أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - قصة أبطال بلا قصة !؟















المزيد.....

قصة أبطال بلا قصة !؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


هناك قصة ما (؟) .. فكرة ما (؟) .. تلوح في الأفق البعيد .. أفق مخيلتي .. كل فترة وكل مرة .. وتلوّح لي بكلتا يديها في شوق وحنين .. إنها تريدني أن أخرجها من عالم الخيال وسحابات الأفكار إلى حيز الحس والواقع المنظور لتصبح قصة مكتوبة يقرأها القراء وعشاق المطالعة! .

نعم هناك قصة ما (؟) منذ زمن بعيد تلوح في خاطري وتلح علىّ في السؤال ‍‍!! .. أبطالها موجودون في ذهني ويقطنون دهاليز عقلي منذ زمن بعيد ! .. أعرفهم ويعرفونني .. وكل فترة من الزمان يأتون إلىّ متسائلين في ارتباك وأمل : " يا أستاذ .. متى سنبدأ العمل ؟؟!!" .. فأحس بالإنزعاج وأحك فروة رأسي في إحراج وأجيبهم بشئ من الضيق وبشئ من الخجل : " ليس الان !.. ليس الان ! .. فالفكرة لم تختمر في عقلي بعد ! ".. فأرى ملامح خيبة الأمل وقد إرتسمت على وجوههم فيطأطأون رؤوسهم ويرجعون من حيث آتوا يجرون أذيال الخيبة والأسف ! ... يغيبون فترة من الزمان حتى أخالهم بأنهم قد شدوا الرحال إلى عقل آخر وإلى مخيلة أخرى بحثا ً عن مُخرج ومؤلف آخر يصنع لهم قصة وأدوار تمثيلية في عالم القصص ! ... ولكنهم ما يلبثون أن يعودوا إليّ ليكرروا على مسمعي سؤالهم الأول القديم : " متى نبدأ العمل يا أستاذ !؟.. أين القصة !؟".

كل فترة .. وكل مرة .. يأتون الى ويحضرون لدي ويسألون بلهفة وأمل : (( متى نبدأ ؟)) وأجيبهم كالعادة بضيق وحرج : (( ليس بعد ! )) .

