عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 17:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ضدّ "السياسة"و"آلتقليد"!
أعترف و بأسف شديد بأنّ مقالاتي و صفحتي على (الفيس) و التي تأسست لقضايا الفكر كمنتدى للفكر و منذ مدة .. توقفت تقريباً عن نشر القضايا الفكرية و الأنتاج الفكري لإنشغالي بأمورٍ كانت ذات طابع سياسي قهري, ربما العامل الرئيسي كان بسبب الأوضاع المريضة و الفاسدة السائدة التي أوجدها و خلفها السياسيون بشكل طبيعي لجهلهم و أميتهم و شهواتهم الحيوانية!
و أعترف بصراحة .. أنّ الحالة ألمأساوية والمحن السائدة لا تقتصر على العراق و العربان فقط, بل باتت عامّة تقريباً في جميع البلدان و إن إختلفت المناحي و المناسبات و الأشكال, بإستثناء إيران الأسلام التي تخطو خطوات إعجازية في طريق التقدم العلمي و الثقافي و الأخلاقي معاً رغم صعوبة الأجواء و كثرة المؤآمرات الجاهلية العالمية ضدها من كلّ دول العالم تقريباً بإستثناء دولة أو دولتين!
و ماذا يمكننا أن نجني و نفهم من عالم يتحكم فيه سباسيين و حكومات تحت مسميات كبيرة وعديدة لكنها خالية من المصداقية من أجل سرقة حقوق الناس و تجهيلهم و تحميرهم كي تسهل السيطرة عليهم!؟
في خضم هذا الواقع .. و بينما كنت متململاً كل هذه الأيام بسبب المرض الذي إبتليت به من سنوات؛ وصلني يوم امس خبر نجاح البروفسور الكندي (أرت ماكدونالد) و الحصول على جائزة (نوبل) العلمية وسط كل هذا الضجيج و الهذيان و الفساد و الحروب و الأرهاب و الرعب الذي عمّ و ساد في العالم خصوصا في العراق و بلاد الشام و دول الخليج!
لقد إستطاع هذا العالم الكندي الكبير الذي يسكن في مقاطعتي (أونتاريو) أن يكتشف ظاهرة علمية في الفوتونات الضوئية التي تنبعث من الشمس و تصل الأرض, حيث وجد أنّها تفقد نصف خواصها الحرارية الفيزيائية عندما تصل الأرض, و لعلها قضية صغيرة جداً بنظر الناس و حتى الأكاديميين و الجامعيين (1) لكنها و بحسب تقديرات خبراء الطاقة و الذرة يرونها كبيرة و ستكون أكبر على المدى المنظور, حتى عدّه بعض علماء الفيزياء بأنه يعادل إكتشاف السيد (فرداي) الذي كشف قبل أكثر من قرن قانوناً لم يعر الناس له أية أهمية في وقتها, حيث كشف بأنّ مرور التيار الكهربائي في سلك نحاسي يولّد المغناطيس و بآلتالي إمكانية الحركة, و لعل فرداي نفسه لم يكن يعرف وقتها أهمية اكتشافه ذاك حين طور العلماء فيما بعد قانونه إلى صناعة المحركات و المولدات و المحولات و نظرائها التي تتأسس عليها إدامة الحياة العصرية القائمة اليوم!
إكتشاف أرت ماكدونالد(21) Arthur B. McDonald هذا الأكتشاف الجديد يشبه إكتشاف (فرداي) بآلضبط من ناحية الأهمية و الأبعاد المستقبلية لمعرفة و كشف قضايا الكون و ما يتعلق بهذا الوجود من أسرار كبيرة, إنها دخول جديد في عالم جديد لا يعرف العلماء شيئا عنه الآن!
بآلمناسبة هذا العالم الكبير و الفقير Arthur B. McDonald يمتاز بخصوصيات لم ار شيئاً منها حتى على "علماء" النجف التقليديون, حيث يمتاز هذا البروفسور العظيم بالتواضع و الفقر و الوضوح والبساطة بشكل كبير في حياته, حيث لا يملك أية ممتلكات أو أموال أو إسماء أو ألقاب أو شهرة أو فخفخة أو حمايات أو عناوين و لا حتى سائق شخصي, هكذا هم القادة الحقيقيون في آلمجتمع الأنساني, يخدمون الناس و كل المخلوقات بصمت و تواضع و بساطة و جدّية و بدون مقابل , بينما السياسيون و"العلماء" التقليديون؛ ليس فقط لا يقدمون و لا ينشرون و لا ينتجون جديداً في العلم أو الفكر؛ بل ينشرون الفساد و الكذب و الجهل و الأرهاب بين آلناس لينهبوا في آلمقابل و في وسط تلك الاجواء ثرواتهم و حقوقهم و بكل صلافة و بلا حياء أو خجل,و لهذا يتظاهرون بآلعناوين و المدعيات و التستر خلف الدين و الوطن و خدمة الناس ليُحيطوا أنفسهم بآلحمايات و الفخفخات و المسلحين و المليشيات و العناوين الكبيرة الكاذبة!
