أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - الفن ضوء كاشف لخرافة السياسة .. تداعيات السفر















المزيد.....

الفن ضوء كاشف لخرافة السياسة .. تداعيات السفر


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4834 - 2015 / 6 / 11 - 13:26
المحور: الادب والفن
    


كنا نعبر بحر البلطيق نحو "تالين" ، وكانت العبّارة التي تقلنا عبارة عن مدينة من المرح والسهر والموسيقى لركابها الكثيرين ، وكان العالم في ليل البلطيق شابا يتحدى الموج والسهر ، ويصغي الى موسيقى الفرقة الكوبية " نيو كومبامار " التي تملأ مسرح العبارة موسيقى ورقصا جميلا بكل حيوية الشعب الكوبي و امريكا اللاتينية واصداء جبال الأنديز وموسيقى "الأنكا" من قمم جبال تشيلي .
البحر والموسيقى
كنا نقتسم الكابينة انا وصديقي واستاذي الكبير " فكري بشير" وهو اصغر الأخوة للموسيقيين الكبيرين منير بشير وجميل بشير " وكنا متوجهين الى عاصمة استونيا في دعوة من المايسترو الكبير" تامال خيلر" الذي قاد الفرقة السمفونية العراقية في نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي .
كانت معنا روح جميل بشير بكل تقنياته الموسيقية وروحه المتجددة التي انعكست على حركة موسيقية مهمة خلال الخمسينات والستينات واثمرت مزيجا متنورا من البنية اللحنية الحديثة. وكان معنا منير بشير بفنه وامسياته الموسيقية المعروفة كما اخذنا الحديث الى مدرسة الموسيقى والباليه البغدادية والفرقة السمفونية العراقية وتجارب استقدام القادة الأجانب لقيادة الفرقة خلال مواسمها الكلاسيكية في قاعة الخلد ببغداد في ستيسنات القرن الماضي.
وبرغم ان الفنان والأستاذ فكري بشير مقل في الحديث الا انني تعمدت ان استدرجه ليروي عن طفولته في الموصل وعلاقته بأخية الأكبر الفنان جميل بشير الذي يحبه ويحترمه ويقدر منجزه الفني .. وعن علاقته بمنير بشير وعملهما معا ثم عن تجربة فكري بشير في دراسة الموسيقى الأتحاد السوفيتي
وعن لقائه بالعازفة والمؤلفة الموسيقية " اكنز بشير" واقترانهما وعودتهما الى العراق .. وعن الموسيقى في ليل بغداد .. وكانت استعادات نادرة من الحديث والتذكر .
وحين تحدثنا عن السياسة والرقابة والفن ، حضر الى ذاكرتينا الفنان السوفيتي الكبير " ديمتري شوستاكوفتش" وموهبته التي احتالت بكل وسائل التعبير لتطلق لوحات موسيقية معبرة خلال الفترة الستالينية ، عابرة تأويلات الرقابة وحذر السلطة من ان تكون الموسيقى صورة لمعاناة الشعب ومواقفه كما حاول شوستاكوفتش في سمفونيتيه الخامسة والثامنه او كما عبر عن ارادة ذلك الشعب في سمفونية النصر " لينينغراد" .. وكنا نتفق في كل مرة انا والأستاذ فكري على ان الموسيقى ضوء داخلي كلما حاولت قوة ان تخفيه وجد مسارب لأشعته وانعكاساته من اماكن وكوى لاتعرفها الرقابة الفظة ..
تالين .. روح البحر
وحين بلغنا تالين اول الصباح ، كان الفنان الكبير " تامال خيلر" يستقبلنا بحيوية الشاب الرشيق وان تجاوز السبعين من العمر عند بوابة الميناء ، وبروح الفنان الرياضي المتجدد قادنا الى منزله في ضاحية قريبة من ضواحي العاصمة، غير اننا طوال الطريق كنا نتأمل منجزات الأقتصاد الجديد في استونيا الخارجة من تحت عباءة الأتحاد السوفيتي السابق ، ونتحدث عن " اوهام بوتين واوهام الغرب" .. والتفت الي ونحن نستعد للنزول من سيارته قال " لاتستغرب ان قلت لك ان الحرب قادمة من بحر البلطيق الى بكين " .. ثم هبطنا من عربته واصداء جملته الغريبة تتردد.
وعلى مائدة افطار بسيطة من القهوة والبسكويت والفاكهة رحنا نتابع الحديث .. قلت : " كنت اظن ان امريكا تعيد النظر بمنهجيتها ازاء الشعوب بعد حروبها المدمرة في فيتنام وافغانستان والعراق لتتغير وتتعلم الأنحياز للشعوب .. ويبدو ان اوهامها اصبحت اسطورية وخرافية برغم الثمن الباهض الذي تدفعه من قدراتها وسمعتها الدوليين "
قال السيد خيلر : نحن الموسيقيين نؤلف ونعزف ونقود الفرق الكبيرة وكل مانفعله هو انعكاس لأحساسنا بأزمات العالم وماتجره السياسة الأمريكية العالمية على دول الناتو والأتحاد الأوربي من تبعات خطيرة.
قلت : ولكن يقابل ذلك مااصلح عليه في الأعلام الغربي " خرافات بوتين" وهو تعبير يؤطر صورة احلام بوتين الجديدة المقابلة لخرافات الغرب، من خلال دخول جورجيا سابقا وضم القرم وتحديات شرق اوكرانيا .. وكل تلك التصرفات تعبير عن تلويحه بأعادة الأتحاد السوفييتي القديم.
