أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كاظم فرج - عن قصيدة النثر : ثالثة ورابعة















المزيد.....

عن قصيدة النثر : ثالثة ورابعة


سلام كاظم فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 16:26
المحور: الادب والفن
    


عن قصيدة النثر: ثالثة ورابعة...

سلام كاظم فرج
في إلتفاتة رقيقة وكريمة من الشاعرة رسمية محيبس تناولت في مقالة لها نشرت على صفحات جريدة الزمان الغراء بعض آرائي في ما سمي بقصيدة النثر..ركزت فيها على الاراء الواردة في مقالتي الموسومة بـ ( مدى قصيدة النثر لانهائي..).. والمنشورة على صفحات الحوار المتمدن الغراء. وإني إذ أتفق مع معظم الرؤى والافكار التي طرحتها الشاعرة الفاضلة .. أجد من المناسب إعادة التوكيد على حقيقة مهمة ينبغي أن يلتفت إليها كل الشعراء الشباب الذين يخوضون غمار تجربة الكتابة في هذا المضمار الجميل .. أعني كتابة نصوص تتوخى الانتماء الى (قصيدة النثر..)..
تلك الحقيقة تتلخص بما يلي:
1
إن الشعرية تأتي في آخر سلم إهتمام كاتب النص.. بل قد يسبقها كسر الشعرية !
2 الشحن الشعري كمصطلح يختلف تماما عن الشعرية.. والشحن هنا يشبه تماما الداينمو الذي يولد الكهرباء.. والمتلقي هنا لا ينتظر شعرا.. بل مفاجأة ذهنية ورؤى فكرية جديدة..وشحذا للفكر وليس للعاطفة.. وإنبهارا عالي القيمة منقطع العلاقة مع المتنبي والجواهري .. عظمة المتنبي والجواهري تكمن في صب الافكار العظيمة في قالب معروف متاح ومتيسر ومتفق عليه.. الجواهري يمنحك أكثر الافكار رقيا وفق أكثر الالحان عذوبة وهو مقيد بل مصفد ببحور الفراهيدي.. كذلك هو شأن كل شعراء العربية العظام الذين نعرفهم..
لكن كاتب قصيدة النثر لايتوخى العظمة او الفخامة او الجزالة.. لأسباب كثيرة مهمة.. منها.. إن لغته لا تستطيع أن تهضم وتمثل ماكانت تهضمه وتمثله ذائقة شعراء الجاهلية والعصور اللاحقة حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.. لذلك نجد إن الجواهري يمثل معجزة القرن العشرين في قدرته على ذلك الهضم وذلك التمثيل . ويمثل الاستثناء لا القاعدة.. وإن سألتني عن شوقي والرصافي والزهاوي والبارودي وحافظ ابراهيم.. لقلت وبالصدق كله .. إنهم مثلوا النزع الاخير للقصيدة العمودية.. فمهما بالغنا في توقيرهم فليسوا سوى عيال على ماسبقهم.. وهنا لست في معرض التقليل من شأنهم .. بل لتوصيف حالة .. فالبون شاسع بين لغتنا الأم وما نحن عليه اليوم.. والفصحى التي نعرف مهرة صعبة القياد.. بل غير متاحة تماما للجميع بما فيهم الشعراء.. وجوهر تفاخر شعراء قصيدة العمود يكمن في قدرتهم على المواصلة وليس على التجاوز.. حتى وإن شاب هذه المواصلة لهاث التعب والافتعال.. والذنب لا يقع على أي منهم.. فالبون شاسع جدا.. والمسافة الزمنية التي تفصلنا عن المتنبي والمعري والتغيرات التي حصلت على اللغة المحكية هائلة..من هنا تأتي حقيقة الحاجة إلى ولوج جنس أدبي بديل.. قادم من الغرب ..بدأ بالشعر الحر على يد السياب ونازك. وانتهى بما يسمى جزافا بقصيدة النثر والذي بدأ على يد حسين مردان (النثر المركز..). وترسخ بيد الماغوط. ألذي أجده زعيما لهذا النمط من الكتابة بلا منازع.. أما أدونيس فمعظم قصائده المهمة كتبت وفق معايير الشعر الحر ..
3 تسأل الشاعرة رسمية في مقالتها. هل كانت قصيدة الماغوط ناقصة أم هي عبارة عن قنابل موقوتة كان يفجرها الشاعر؟؟ ..
من ضمن المواصفات التي أوردتها في أكثر من مقالة كنت أكرر حقيقة إن قوة قصيدة النثر تكمن في نقصانها.. وعدم قولها كل شيء.. عكس ما كان يفعل كل من طرفة وزهير والمتنبي والمعري والجواهري وعبد الواحد والسماوي يحيى... هذا النقصان والفراغات المتروكة سمة مهمة من سمات قصيدة النثر.. تلك الفراغات قد تكون نقاطا مهملة في وسط النص.. او مساحة بيضاء .. او قد تكون فكرة ناقصة مجهضة.. يجهضها السارد متعمدا لتعبر عن فكرة مضمرة أخرى على القاريء أن يبحث عنها ..ولكي أقرب الفكرة ولا قياس.. نجد في قول الامام علي عليه السلام في خطبته الشقشقية /هيهات يا إبن عباس قطعا صارما للخطبة.. لكنه قطع فاعل ومؤثر.. يجعل المتلقي يتحسر على انتهاء الخطبة على هذا المنوال.. لكنه يكتشف بعد حين أن القطع كان أبلغ من الاستمرار !!.. وهنا يأتي السؤال.. وهل نملك بعد اليوم أو هل كنا نملك في أي يوم بعد علي بليغا يمكن أن يدهشنا بجزالة لغته وجبروت امتلاكه لناصية البلاغة هيهات..
وإذا عدنا الى الشاعر الكبير محمد الماغوط.. أقول نعم.. لعلك تتفقين معي سيدتي ان الماغوط كان يعتمد الادهاش والابهار اكثر مما كان يعتمد الصور الشعرية. عبقريته تكمن في قوة الفكرة والإيجاز في رسم الصورة.. كانت سطوره أشبه بالقدرة على الفتك بخصومه!!( وهنا لا أعني خصومه من الشعراء.. بل من السياسيين الطغاة والمستغلين).. ولذلك قال له الشاعر الخالد محمود درويش ذات يوم.. إنك تحيرنا وتربكنا وتذهلنا...
ذلك لأن درويش يعرف أن الشعر العربي أما ان يأتي وفق قوالب العمود الشعري المعروفة او وفق ما توصل اليه كبار شعراء قصيدة التفعيلة.. اما ما يقدمه الماغوط.. فليس شعرا.. بل سحرا جديدا بقينا وسنبقى حائرين بشأنه هل هو فن يؤثر . ام محض إبداع ملهم عبقري .؟.وهل هو فن طريف.. ام فن تليد؟.. لا شك اننا نتفق انه فن حديث وردنا عن طريق الترجمة.. ومهما بالغنا في أصوله العربية كالرجوع إلى خطبة قس بن ساعدة..( ليل داج. وسماء ذات أبراج..) فلن نصل الى شيءمهم..
4 أتفق مع الشاعرة الاستاذة رسمية محيبس في بعض تناقضات وقعت فيها وأنا أتناول موضوعة النص المفتوح وقصيدة النثر وإنكار الشعرية فيها . حين كنت أكرر قولي إن قصيدة النثر ليست من الشعر في شيء وكتاباتي النقدية عن نصوص وجدت فيها شعرية محببة.. بل أنني استطيع أن أزعم أن لي نصوصا كثيرة منشورة وغير منشورة تنتمي لهذا الجنس الادبي الجميل.. وهنا لا أملك الا القول ان الشعرية ينبغي أن تظل في آخر اهتمامات كاتب هذا الجنس الادبي.. لأن من أهم سماته الإبهار. الإدهاش بعيدا عن الوزن والقافية .. بل من خلال الشحن الشعري.. والتلويح بالشعر لا قوله !! والتلويح بالفكرة الفاعلة والهائلة لا شرحها.. والتلويح.. كما يفعل الأحبة عند الفراق وفي الموانيء بالمناديل.. فتلك ميزة النص المفتوح الذي لا ينتمي بأية حال الى أي موروث عربي او إسلامي .. بل هو نتاج مخاضات مرت بها المجتمعات الغربية وها نحن نمر بها ايضا.. ولو رجعنا الى اهم رواد هذا الجنس الادبي بودليرعلى سبيل المثال لوجدناه كاسرا للشعر وليس أبلغ من عنونة ديوانه أزهار الشر مثالا على كسر ما تعارف عليه الرومانسيون من قبل ومن بعد..
5/ بقي أمر مهم يتعلق بقول الماغوط : لايهمني مايقال عني.. وسواء عندي إن قيل .. محمد الماغوط شاعر ام كاتب نصوص!!
هذا القول المهم يعتبر البيان الاول لحركة قصيدة النثر العربية.. ولذلك أجد نفسي أضحك كثيرا حين أرى زميلا يكتب في هذا المضمار يرى نفسه أشعر من شعراء مهمين ومعروفين يكتبون القصيدة العمودية.. جاهلا إن المضمار مختلف.. والمعايير مختلفة. وإن تواضع الماغوط.. وهو المبدع الكبير لايعكس مجرد تواضع.. بل لتثبيت حقيقة إن الامر مختلف جدا وليس ثمة علاقة او وشيجة بين الطائفتين فأولئك شعراء وهؤلاء على لائحة الانتظار ينتظرون تسمية تليق بفنهم الساحر!..

