أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين اليوسف - مكعبات














المزيد.....

مكعبات


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4971 - 2015 / 10 / 31 - 13:18
المحور: الادب والفن
    


هل تتذكرين تلك المكعبات التي كنا نلهو بها و نحن ما زلنا صغاراً لنبدأ في تأسيس أبجديات قدرتنا على الهدم و البناء؟؟..نعم بالضبط تلك المكعبات الملونة..هل تتذكرين كم كنا مُفتونين جداً بألوانها المختلفة و كيف كنا نلهو بها أولاً بعشوائية ثم بتنظيم فقط لنصنع أبراج مرتفعة لا نهوى سقوطاً منها؟؟..حسناً لا تُغرقي نفسك في ذكرياتٍ تمتلك لذة غريبة تميل أرواحنا إلى تذوقها و اعتيادها فإدمانها..لأني أنتوي أن أعبث بذاكرتكِ تلك قليلاً.

كثيراً ما أشعر بأني كمنزلٍ مشيد منذ الأزل بمكعباتٍ ذات ألوانٍ رتيبة مُكررة..و بالرغم من أني من الأشخاص الذين لا يطيقون الجلوس في مكانٍ واحد لمدة تتجاوز الربع ساعة إلا أني تمكنت بطريقةٍ ما من تشييد نفسي بطريقةٍ مملة رتيبة!!..بل و لعلي كلما كان يتهدم جزءٌ مني نتيجة عوامل تعرية الآخرين له أعيد ترميمه باستخدام ذات المكعبات و ربما بذات الألوان.

و لكن معكِ أشعر أنك تبعثرينني كلما شعرتِ بالملل من شكلي المنتظم الزوايا..فتختلسين قطعة من أسفلي من أعلى قمةٍ بي أو من أي جهةٍ تجدين أنها كعب أخيلي لتلقي بقطعها بعيداً عني و عنكِ..و عندما أبحث عن تلك القطعة الناقصة لأعيد ترميمي أجد أني بعد أن أتذوق لذة بعثرتك لي أصبح أضعف من أن أفعل ذلك فأبدأ بالاستغناء عن قطعي الواحدة تلو الأخرى..بل و ربما أبدأ بإلقاء دفاعتها أمامك لكي أتسلى بلذة اختلال توازني اللوني!!.

و لكن لا تعتقدي للحظة أن لحظات تواطئي معكِ تلك تمر بسهولة من أمام عقلي و الذي يحاول جاهداً مقاومة بعثرتك لقواعده التي أعتاد وجودها كما إعتاد أغلب المسلمين على الإيمان بأن الرجم ذُكر في آيةٍ ما في القرآن الكريم..و لا تتوقعي أن لحظات عبثك الكثيرة بي و به تمر من دون أن يعذب أحدنا الآخر..و لا تعتقدي بأني لا أقاومه و بأنه سيتقبل مقاومتي تلك بعد سنوات من الرضوخ له بطريقةٍ ديمقراطية ذات نكهةٍ غربية مُحببة.

و هكذا و في كل مرةٍ تلقين فيها بأحد مكعباتي بعيداً عني أقضي ساعاتٍ عصيبة في استجوابٍ ذاتي طويل..فأجد نفسي مُقيدة على مقعدٍ تتدلى من فوقه تلك الإضاءة الخافتة الغير مستقرة و التي تنجح في إثارة رعبي من العقاب الذي ينتظرني..فأبدأ حينها في البحث عن مخرجٍ و أردد لنفسي بأني سأقوم بنوعٍ من المقايضة معه..نعم سأعمل على تسليم قيادي لعقلي كي يخلصني منكِ و من عبثكِ بي و بقطعي الصغيرة المتراصة.

و لكني كلما حاولت أن أرضخ لرغبة عقلي و البدء في العمل على ترميم ثبات أركان بنائي معكِ و أمامكِ أشعر أن يدكِ تتسلل بطريقةٍ ما لتجد ثغرة ما نسيت تحصينها و هنا أشعر بأنه تم توريطي في خطوط المواجهة بينكِ و بين عقلي..أحدكما يرغب في أن يُبقي عليَّ كما أنا بزواياي الحادة و بشكلي الهندسي الثابت و الذي كل ما يتطلع إليه هو أن يزداد ارتفاعاً..بينما كل ما يرغب فيه الآخر هو أن ينثرني أمام أنامله لكي يرى أي الاحتمالات في إعادة تشكيلي تحمل أكبر قدر من اللذة له و ربما لي!!.

و لكني سأعترف لك بأني أمقت تلك اللحظة التي تلمع عينيكِ فيها بشبقٍ غريب لتتسللي إليَّ لكي تتناثر مكعباتي أمامكِ فقط لتبدأ حينها مُتعكِ الحقيقية!!..متعة تشكيل رغبتي تجاهك و متعة أن تريني أمارس اللذة لآخر حدودها دون أن يكون لديَّ القدرة حتى على السيطرة على أنفاسي..متعة أن أكون و أن أكون معكِ دون سواكِ و متعة أن لا أكون مبعثرة إلا في تلك اللحظة دون سواها.

نعم أمقت تلك الطفلة التي تسكنكِ و تلهو بي و بكِ و أمقت فكرة أن منظر مكعباتي المنتظمة في زمنٍ ما أصبح الآن بعيداً جداً عصي الملامح على ذاكرتي..و لكني بالرغم من ذلك في كل مرةٍ أستجمع فيها بعضاً من قواي لأحرك يديَّ لتستجيب لعقلي لأعيد تركيبي من جديد أجدني أتصرف كأي جاسوسٍ يجيد عمله جيداً..فأتواطأ معكِ ضده لأنكِ بالنسبة إليَّ الطرف الذي يدفع لي أكثر..فمعكِ لا معه هو سأضمن أن رصيدي الروحي من اللذة سيحتوي على عدة نشواتٍ إضافية تكفيني لمدةٍ لا بأس بها على الإطلاق!!.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوق و الأسورة
- من دون أي شغف
- نبضةٌ إضافية
- أريد
- حرب
- مغناطيس
- قصة مذهبين
- أفكارٌ هشة
- ختان..اغتصاب و تحرش
- على جناح ذبابة
- تساؤل
- داعشي حتى يثبُت العكس
- أنامل عاهرة
- لائحة اتهام
- الكتابة بمدادٍ من نار
- رجل الستة ملايين دولار
- أن يكون مُسلماً
- من بدَّل دينكم فاقتلوه
- وُلِدوا من العدم!!
- كل عام و أنتِ قُبلتي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زين اليوسف - مكعبات