ضحك وسألني : وكيف يصف الأعلام الغربي " خرافات بوتين" ؟
قلت : انهم يرون ان بوتين يتوهم ان فوزه بالأنتخابات اشارة تعطيه الحق بالرئاسة الروسية مدى الحياة ، وانه يحلم بأستعمال مصادر الطاقة الروسيه كأسلحة سياسية ضد الغرب وامريكا و انه يعمل على اعادة انتاج الأتحاد السوفيتي من خلال اظهار روسيا كضحية من ضحايا التاريخ كما يرون انه يظن ان فوزه بالرئاسة يلجم قوى الديموقراطية وحقوق الأنسان ولديه هو والدولة الروسية مايسمونه " هوموفوبيا" من خلال موقف روسيا من المثليين ، وانه بمناوأته للسياسة الأمريكية سيجبر امريكا على طلب " ود " روسيا وان بوتين مندفع ويتصرف كقيصر ..
قال : ياصديقي مهما قالو فأن المواجهة معهم قائمة . وان صراع المصالح والجيوبولتيك يدفع امريكا الى توسيع قائمة طلباتها من دول الناتو .. يقابل ذلك اشتغال النخبة الروسيه على متطلبات "حرب" المستقبل وهناك من يدعم ذلك ، الصين في ماتقوم به من استعدادات وتوسيع مشروعها العسكري ورغبتها بالهيمنه على جزر المحيط المختلف عليها .. وايران بطموحاتها النووية والهيمنه على دول المنطقة وثرواتها بسبب اقتراب مدة نفاد ثرواتها ومشروعها الديني واشتراك الثلاثة في رغبتهم بأقتسام الهيمنه على البحر المتوسط بالتساوي دون اية سطوة للغرب.. صمت وقال " لاتستغرب ان قلت لك ان الكثيرين من الحرس القديم يهمس لبوتين ويؤثر عليه نحو تكريس المواجهة دفاعا عن المشروع الروسي القادم "
قلت : اليوم فنلندا والسويد والنرويج و ايسلند والنرويج يقتربون من الناتو في بدء مناورات الربيع 2015 في بحر البلطيق " والذي قابلته روسيا بمنماورات مقابلة " .. وثمة همس خجول في برلمانات هذه الدول عن اهمية الأنضمام الى حلف الناتو ..
قال خيلر : الحرب قادمة ياصديقي .. وصمت
قلت له : حتى في مسابقة الموسيقى المعروفة " يورو فيشن " عام 2014 التي اقيمت في الدنمارك .. عمل الغربيون كل طاقتهم للتصويت للفنانة النمساوية الملتحية كونشيتا تتوج بلقب “يورو فيشن” 2014 وهي بالأصل شاب نمساوي متحول وفعلوا ذلك من اجل ارسال رسالة اعتراض ضد سياسة الروس ..وقد عبر سياسيون روس عن ذلك قائلين ”استياؤنا لا حدود له وأن هذه نهاية أوروبا”
قال : لم يعد النقاء السياسي الا سذاجة اليوم ويمكن استخدام كل امكانية حتى " اللااخلاقية منها " لتسقيط الخصم في سياسة البراغماتيا والقسوة وغلبة المصالح .. وتأمل قليلا وقال : انا اتذكر ليالي بغداد وامسيات برنامج الفرقة السمفونية وقمر الليل هناك والحلم الشرقي .. واقول ان الحرب هي القوة الوحيدة التي تنبت من اليأس .. وفي اذني صفارات الأنذار والحرب في سماء بغداد حين بدأت الحرب العراقية الأيرانية 1980 حيث احسست ان الحرب علامة الأحباط التي يجب ان نواجهها بأحلام الموسيقى ..
التفت الى الأستاذ فكري وقال : اعرف كم تكره السياسة انت وربما افسدنا مزاجك
قال فكري بشير : نعم كنت اعتبركما مجرد مهرجين يائسين " وضحكنا"
ثم دعانا نتأمل مجموعته من الآلات الموسيقية النادرة والتي تقدر اثمانها بالملايين والتي كان يملكها عازفون ومؤلفون من القرن الثامن عشر والتاسع عشر وتعتبر ثروة مذهلة لايمتلكها الكثيرون كما حدثنا عن البيت وبعض المال اللذان اورثه اياهما شيخ يهودي ثري معجب بموسيقاه .. وتحدث عن حديقته واشجار الفاكهة ورغبته في ان يؤلف سمفونية السلام للفرقة السمفونية العراقية ويقودها في امسية في ساحة التحرير ..
اصغينا الى الموسيقى وعزفنا انغاما شرقية طوال الوقت : وعبرنا حدود الخيال فوق كل وتر .. غير ان كل تعبير موسيقي كان اختصارا لمعاناة فكرية .. وكشفا لسر في عالم الفن والسياسة .







#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر السويدي برونو .ك. اويير : الشعر يمكن ان يغير العالم
- -الباركود- رمزنا الشريطي ام رمزنا الثقافي
- نصوص لمدن التيه
- من سفر الخروج العراقي
- أفق ٌ ميّت
- رسائل التيه والشتات
- مجرة الحزن والرماد
- الف .. لام الفناء
- بيت من الليغو
- أسم الحصاة
- الخراب
- زهايمر
- وجهان
- برج الأسى
- تحولات
- افتقدك لأغيب عنك
- اسفار الصبي
- ابحار للحظة التيه
- زهرة اليباس
- اصير نهرا وتفيض مياهي


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - الفن ضوء كاشف لخرافة السياسة .. تداعيات السفر