و هذا هو الفرق الجوهري بين العلماء الذين يخدمون البشرية كفرداي و آرثر ماكدونالد و الشيخ البهائي و الأمام الخميني و بين "العلماء" التقليديون الفاسدين الذين يدمرون البشرية ليعتاشوا على أكتافهم و حقوقهم!
لكن السؤآل الكبير هو:
لماذا يُقدّر و يُجلّل و يُقلّد الناس أؤلئك السياسيون و التقليديون الفاسدين من دون هؤلاء العلماء العمالقة الحقيقيون حيث يحاول عوام الناس عبر التأريخ تقليدهم و إطاعتهم للأسف من دون العلماء الحقيقيين!؟
هل هناك سبب غير الجهل المشترك بين الجميع!؟
و لهذا إنتشر الفساد و الحرب و الذبح و الشر و سوء الظن من دون الخير و الأمان و المحبة و التطور و التقدم والجمال و الحسن في المجتمع خصوصا في بلادنا المنكوبة!؟
بآلطبع هذه المحنة .. بل المحن الكبيرة التي أصابت البشرية ليست بسبب جهل و ضلالة الناس فقط ؛ بل
إن السياسي و عن طريق الظلم و الكذب و آلتزوير و الأنتخابات الموجهة ألمستهدفة يتحمل الوزر الأكبر, لانه هو الذي سبب ذلك كي يستطيع الحصول بسهولة على ملذات الحياة المادية و في فترة زمنية قياسية و بدون تقديم أيّ جهد أو عمل حقيقيّ!
إن العالم الحقيقي المنتج كـ (آرت مكدونالد) عليه أن يسعى و يعمل كثيرأً و يجتهد و يضحي بكل خصوصياته كي يخدم البشرية, و الجميل الذي رايته في هذا الوسط, هو أنّ مثل هذا العالم عندما يصل إلى قمة العلم يزهد في الدنيا و ملذاتها بعكس السياسيين الذين يزداد طمعهم و نهبهم و أرصدتهم و كأنهم لا يشبعون!
و يبقى الفرق كبيرا و كبيراً جداً بين السّعادة واللذة وآلأنسانية التي تتحقق في وجود العلماء (الحقيقيين) من أمثال آرت ماكدونالد و آلأمام الخميني و الصدر الأول و الشيخ البهائي و فوقهم أئمتنا العظام؛ و بين السياسيين و العلماء(التقليديون) من أمثال صدام و معصوم و جعفري و حيدري و بعثي و شيوعي و قومي و عشائري و مدني و عامي و خاصي و شيخي و سيدي و ملالي وووووو!
فآلسعادة التي يحصل عليها النوع الأول هي سعادة طبيعية دائمة و متصلة بأصل الوجود و معتبرة في الدارين بإذن الله و كما بيّن ذلك آيات و سور القرآن الكريم ..
بينما السّعادة التي يحصل عليها الصّنف الثاني من العلماء آلتقليديين و الوطنيين و القومجيين والطائفيين هي سعادة مصطنعة و مزورة و لا تدوم حتى في دار الدنيا!
والعاقبة كانت و ما زالت أبداً للعلماء (الحقيقيين) الطبيعيين من أمثال آرت مكدونالد و فرداي و آينشتاين والامام الخميني و الصدر الأول و الشيخ البهائي!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنا على يقين بأن وزير التعليم العالي العراقي كما وزراء بلاد العربان لم يسمعوا بهذا الأكتشاف .. مجرد سماعه ناهيك عن معرفته, و لهذا لا خير في هذه البلدان ما لم يؤمن الحكام و السياسيون والوزراء فيه بحقوق الأنسان أولاً حتى يمكنهم أن ينطلقوا من الموقع الصحيح.
(2) يمكنكم معرفة المزيد عن هذا العالم عبر الموقع التالي:
http://www.dal.ca/news/2015/10/07/dal-alum-arthur-mcdonald-wins-nobel-prize-in-physics.html
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