المغرب : قضية الصحراء المغربية والبنغلاديش أي علاقة ؟

التهامي صفاح

الحوار المتمدن-العدد: 4912 - 2015 / 9 / 1 - 14:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شعارنا حرية – مساواة – أخوة
في لغة القرآن (ذات المصدر العربي) إذا قلنا مشارق مفردها مشرق ومغارب مفردها مغرب فالمقصود الشرق والغرب .إذن إذا قلنا الصحراء المغربية فالمقصود إسم جغرافي يعني الصحراء الغربية و ليس المشرقية أو الشرقية .
لكن المقصود في التسمية الصحراء المغربية زيادة على المفهوم الجغرافي هي السيادة السياسية لدولة المغرب كدولة عريقة على الإقليم الجنوبي كقضية تصفية إستعمارحدثت سنة 1975 بين المغرب و اسبانيا بإتفاقيات دولية و إنتهى الإشكال رغم وجود أجزاء أخرى من المغرب تحت السيادة الإسبانية و غيرها تنتظر المناسبة لإسترجاعها ..
قبل سنة 1975 لم يكن أحد يسمع بما يسمى البوليزاريو( أو ما تبقى منها بعد عودة قيادات كثيرة للمغرب ) كمنظمة تطالب بإستقلال الإقليم أو تستعمل السلاح من أجل ذلك مثل منظمة إيتا الباسكية الاسبانية التي كانت تطالب بإستقلال إقليم الباسك عن إسبانيا في ذلك الوقت ثم عدلت عن ذلك فيما بعد بعدما فطن منتسبوها للعبة زعماء إيتا الدموية .
البوليزاريو تشكلت بعد عودة الصحراء للمغرب ثم هناك من لا يزال يقول أن القضية ليست مفتعلة .أمر غريب فعلا.
ألم يَعِ بعد هؤلاء بخدعة زعماء البوليزاريو الذين حولوا المساعدات الدولية التي يحصلون عليها بالتسول غير المفروض عليهم إلى حسابهم الخاص ويعرفوا أين تكمن المصلحة الحقيقية لسكان تلك المناطق الصحراوية .
سنسوق هنا مثالا بسيطا نتعلم منه .
فإذا قلنا لشخص ما سليم العقل وبصحة جيدة سنبني لك بيتا لكن عليك إختيارمساحته أولا إبتداء من 40 متر مربع حتى 1000 ، حتما سيختار بيتا فسيحا بإمكانيات كبيرة و ما لا يحصى من الأحلام بالاضافة للسكن و الراحة سيجعل فيه مسبحا مثلا و قاعة للألعاب.. الخ ...الشخص المستجوب سيختار بكل تأكيد البيت ذي الألف متر مربع أي أقصى ما هو متوفر.
هذا بالنسبة لشخص واحد. أما إذا تعلق الأمر بعشرات الآلاف من السكان و سألناهم ما مساحة الوطن الذي تريدون ؟ فهل سيضربون المنطق و العقل و السعة في صفر ويختارون الوطن ذي المساحة الأصغر مع توفر مساحة أكبر و إمكانيات هائلة بإستثناء إذا لم يكونوا بصحة عقلية سليمة أو تم تخديرهم كي لا يفقهوا مصلحتهم ؟ قطعا لا .
ما تبقى من البوليزاريو كمنظمة تريد أن تقول للعالم أن سكان الصحراء المغربية ليسوا بصحة عقلية جيدة بينما الحقيقة هي أن هؤلاء هم الذين ليست صحتهم العقلية على ما يرام للاسف .
إذا إفترضنا جدلا أن أطروحة البوليزاريو يمكن تنفيذها على أرض الواقع لنر ما نتائجها في هذا المثال الآخر من آسيا .
بغض النظر عن الكيفية والظروف التي وجدت البنغلاديش نفسها فيها غير محسودة عليها معزولة على القارة الهندية بعد تصفية الإستعمار الإنجليزي للهند بحجة أن هذا الإقليم يتشكل من أغلبية مسلمة في الأول ثم إنفصاله عن باكستان البعيدة فيما بعد بسبب اللغة فإن النتيجة هي أكبر كثافة سكانية في العالم 1000/كلم 2 (ألف نسمة في الكلمتر مربع) و إزدحام أثناء المرور و في المساكن والأسواق ومعدل تكاثر مهول لعدد من السكان يبلغ 160 مليون نسمة ونسبة كبيرة من الأمية والجهل والفقر و التخلف رغم كونها في الواقع الآن هي دولة علمانية .
بعد إستقلال الهند عن الإنجليز هناك العديد من الأقاليم التي رفضت الإنفصال عنها .و لم تتذرع بأي خصوصية لغوية أو دينية نظرا لكون زعماء هذه الأقاليم كانوا بعيدي النظر ولم يكونوا يريدون "الإمارة و لو على الحجارة" كما فعل زعماء البنغلاديش و حصروا مواطنيهم في رقعة جغرافية تبلغ تقريبا 400000 كلمتر مربع فقط لكي يحكموا هم ايضا هؤلاء السكان وكما يريد الآن زعماء البوليزاريو .على الأقل عرفت البنغلاديش عدم استقرار سياسي تمثل في اربع انقلابات و ضعف اقتصادي مريع .
