أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعد دريد ثابت - يالة - يالة














المزيد.....

يالة - يالة


دعد دريد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


في تقاليد بلاد الشام العريقة، وكما وصلت لنا من عاداتهم وملابسهم وتصميم منازلهم من المسلسلات والحلقات التلفزيونية، إن للمنازل فناءً خارجياً جميلا - حوش- في وسطه نافورة تسقي زهوراً وياسميناً في حوض مرمر. تحيط الفناء أشجار من فواكه مالذ منها وطاب لتصدح من هذه الباحة أصوات النساء والأطفال وطقطقة أصوات الهاون لعمل الكبة، مع أصوات جرش البن الطازج للترحيب بالضيوف. وعند دخول رجل من أهل الدار يرفع صوته وهو لايزال في باب البيت الخارجي لينبه نساء أخوانه أو الزائرات بقوله: يالة يالة. وعندها تنتفض النساء كالزرازير والعصافير لمقدم الصقر المحلق لإفتراسهن.
لاعلينا، ففي فترة إقامتي المنكهة بكل ملامح الشرق من كنافة ونابلسية، وبأصوات المؤذنين، وروائح الهال المعشق بالغار وتقاليد لم أعشها حتى في العراق.
سكنت في منطقة المهاجرين. وهي من المناطق العريقة المحافظة، والتي بالرغم من إستفحال الطابع الديني آنذاك، أي في فترة إقامتي، كان التسامح لايزال موجوداً.
فقد تقبلوا وجودي بينهم. كانت هناك نوع من هدنة وقف إطلاق النار بيننا. فلا أنا أتعرض لهم بأسلوب إستفزازي معين يقض مضاجعهم، من حيث ملبسي أو اسلوب حياتي، وهم يتركونني وشأني. لا أخفي عليكم، قد راقت لي الفكرة لأنها سمحت لي بمراقبة شؤون واسلوب حياتهم. وأعتقد كنت بهيأتي وسكناي لوحدي في منزل مستقلة بذاتي، ذاهبة مشياً لمحل عملي، موضوعاً دائماً لأحاديث نسائهم ورجالهم على السواء.
كنت أحاول قضاء حاجياتي وحدي، من شراء وتصليح ومعاملات. فلا أبغض لقلبي طلب خدمة من أحد، لشعوري بعدم إستقلاليتي المبالغ بها أحياناً. الا إذا تعدى الأمر حدودي المعرفية. ومن جملة هذه المنغصات التي تضطرني للتنازل عن هذا المبدأ، تغيير قنينة الغاز. ليس لثقلها، فالعضلات وإن لم يحد بها الله على النساء كما الرجال، فنحن نملك بعضاً منها. ولكن العلة هي في تركيب هذا الصمام. فالعالم وصل بتكنولجيته الى الفضاء الخارجي مكتسحاً هذه المجرة ومحاولاً إكتساح غيرها، وفي بلادنا للتأكد من إن قنينة الغاز لاتسرب الغاز يضعون باسفنجة بعض الصابون ليروا إن خرجت فقاعات، يدل هذا على تسرب الغار - بتنفس- . وهذا العلم الخرافي أجهله تماما ويصيبني الرعب منه، وأبصم بالعشرة على جهلي وأنسى كل مبادئي. أحياناً يلعب معي القدر لعبته المشينة. فتنتهي قنينة الغاز ليلاً، وأعود لاأستطيع الإتصال ببقال المنطقة ليرسل لي صبيه لتغيير القنينة، فأضطررت مرة أن أرن الجرس على بيت جيراني. وكانوا كأكثر الشاميين، من النوع التقليدي المتشعب بفصول وبحار ومحيط الدين. رننت الجرس وفتح جاري الباب، وكانت الكارثة له فزوجته ليست بالبيت، ولايستطيع رد طلب الجارة لدماثة طبعه، فدخل المسكين لبيتي وقد أوطأ رأسه، وظننت أول الأمر إن هناك شيئا سقط منه على الأرض وهو يبحث عنه. بعدها تبينت إن جاذبية الأرض أقوى نسبتها على جاري الى حد مغناطيسي رهيب. المهم أتم إستبدال القنينة وشكرته وأرحت رأسه من التدلي.
وفي يوم ما أصرت جارتي على دعوتي على فنجان قهوة في بيتها. وعندما فتحت الباب، سألتها هل زوجك في البيت؟ فأجابت نعم، ولكنه ذهب للغرفة الأخرى، وعندما دخلت وهالني ماشاهدت، ياللكارثة، الباب كان موارباً وكان بإستطاعته أن يراني، فمددت يدي على منشفة كانت تضعها جارتي على كتفها ووضعتها أمام عيني وأنا أصيح بصوت عال: يالة يالة.
فتفرقعت وتصدحت جارتي بشهقات من ضحك متواصل، وهي تحاول جاهدة أن تتكلم. وعندما هدأت سألتني: الا تعرفين إن الرجال يقولون هذا عند دخولهم للمنازل، ولا تقوله النساء؟ قلت لها بالطبع أعلم هذا، ولكني لم أرد أن ينقض وضوء زوجك، إن حدث ولاسمح الله ورأيته. فرأيت من الأفضل تنبيهه بكل ماأوتيت من صدق وإستقلالية: يالة يالة، علهم يتعظون وتهدى ضمائرهم. فلا وجودي ولا لمظهري علاقة بما ينويه الإنسان وإنما غاياتهم وأخلاقهم هي التي تحدد النوايا.



#دعد_دريد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الحياة لحن، أم اللحن حياة؟؟
- مابين نقطتين
- يانساء الشرق إتحدن!
- حنظلة آلامي
- مسمار جحا
- تانغو الحرية
- هل في سريرة كل منا داعشي صغير؟؟!!
- ملل الآلام
- قولوا نعيماً!
- ذاكرة الريح
- ماهو الوطن؟
- أنا أحمد- Je suis Ahmed-
- صرخة وطن مكتومة -الأغتصاب الأبدي-
- لماذا يخيفهم الضحك؟
- الأثنان، أم الواحد؟!
- عواء الصمت
- قصيدة حلم
- حوار بين مغيب وشروق
- قصيدتان
- الأبواب


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعد دريد ثابت - يالة - يالة