|
عن القراءة ، والجمال الذي لايشيخ
اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 23:29
المحور:
الادب والفن
ـ أسماء محمد مصطفى
فتاة من الجيل الجديد ، تهتم بماكياجها ومظهرها والموضة وهاتفها الجوال والأنترنت والترفيه فقط ، انتقدت زوجين شابين يهتمان بالقراءة ولديهما مكتبة في البيت ويعملان في مجال بيع الكتب متصورة أنّ حياتهما مجرد قراءة وكتب فقط قائلة إنّ حياة كهذه تكون مملة وخالية من الترفيه . لاشك أنّ في حياة هذين الزوجين أموراً أخرى غير الكتب ، فإهتمامهما بالقراءة والمكتبات لايعني أنهما لايهتمان بالأمور الأخرى كالترفيه والتجديد ، ذلك أنّ الحياة على وتيرة واحدة وبلاتنوع يمكن أن تخلق الرتابة في النفس ، ولكن تلك الفتاة تجهل مايمكن أن تغيره الكتب في حياتها إن هي فكرت في تصفح كتاب ، لتدرك كم من الجمال والترفيه يكمنان في تلك الكنوز الورقية . ذكرني رأيها بموضوع قصير جدا قرأته في طفولتي ، عن فتاة كان كلّ همها أن تكون ملكة جمال ، ولكنها بعد أن قرأت الكتب واكتشفت جماليات الحياة التي تحملها بين أغلفتها وثقفت نفسها وأنارت عقلها بالأفكار العميقة ، قالت إنها لم تعد مهتمة بأن تكون أجمل الجميلات في العالم . الجيل الجديد ، معظمه لايقرأ الكتب خارج المناهج الدراسية ، وإن قرأ فمصادر قراءاته شبكات التواصل الاجتماعي ، والأمور التي يقرأها ، لاندعي بأنّها لاتنفع ، وإنما أحيانا كثيرة هي عبارة عن أفكار سريعة ، تتعلق بأمور سطحية اومكررة او مخطوءة أيضا ، ولغتها غير دقيقة ومليئة بالأخطاء ، ولاتدعو للتأمل والتفكير ، بينما القراءة في كتاب تفتح الذهن وتعمل على توسعة الأفق بما توفره من مجال خصب للتخيل والتأمل والاستنتاج في ظل الهدوء والخلوة اللتين تتطلبهما ، فضلا عن أنها قراءة لاتستوجب السرعة والعجلة ، مايمنح القارئ مجالاً ليفكر ويحلل ويتوصل الى قناعات ونتائج معينة . ومثلما القراءة تزيد من المعلومات بمايجعل القارئ يمتلك قاعدة معرفية تجعله أكثر ثقة بنفسه حين يجالس المثقفين ويستمع اليهم ويشترك معهم بحواراتهم ، فلايشعر بأنّه أقل منهم ، فإنّها ـ أي القراءة ـ تحسن من اللغة ، وتطور ملكة الكلام لدى صاحبها ، إذ تكسبه مفردات جديدة وتصبح كلماته أجمل وأثرى وأدق وبذلك يتمكن من إيصال أفكاره بسلاسة . القراءة ، تفتح بوابة لعالم واسع الجمال ، لايمكن أن يدرك الإنسان مايحمله من دهشة إلاّ إذا تشجع ودخل اليه بلا دعوة ومن غير أن يطرق البوابة ، فهي مفتوحة على الدوام لمن يود زيارة هذا العالم ليكون جزءاً منه وليس ضيفاً . ففي هذا العالم القرائي ، نتاجات عقول وقلوب ، فيها ماتشاء الفتاة من مواد تجميل ولكن للعقل والروح ، وهي بذلك مواد لاتحمل المعنى الحرفي للماكياج ، وإن كنت اعتقد بأنّ الماكياج ليس لتجميل القبح وإنما إبراز الجمال وزيادة إشراقته ، كذلك التجميل الذي تقدمه الكتب يتجاوز الجمال المادي الى الروحي الذي هو أشمل وأغزر بتأثيره وأكثر خلوداً ، فجمال الروح والعقل لاتهدده التجاعيد التي تغزو الوجوه ، والكلام يعني الرجال كما النساء . في هذا العالم القرائي ترفيه أيضا ، فثمة كتب تسعدك وأنت تقرأها ، ولاتود أن تتركها بل تعود لقراءتها مجدداً ، وإن كنت صاحب مخيلة فإنك ستحول الكلمات التي تقرأها الى صور فنية ومشاهد سينمائية في ذهنك ، وذلك يشعرك بأنك تشاهد لوحة فنية او فيلما جميلاً . في هذا العالم القرائي لاوجود للضجر ، فأنت مع كل عبارة تقرأها في كتاب ، وبتنقلك من كتاب الى آخر ، تجد أفكاراً جديدة تنساب الى رأسك ، وصوراً متجددة تتشكل في ذهنك ، ومشاعرَ متنوعة تنثال على قلبك ، وهذا يناقض الجمود والروتين ، وبذلك يمتلئ وقتك وذهنك بمالايسمح للملل بالمكوث عندك . فبالقراءة لن يكون يومك مثل أمسك ، ولاغدك مثل يومك ، مع هذه الرحلات المستمرة والمحطات غير المتكررة والقطارات المختلفة الكثيرة التي تستقلها في سفراتك القرائية الى أعماق الجمال الذي لايشيخ .
#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)
Asmaa_M_Mustafa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرواتب .. خط أحمر أم أسود ؟!
-
قصة قصيرة : نقطة
-
الإرهاب ضد المرأة
-
تجربة القراءة .. رحلة حياة
-
سبعة أعوام من رحلة تعزيز الموروث الثقافي
-
من حياتي : درس بحرارة الماء
-
لمناقشة قضايا المرأة وحقوق الإنسان والأقليات .. هناء أدور في
...
-
رحلة الألف ميل من المحبة .. تبدأ بنبضة واحدة / تجربتي .. مع
...
-
أفكار في سطور(2)
-
معرض Sama Asma للإكسسوارات تحت شعار المحبة والجمال والسلام ف
...
-
الموروث الثقافي العراقي وحمايته من الضياع .. في جلسة حوارية
-
أبجديات الصحافة : مواصفات الصحافي الناجح *
-
أطفالُ الحروب .. كثيرٌ من العنف .. كثيرٌ من الحب
-
أفكار في سطور
-
قرار المرأة .. والفضاء الظلامي الخانق
-
الموعد
-
الموروث الثقافي المادي وغير المادي للعراق وأهمية تعزيزه وحما
...
-
اللوحة الأخيرة
-
وكالة أنباء فيس بوك !!
-
الباحث الموسوعي عبد الحميد العلوجي .. مسيرة عطاء وشهادات بعط
...
المزيد.....
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
-
منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا
...
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|