لقد كان الرافضون للإنفصال عن الهند و الذين لا يزالون فيها الى اليوم يعرفون حق المعرفة أن أي إنفصال عن الوطن الأم سيعني حرمان مواطنيهم من الإمكانيات و الفرص التي توفرها مساحات الهند الموحدة المترامية الأطراف و المتنوعة المناظر و الموارد الطبيعية بل هناك مناطق في الهند غير مأهولة و سكان متنوعي الأصل و الإثنية و اللغة يتعايشون .
وخلافا لهذا المنطق السليم فإنه عندنا يجب على سكان الصحراء المغاربة في العيون و الداخلة و غيرها أن يقبلوا الحرمان من طنجة و الرباط و فاس ووجدة و مراكش وجبال الأطلس و غير ذلك وما توفره هذه المناطق من فرص و امكانيات هائلة و أمان و علاقات متميزة لدولتهم مع العالم فقط لسواد عيون وتحقيقا لأوهام زعماء ما تبقى من البوليزاريو التي تقول بتكوين دولة جديدة تبدأ من الصفريحكمونها إلى الأبد ويروجون فيها لأطروحات الكراهية والعنصرية و الفقر و الجهل والأمية والغباء السياسي ...
يا سلام ..
إن هذا الرأي الصائب حسب ما أعتقد و الذي يتبناه كثيرون هو رأي موضوعي لا علاقة له بالتزمير أو التطبيل لأي حكومة أو نظام سياسي كما يمكن أن يدعي أعداء سكان الصحراء (الغربية) المغربية .و ينطلق من نظرة المصلحة العليا للسكان و ليس لبعض الأفراد الذين يريدون الإرتقاء المالي على حساب هؤلاء السكان مستعملين حقا يراد به باطل هو حق تقرير مصير الشعوب المنصوص عليه في المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي لا يمكن لأحد أن يتنكر له إذا خدم مصلحة السكان .
فتطابق وجهات النظر الموضوعية لمعارضي القيصر بوتين مثلا في روسيا ، و الذين يريدون دولة ديموقراطية بمعنى الكلمة ، حول موضوع معين كحلول علمية لمشكل التغير المناخي أو غير ذلك لا يعني أن هؤلاء يطبلون أو يزمرون لحزب بوتين الذي لا يريد أن يترك السلطة .
لنكن واضحين وواقعيين .
و الذين يحاولون جعل سكان الصحراء مختلفين عن أقرانهم في الشمال بمبرر أنهم صحراويون يغالطون الرأي العام في الحقيقة .فالصحراء هي فقط فضاء بيئي له نمط عيش معين يقتضي التكيف مع البيئة بطريقة مختلفة و ليست هوية نوعية للسكان .إذ الهوية النوعية البيولوجية تقول أن كل سكان الأرض ينتمون للنوع هومو سابيانس أي الإنسان العاقل . فلا يجب وصف هؤلاء السكان يغير العاقلين كما بيننا .
نفس الشيء بالنسبة للعربي و البربري و اليهودي و غير ذلك .هويتنا هي إنسانية مهما كان الفضاء الذي نعيش فيه أو الجد .و الذين يدعون مميزات خاصة بسبب الدين أو العرق أو الإنتساب لشجرة ما و يخالفون الحقيقة العلمية هم في الحقيقة يستغلون الجهل والفقر و الأمية و الإستبداد و يصعب عليهم بل يستحيل إثبات ذلك بالدليل العلمي الحديث .إنهم يفعلون ذلك لحسابهم الخاص و ليس لمصلحة العموم .
و إني من هنا كمواطن مغربي أصيل عاش أجدادنا قبل 2000 عام على أرض المغرب الممتد أناشد هيئة الأمم المتحدة و السيد ذي السعادة السكرتير العام الأممي لهذه الهيئة العتيدة بان كي مون من أجل إنهاء هذه القضية المفتعلة آخذين يعين الإعتبار المشاكل التي أوردتها باقتضاب شديد في هذا المقال و التي يعطي إقليم البنغلاديش و كذلك إقليم الباسك خير أمثلة عنها خدمة لمصلحة السكان و للأمن والإستقرار في المنطقة و العالم .
أشكر تفهمكم ..
و تحياتي لكل إنسان حريصدح بالحق مع إرتياح الضمير غير طامع في سلطة أو جاه أو مال.

#التهامي_صفاح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل