أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - نحو بناء مثقف جديد-2-















المزيد.....

نحو بناء مثقف جديد-2-


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 20:58
المحور: الادب والفن
    



أكبر فخ وقع فيه المثقفون العرب أنهم صدقوا أوهام المصطلحات الضخمة ، وانخدعوا ببريقها اللامع ، كالمجتمع المدني والديمقراطية والحرية والمساواة والدستور والقانون ، بينما واقع حال الدول العربية انها تعيش عصور الانحطاط القروسطوي على جميع الصعد .فمن يحاكم المثقفين السذج او المتواطئين ؟.جيلنا والجيل الذي بعدنا يعيش حالة انفصام فظيع بين مقولات لا أجرأة لها في أرض الواقع . هل كان المثقف العربي ، والمغربي بخاصة ، مشاركا فيما بلغه واقعنا اليومي ، وعلاقاتنا من جفاف وقحط ؟ . للاجابة على هذه الأسئلة علينا أن نتحلى بشجاعة المثقف المسؤول عن دوره والواعي بوظيفته . قد تتراجع أدوار المثقف بفعل نمو أدوار لفاعلين آخرين ، وقد يعمل بعضهم على ادراج هؤلاء الفاعلين في اطار المثقف الضيق . كما أن تعدد مفهوم المثقف نفسه قد يسعف في هذه المهمة . لكن كيف ندرج مثلا أصحاب القنوات التلفزية أو مؤسسات الاعلام باختلاف أنماطها وأنواعها ضمن اطار المثقفين وهم لا يملكون الا رأسمالا محايدا وأحيانا منحازا الى قوى اجتماعية مؤثرة ، كرجال الأعمال ، والساسة ، بل وبعض المثقفين ؟ . نحن اذن أمام تكوينات واقعية جديدة . وهنا يتشعب ويتوسع دور المثقف الناقد . انه لم يعد ذلك المثقف المندرج ضمن علاقات محددة وبسيطة ، كما كان شأن ابن خلدون أو محمد عابد الجابري ، أو بعض مثقفينا الذين بقوا معلقين في شرنقة المثقف المثالي واليوطوبي ، المنكفئ على الكتب والمجلات والصحف . هذا هو مجتمع اليوم . مجتمع يزداد تعقيدا وتشابكا . ومحاولة القبض على دور المثقف فيه من أجل عقل ارتجاجات المجتمع وتفاعلاته ومختلف منتوجاته عليه أن يهبط للواقع ويتفاعل مع اليومي ، وينخرط في مجمل علاقاته .
لكي ننتج مجتمعا جديدا اذن لا بد من احداث صدمة عنيفة ، صدمة ناتجة عن اصطدامنا بتحولات واقعنا ، صدمة تربك يقينيات ما علق بذهننا من أوهام ، وتجرف مخلفات وبقايا الثقافة الايمانية المجانية ، وتضع الجميع أمام علامة الاستفهام ، حتى لا يمروا الى قناعاتنا وكأننا شوارع مستباحة لكل مهرجي الحكي الدوغمائي ، والمقول القطعي والرأي العشوائي .
جميعنا يعترف أننا أمة عاطفية رومانسية حالمة . ومن شأن الرومانسي أن ينجرف واء عاطفته دونما الوعي بتحذيرات العقل . وقد حان وآن الوقت للقطع مع هذه العادة السلبية التي تركزها فينا ثقافة الخنوع والتصديق والطاعة . علينا أن نتعلم ان نحيا من جديد ، ونفترض أن الكون لم يولد الا قبل أيام قليلة ، وكل التاريخ الماضي الطويل لم يكن غير ليلة أو ليلتان .
من جهتي كفرد واعي ، صدمت كثيرا ، ليس في مثقفينا فقط ، بل في ساستنا ، وفي حاكمنا ، وفي منظومة عدالتنا ، وفي ثقافتنا ، وفي شعبنا . وتوقفت طويلا رغم انشغالاتي المتعددة مع أسئلة أربكت وجودي . هل أستطيع البدء من جديد ؟ . سؤال مربك ومحرج . لكنني فعلا ، قررت البداية من جديد ، متجاوزا عائق السن ، وعائق العطالة ، وعائق المجتمع ، وعائق أجهزة الدولة القمعية ، وعائق الأسرة ، وعائق النصائح المهلكة . نعم وقفت على كل هذه العوائق وأخرى ، وطويتها في صرة تشبه صرة جدتي ، لكنني لم أضعها في خصري كما كانت تصنع المرحومة ، بل رميتها في بئر النسيان والاهمال ، وأقبلت على الحياة بطريقتي التي تلائم وضعي وحالي ومستواي .
نحن أمام واقع كابدنا مخاضاته منذ عقود ، واقع أبى الا أن يزيد من عفنه وظلمته وتخلفه ، وكأن دور مثقفينا ، وخاصة بعد ثورات الشعوب العربية البهية ، عاد الى نفس اشتغالاته التبريرية والتوفيقية ، وعلينا ان نصدقهم ونكذب معيشنا وواقعنا وتجربتنا التي خضناها بأعصابنا نحن وبانتكاساتنا نحن ، وبآلامنا نحن ، لنصدق مثقفا عاجيا يتقاضى أكثر من أجر دون ان يكلف نفسه عناء تأدية وظيفته .
أنا الآن سأعمل على الانفتاح على الواقع ، على المدون والمثبت ، على الوثائق ، لا على الخطابات والشعارات والايديولوجيا المقيتة . اذن فلسفة الواقع أصدق من أي ادعاء أو كوجيتو تحريفي ، "أنا أكتب اذن أنا أناضل "، أكبر خدعة يمكن ان تسقط فيها أجيالنا الصاعدة .
ان السؤال الآن هو ، ما هو الواقع ؟ كيف نعيش هذا الواقع ؟ ما هو واقع نموذجنا المقروء وشيخنا المسموع ، وحاكمنا المتبوع ؟ ، انه سؤال المحايثة ، سؤال الواقع بلغة مباشرة .
فالانتقال نحو مجتمع جديد ، لا يبدأ من النظر او المقابلة مع العالم الآخر والمجتمعات الأخرى ،بل يبدأ من الذات ، سواء كانت جماعية أو فردية . كما أن الانتقال الى مجتمع جديد يفرض علينا ضبط وفهم حركية مجتمعنا الراهن ، والوقوف على تحولاته التي أكرهتنا على الاعتراف بها .لم تنتج كل القراءات السابقة التي عملت منذ أكثر من قرنين على المفاضلة والمقابلة بيننا وبين المجتمعات الأخرى ، الا على التشويش على رؤية ذاتنا ، وفصلتنا عن وعينا واستلبت عقولنا .قرنان وأزيد ونحن نقارن بيننا وبين الآخر ، ولم نقم بمقارنة نفسنا مع ذواتنا ، كيف كنت أمس ، وماذا أصبحت اليوم ؟ هل حدث تغير ما ، نوعي او كيفي أو كمي ؟ هل ثمة تجاوز ما على مستوى الذات ؟ أليس المجتمع هو مكونات فردية ؟ . فماذا حدث في هذا المجتمع ؟ من تطور فيه وارتقى ؟ وما معنى التطور والارتقاء ؟ .انها الأسئلة العابرة للفرد والجماعة . من أين كانت تكرح منظومة ثقافتنا مرجعيتها ؟ وما هي المؤسسات التي احتكرت انتاج الثقافة في مجتمعنا منذ الاستقلال على الأقل ؟ . ومع تحولات أو ثورات التكنولوجية الرقمية ، هل حافظت مركزية الثقافة على نبعها الأول ؟ . كل ما يمكن الاقرار به هنا ، والآن ، أن الثقافة في المغرب ، وخاصة منذ ما يزيد عن نصف قرن احتكرتها الأحزاب ، والى عهد قريب ، نفضت تلك الأحزاب يدها من الثقافة لحسابات سياسوية ضيقة . لكن عدم وعي المثقف الحزبي بتقلبات الحياة ، وبتحولات الرهانات ، جعله أسير منظوره الحزبي الضيق .
و بؤس مثقف الأحزاب انه حين تنفذ صلاحيات السلطة من حزبه ، ينتقل من دور المادح الى دور الهجاء . فبوصلته بوصلة مواقع حزبه . فهو عندما يتحول موقع حزبه من المعارضة الى الحكم ، أو مايشبه الحكم لللدقة العلمية يتحول الى ماسورة تغسل ذرن النظام وأوساخه .فهو أينما توجه حزبه اتجه تفكيره وخطابه . نفس دور شاعر القبيلة القديم ، اذا انتصرت قبيلته نظم فيها قصيدة مطولة يعدد فيها مفاخر الانتصار ومناقب الشجاعة ، واذا انتكست رثاها بمعلقة نادبة ومولولة .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تداعيات جائزة الشعر لاتحاد كتاب المغرب
- أهلا بالعرب يف امبراطورية ايران
- نحو بناء مثقف جديد
- اللعنة
- الشعراء يُحزنون الحزن
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-
- جريمة لايقترفها الا الجهلاء
- كقبلة تدمي ....
- حميد الحر شاعر القصيدة الساخرة بامتياز
- دعوة الى لم الشتات
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -14-
- الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة ...
- الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة ...
- حين يتأخر القطار تفسد الرحلة
- مجتمع آخر او مجتمع الجناكا -رواية-13
- رائية المغرب
- المغرب وعقلية التخلف
- السرقات الأدبية : الشاعر المبدع -حسن أوس -ضحية نموذجية
- ضربة شبعا والتراجع الاسرائيلي
- سفر الذل والهوان


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - نحو بناء مثقف جديد-2-