أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد البورقادي - أناس بدون مأوى..














المزيد.....

أناس بدون مأوى..


محمد البورقادي

الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 15:04
المحور: حقوق الانسان
    


تمر سيارتك بجنبه فتسطع أنوارها على حاله ..ويُرى المُوارَى في الظلام مكشوفا ..مفرشا للأرض يتوسدها ..في ملبس خشن وفي وضع مرث ..يحز في النفس رؤيته ويصيح في القلب وقْع مألمِه ..
وفي وضح النهار تلمحه عيناك في خجل ..يختبئ في الظل من وهج الشمس ..ويفترش الورق من شدة الفاقة..الذقن منسدل قد طال منكبه ..والشّعر غابة من شدة كثافته ..والجسم متسخ قد اسمر لونه ..والرجلان متورمان من كثرة التعب ..
لا دار له بعد الشارع يسكنها .. ولا ملجأ له من البرد يقصده ..لا أهل هناك في سند.. ولا صديق يُعرف وقت الضيق ..لا كريم يشفق من حاله ..ولا غني يعطي من ماله ..ينظره الكل في ضنك ..وينعته الكل بالوهن ..
ُيرَى يبن القمامات موطؤه .. هناك حيث يلتقط ما يفضل عن بني جنسه ..فيقتات من أحسنه ..ويحفض ما قد يزيد عن حاجته ..
وما يفضل عن الإنسان من فضل ..إلا التي لم يرجى منها صلاح ولم يبق فيها مفيد ..فما تراه ينفعه فضل أخيه في شيء ..ولكن يرضى بالدنيء ويقبل بالحقير ..فما له من بدل ..ويصبر النفس شهوتها وقد سقمت من كثرة القمع ..ويكبح الجسد مطلبه ..ويسعى في موجد الآن ..يقنعه بقدر الحال ..ويسكته بمآل الأيام ..فيرأف به الجسد ويكف عن طلب الزبد ..فيكتفي بالآني.. ويعيش في أمل الآتي ..ويتسلى بأمجاد الماضي ..ويعيش في أحلام الحاضر..
هو الزاهد بغير زهد ..هو المتواضع بغير تواضع ..هو الضعيف من غير ضعف ..هو الكليل بلا كلل ..والسقيم بلا سقم ..أتراه قد أنهكه طول الطريق وضعف الزاد ..
هو المريض لا طبيب له إلا مناعة الجسد ..وحتى الأخير لا يقوى بلا زاد ..
هو البصير بعينه ..الفقير بحاله ..العين تبصر وتطلب.. واليد تقصر ولا تنفذ ..
النفس تشتهي وتتمنى ..والقلب يصدى ويكلم ..كيف بالسلوى لمن لا سليل له إلا جامع الألم..!!
ضعيف الحيلة لا يقوى على كلم ..وفي من يصرخ .. لآذان لا يسمعون بها ..ولمن يشكي ..لقلوب لا يفقهون بها ..ولمن يظهر ..لعيون لا يبصرون بها!!
ولكن لا نفرط في التعميم ..ولا نتقل في التشاؤم ..فأيدي الخير لم تنقطع ..والرجاء في القلوب الرحيمة موصول ..ولا قنوط مع الأمل ..ولا أمل مع اليأس ..!! ولا حياة في الإستكانة والجمود ..
فقد يرق القلب ..وتدمع العين ..وتألم النفس ..وتتيقظ الحواس ..ويخرج إلهام البصيرة من معقله كأنه النور لا يرى إلا به ..فيشفق على الحال بعضهم ..
فتجد حينها الخير ينعم ..وترى المدد يهبط ..وأيدي العون تمد ..في وجه ضعيف الحيلة ..فلا يلقط ما يلفظ من فضل ..بل يأخذ من الأصل لا من الفرع ..وبالعز لا بالذل ..
فيقيم صلبه ..وتستقيم حاله ..ويعظم شأنه ..وتعلى هيبته ..وتصان كرامته ..ويقول هأنذا وقفت بعد الجلوس ..ونهظت بعد الركون ..وصرت مقتدرا لا ضعيفا ..كريما لا ذليلا ..
ولكي يصير ضعيف الحيلة كذلك لزم إيقاض الضمير من العامة ..وإعمال البصيرة في حق موضعها لترى الحقيقة وسط الظلام ..فتأثر حب الخير وإيثار الغير ..فالنفس لن تنال البر حتى تنفق مما تحب ..وتأتر على نفسها ولو كان بها خصاصة ..وتتولى وعينها تفيض من الدمع ألا تجد ما تنفق ..فالرزق للرزاق ليس لها ..وإن علمت بذلك لم تمنعه عن أهله ..لأن في منعها الحرمان وليس العكس ..وفي كفها الخذلان ..وفي بخلها الذل والهوان !!
وهي إن علمت بذلك علم اليقين ..انقطعت من الحرص على الجمع ..ولم تتشبت بما ليس لها ..وقاسمت من سألها من سائل ومحروم ..فنعمت ونعم هو بذلك ونعم الجميع ..وساد العدل وحقق الرخاء بإعمام الخير على الكل ..
وإنعامها بالإنفاق يأتي في الحين ..وتجد وقع أثره في القلب حلاوة وسعادة ..فالخير يورث الراحة والسكينة في النفس ..والشح والمنع يورث الضنك والقنط وعدم الرضا ..
فيا أخي لا تقولن مالي وحسبي حالي ..فلا تعلمن ما تحمل لك الأيام ..وافعل خيرا وكابد هوى الجمع ولا تحرص على الفاني ..واعمل حسنا عسى تجازى بعد الموت بالحسن ..وكن رحيما عسى يرحمك الله
وفقنا الله لصنع الخير والأمر به وهدانا بوحيه عن الوقوع في شرك الزلل واتباع الهوى والجري وراء الفتن.



#محمد_البورقادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الواقع..
- ذم هوى المحبوب..
- أمريكا تحتضر ..
- قلب الأدوار ..
- بوادر الإنتقال الديموقراطي في المغرب ..وأفق التحديات الجديدة
- الحرب القادمة : قوى التحالف الجديدة..
- يوم في دوار الزاوية ..
- صور من الواقع..
- ضريبة الحرية المطلقة
- تأملات في الطريق..
- في الأحياء الراقية
- في عقوق الوالدين : قلب الأم
- أمريكا ..المارد !!
- نظرة في النفس والروح والجسد ..
- في الأحياء الشعبية..
- نضرة في العلاقات الإجتماعية في وقتنا الحاضر
- مخالب النفس
- الإنسان والعقيدة !!
- في بيوت الله
- نساء الحداثة أو النساء الحداثيون !!


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...
- السفير ماجد عبد الفتاح: ننتظر انعقاد الجامعة العربية قبل الت ...
- ترحيب عربي وإسلامي بقرار للجمعية العامة يدعم عضوية فلسطين با ...
- سفير فلسطين بالقاهرة: تمزيق مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة ميث ...
- هل تعاقب واشنطن الأمم المتحدة لاعتمادها قرار -عضوية فلسطين-؟ ...
- صورة السنوار وتمزيق الميثاق.. ماذا فعل مندوب إسرائيل خلال جل ...
- فيديو.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة بعد الاعتراف ...
- فيديو.. السفير الإسرائيلي يمزق ميثاق الأمم المتحدة
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: قرار الجمعية العام ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد البورقادي - أناس بدون مأوى..