أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - التهامي صفاح - حج 2015 : بعد (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) هل يبقى أي كلام ؟















المزيد.....

حج 2015 : بعد (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) هل يبقى أي كلام ؟


التهامي صفاح

الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 11:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شعارنا : حرية – مساواة - أخوة
نقلت وكالات الأنباء مؤخرا أخبارا لأحداث مؤسفة وقعت في السعودية أودت بحياة كثيرين و أصابت آخرين منها أخبار عن إنتشارفيروس كورونا و أمراض أخرى وخبر سقوط رافعة في يوم عاصف ثم خبر حريق شب في أحد الفنادق ثم خبر إنهيار في جبل قريب من فندق آخر ثم خبر حادث ما سمي تدافعا بمنى ..الخ
المعطيات البيولوجية الخاصة بالأنواع الحيوانية بما في ذلك النوع البشري التي لها جهاز عصبي يُمَكنها من التأقلم مع متغيرات الوسط ويقوم بتنسيق الوظائف داخل الجسم بين مختلف الأنسجة الخلوية ، تقول بأن هذه الكائنات الحية لا يمكنها أن تنتحر إلا إذا حدث إضطراب لسبب ما في هذا الجهاز أو تم تخديرها.
في الأحوال العادية الكائنات الحية مبرمجة على المقاومة والإستمرار في الحياة و لذلك لها آليات(أي طرق) كثيرة في الجسم خارجية وداخلية و ظواهر تُمَكنها من هذا الإستمرارفي الزمان. هذه قوانين بيولوجية طبيعية أثبتتها الملاحظات و التجارب والإحصائيات.
بالنسبة للمؤمنين بالله وبالعلم الحديث مثلنا دون إعتبار الثراث البشري الديني المتغير تفسيره بتغير الأفراد المعبرين عنه ملزما لهم يمكنهم القول بأن هذه هي إرادة الله بما أن هذا هو الواقع الملاحظ.
الله يتحكم في الكون من خلال هذه القوانين الطبيعية التي تسري على الجميع بنفس القدركما قلنا في مقالات سابقة.
لكن لكل قانون هناك إستثناءات مثل حال كثير من المرشحين للذهاب للحج من الدول الأجنبية بالنسبة للسعودية الذين هم في غالبيتهم من المسنين و يمثلون الأقلية في المجتمع التي "إستطاعت إليه سبيلا" من الناحية المالية و االبدنية، إذ الأغلبية فقيرة و لا تستطيع إليه سبيلا.
إذا سألت هؤلاء قبل ذهابهم للحج عن رأيهم من إحتمال وجود خطر على حياتهم إذا ذهبوا هناك يقولون أنهم سيكونون فرحين إذا ماتوا في السعودية بل يتمنون و بفرح زائد ليس فقط الموت بل الدفن أيضا هناك. .و يبدأون جوابهم ب"يا ريت" طويلة. جواب أتوماتيكي جاهز عند الأغلبية منهم .
جواب يعكس ما يتصورون من قدسية لتلك الأماكن التي تجري فيها مراسيم الحج البَعد إسلامي (لأنه كان هناك حج قبل إسلامي جاهلي كما يسمى لنفس الأماكن حسب ما جاء في تاريخ العرب القديم).
جواب يعكس أيضا إعتقادات و تمثلات ذهنية حول الله والوجود و الفاعلين فيه من الكائنات المتخيلة و من البشر الأحياء والأموات الكثيرين الذين يحيون في فضاء خيالاتهم و بالتالي في فضائهم النفسي وعالمهم الخاص.
وللخلاص الشخصي و التخلص النفسي من عقدة الذنب فهم يعتقدون أن الذهاب هناك يغسل من "الآثام" فيصيرالشخص نقيا أبيضا كالثلج .وكثير من الذكوريطمعون زيادة على ذلك في "الفوز بالجنة" بما فيها من الحور العين التي فسرها أحد السعوديين المرموقين بأنها ليست حورعين حسية في إطار محاربته للفكر المؤسس للعمليات الإنتحارية.
إذن إذا مات هؤلاء الحجاج المتمنين للموت هناك في الحج فقد تحققت أمنيتهم بعد حصولهم على تأشيرة الدخول للجنة.
هذا المنطق يقول أيضا أن الموت هناك سواء بالرافعة أو بالتدافع أو بغيرهما أمر كان مكتوبا عليهم و لم يكن لهم مفر منه كما يتم تفسير النص التالي من المصحف العثماني : "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ...." سورة التوبة 51
تفسير الطبري :
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مؤدبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : ( قل ) ، يا محمد ، لهؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عنك : ( لن يصيبنا ) أيها المرتابون في دينهم ( إلا ما كتب الله لنا ) في اللوح المحفوظ) ، وقضاه علينا.
إنتهى تفسير الطبري .