منذ كنت في المدرسة في الصف الاعدادي وهم يلحون علي ّ في السؤال ويذهبون ثم يعودون ولا يسأمون وﻻ-;- ييأسون ! .. وفي كل مرة كانت أسئلتهم تزداد إلحاحا ً وإصراراً وتزداد أصواتهم إرتفاعا ً وإجهارا ً ! .. كل مرة كانوا يكررون مطالبهم ويطالبون بحقهم في الظهور على مسرح الحياة ! .. مسرح الأدب!... وذات مرة فاجئني أحدهم وسألني بضيق وتبرم واضح : " إلى متى يظل هكذا حالنا ؟ إلى متى نظل عاطلين عن العمل بهذا الشكل المهين والمشين ؟؟ .. وإلى متى نظل في هذا الهامش المظلم البعيد ؟ ... إننا نكاد أن نفقد الأمل !.. نكاد ننفجر من شدة الضيق والملل!.. ألا تحس بنا !؟؟ الا تشعر بمعاناتنا؟ ألا ترفق بحالنا ؟!" .. وأتذكر أنني قد شعرت حينها بشئ من الضجر بالفعل وقلت له في ضيق وغضب : " إنني مشغول هذه الأيام يا أخي ! .. مشغول جدا ً !" .. فبادر يسألني : " بمَّّ انت مشغول؟؟" فأجبته : " أنا مشغول بالسياسة وهموم الوطن والمواطن وأشياء أخرى فدعوني وشأني !.. دعوني وشأني أرجوكم فالوقت ليس وقتكم ! ..أف !! " ، فقال محاولا ً إقناعي بنبرات صوت مسالمة وموادعة : " ولكن يمكنك يا أستاذ أن تقحم هذه الهموم في قصتنا ونحن مستعدون أن نشاركك إياها ونمثلها بشكل قصصي أدبي فني رفيع خير تمثيل ! " ثم أردف يقول في حماسة وتشجيع وتحفيز : " أنت فقط احزم أمرك وأبدأ وستتداعي الأفكار في ذهنك وتسيل الكلمات من قلمك أدبا وقصصا جميلا !" فقلت في تردد : " سأحاول ! " .. فعاد يسألني بإصرار : " متى ؟" ثم أردف يقول بطريقة بدا لي أن فيها شيئا ً من التهديد المبطن : " بصراحة يا أستاذ لقد بدأ الجميع يشعر بالضيق والإحباط وفقدان الأمل فالأمر كما تعلم قد طال أكثر مما نبغي بل أكثر مما يـُطاق !!" .. فنظرت إليه وركزت نظراتي على قسمات وملامح وجهه وشعرت بأنه صادق وجاد فيما يقول وقلت في نفسي :
" لعل معهم كل الحق ! .. فالأمر قد طال .. بل طال أكثر مما ينبغي .. فمنذ أن كنت في الصف الإعدادي وأنا أعدهم وأمنيهم بتلك (القصة؟) التي سيكونون هم أبطالها ! .. ولكن ماذا بوسعي أن أفعل لهم ؟؟ ... هموم السياسة ومشاغلي العائلية وغربتي عن وطني وأحداث وكوارث بلدي والعالم العربي!! .. والإلهام الغائب ! ... كلها أسباب موضوعية تعيق عملية صناعة تلك القصة المنشودة او المفقودة ! ".
وعدت فنظرت إلى ذلك (البطل) العاطل عن العمل من جديد ووجدته يرمقني بنظرات كليلة إمتزج فيها الضيق بالأمل حاله حال من كان ينتظر أن أبشره بقدوم الغيث ! .. فحككت فروة شعر رأسي مرة أخرى بضيق وتبرم وقلت له على عجل : " حسنا ً سأحاول .. سأبذل جهدي ... سأعتصر ذهني ... سأناشد واستجدي الإلهام أن يزورني ذات يوم ! .. سأحاول في الأيام المقبلة بكل طاقتي .. فهذه الأيام أنا مشغول .. مشغول جدا ً بكتابة مقالة سياسيه عن الديكتاتورية والديموقراطية والإرهاب ولماذا تخلفنا وتقدم غيرنا ؟..إلخ إلخ إلخ .. أنا مشغول .. مشغول جدا ً .. صدقني .. فلا وقت لي لكتابة القصص!" .. وأدرت ظهري له وسارعت بمغادرة المكان هربا ً من أسئلته الملحة والمحرجة حتى وقد بدا لي لحظتها أن أطلق ساقي للريح فرارا ً بجلدي كي ﻻ-;-يحاصرني بأسئلته المزعجة من جديد !.

