتى التي لا تعترف بالتوراة ككتاب تاريخي يمكن اعتماده وجدتها تعتمد الكنعانيين كمرجع لشعوب سادت في بلاد الشام كلها حقبة طويلة من التاريخ ،وحتى اليبوسيين الذين يفترض أنهم وجدو قبل اليهود يعيدهم الباحثون إلى الكنعانيين . رغم أن التاريخ التوراتي حسب يوسف زيدان لا يتعدى أل ( 5780 سنة بدءا من خلق آدم وحتى عام
2020م. الذي لم يأت بعد ) (19)
وإذا ما اعتبرنا أن البشرية ما بعد آدم وحتى طوفان نوح قد انقرضت كلها في الطوفان ما عدا نوح وأولاده سام وحام ويافث وزوجاتهم ولم يكن هناك ذكر لكنعان (الكافر) حسب الموسوعة الحرة !ولنفترض أن الطوفان حدث حوالي 3000 ق.م. حسب بعض الباحثين العلمانيين فإن عمر البشرية لا يتعدى خمسة آلاف عام ! (20) فمن في مقدوره أن يصدق هذا الكلام ويعتبره تاريخا؟! ( كان المصريون حسب زمن الطوفان التوراتي قد شرعوا في بناء الأهرامات )!!
وحين بحثت عن نسب هؤلاء الكنعانيين وجدت أنهم ينسبون إلى كنعان بن نوح كإبن رابع لنوح وكان كافرا :
"كنعان بن نوح هو ابن نوح يقال له أيضا يام هو الابن الكافر من أبناء نوح الاربعه هم : سام والذي ينحدر منه الساميون وحام ويافث وكنعان"(21)
"نسبه : كنعان بن نوح بن لامَك بن مَتُّوشَلَخَ بن خنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل أو مهلائيل بن قينان أو قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر"(22)
وهناك مراجع تعيد كنعان إلى حام بن نوح أو سام بن نوح . أي أنه غير متفق على نسبه
حسب موقع منتديات الجلفة لكل الجزائريين والعرب !(23) فكيف ينسب الكنعانيون إليه ؟ والأمر نفسه ينطبق على الساميين نسبه إلى سام والحاميين واليافثيين نسبة إلى حام ويافث الذين جاءت البشرية من نسلهم . وتصوروا ما يلحق ذلك من تبعات معرفية تاريخية . كالشعوب السامية واللغات السامية وغير ذلك لنجد أنفسنا أمام تاريخ ملفق للبشرية كلها !
أما حسب فاضل الربيعي فالكنعانيون تلفيق استشراقي كما هي الحال مع الأشوريين ومعظم الشعوب الواردة في التوراة لتبرير احتلال اليهود لفلسطين . فالأشوريون هم السوريون.. ومفردة كنعانيين تعود إلى الجذر ( كنع ) بمعنى خنع أي أسلم .. والمقصود اتبع دينا معينا . (24)وحسب هذا التفسير يكون الكنعانيون طائفة تتبع دينا كنعانيا وليسوا عرقا كما هي اليهودية والإسلام والمسيحية والصابئية والمانوية وغيرها التي يعود نشوؤها إلى منطقة الجزيرة العربية وبلاد الشام .
******** ********* **********
المراجع:
(1) موقع أخبار القدس عن دراسة لمحمد شراب أعدتها أسماء ظاهر.
(2) أسماء القدس . ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
(*) العهدة العمرية ويكببيديا نفسه .
(**) فاضل الربيعي في حوار خاص معه.
( ***) ياقوت الحموي . معجم البلدان . مادة صهيون.
(3) شبكة فلسطين للحوار .أسماء القدس عبر التاريخ . معد أطلق على نفسه : نمر الظلام . وكأن هذا المعد يدرك أن المعلومات قد لا تكون دقيقة فأطلق اسما وهميا على نفسه حسب ما يشير الإسم .
(4) المصدر السابق نفسه .
(5) أبو الهدى ! أسماء القدس . شبكة ومنتديات قدماء.
(6) المصدر السابق نفسه. وقد أرفقت النص كاملا مع مراجعه كما ورد .
(7) فاضل الربيعي "القدس ليست اورشليم " وكتب ومحاضرات له وكتابات عنه وحوارات معه.
(7مكرر) فقرة أضافها الربيعي نفسه .
(8) أبو الهدى. شبكة ومنتديات قدماء . مصدر مذكور.
(9) موقع همسات فلسطينية . أسماء القدس كما وردت في السجلات والوثائق التاريخية عبر العصور.
(10) وزارة الثقافة الفلسطينية . الأرشيف الوطني الفلسطيني . أسماء القدس كما وردت في السجلات والوثائق التاريخية عبر العصور.
(11) لطفي السومي (تلفيق التاريخ “الإسرائيلي” في مواجهة علم الآثار والدراسات التوراتية الحديثة) مؤسسة القدس للثقافة والتراث.
( 12) + (13) +(14) +(15)+(16) المصدر نفسه أعلاه .
(17) الأرشيف الوطني الفلسطيني .موقع تابع لوزارة الثقافة الفلسطينية .( معلومات كاملة عن القدس )
(18 ) فاضل الربيعي في سهرة خاصة معه في 9/11/2015
(19) يوسف زيدان . مقدمة تاريخية لروايته ( ظل الأفعى ) في موقعه على النت .
(20) راجع كتب ومؤلفات محمود شاهين في موقعه في مؤسسة الحوارالمتمدن " قصة الخلق التوراتية . طوفان نوح . دخول اليهود إلى مصر وخروجهم منها . قراءة نقد وتعيلق "
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
(21) +(22) الموسوعة الحرة .
(23) منتديات الجلفة ... نسب كنعان !
(24) فاضل الربيعي في سهرات معه.
* نقلا عن "مشارف مقدسية "كانون الثاني 2016



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة 23 كوكب الحب والجنون والأحلام !
- أديب في الجنة (22) الوجود تحقق خيال !
- أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية ا ...
- أديب في الجنة (20) * البشر والجن على موائد الله !!
- أديب في الجنة (19) * فرحة الأمم بالمحبة والسلام !
- أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
- أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه ...
- الجنون في الأدب !
- أديب في الجنة (16) ثورة النساء على ظلم الرجال والحكام !
- أديب في الجنة (15) تعاليم لقمانية واغتصاب جماعي !
- أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !
- أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
- تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة . ...
- أديب في الجنة . (12)
- أديب في الجنة . (11)
- أديب في الجنة (10)
- أديب في الجنة (9)
- أديب في الجنة.(8)
- أديب في الجنة ! (7)
- أديب في الجنة ! (6)


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود شاهين - القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*