السؤال إذن هو : لماذا كل هذه الزوبعة على تحميل السعودية أو حكومات البلدان الأصلية للحجاج مسؤولية موتهم هناك و تسميتهم ضحايا من طرف من يقولون أنهم يقدسون هذا القول "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " ، عوض تسميتهم "شهداء" طالما أنهم يرغبون بل ينفقون من أجل الموت هناك الملايين من العملة الصعبة ؟
ألا يعرف الزوبعيون هذا "المنطق" مثل جمهورية إيران "الغيرإسلامية في حقيقتها" والتي تنتشر كالاخطبوط في المنطقة متناقضة مع ما تدعيه من إيمان بهذه الثقافة وتتجرأ لتكرر يوميا تهديداتها المدانة بإستعمال القوة العسكرية ضد السعودية حسب ما ورد في الأخبار و يجاريها في ذلك الفلسطيني المقيم في لندن رئيس تحرير جريدة القدس العربي عبد الباري عطوان الذي أصيب بإسهال النقد اللاذع للسعودية وهو يظل اليوم كله يطبل و يزمر لهذا العرف "العربي – الاسلامي " الذي يقدس ثقافة الانتحار وينكر الحقائق العلمية والتاريخية ..؟
نفس الشيء بالنسبة لدول صديقة للسعودية أمطرتها بالنقد و اتهمتها بالتقصير و هي تعترف بهذا العرف الآتي من تفسيرات للنصوص الدينية بطريقة "على كيفك يا استبداد" .
هل السعودية جلبت أولئك الحجاج بالسلاسل في أعناقهم ليزوروها ؟ و هل حكومات أولئك الحجاج (العاديين و ليس الجواسيس ) أرغمتهم على الذهاب للسعودية ؟
لقد كشفت إيران عن بعض الأموات من بعثثها للحج و كان من بينهم سفيرها في لبنان و معه دبلوماسيون .و معلوم ما يقوم به ديبلوماسيو إيران في الدول ا"لإسلامية" المضيفة من نشر لما يسمونه التشيع و غسل دماغ المواطنين لتحويلهم لأدوات في يدها مثل ما وقع مع الحوثيين في اليمن و غير اليمن ليكون لها موطئ قدم في هذه الدنيا وليس في الآخرة في تلك البلدان .لو كانت ايران تؤمن بالقضاء والقدر و بالقيم "الإسلامية" المعروفة كما تدعي أنها إسلامية "جدا" لما تعاملت بعجرفتها الزائدة مع السعودية و لما هددتها بالقوة العسكرية لتخويفها .
إذا كانت إيران تقدس "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ..." على أنها "كلمة الله" حسب ما تقول وهو ما يُستنتج من وضعها بخط كبير في صالات ما يسمى مجلس الشعب أو البرلمان الإيراني هكذا "كلمة الله هي العليا " هل يبقى بعد "كلمة الله "هذه أي كلام للديكتاتور خامنئي أو رئيس الحرس الثوري أو الرئيس الصوري حسن روحاني الذي قال اليوم مهددا السعودية بالهجوم عليها حسب ما نقلت عنه القناة الفضائية (الميادين) "لن تسكت إيران عن دماء الحجاج الايرانيين الذين ماتوا في السعودية وربما ستستفيد إيران من قوتها في هذه القضية " ؟
أليس إنكاركون "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " حسب المتعارف عليه من ثقافة إسلامية هو إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة يفضح إدعاءات إيران كونها إسلامية و يخرجها من الملة ؟
أنا هنا لا أدافع عن السعودية . يا ما وجهنا جماعة في إطار الإتحاد الألوهي نداءات لهذا البلد كناس يريدون لها الخيردون مقابل من أجل تغييرقوانينها بما يتلاءم مع حقوق الإنسان و من أجل إطلاق سراح رائف بدوي و غيره والتوقف عن إتلاف الجسم البشري بتلك الطرق المهينة المضرة بالسعودية و البشرية جمعاء على الصعيد العالمي والتي يتم تصويرها في الأماكن العامة مثيرة بذلك التقزز والإشمئزاز. و الآن أيضا أدعو السعودية لعدم تنفيذ حكم الإعدام في الشاب علي النمر الذي كان قاصرا عند إعتقاله و محاولة إصلاحه عوض إتلاف جسمه.
وبالمناسبة لازلت أذكر في بداية الثمانينات من القرن الماضي لما كانت لدينا خيارات كثيرة للدراسات العليا التي من بينها الذهاب للسعودية لدراسة البتروكيماويات المتعقلة بالنفط وطلبت رأي أحد أساتذتي في الموضوع فخاطبني بحزم قائلا: هل تعتقد أن الحياة اليومية في السعودية هي مثل ما تعودت عليه في المغرب ؟ لا مجال للمقارنة يا حبيبي .السعودية ظلام في ظلام .لو تذهب لفرنسا ربما لن يتغير عليك الجو كثيرا .
إتصدمت برأي الأستاذ وأخذت بنصيحته.فعلمت فيما بعد أن نصيحته كانت في محلها .
ولكن لنكن واقعيين .
بصراحة ، داخل العرف أو المتعارف عليه من قيم و ثقافة و تفسير للنصوص الدينية و الدساتير و جو عام ، لم يكن ضروريا كل هذه الزوبعة لتي أثيرت حول موت الحجاج الذين في غالبيتهم كانوا يتمنون الموت و الدفن هناك و تحميل المسؤولية سواء للسعودية أو للبلدان التي أنطلق منها الحجاج ..لأن هذا تناقض مع ما يُعلن من شعارات و قيم "إسلامية" .و كل هذه الزوبعة لن تعيد أولئك الحجاج ..أما إيران فهي تريد إستغلال و توظيف القضية سياسيا للرد على نجاح السعودية في دحر الحوثيين الموالين لإيران في اليمن..
لكن في الجهة الأخرى من الواقع إذا أخذنا بعين الإعتبار وجهة نظر المحتجين الآخرين ، هل لتجنب الأحداث المؤسفة للحج ، يجب تغيير الواقع الثقافي بايجاد ثقافة مجتمعية بديلة للحياة و ليس للموت تسمى مثلا "الخطاب الديني الجديد " لتغيير الوعي و جعل الحج مجرد نزهة و سياحة تبيح تحميل السعودية المسؤولية عن الاذى الذي قد يلحق أي مواطن يذهب هناك كسائح لحج من نوع سوفت (soft) بمناسك قليلة و خفيفة تحددها الدول التي ينطلق منها الحجاج و ليس السعودية أم يجب شطب ثقافة الحج نهائيا من الوجود طالما أن الأغلبية في المجتمع وهم الفقراء "لا يستطيعون إليه سبيلا" .
أتمنى أن يحدد مسؤولو الدول المعنية ما يجب فعله بشجاعة لتجنب مثل هذه الأحداث التي ربما تصيب حياتهم بلحظات عصيبة .
وإلى ذلك أقدم تعازي الحارة ومواساتي القلبية و تضامني مع أسرالضحايا والمصابين و مع رؤساء الدول والحكومات التي تحترم نفسها و مواطنيها المتأثرة بهذه الأحداث و لكل إنسان رق قلبه لها .
و تحياتي للجميع .



