أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول















المزيد.....

الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 367 - 2003 / 1 / 13 - 02:42
المحور: الادب والفن
    



 

             خاص: الحوار المتمدن


  كلما قرأت الشاعر عباس خضير خطر لي ان هذا الكائن قدم الينا من الاتجاه الغلط، اي الاتجاه الذي لا أحد يتوقع منه ظهور أحد أو شروق شمس أو بزوغ نجمة أو قدوم نشيد أو غيمة أو زخة مطر.

وكثيرا ماتساءلت: ماذا يفعل هذا البريء بيننا اذا كان مصمما على الاعتصام داخل طفولته رغم كثرة الايدي الممدودة لاخراجه منها؟ وكيف نجا عباس من اغتيال وتشوه الذات؟ في هذه الحقبة الصعبة ليس مسموحا لأحد ان ينشد للبراءة لحسابه الخاص، وليس مسموحا لأحد أن يظل نقيا ونظيفا وطاهرا حتى في مكان بعيد وناء ومنعزل لأن الجمال يعري ويكشف نظما ومؤسسات وأفرادا من مصلحتها أن يدخل الجميع في نسيج البشاعة ويضيع "الابتر بين البتران" كما تقول الحكمة الشعبية البسيطة
والمفعمة بالخبرة والمعنى والوضوح.

  عباس خضير ولد في عام تأسيس الجبهة الوطنية في 73.واعتقل في عام 93 بعد سنتين على نهاية حرب الخليج الثانية.
  واطلق سراحه 95.وطرد من الجامعة في السنة ذاتها.  وخرج من العراق سنة 96.
وطاف يبحث عن بقعة ارض في قارات العالم حتى عثر مؤقتا على منزل وامراة ونافذة ومدفأة في ألمانيا.  لكن ورطة عباس خضير لا حل لها لأن البراءة تمُأزق. لماذا لا يخرج عباس من طفولته الى هذا الزمن الحافل بالعجب العجاب ويدخل في النسيج العام ويكف عن هذا العصيان الابدي، والتطرف، داخل طفولته، ويتوقف عن أن يكون مختلفا وأعزل ومنشدا خارج الجوقة؟  قصائد عباس خضير هي قصائد جاءت في غير موعدها، لأننا الان على موعد مع اشياء كثيرة، ومع قصائد كثيرة ليست البراءة واحدا منها، وهذه البراءة، كما قال الدكتور حسن ناظم في مقدمة لديوان عباس " تدوين لزمن ضائع" هي براءات جمة ومنها براءة العمر وبراءة الحس وبراءة الاهات وبراءة اللغة.

وكل واحدة من هذه البراءات فخ.لكن هل يمكن فعل تدوين زمن ضائع؟ واي زمن هذا الذي يريد الشاعر تدوينه خاصة وان
سيرته هي سيرة قتيل مؤجل ومشروع موت تم نسيانه بحكم مصادفة هنا أو اهمال هناك أو غفلة؟

هل يمكن تدوين زمن الحرب الذي عاش الشاعر مشاهده وهو طفل في الخليج الاولى، ثم عاشه وهو شاب في الخليج الثانية؟

هل يمكن تدوين عذابات السجن وحكم الموت المؤجل؟
لماذا لا ينسى الشاعر هذا التاريخ؟

كل هذه الاسئلة مشروعة وتنطبق على اي شاعر في العالم إلا عباس خضير نفسه، والسبب ان هذا الشاعر كان يعيش في وعيه مشاهد الحرب الاولى وهو يحلم بعالم نظيف وبريء ونقي، اي انه كان خارج لعبة الحرب الفعلية.

وكان في الحرب الاخرى، كما في السجن، وفي المنفى الان، يعيش لعبة الهرب والاختباء المدهشة والطفولية التي لا يجيد غيرها وهي العزلة داخل عالم طفولي بعيد عن كل مايدنس الانسان ويخدش كرامته.لكن حتى داخل هذه العزلة وفي نسيج البراءة المحكم كان  يجب أن يدفع ثمنا ما، كاد أن يكون باهظا ، لكن انقذه هذه المرة عقل الشاعر حين اعلن هو الاخر،
وفي لحظة نفاد الطاقة،العصيان، والذهول، والانفصام، وهو آخر سلوك دفاعي للضمير في مواجهة موقف فوق الاحتمال يشبه موقف الانسان الاول حين يواجه الاسد في مكان ما مفاجيء فيصاب بالاغماء لكي يهرب من الموقف كله.

