|
مكانة عرب إسرائيل وواقع الحال ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4846 - 2015 / 6 / 23 - 17:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتبَ لي الزميل عبد الحكيم عثمان ما يلي "على حد علمي انك من عرب ال48 في دولة اسرائيل-اتمنى ان تكون هذه المعلومة صحيحة- ما اطلبه منك-وكما يقال اهل مكة ادرى بشعابها- ان تقدم لنا في مقال لو سمحت عن دولة اسرائيل وديموقراطيتها وتعاملها مع عرب ال 48- فهناك على هذا المحور من يشيد بدولة اسرائيل وديموقراطيتها ". بداية أشكر الزميل عبد الحكيم على ثقته الغالية ، مع العلم بأنني لستُ الوحيد الذي يكتب في الحوار من فلسطينيي 48 أو عرب اسرائيل إن شئتم ، والأهم من ذلك ، أشكره على رغبته الصادقة في معرفة الحقيقة من أهل الشأن ... أو من مصادرها الموثوقة . وبداية أود ألقول بأنني كتبتُ أكثر من مقال عن "عرب إسرائيل " وعلاقتهم الجدلية بالدولة ، فهم من طرف مواطنون يحملون جواز السفر الإسرائيلي ، ومن جهة أخرى فهم أبناء الشعب الفلسطيني ،"يغضبون ، يحزنون ويفرحون معه " ، وليس الامر نابعا من تضامن انساني فقط ، فلكل عربي فلسطيني في اسرائيل ، أقارب من الدرجة الأولى على الطرف الآخر. ويقع الاخوة الذين يُسّبحون بحمد الديموقراطية الإسرائيلية ،في خطأ ساذج ، حين يقولون بأن دولة اسرائيل تتعامل مع مواطنيها العرب بإحترام وتكفلُ لهم الحقوق (حق الانتخاب ) ،وذلك لأنها دولة "لطيفة " وتحمل مشاعر إنسانية تجاه السكان العرب ..وخطأُهم الأساسي هو ، بأنهم يفترضون بأن الديموقراطية الإسرائيلية هي ديموقراطية أثينية ، ديموقراطية للأسياد ودكتاتورية للطبقات الأخرى ، أو بأنهم يفترضون بأن الديموقراطية الإسرائيلية هي ديموقراطية للبيض وعبودية للسود ، كما في نظام الأبرتهايد البائد في جنوب أفريقيا ..!! الديموقراطية الاسرائيلية هي ديموقراطية برلمانية ، تعتمد مبدأ "إنسان واحد وصوت واحد " ، فهي ديموقراطية للمواطن ، وليست ديموقراطية لليهود ، حتى يتباهى المسبحون بحمدها ، بأنها تُعامل "رعاياها " العرب ، بإنسانية!! الديموقراطية هي ديموقراطية لكل المجموعة البشرية التي تحمل مواطنة هذا الكيان أو هذه الدولة ... هذا أولا وقبل كل شيء .. فالديموقراطية ليست منةً من أحد لأحد ، إنما هي حق اساسي من حقوق المواطن ، دون فرق بين لون ، جنس أو دين . والديموقراطية الإسرائيلية تهدفُ في المقام الأول والآخير إلى حماية الدولة ، والى ضمان تداول سلمي للسلطة بين جميع مركباتها المتناقضة ، فالديموقراطية حماية للدولة ووقاية لها من حروب داخلية .. خاصو وأن المنظمات العسكرية التي حاربت قبل قيام الدولة ، كانت لها توجهات سياسية مختلفة .. فالديموقراطية لم تأتِ من أجل عيون العرب ، فلم يكن من المتوقع ان يبقى عرب في حدود الدولة ، بل من اجل حسم الصراع داخل المجتمع اليهودي بالوسائل البرلمانية .. (رغم حصول تمرد عسكري في الايام الاولى للدولة تم قمعه بالقوة ) .. نعم ، عرب إسرائيل يَنتخبون ويُنتخبون لمؤسسات الدولة المنتخبة ، مثلهم مثل أي مواطن آخر . ثانيا ، لم يأتِ عرب اسرائيل لاجئين الى الدولة ، بل الحقيقة بأن الدولة أتت اليهم .. فهم كانوا في بلادهم قبل مجيء الدولة اليهم .. وتحولوا الى مواطنين ، وربما رغما عن انوفهم !! لكن يبقى السؤال الكبير ، هل يحصل عرب اسرائيل على مساواة تامة مع غيرهم من المواطنين اليهود ؟ الجواب هو لا ، قاطعة . فمؤسسات الدولة الرسمية تعترف بأن الجماهير العربية تعرضت وتتعرض لتمييز ضدها وبشكل مُمنهج منذ قيام الدولة وحتى يومنا هذا . ويظهر هذا التمييز في الميزانيات المخصصة للعرب مقارنة بالميزانيات المخصصة لليهود وفي كافة مناحي الحياة ، ناهيك عن الفجوة الكبيرة بين اليهود والعرب والتي نتجت عن تمييز ممنهج ضد العرب ومنذ قيام الدولة . وتتجلى سياسة "الخنق " بحق الجماهير العربية ، في سياسة تخطيط المدن والقرى .. ففي حين تتم مصادرة الاراضي العربية وفي النقب مؤخرا ، لصالح بناء قرى جديدة لليهود . كما في مثال قرية العراقيب البدوية في النقب التي قامت السلطات بهدمها اكثر من سبعين مرة !! التمييز يشمل كل مناحي الحياة : التعليم ، البنى التحتية ، العمالة ، العمالة في المؤسسات الرسمية ، الصحة ، التخطيط ، القضاء و..و..و.. خضعت الاقلية العربية لحكم عسكري مُباشر من قيام الدولة وحتى سنوات السبعين من القرن الماضي ، ومنذ ذلك الحين وحتى أيامنا هذه ، حدثت تغيرات على مستوى معيشة المواطنين العرب .. فبعد أن كانوا محاصرين في قراهم (كما في الضفة الغربية حاليا ) ، حصلوا على حرية الحركة والعمل ، الامر الذي أدى الى تحسن مستوى المعيشة .. نعم ، من يريد مقارنة أحوال عرب اسرائيل بأحوال الأزيديين في العراق تحت حكم داعش ، أو أوضاع الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في اليرموك ومخيمات لبنان وفي سائر بلدان الشتات وبلاد الاعراب ، أو يُقارنُ بين الحريات الفردية التي يكفلها القانون الاسرائيلي وبين الحريات الفردية في السعودية ، سيصل الى استنتاج بأن "وضع عرب اسرائيل في العلالي " .. لكن من يقارن وضع المواطن العربي الاسرائيلي بوضع المواطن اليهودي الاسرائيلي سيصل الى نتيجة واحدة لا مفر منها ، وهي : يُعاني المواطن العربي في اسرائيل من تمييز ضده في كافة مناحي الحياة .. ولا بد لي من القول ،بأن مُقارنة اسرائيل بأنظمة التخلف العربية هو إهانةٌ كبيرة لاسرائيل ، وليس تمجيدا أو تسبيحا بحمدها . !! وليس التمييز مقصورا على العرب ، فاليهود الاثيوبيون يخوضون في الاونة الاخيرة نضالا شرسا ضد سياسة التمييز ضدهم ، وبالأمس فقط خرجوا في مظاهرة صاخبة ، تخللتها صدامات مع الشرطة ن في مدينة تل ابيب .. ولليهود الاثيوبيين قصة طويلة ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أُوباما : أسود وخفيف !!
-
الكُنى والأسماء المُستعارة
-
وحَطِّمِ آلأصنامَ تحطيماً ..!!
-
بين الفخر والإزدراء ..
-
ثقافة السرقات الادبية ..!!
-
لآقْعُدْ على دربك ..وآرُدك ..!!
-
-قوميسارة- الادب والفن ..!!
-
المجرم الضحية
-
التطرف القومي والأوغاد ...
-
ألديك والحِمار ..
-
ألبومات النصر ..وذاكرة نكسة ..
-
مِنْ -فضل آلرحمان - ..
-
ألسيوطي والكاماسوترا ..
-
مُجتمع الرجولة ، الكرامة والشهامة ..!!
-
مسيرة -الشرموطات - في القدس .. والنقاب !!
-
ألعجوز والتيه .. قصة قصيرة
-
أين ألنِساء ..؟
-
جون ناش -والعقل الجميل -..
-
Shamingشيمينغ..
-
مرثية لتدْمُر الكوسموبوليتية والمُتسامحة ..
المزيد.....
-
بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا
...
-
واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية
...
-
مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري
...
-
الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني
...
-
حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه
...
-
ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
-
بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و-
...
-
الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ
...
-
حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة
...
-
أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|