أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي















المزيد.....

التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي


أحمد هيهات

الحوار المتمدن-العدد: 4796 - 2015 / 5 / 4 - 01:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي

من المعلوم أن السفاهة هي افتقار العقل إلى قدراته التي بها يميز ويزن ويقيس ويقارن وينظر في الأشياء ، وهي خفة العقل بإطلاقها ، وهي مقرونة بالطيش والجهل ، وعليه فمن صفات السفيه أنه طويل اللسان ،سيئ الكلام ، قبيح الجواب ، وقد قيل :" لا تجادل السفيه فيخلط الناس بينكما " ، وقد عرف الجرحاني السفاهة في كتاب " التعريفات" بقوله : " السفه عبارة عن خفة تعرض للإنسان من الفرح والغضب فيحمله ذلك على العمل بخلاف العقل وموجب الشرع " .
كما وصف "الكفوي" السفيه في كتاب "الكليات" بأنه : " ظاهر الجهل ، عديم العقل ، خفيف اللب ، ضعيف الرأي ، رديء الفهم ، مستخف القدر ، سريع الذنب ، حقير النفس ..."، وبخلاف هذا ترى السفيه مزهوا بنفسه ، معتدا برأيه ، مطمئنا إلى رجاحة عقله ، لا يرى لنفسه مثيلا ، متجاهلا حقيقة فكره ، متناسيا جوهر أصله الذي ذكٌّر به مالك بن دينار المهلب بن صفرة بقوله :" أما أولك فنطفة مذرة ،وآخرك جيفة قذرة ، وفي ما بينهما تحمل العذرة ".
وقد تابع المغاربة ما جرى على مسرح البرلمان بين ممثلي السلطتين التنفيذية والتشريعية بمشاعر متضاربة تتراوح بين الأسف والحسرة بسبب تردي السياسة المغربية في حمأة الإسفاف والابتذال والميوعة والسفاهة ،أو مشاعر الغيظ والحنق بعد الهجوم الذي شنه رئيس الحكومة بلا هوادة ضد المعارضة التي وصفها بالسفاهة والكيد والمكر ، أو مشاعر الغبطة والسرور بفضل الاعتبار الذي ردّ لحزب المصباح بعد تجاسر المعارضة وجراءتها على الربط بين الحزب الذي يقود التحالف الحكومي وداعش وجبهة النصرة والموساد الصهيوني .
ومع دخول السيد رئيس الحكومة في جدال مع من وصفهم بالسفهاء والرد عليهم فإنه ليس سفيها غير أنه لم يكن حليما ولا حكيما لأنه لم يرقب قول الإمام الشافعي :
يخاطبني السفيح بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
وقوله رحمه الله :
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت
فإن كلمته فرجت عنه وإن خليته كمدا يموت
وإذا كان الأمر كذلك فإن السفيه الحقيقي هو من سيصوت في الانتخابات المقبلة على سياسيين من هذا القبيل ،ودون الحصول على ضمانات من شأنها إعادة إحياء السياسة المغربية التي شاع عنها من القصور والميوعة في الآفاق ما قد صار سمرا بين الرفاق ، ودون الحصول على مؤشرات حقيقية لإنتاج مؤسسات منتخبة تقدم مصلحة الوطن والمواطن على إرضاء الأطراف القوية النافذة حتى يعمر نزلاؤها طويلا على أرائك المجالس النيابية متقابلين ، وعلى الكراسي الوثيرة مستلقين في مكاتب المسؤولية غير الملتزمة بمصلحة البلاد ورقابة الضمير وتوجيهات الوطنية . ولكم يحز في النفس الحديث عن المشاركة السياسية باعتبارها قرينا للسفاهة خصوصا وأن شعوبا وجماعات عرقية قد قدمت في سبيل الحصول على حق التصويت الدماء الزكية والأرواح المحرمة ، ولم تنله حتى ركبت كل صعب وذلول وما تجربة السود في أمريكا بقيادة مارتن لوثر كينغ منا ببعيد .
والسفيه كل السفه من لا يصدق أن الحكومة قد " ورّاتنا من الرّبح قنطار وهربات لينا براس المال " وذلك من خلال الاصلاحات الكبرى التي " دشّنتها " مما ساهم في إخراج البلاد من عنق الزجاجة ، ومصالحة الملايين من المغاربة مع السياسة وخاصة الشباب ، وفي استعادة التوازنات الماكر واقتصادية ،واسترجاع سيولة مهمة من الأموال المهربة ، والحد من إشكالية المديونية وانتاج وضعية اقتصادية سليمة ، بيد أن الواقع يكذب كل ذلك ويؤكد عكسه تماما ، إذ لم يلمس المواطن المغربي البسيط تحسنا في الخدمات ، ولا نزاهة في القضاء ولا استقلاليته عن باقي السلطات ، كما أن التعليم يزيد تعثرا وتراجعا وسوءا ، والصحة عليلة تكاد تلفظ أنفاسها ، والنقل والتجهيز يزيد دموية وقتامة وسوداوية ن والتشغيل عاجز عن خلق فرص جديدة بل عاجز عن المحافظة على القديمة ...أليس من السفه تصديق كلام الحكومة الطوباوي الحالم وتكذيب الواقع المادي المرير الملموس .
والسفيه إلى درجة الحجْر من تلدغه الحكومة بكل هذه الزيادات في المحروقات والماء والكهرباء ومعظم المواد الغذائية وغيرها من الزيادات وجمود الأجور ولا يبعث ذلك في نفسه ضرورة الرفض والاحتجاج على ضرب القدرة الشرائية والتوغل في تجفيف جيوب المغاربة الخاوية ، وقتل الأمل في نفوسهم جاعلة وراء ظهرها كل العهود العسلية والوعود العرقوبية التي تكسرت على جدران الإكراهات الاقتصادية والموازنات المالية والعواصف السياسية المصطنعة ، ومسرحية السياسة العبثية ، والأسفه من ذلك أن يصدق البعض كلام الحكومة المتهافت وتمثيلها البئيس إلى جانب المعارضة والذي يشبه إلى حد بعيد طيرا يرقص مذبوحا من الألم في مشهد مضحك مبك .
ومن أعراض السفاهة المزمنة الاعتقاد أن المغرب دولة يسيرها رئيس الحكومة أو أنه يتدخل في تقرير شؤونها ومصيرها ، لأنه - و كما أخبر بذلك السيد بنكيران نفسه – أن الملك هو من يقود البلاد ، وبالتالي فإن رئيس الحكومة لا يعدو كونه مجرد موظف سام في إحدى مؤسسات الدولة وهي الحكومة ، ومع ذلك فالسفاهة كل السفاهة أن يعن لامرئ أو يخطر بباله أنه يوجد في المغرب حاليا شخص يمكنه أن يؤدي الدور المحوري الذي يقوم به السيد بنكيران والذي لم يسبق لأحد الاضطلاع به من قبل ، والسيد بنكيران مطمئن أنه لا أحد يصلح لهذا الدور غيره ، فكيف سيكون حال البلد إذا فقدت – لا قدر الله – هذا الرجل الذي تحدث عن كل الاصلاحات التي من شأنها إنعاش حياة المغاربة وفعل عكسها، ولكن يحمد له الغزوات والسرايا التي قادها إلى جيوب المغاربة ليوفر عشرات الملايير التي ستملأ بل ستضيع في الجيوب الغائرة التي لا قرار لها للعفاريت والتماسيح التي لا يملك ضدها رئيس الحكومة إلا العفو والصفح وحسن النية .
يبدو أن السفيه الحقيقي في بلادنا هو الزمان الأغبر الذي نعيش فيه ، والذي ابتلي بنا حتى امتلأ عارا وشنارا ، ومع ذلك فنحن من يستنكف و يتبرم منه وإن كنا أكبر عيوب هذا الزمان على حد قول الإمام الشافعي :
نعيب زماننا والعيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا
ونهجو الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا لهجانا
لقد دخلت السياسة المغربية مرحلة جديدة من العنف السياسي الذي يستند إلى الشرعية السياسية المستمدة من الانتخابات ،والذي تجاوز الأشكال القديمة المتمثلة في عسكرة الحياة السياسية إلى مرحلة جديدة قوامها عنف القول وغياب الحوار والتسامح تجاه المخالف في الفكر والرأي والموقف ، ودلالة هذا العنف السياسي الذي تلبس بالسفاهة والتفاهة هي رفض الآخر وعدم تقبل الاختلاف ،وبالتالي فالعنف السياسي مظهر سلوكي يقابله التعصب كمظهر فكري وثقافي بسبب شلل في التفكير ، وقد لخص ذلك أرسطو بالعبارة الآتية : " عندما لا نفكر نتعصب ".
أحمد هيهات



#أحمد_هيهات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (22/)
- النكتة السياسية :غضب منضبط أم تطبيع مع لاستبداد؟ (1)
- لماذا ينتخب المغاربة العزوف والمقاطعة ؟
- جائحة إيبولا تجرف -الكان-
- -شارلي-: الإساءة بين الحماقة والإحسان
- عام الحزن 2014
- هل يحكم -الاسلاميون- في المغرب
- - الاسلام ديانة حرب -
- بداية الحكم الشمولي في الإسلام
- حسن التوقع وحسن الظن
- من الثورة إلى التغيير
- الآكلون على كل الموائد
- أهل الكهف الجدد
- معاناة أبي نواس مع المنهج النفسي - العقاد -
- حج الفقراء
- أسرة التعليم وقابلية الاستصغار
- غزة تقطر دما وعزة
- -ثورة- السيسي وانقلاب أوتشا
- تعليمنا والسكتة القلبية
- محنة القوارير مع فتنة التحرير


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد هيهات - التّسْفيه عنوان جديد للعنف السياسي