عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4779 - 2015 / 4 / 16 - 13:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الوعي تكويني أولا
لو تجاوزما النقطة الأولى وهي الوعي الذاتي بالملكات التكوينية وأفترضنا أن الإنسان في بعض تصرفاته يقلد الحيوان بأعتباره الكائن الأقرب منه تكوينا أو هو جزء من نفس المنظومة الوصفية وهو لا يعرف ولا يرمي إلى الأحتكام للتعارف ,فمن الضروري أنه سيكون مشابها لعموم التصرف الحيواني ومطابقا له في خصيصة التزاوج الجنسي, لمجرد أنتهاء العملية سيعيش كل من ذكر الإنسان وأنثاه في حالة منعزلة ولكن ضمن قطيع.
قد تتكرر الممارسة الجنسية مع ذات الأنثى أو مع غيرها في كل مرة يستجيب كل منهم لغريزته وبالتالي لا يمكن تصور قيام فكرة الأرتباط التي تشير لها مقصدية النص الثاني حينما أشار لهذه النقطة "ليسكن إليها" ,هنا شرط السكن محتاج لمقدمة أساسية هي التعارف ,والتعارف بحاجة إلى وعي بالمعرف به وبما ينتج من هذا التعارف , فلا بد أذا أن يكون الإنسان أبتدأ يعرف قبل أن يسكن وبسكن كي يجسد التعارف وتتكون الوحدة الأجتماعية الأولى .
إشارة السكن في النص ليست إشارة عامة خالية من دلالة حصرية ,بل تقصد الناص منها أن تكون شرطا حاليا يعبر عن وصف ضروري ,لو تأملنا الحياة الزوجية في عالم الحيوان بصور عامة والتي يعتبر البعض من المفكرين والكتاب إنها النموذج الأول الذي تعرف الإنسان من خلاله وأسقطه تجربة واقعية في حياته, لو تأملنا نمطية هذه الحياة لا نجد أن شرطية السكن حاضرة ,نعم غريزة التجمع كقطيع أو مجموعات هي الغالبة لكن ليس بمعنى المساكنة الحالية والمكانية بشرط المعرفة والتعرف والمشاركة الواعية والمتفق عليها بين الزوجين لا تلك الصورة النمطية التي لا تتغير في التجمع والتجميع عند الحيوان عموما .
المساكنه هنا إشارة إلى أتخاذ الزوجين سكنا أو مسكنا مشتركا لتتم عملية أخرى هذه العملية أيضا مجعولة وتكشف لنا مؤديات المساكنة, النص تكملة للإقتباس الثاني وهنا نأت به شبه كامل{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} العملية الممهدة واللازمة للمساكنه هي جعل الخالق للزوجين عوامل أرتباط بيني كي تتم المزاوجة والمساكنة بدوافع ذاتية أبتدائية هي المودة "التودد والملاطفة والرغبة المحببة" ونتائج منتظره من هذه المزاوجة والمساكنة تتلخص بـ"الرحمة" .
إذا العملية مخطط لها ومبرمج أساسها التكويني الكيفي على لأستجابة لهذه المحددات تلقائيا وطبيعيا وليس بالأختيار أو من خلال التجربة التي تتكرر لتكون نظاما ضبطيا يحدد للخيار إنموذج سلوكي عام ,فلا مجال للقول أن الملاحظة الحسية للإنسان من خلال البيئة هي التي تقوده للمساكنة أو حتى للتزواج طالما أن نظامه الأول نظام مبني على فكرة الإنسان "المجتمع".
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