ثم دارت الأيام ومرت بضعة أشهر على هذا الحوار الذي دار بيني وبين أحد أبطال مخيلتي المساكين العاطلين عن العمل ! .. عصفت فيها الرياح وجاء الخريف بعد الربيع ... وذات ليلة وصلت إليّ أنباء مفادها أن أبطال مخيلتي قد بلغ بهم الضيق والملل مبلغا ًً لا يمكن معه الصبر والإنتظار والإحتمال والسكوت! .. وقيل لي أنهم قد دعوا إلى إجتماع عاجل على غاية من السرية في غرفة من غرف (الفص الأيسر) من دماغي وأنهم باتوا يخططون لأمر ما (؟) .. وبت ُ في حيرة ٍ من أمرهم وأمري وسألت نفسي في إرتباك وتوجس : " ماذا بإمكانهم أن يفعلوا ؟؟!!" .. ثم أردفت أقول لنفسي ساخرا : " هل تراهم سيقومون بإضراب عام مثلا ً ؟ ولكن إضرابا ً عن ماذا !!؟؟ فهم عاطلون عن العمل أصلا ً !!؟؟.. أم تراهم سيخرجون في مظاهرات عارمة وإعتصامات عامة يحتجون فيها على البطالة والإهمال رافضين الحياة في الهامش المعتم وسط سراديب دماغي وذكرياتي القديمة ؟؟" .. أم تراهم سيقتحمون عليّ عالمي الحقيقي بصورة سريالية غير طبيعية وغير معقولة وغير متوقعة ويحاولون فرض أنفسهم علىّ وعلى قلمي وحياتي الخاصة ويرغمونني على كتابة تلك القصة المنشودة التي طال إنتظارهم لها منذ عقود من عمري !!؟؟ ... هل هذا ممكن ووارد !!؟؟.... بصراحة فإن كل الأشياء وكل الإحتمالات واردة .. إنهم يريدون قصة ! .. قصة ً تخرجهم من الهامش المعتم إلى نور الوجود ! .. الوجود الأدبي وتعطيهم دورا ً منظورا ً .. وتجعل منهم أبطالا ً مشهورين بعد أن ظلوا مغمورين كل هذه السنين في سراديب و قبو عقلي ! .. قصة ً تجعلهم معروفين بأسمائهم وصفاتهم وتصرفاتهم من خلال أحداثها الدراماتيكية المتسلسلة !.. تلك القصة المنشودة والمنشورة والتي سيصبح لهم بفضلها وجود عندما سيقرأها القراء !!؟؟... ولكن يبقى السؤال الكبير والحائر هو كالتالي : ماهي تلك القصة المنشودة والموعودة؟.. تلك القصة المفقودة ؟ .. ما بدايتها وما نهايتها وما حكايتها ؟؟ وماذا سيجري فيها من أحداث دارماتيكية مختلفة ومثيرة تجذب عقول وقلوب وفضول القراء ؟...... هذا هو السؤال الذي بات يشغل بالي هذه الأيام .. فالوقت لم يعد يحتمل أي تأخير ولا أية أعذار !! .. وليس لدي من خيار آخر مع هؤلاء القوم – أعني أبطال مخيلتي الغاضبين العاطلين عن العمل – سوى أن أصنع لهم بمحض إرادتي قصة .. قصة تجعل لهم (دورا ً) في الحياة القصصية الخيالية وتنقلهم من عالم التصورات المشعور إلى عالم الحكايات المسطور ! .. ليس لدي خير آخر !.. فإما هذا أو إنهم قد يتمردون عليّ ويثورون ثورة لا أعرف ما مداها وما هي عُـقباها ! .. ومن يدري ؟ .. فقد يقتحمون على ّ – بصورة غريبة غير متوقعة وغير طبيعية - حياتي الحقيقية الخاصة وعالمي الحقيقي المنظور ليصنعون بي أو لي أو معي قصة !.. وعندها ستكون تلك قصة أخرى .. ولكن اية قصة !؟؟.
سليم نصر الرقعي
شفيلد/بريطانيا 2015 م
(*) كنت قد ألفت هذه المقالة عام 2000 م ثم نشرتها عام 2006 م في مدونتي بموقع (مكتوب) العربي قبل أن تستولي عليه شركة (ياهو) لتقوم بهدمه وإزالته من الوجود كما لو أنه سوق عربية قديمة ونافقة !.. حيث ضاعت مع صفحتي ومدونتي في (مكتوب) هذه المقالة وغيرها وأعدت نشرها في الحوار المتمدن تحت إسم (البحث عن قصة) وأعيد هنا نشرها في موقع (الحوار المتمدن) بصورة وحلة جديدة بعد تطويرها واعادة تحريرها لتكون فاتحة محاولاتي الأدبية القادمة لكتابة قصة !.. كتابة قصة قبل أن يقع الفأس في الرأس ويجرفني الطوفان!.



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا المسلمون في ذلة وشقاء والغربيون في عزة وهناء!؟
- المرأة والعين السرية !؟
- الديموقراطية حكم الشعب أم حكم النخب !؟
- نظرية المؤامرة .. مؤامرة !؟
- في اليوم العالمي للغة العربية !؟
- الاخوان والنزعة السلطوية الشمولية (التوليتارية)!؟
- الاخوان والطموح القطري والمشروع الامريكي !؟
- أفول نجم جماعات الاسلام السياسي !؟
- خطر رجال الدين على الدين أكثر من خطر السلاطين !
- حقائق حول الهوية الوطنية الليبية (المركبة) !؟
- هل الجزيرة كانت مع ثورات الشارع العربي بالفعل !؟
- أحلم بوطن أساسه العدل و.. الاحترام !؟
- ليبيا ومسألة الهوية الوطنية والقومية!؟
- كيف السلام ُ يعُمْ!؟.. قصيدة قصيرة
- البحث عن قصة مفقودة ؟!
- غروب واغتراب !؟ (قصيدة قصيرة)
- هل قطر دعمت الثورات لوجه الديموقراطية أم لعيون الإخوان!؟
- 2 مارس وسلطة الشعب المزعومة والموهومة!؟
- حقائق مهمة حول طبائع الثورات الشعبية!؟
- اصناف المثقفين في علاقاتهم بعموم الجماهير !؟


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - قصة أبطال بلا قصة !؟