هرب عباس خضير الى الذهول والانفصام رافضا اية تسوية مع اي شيء لا يريده. والانفصام بتعبير جاك ديريدا هو سلوك ضد التدجين والالفة والقبول والقناعة الزائفة والتصالح مع اوضاع غير انسانية.  الانفصام منقذ، حين يكون الاندماج  في القطيع إغترابا ومنفى أو جريمة احيانا. جريمة المشاركة في حفل عام للزور والنميمة.هذا الشاعر كان يجب أن يكون قاطع طريق أو لصا أو وحشا أو جلادا بعد كل تلك المرارات التي عاشها باكرا ولم يكن مستعدا لها لكن ، ومرة أخرى، كانت
الطفولة منقذة، وكانت البراءة منقذة، وحين صار الموقف فوق الاحتمال جاء الذهول ليعلن قفل الباب.
هل هناك طفولة يمكن ان تستعاد قسرا؟ هناك من قال عن الشاعر الفرنسي رامبو انه الشاعر الذي استعاد طفولته قسرا وان الشعر هو الطفولة المستعادة بالكلمات.

هذا حين حين تكون الطفولة طفولة حقا وليست كارثة أو حربا أو موتا أو سجنا، لكن عباس خضير يرى في طفولته غير مانراه نحن الشهود على السيرة.


يجلس الشاعر على الرصيف وهو يصرخ أويشتم أو يبكي أو يضرب العالم بالاحجار والكلمات لعله يستيقظ.

  " كان الجلادون يعدون لصمتي
       وجبة عشاء أخرى"


وعباس خضير بخيل بالشتيمة على هؤلاء، على الجلاد العلني، والجلاد المختبيء خلف قناع، لأنه يعرف، كما يقول أنسي الحاج، ان الشتيمة هي سلاح جبار، وهي سلاح الاعزل، وهي لغة انسانية ذات قيمة كبيرة كما يقول سارتر ولا يجوز منحها
لمن لا يستحق، فهي آخر سلاح بيد الفقراء، وهي باقة ورد حرام ان توضع على رقبة خنزير أو شاذ أو وسخ.


ان  قصائد ديوان" تدوين لزمن ضائع" هي سيرة رجل اعزل ووحيد كلما داهمته الاقدار والاوضاع والظروف بماهو غير متوقع أو منتظر، دخل في صدفة الطفولة حتى نهاية العاصفة.

  إنه الثعلب القطبي في العواصف الثلجية.
  انه زوربا اليوناني وهو يكتب قصيدته رقصا على الارض.

   وحين تفشل الطفولة في توفير الحمية والامان والدفء، يلوذ بالانفصام، وحين لا يعود هذا قادرا على حراسة القلب من الاوجاع، يلجأ الى الحب.

وهذا الشاعر الان مقيم في المرأة.
المراة الكبيرة وطن.
وهي آخر ملاذات الشاعر.

لكن الى اين يمضي اذا انهار الحصن الاخير؟!

 

             مقاطع من قصائد الشاعر

     1من قصيدة: خمر الحزن الحمائم


         هائل
         هو انتظاري
         كما ربية تهفو لنجمة صبح عشية الرصاص،
         كما وقف الوجه حائرا بين بساتين القتل والهزائم
         مرغما على وجعي.
         مكرها على الرقص  وحيدا تحت القرابين
         انا ياعربات الانتظار،
         موزع على بريد المسافة، حجرا..
         تعبره الحمائم من هنا،
         وأنا أصفق للموت.

 

  2 من قصيدة:سيرة مبسترة


     تطايري، ايها الاجساد المثقوبة بالورد،
     تطايري، ايتها القبعات المثقوبة بالرصاص
     تطاير، ايها القلب المباح للمراكب الغريبة
    تطايري، ياأبجدية دوار البحر
    تطاير، ايها الشاعر ولا تعد.


3 قصيدة: سياسيون

  ينشرون العالم امامي
مقسما على رقعة شطرنج
جنودا، جنودا:

كلب احمق
كلب مسعور
كلب دنيء
كلب وفي
لا تستغربوا اذن
ان نبح علينا العالم


4 قصيدة: الى...

أأقدار هي؟!
أن أبقى ساقا خضراء
عصية على النار
وكلكم رمادْ

5 قصيدة: خاتمة

لا سيجار لك
نشعله
غيفارا

6 قصيدة: خاتمة اخرى


في كل صباح
لي ولادة اخرى
للموت.


ــــــــــ
ديوان: تدوين لزمن ضائع/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة اليزابث. ر . كري ـ عشية الحرب
- الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد
- الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول