أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السوري العظيم .. خالد الأسعد














المزيد.....

السوري العظيم .. خالد الأسعد


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 08:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. أحمد الخميسي
في المشهد السوري الكثير من الصور الفاجعة: أطفال يموتون على الحدود من البرد والجوع. مهاجرون يلفظون أنفاسهم داخل شاحنة مغلقة على حدود النمسا. دمار يقوض كل شيء ولهب يمسك بأطراف البيوت والشجر. لهاث مستنجدين بالغربة من الوطن. لكن ثمت صورة صغيرة لموت رجل عجوز تكثف المعنى المشترك بين الصور كلها، إنه الصراع بين البرابرة والحضارة. هي صورة عالم الآثار العظيم خالد الأسعد الذي بذل حياته كلها في فهم تاريخ الحضارات القديمة وإتقان لغاتها وصون آثارها. تدخل داعش إلي تدمر، المدينة التي صنفتها اليونسكو ضمن آثار الإنسانية، وتطالب خالد الأسعد أن يفشي لها مواقع الكنوز الأثرية، فيرفض، فيقطعون رأسه وهو في الثانية والثمانين من عمره، كما قطعوا في فبراير منذ عامين رأس تمثال أبي العلاء المعرى في معرة النعمان، ورأس تمثال طه حسين في المنيا، لكنهم هذه المرة يفوزون بالرأس حيا يتطاير منه دم وليس شظايا حجر! تتأمل ملامح العالم العجوز المهذبة ونظرته المستقيمة، وتتساءل: ترى الذي خطر له في لحظاته الأخيرة؟ هل آمن بأن الحضارة كلها تتجسد الآن في شخصه، عزلاء، أمام البرابرة؟ أن عليه مهما حدث ألا ينهار، ألا يضعف، ألا يستسلم، لأنه الكلمة الأخيرة في فم الإنسانية؟ أم تراءت له طوابير الشهداء الذين شنقهم السفاح التركي جمال باشا عام 1915؟ أم صورة غسان كنفاني كاتبا مقاتلا؟ أم ومضت في خياله سيوف الثورة العرابية التي انكسرت عند الغزو ولم ينطفى نورها إلي الآن؟ هل لاح أمام عينيه وجه الشاعر لوركا الذي كتب " كيف لهذا الموت أن يحدث تحت ضوء القمر؟" وأعدموه بالرصاص في 1936؟ أم أن الوقت أسعفه فقط ليستصفى من الذاكرة المضطربة ضحكات أحفاده الصغار؟. الآن، لن نعرف أبدا الكلمات الأخيرة التي تبادلها السوري العظيم مع البرابرة، كما أن أحدا لم يعرف أبدا كلمات سقراط الأخيرة حينما خيروه بين الموت أو التنكر لأفكاره فاختار الموت دفاعا عن الحياة.
إن انتشار داعش وتضخمها وحجم معداتها وتنظيمها ومصادر تمويلها يطرح السؤال التالي: هل حقا تعجز واشنطن عن معرفة كل ذلك أو شيئا منه وهي التي أظهرت قدرة تجسس مدهشة حتى على الهواتف الشخصية لرؤوساء الدول الأوربية ؟! أم أن واشنطن تعلم وتمول وتحتاج داعش وتصمت؟ في هذه الحال هل أننا نواجه بربرية داعش حقا؟ أم أننا نواجه همجية ووحشية القرن الحادي والعشرين بكل تطوره في سياقه الرأسمالي الأمريكي؟. أظن أنه آن الأوان لكي ندرك أن البربرية والهمجية هي صناعة اليد التي تحرك الدمية من وراء الستار، ثم تلعن الدمية في العلن! ذات مرة قال تشرشل رئيس الوزراء البريطاني : " أخشى أن نعود إلي عصر الكهوف على أجنحة العلم الحديث". وهذا ما يخطط له الغرب الاستعماري، أما خالد الأسعد فإننا نحتسبه في النور الذي نشره طه حسين، وعبد السلام العجيلي، وقاسم أمين، ونجيب محفوظ، وغيرهم من مصابيح الثقافة والحرية والإبداع ، وبذلك النور سترد سوريا وشعبها كل أمواج الظلام عن أرضها وحضارتها.

***
أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألف عام وعام عربي روسي
- سطور ملهمة من سجن النساء المصريات
- مظفر النواب .. الشاعر المتمرد
- قناة السويس والانذار الروسي
- أوراق فكرية أم أوراق مالية ؟
- أرى النور أحيانا
- في وصف البنات من - القمرة - إلي - المزة -
- أين برنامج وزارة الثقافة المصرية في الحرب على الإرهاب؟
- يوسف القعيد .. الثقافة والشعب
- الجسر الذي شيدته فاليريا كيربتشنكو
- محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-
- نريد مليونية لخلع الفقر في مصر
- مجموعة أمير زكي - خط انتحار-
- سأفتح الباب وأراك يوما - قصة
- الصبي الذي يأكل الماء - قصة قصيرة
- الوعي الفني والوعى السياسي
- أسئلة حول عملية العريش الأخيرة
- شيماء الصباغ شهيدة مصر
- شارلي إبدو.. ضمير أوروبي
- المسرح القومي بيحلم لمصر


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - السوري العظيم .. خالد الأسعد