كلي امتنان للشاعرة المتميزة الاستاذة رسمية محيبس التي أتاحت مقالتها كتابة هذه الرؤى في معرض ردي عليها حيث أجدها مفيدة وقابلة للنقاش وليست نهائية.. فالعصر لا يتحمل الافكار النهائية.. وكلنا يتعلم على سبيل النجاة.. انما نحن نحاول الارتقاء بالذائقة او نموت فنعذرا!!!



#سلام_كاظم_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفات ذاكرة كانت جميلة
- ربة القبعة... قصيدة
- عادل إمام واليسار المصري
- سعدي يوسف / قصيدة نثر
- إنثيالات من واقع صديء
- إنطباعات حول ديوان الشاعرة العراقية سحر سامي الجنابي (على جن ...
- حين تكون الكتابة ممرا للوضوح/ وقفة مع الجزء الثالث من كتاب ا ...
- الحق أقول لكم
- قداس لوردتك , ايتها المرأة
- قواميس النص المفتوح
- خرافة كثرة زوجات الامام الكاظم (ع)
- انطولوجيا القصة البابلية
- رميت الورد
- عن الذين يبحثون عن الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن
- حكم الأزمة.. قراءة التأريخ من منظور معاصر
- لكي نفهم السيد أحمد القبانجي جيدا
- النوم في عسل الذكريات
- سوريا الأمس/ فصة قصيرة
- سوريا الأمس/ قصة قصيرة
- مطارحة أحمد القبانجي النقد


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كاظم فرج - عن قصيدة النثر : ثالثة ورابعة