#التهامي_صفاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب ليس وحده في المساواة بين الجنسين
- شمال إفريقيا : الهجوم على مؤسسات وأفراد الجيش والشرطة هو هجو ...
- مهن التربية والتكوين بالمغرب أي مستقبل ؟
- الأحداث المؤسفة في المعابد تثبت أن (الله) يعمل من خلال قواني ...
- بكل تأكيد قواعد ذهبية من أجل عمر مديد
- المغرب بعد تسارع وتيرة تفكيك الخلايا الأرهابية الدلالات والو ...
- المغرب : يجب وضع حد لمكبرات الصوت المستعملة ليلا بلا حدود
- المغرب : قضية الصحراء المغربية والبنغلاديش أي علاقة ؟
- إنتخابات المغرب الجماعية : أمثلة مضادة للتزوير
- المغرب : في الدعوة للإمساك عن التصويت
- المغرب : الدعوة للغياب عن الإنتخابات هي الرجعية في الحقيقة
- طالبان الإرهابية و الكذب المقدس
- الجزائر: للروائي بوجدرة : الرب ليس هو الله فعلا
- المغرب : يا بديل أنفو الإعلام أمانة و مصداقية
- الجزائر : جبرائيل كامب مؤلف (أصول البربرية bèrbèrie ) ليس مغ ...
- مصر: السكوت و العمل أفضل .
- لحكام الخليج المشكل في القنابل البشرية و ليس النووية
- الولايات المتحدة الامريكية : للسيد روبرت لوني (إلعب غيرها لن ...
- الجزائر : كفى من التهويل في أحداث غرداية
- إيران : رسالة صادقة لا تعرف المجاملة لحكام إيران


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - التهامي صفاح - حج 2015 : بعد (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) هل يبقى أي كلام ؟